المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال تحليلي للكاتب سمير عبيد حول المخططات الأسرائيلية في العراق لتقسيمه جدير بالقراءة



حناني ميـــا
14/09/2011, 03:29 AM
--------------------------------------------------------------------------------

2011-09-12 14:37:28 مقال الكاتب سمير عبيد


بقلم: سمير عبيد *




ملاحظة:

أن هذا التحليل ليس هذيانا، وليس ضربا من الخيال، لذا ننصح الأحتفاظ به عندكم لحين مشاهدة فصوله في المستقبل، وحينها تذكروا عبد الله الفقير الذي كتبه، و لا نطلب منكم إلا الدعاء بأن يحفظ العراق والعراقيين من ألد أعدائهم وهم وعاظ السلاطين والساسة المستأجرين والإنتهازيين!.



تمهيد ضروري!

منذ سنوات ونحن نتابع تطورات العلاقات الكردية ـ الإسرائيلية ، ونتابع الخط البياني للتواجد الإسرائيلي في العراق بشكل عام، وفي شمال العراق بشكل خاص، ففي داخل العراق هناك نمو سياسي وإستخباري و تجاري وأقتصادي لإيران وتركيا وغيرهما، ولكن لإسرائيل ومنذ عام 2003 حتى هذه الساعة تواجدا خرافيا وفي جميع الميادين، وأهمها الإعلام والأقتصاد والإستخبار والتجارة، وبلوجست وحماية أميركية مباشرة ،ومن خلال أتفاقيات سرية صدمت الرئيس باراك أوباما عندما أستلم مهمته كرئيس للولايات المتحدة، وهي الأتفاقيات السرية التي كانت موقعة بين أدارة الرئيس بوش وحكومة أريل شارون تحديدا، وبموجب هذه الأتفاقيات السرية حُل الجيش العراقي، وكُتب الدستور العراقي باشراف مستشار أميركي يهودي كان على رأس فريق كلف بكتابة الدستور للعراقيين، وهو المستشار الذي كان يعمل في وزارة العدل الأميركية و لا زالت عائلته تسكن في أحدى مستوطنات الضفة الغربية في فلسطين المحتلة وهو "نوح فليدمان" ،وهو الدستور الذي سن تمزيق العراق وتحويله الى دويلات طائفية ودينية وعرقية وإثنية من جانب ،ومن الجانب الآخر سيّد الأكراد على العراقيين سياسيا وجغرافيا ومعنويا، ثم صار هناك أتفاقا على ألغاء الخدمة الإلزامية في العراق ـ وهي المصيبة: الغاية منها تخنيث وتمييع الأجيال العراقية لجديدة ـ والأكتفاء بجيوش المليشيات و الأحزاب والطوائف والقوميات، وأغراق العراق بالمخدرات والثقافة المستوردة من موسيقى وطعام وعادات وتقاليد، وتشريد الكفاءات والخبرات، ومطاردة ومحاصرة الوطنيين والقوميين والإسلاميين العروبيين، وتعطيل الأعمار والزراعة والتنمية ..الخ، وفرض الأكراد في أهم مفاصل الدولة العراقية، لكي يصبح العراق عبارة عن ممر مفتوح "شارع هاي وي" لإسرائيل من الأرض والجو والبحر، فأصبح الشعب العراقي عبارة عن عينة مجانية للقيام بالتجارب السياسية و الكيماوية والبيلوجية المتعلقة بالبشر والتربة والزراعة والبيئة والحروب وغيرها، وحتى ربما أصبح العراق مقبرة لدفن النفايات الإسرائيلية السامة بعد تسميم العراقيين طبعا، والأهم عندما أصبح العراق سوقا أستهلاكية لإسرائيل من ناحية الغذاء والدواء وجميع مستلزمات الحياة ، ولقد حرص المحافظون المتشددون في الولايات المتحدة على حماية هذه الأتفاقيات السرية الموقعة بين أدارة بوش وأدارة أريل شارون، فصار هناك شبه أتفاق أن يكون معظم القادة الأميركان من العسكريين والدبلوماسيين في العراق من اليهود ليصبحوا حراسا أمناء على سلامة سريان الأتفاقيات الموقعة وعلى سلامة الصفقات التجارية الإسرائيلية في العراق وما يزاملها من تواجد إستخباري وعملياتي وبمشاركة مع دول عربية وأجنبية تعاقدت مع أطراف تجارية وسياسية ودينية داخل العراق لتسهيل النشاط التجاري والأقتصادي الإسرائيلي في العراق، ولقد تم فتح مكاتب أقليمية في عواصم عربية وإقليمية مجاورة للعراق يديرها عراقيون وعرب لتسهيل هذه التجارة التي تجلب للعراقيين دواءا وغذاءا مسرطنا ولا يصلح للإستهلاك البشري ويستورد من دول وجهات في القائمة السوداء من الناحية الدولية، وتغلف الاغذية والأدوية بصلاحيات حديثة وتدخل للعراق ومنذ عام 2003 حتى اليوم، وكل هذا بأشراف شركات إسرائيلية يساعدها عراقيون وعرب، أما في شمال العراق فالأمر مختلف تماما حيث أن العلاقة بين الأحزاب الكردية الكبيرة وإسرائيل قطعت شوطا كبيرا وفي جميع المجالات السياسية و التجارية والأقتصادية والنفطية والإستخبارية والعسكرية والعملياتية، أي أن هناك شبه تحالف على الأرض، أي هناك غرف عمليات إسرائيلية متقدمة ليس بالضرورة للعمل ضد العراق فحسب، بل للعمل ضد دول أخرى مجاوره للعراق وأبعد من ذلك.

هيمنة سياسية كردية بتخطيط إسرائيلي!

نحن نعرف أن الأحزاب الكردية المتسلطة على الشعب الكردي في العراق هي لا تختلف عن الأحزاب الشيعية والسنية التي تسلطت على الشيعة والسنة في العراق، فجميعها تنهل من منهل واحد ،وتنفذ سياسات و تعليمات محددة صادرة من غرف عمليات ليس بالضرورة أن تكون عراقية، وهذا سر الفوضى السياسية في العراق نتيجة تضارب المصالح الدولية والإقليمية التي بدورها خلقت تضاربا مخيفا في المصالح المحلية داخل العراق، فالأكراد وبمشورة مستمرة من أصدقائهم الإسرائيليين عملوا ويعملون لتحقيق هدفهم الكبير وهو "الدولة الكردية" والتي جعلوا حدودها تصل الى محافظة الكوت/ واسط في العراق وصولا الى تخوم بغداد ومشارف تكريت، وأصروا ومن خلال أصدقائهم من الشيعة والسنة أن تبقى المحافظات العراقية جنوب المنطقة الكردية خاوية معدمة لأسباب تتعلق بالإستراتيجيات الكردية - الإسرائيلية في العراق ،بل ثقفوا العراقيين على مصطلحات إسرائيلية عنصرية وقومية مثل مصطلح " الأرض المتنازع عليها" وحدود المحافظات السنية والشيعية وغيرها ،ولقد أعترض الكثير من الشيعة والسنة عن صمت الساسة من السنه والشيعة على نفوذ الأكراد في الحكومات العراقية بحيث أن للأكراد دولة كاملة في شمال العراق تمص بدم وخيرات ونفوذ العراق، ويشاركون الجميع بنصف دولة أخرى من خلال نفوذهم في بغداد، أي للأكراد دولة ونصف، والنصف المتبقي يتشارك به الشيعة والسنة والتركمان والمسيحيين والصابئة وغيرهم، وهذا يعني أن هناك طغيان سياسي لا مثيل له إلا في فلسطين المحتلة، والسبب لأن من رسم ويرسم السياسات الكردية في العراق هم الإسرائليين، وأن نسبة 90% من الساسة الشيعة والسنة الكبار قد قبلوا الإملاءات ووقعوا عليها سواء إملاءات المحافظون الجدد في أدارة بوش وهم المتحالفون مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأنجلترا، أو إملاءات بقايا المحافظون الجدد الذين يدعمهم اللوبي الصهيوني و المتحالفون مع إسرائيل في أدارة الرئيس أوباما، وبالتالي شلت ألسنة وجُمدت ضمائر هؤلاء الساسة من شيعة وسنة، وهذا هو سر صمتهم على تخريب وجه العراق العربي بحيث أصبحت الدولة العراقية دولة "كربية" وليست "عربية" بعد أن مسخت جميع معالمها العربية في الخارج والداخل، وأن أول صورة تعطيك أجابة كاملة على إصرار الأكراد والإسرائيليين على أزالة هوية العراق العربية عندما تربع " زيبار ي وطالباني" وللسنة التاسعة على وجهي العراق الداخلي والخارجي، فعندما يقدم السفراء أوراق أعتمادهم على سبيل المثال لن نشاهد عربيا ،بل نشاهد طالباني وبجواره زيباري فقط أي أن العراق"تكرّد وتسرأل" وعندما تتعمق بالمشاهدة والتفسير سوف تعرف بأن هؤلاء أقرب أصدقاء إسرائيل، فلماذا الخوف من كشف الحقيقة إذن!.؟

البرزاني يضغط ليُذكر المالكي بالحكومة الحقيقية في لندن!

مسعود البرزاني وكعادته وعندما يُحاصر أو يشعر بالخوف يسارع للتحالف حتى مع الشيطان والأعداء والخصوم، فالرجل يمارس السياسة بعقلية القرية والقبيلة، ومن خلال التحالفات التي دأبت عليها زعامات الحرب والمافيا في العالم، أي الخوف من المجهول الذي يفرض التحالف مع الشياطين لغاية الإستمرار وإستيراد القوة ، ففي منتصف التسعينات من القرن المنصرم سارع البرزاني ليطلب النجدة والتحالف مع خصمه الرئيس الراحل صدام حسين بحجة أنقاذ أربيل ،ومنع الهيمنة الإيرانية التي جاء بها خصمه اللدود جلال الطالباني الذي يوالي إيران جملة وتفصيلا، وعندما تحرك الجيش العراقي بأمر من الرئيس صدام لنجدة برزاني سارع البرزاني لنفش ريشه وأعتبره أنتصارا وسارع مباشرة للإستمرار بالعمل مع واشنطن وتل أبيب ضد العراق من خلال معارضة نظام صدام حسين الديكتاتوري، وللعلم فأن الطالباني والبرزاني مرتبطان وإسوة ببعض القيادات الشيعية والسنية " دينية وسياسية وقبلية ورجال أعمال" بعلاقات جيدة جدا مع الإسرائيليين إسوة بالبرزاني وزيباري وقيادات الحزبين الكرديين..
فشمال العراق منطقة نفوذ للإسرائيليين من الناحية التجارية والإستخبارية والعملياتية منذ عام 2003 حتى هذه الساعة ،فهم الذين خططوا ويخططون للسياسات الكردية في العراق، وهم الذين أختاروا للأكراد الوزارات والمراكز الحساسة بالدولة العراقية ، وأن ما نسبته 80% من الأتفاقيات السياسية التي بموجبها تحالفت الأحزاب العراقية كانت أسرائيل حاضره في هندستها، وأخرها أتفاق أربيل، فإسرائيل هي التي تحكم العراق من خلال غرفة عمليات لندن التي تدار من داخل "كنس يهودي" و يديرها شخص عمره أكثر من 80 عاما وهو "عراقي ـ يهودي" وخدم في الموساد الإسرائيلي داخل إيران ومصر ودول عربية، ومختص في الملف الإيراني والعراقي والمصري ، وينحدر من عائلة عراقية يهودية عملت في السياسة في العقد الأول من تأسيس الدولة العراقية ، ويرافقه عدد من المستشارين الإسرائيليين والعراقيين والبريطانيين، وهو رئيس الوزراء الحقيقي للعراق خلال هذه المرحلة، ولقد أشرف من خلال الورش التي أسسها على تدريب الكثير من الكوادر السياسية والإعلامية والصحفية والدينية في العراق، وأشرف على تدريب بعض بنات وأولاد المسؤولين الحاليين ليكونوا قادة المستقبل في العراق، وترتبط بالكنس اليهودي " غرفة لندن"و مباشرة غرفة بغداد وأربيل والبصرة والنجف، وأن تلك الغرف تنفذ ما يخرج عن الحكومة الحقيقية للعراق والتي يديرها هذا الرجل، فهكذا يُحكم العراق وهو بند من بنود الأتفاقيات السرية التي توقعت بين بوش الإبن وأريل شارون، وبعلم بعض قادة الأحزاب العراقية السبعة التي زارت واشنطن أواخر عام 2002 وأجتمعت مع الأميركان واللوبي الصهيوني والإسرائيليين وعلى غرار ذلك تم توزيع الكعكة العراقية ببهارات طائفية وإثنية ودينية وعرقية، والأحزاب السبعة هي " حزب برزاني، حزب طالباني، حزب الجلبي، حركة أياد علاوي، حزب الدعوة، وحزب آل الحكيم / المجلس الأعلى، والحركة المللكية/ الشريف علي" فهم صراكيل المحافظون الجدد واللوبي الصهيوني في العراق.

وبالتالي فهؤلاء يمثلون أدورا من خلال صناعتهم لوجوه برزت على المسرح السياسي والأداري منذ عام 2003 حتى يومنا هذا ،فتتوزع التعليمات من غرفة لندن وتنفذ في بغداد وأربيل والنجف والبصرة، وأن الأدارة الأميركية الجديدة بزعامة أوباما صدمت من ذلك، ولكنها ليس بيدها ما تقوله وخوفا من الشعب الأميركي فيما لو عرف الحقيقة بأنه يدفع الضرائب والدماء من أجل إسرائيل، وصدم أوباما كذلك التحالفات السرية التي أبرمها جورج بوش مع الإسرائيليين في العراق، ولهذا أعطى الرئيس أوباما ظهره للملف العراقي وأوكله عند صاحب مشروع تقسيم العراق، وصديق إسرائيل القوي وهو نائب الرئيس جو بايدن، ويشاركه فيه أحد صقور المحافظون في أدارة أوباما و والمقرب جدا من اللوبي الصهيوني وهو جيفري فليدمان " يهودي" وهو مهندس الطوائفية والكونفدرالية المتناحرة في لبنان عندما عمل سفيرا في بيروت، وهو الذي أشرف على نقل الوصفة الطوائفية والكونفدرالية المتناحرة نحو العراق!.

صار فوز أوباما مصلحة إيرانية ـ تركية!

واليوم وعندما صعّد برزاني بالضد من المالكي وبالعكس هي أشارة للشروع بالمرحلة الجديدة التي تتماشى مع مسرحية " أردوغان ـ نيتنايهو" الأخيرة والتي أنطلت فصولها على السذج بأن هناك خلافا وحربا سوف تنشب بين أنقرة وتل أبيب، والحقيقة هي الفصل الثاني من مسرحية أردوغان ـ نتنياهو التي بدأت مع مركب الحرية والهدف منها زعامة العرب والمسلمين ، وأن يصبح أردوغان زعيما إسلاميا عربيا أوحدا في الشرق الأوسط ، وأن لم يحدث هذا فلن ينقسم العالم العربي الى تقسيم طائفي " سني ـ شيعي" وهي الخطة التي أتفق عليها أوباما مع أردوغان بوجود " صركال/ وكيل مخول" ينوب عن العالم العربي وهو أردوغان السني، وسوف يكون هناك " صركال شيعي/ وكيل مخول" سينوب عن شيعة العالم العربي وستتعامل معهما أمريكا في المستقبل، ولهذا مضت أدارة أوباما في مشروع صناعة هذا الوكيل المخول في إيران وتحديدا من الحركات الإصلاحية ، أو ربما من خلال صفقة مع النظام والمرشد الإيراني، ويبدو أن هناك قبولا من قبل النظام الإيراني الحاكم وبدعم من المرشد بقبول هذه الصفقة أي التبرع بقيادة الشيعة في العالم العربي كمحور إقليمي شيعي يقابله محور إقليمي سني بزعامة أنقرة أي بزعامة أردوغان، ويعتبرها الرئيس أوباما الوصفة السحرية لتوازن المنطقة، ولهذا سارعت إيران للضغط على الأسد لا بل أنتقاد السياسة السورية وهي رسائل للإدارة الأميركية، لهذا نتوقع تغيّرا دراماتيكيا في السياسة الإيرانية ولكن سوف تكون وتيرته بطيئة الآن أنتظارا لقراءة مشهد التنافس الإنتخابي في الولايات المتحدة، فأن تقدم الرئيس أوباما سوف تزيد طهران من سرعة الوتيرة ،وسوف ترسل رسائل أكثر وضوحا من أجل الشروع بالتفاوض السري على تقسيم نفوذ المنطقة طائفيا، وهي تحقيق لنصف الحلم الإيراني على المستوى الإستراتيجي والقومي والطائفي، فصار فوز أوباما مصلحة إيرانية بالوقت الحاضر لأنه ميال الى مشروع تقسيم المنطقة دون حرب، بين المشروع القومي الشيعي الإيراني، والمشروع القومي السني التركي، والمشروع القومي الديني الإسرائيلي، ومن أجل تحقيق هذه الإستراتيجية الأميركية الكبرى التي تخدم الطموحات الإسرائيلية والتركية والإيرانية وعلى حساب العرب سوف تولد أستراتيجيات فرعية في المنطقة تمهد وتسبق تطبيق الإستراتيجية الأميركية الكبرى في الشرق الأوسط.

الخطة المركبة لـ " أنقرة ـ طهران ـ تل أبيب" في شمال العراق!

فسوف تتواجد أسرائيل رسميا في شمال العراق بحجة العمل بالضد من تركيا ، ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك، ولكن من حيث الظاهر أن هناك خلافا حادا بين أنقرة وتل أبيب، فلقد نشر صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية الجمعة الماضي تقريراً استند إلى تصريحات ليبرمان كشف فيها خطة تتضمن «التعاون الوثيق مع الاقلية الكردية التي تناضل من أجل اقامة دولة مستقلة خاصة بها في شرق تركيا بما في ذلك عقد لقاءات مع قادة الانفصاليين الاكراد ، وأشارت الصحيفة إلى أن الاكراد «قد يطلبون الحصول على مساعدات عسكرية اسرائيلية بالتدريب والسلاح، وتقديم شكاوى الى المؤسسات الدولية حول انتهاكات تركية لحقوق الانسان في التعامل مع الاقليات" وهو التقرير الذي خافت منه قيادة الإقليم الكردي في شمال العراق، فسارعت وأعلنت بأنها غير منغمسه فيه بعد أن تفاجأت بخروجه للإعلام ، ولكن نشره جاء بأتفاق إسرائيلي تركي ، ومن هناك أعلنت تركيا أنها ستقيم قاعدة داخل شمال العراق بحجة مطاردة حزب العمال الكردستاني المعارض للنظام التركي، أي سيلتقي الأتراك والإسرائيليين في شمال العراق بحجة الصدام وهو ليس كذلك طبعا ، فلقد نشرت صحيفة الحياة اللندنية " بين التدابير التي تسعى أنقرة إلى اتخاذها إنشاء قاعدتين في منطقة رانية وشايكورنه القريبة من معسكرات الحزب في جبال قنديل في شمال العراق. وأفادت صحيفة «طرف» اليسارية المعروفة بقربها من القيادة الكردية، أن وكيل وزارة الخارجية فريدون سينرلي أوغلو تطرق إلى هذا الموضوع مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد، وأنه سيبحث في هذا الأمر مع زعماء إقليم كردستان العراق " وكانت حكومة الإقليم الكردي في شمال العراق أوفدت وزير داخليتها كريم سنجاري إلى أنقرة وطهران للبحث في ملف أمن الإقليم وطلب من الدولتين مهلة حتى تشرين الأول /أكتوبر المقبل للتوصل إلى تفاهم مع حزب العمال الكردستاني، وتقول المصادر الديبلوماسية التركية أن أنقرة لم تتحمس لهذا الطرح واستوضحت ما تنوي اربيل عمله خلال هذه الفترة، وأكدت أن ذلك لن يوقف استعداداتها العسكرية والأمنية على الحدود وغاراتها على معاقل الحزب ، ولكن الحقيقة أن الجميع يمارسون لعبة واحدة، فقيادة الأقليم طلبت هذه المهلة لتسمع ماذا سيقدم لها الحليف الأقوى وهو إسرائيل وماذا ستجيبهم واشنطن، وها قد جاء الجواب بأن إسرائيل سوف تتواجد وبقوة في شمال العراق وحتى علنا ومن هناك أعلن البرزاني طلبة وقبوله بالتواجد الأميركي في شمال العراق، أي أنسحاب الأميركان بأتجاه شمال العراق وليس بأتجاه الكويت أو الولايات المتحدة، ويبدو أن هناك ملامح لولادة دولة أكراد العراق ولكن بشروط، ويتطلب هذا تمهيد لخلاف مع بغداد " وهو الخلاف الإعلامي ولذر الرماد في عيون الشعب العراقي لأن جميع الذين وقعوا الأتفاقيات السرية في واشنطن وبحضور الإسرائيليين عام 2002 ومن التحق بهم بعد عام 2003 قد وافقوا على أنفصال شمال العراق، ولكن الخلافات هي سياسية وجغرافية فقط وليست خلافات وطنية على مبدأ رفض التقسيم أو الأنفصال الكردي، فالأنفصال الكردي عن العراق لن يكون مثلما تمناه القادة الأكراد بل سيختلف تماما ،وسيكون كيانا بشكل دولة بفعل اللاعب التركي واللاعب الإيراني..

فعلى ما يبدو أن هناك "خارطة طريق" تم الأتفاق عليها بين أربيل وأنقرة وطهران ولها علاقة بالتغيير الذي سيحصل في سوريا وبالتناغم الإيراني ـ التركي، تنص على السماح بولادة دولة كردية في شمال العراق ولكن بشرط تواجد قواعد تركية في شمال العراق، وكذلك قواعد إيرانية لمنع تمدد هذه الدولة الوليدة بأتجاه تركيا وإيران، أي بأتجاه أكراد تركيا وإيران، ويبدو أن هناك أتفاقا سيسمح بموجبه بعلاقة ما مع أكراد سوريا، ونعتقد أن الخطة التركية ـ الإيرانية هي السماح بولادة دولة كردية شمال العراق لتصبح جاذبه لأكراد إيران وتركيا وسوريا في المستقبل، أي سيكون هناك تسفير "ترانسفير" بالترغيب والترهيب نحو شمال العراق، أي أجبارأكراد أيران وتركيا بالرحيل صوب شمال العراق، وضمن الحسابات المستقبلية لتركيا وإيران فأن كان هناك خطرا من الأكراد أو توسعا سوف يندفع بأتجاه جنوب هذه الدولة الكردية أي بأتجاه الموصل وديالى وتكريت والكوت وغيرها وليس بأتجاه إيران وتركيا، وهنا سيكون اللاعب الإسرائيلي حاضرا وبقوة فهو الذي هندس ثقافة مايسمى " الأرض المتنازع عليها" والتي من أجلها سيبدأ سيناريو التناحر داخل العراق، وتحديدا جنوب دولة الأكراد، وهنا تضرب إيران وتركيا الأكراد في الصميم عندما تشغلهم بحروب جنوب دولتهم تستدعي أنتقال أكراد إيران وسوريا نحوها وبالتالي تتخلص منهم ومن سيرحل لا يجوز له بالعودة لمكانه الأصلي فسيضطر للبقاء في الأرض العراقية العربية التي سيكرّدها الأكراد .

وهنا تتكشف النوايا التركية العثمانية ،والنوايا الإيرانية الفارسية، فلقد نجحت تركيا من بلورة قيادات سنيّة تدور في الفلك التركي، وعندما نجحت تركيا من فرض حصتها في العملية السياسية في العراق من خلال فرض أصدقائها الذين تراهن عليهم وبمقدمتهم " أسامة النجيفي" الذي فرضته أن يكون رئيسا للبرلمان العراقي ، وأعدت صديقها " طارق الهاشمي" أن يكون رئيسا مرتقبا لما تبقى من العراق، أو ربما النجيفي هو الرئيس المرتقب ،فأن بورصة هذه الوجوه والسنة العراقيين في المرحلة المقبلة هي بيد أنقرة، وهناك وجوه أخرى تدور في الفلك التركي أمثال " سليم الجبوري، وأياد السامرائي" وغيرهم ، ناهيك عن القيادات التركمانية، ولقد صمتت إيران عندما دخل اللاعب التركي في هندسة أتفاق أربيل وفرضت من خلاله النجيفي رئيسا للبرلمان ووجوه أخرى، فإيران ليست خائفة من تركيا لأنها اللاعب الرئيسي في العراق ومنذ عام 2003 وحتى الآن، وبالتالي هي بحاجة الى أطراف سنية ليست فوضوية، أي تريد أطراف سنية لها مرجعية غير السعودية فوجدت تركيا هي الأنسب لها ولمطموحاتها القومية والطائفية، فمادامت تركيا تمتلك مشروع قومي له أسقاطات طائفية إذن يتلائم مع الطموحات الإيرانية القومية الطائفية ، فعندما يلتهي الأكراد بدولتهم التي ستولد بشروط سوف يحتاج الإيرانيون للاعب أخر وهو السنة بأشراف تركي، فصار هناك أستعداد فعندما تتصاعد التحديات بالضد من الموصل فحينها تندفع تركيا بحجة التاريخ السياسي للموصل وعندما تندفع تركيا نحو الموصل وبأتفاق سري مع آل النجيفي وبعض قيادات الموصل أن تطلب أدارة الموصل النجدة من تركيا من الخطر الكردي ،وحال وصولها الى الموصل ستتدحرج تركيا نحو كركوك بحكم التواجد التركماني وحينها تصل تركيا نحو ثروات كركوك لكي تضمن تركيا عدم عملقة أكراد العراق عليها في المستقبل وبسلاح النفط والغاز، وفي نفس الوقت ستتشاطر تركيا مع الإسرائيليين أقتصاديا فهناك تبادل أدوار بين تل أبيب وأنقرة، وحتىأن أندفاع تركيا نحو مصر هو ليس تحالف أستراتيجي بالضد من إسرائيل بل بالعكس هو لكي تحيّد مخاطر مصر على إسرائيل من قبل أنقرة،

وبالمقابل سدفع الإندفاع التركي نحو الموصل بالإيرانيين أن يتخذوا قرارهم بالتوغل نحو السليمانية وعلى أساس تاريخي وجغرافي أيضا ،خصوصا وأن إيران قطعت شوطا كبيرا في " أرننة" السليمانية شعبيا ولوجستيا، فجلال الطالباني هو مواطن إيراني من حيث الطباع والولاء والإنغماس في السياسة الإيرانية، وبالتالي فالخطر الكردي هو بالضد من العراق جنوب شمال العراق تحديدا، وليس بالضد من تركيا وإيران لأنه عندما تتوغل إيران في السليمانية لتتوازن مع تركيا في الموصل سوف تكون هناك دويلة الطالباني في السليمانية بشكل رسمي وبرعاية إيرانية يقابلها دويلة برزاني بشكل رسمي وبرعاية أميركية وإسرائيلية وبتوافق مع الأتراك،لأن الطالباني بجوار أو بقرب برزاني يعني الصدام والحروب الداخلية ولهذا دفعه برزاني بعيدا نحو بغداد ولثماني سنوات خوفا من نزواته الحزبية والشخصية، لهذا لا يمكن وبوجود الطالباني في شمال العراق أن يكون هناك عملا موحدا بين برزاني وطالباني ولهذا سارع البرزاني لدعم كيان ثالث وهو " التغيير" عسى يكون فاصلا بينه وبين طالباني ، لهذا لن يقتنع الطالباني إلا بدولته الخاصة في السليمانية وبحماية إيرانية.. وبالمقابل سيتولد لدينا أقليم " الموصل وتركمان كركوك" برعاية وحماية تركية، ، وبالتالي ستطوق الدولة الكردية الوليدة ولكن سيسمح لإسرائيل بالعمل والتعاون فيها مادام هناك تواجد أميركي، فالمشهد المستقبلي يشير بأن الوسط العراقي سيشهد صراعات عربية ـ كردية على الأرض أي صد الزحف الكردي جنوبا، وحينها سينغمس إقليمي الفرات الأوسط وأقليم الجنوب في العراق أما بحروب شيعية ـ شعية ، أو بحروب حزبية ـ قبلية ، أو يصار الى تقسيمات داخلية " محميات دينية وقبلية وحزبية وطائفية" تعقد بينها مصالحات تفرضها الحصص من الثروات والنفوذ في السلطة!

أي بالمختصر:

يكاد يكون الأتفاق مع برزاني هو "أنفصلوا وأعلنوا دولتكم" ولكن لا يجوز التواصل مع أكراد إيران وتركيا ، وربما سيكون هناك علاقة خاصة مع أكراد سوريا فقط ولكن بشروط إيرانية ـ تركية... هذا هو المخطط الذي تم رسمه على مراحل لتقسيم العراق الى كونفدراليات وبالعودة الى أتفاقيات قديمة كانت بموجبها الموصل ولاية عثمانية ،وكانت بموجبها السليمانية إيرانية!.... ولكن السؤال: هل نحن في المرحلة الأخيرة من المشروع الصهيوني الذي تنفذه الولايات المتحدة في العراق أم سنبدأ بالتفاصيل الأكثر أيلاما ودموية؟... فنترك الجواب للقراء والمتابعين!.



*

سمير عبيد

كاتب ومحلل في الشؤون السياسية والإستراتيجية

Sa.obeid@gmail.com

على الفيسبوك