المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 262 ... قالها "ناثان روتشيلد" يوماً!!!.



سماك العبوشي
22/09/2011, 03:34 PM
مسامير وأزاهير 262 ...
قالها "ناثان روتشيلد" يوماً!!!.


إستهلال...
أكرر ما اعتدت على ترديده مؤخراً للأهمية، بأنني أتوافق جملة وتفصيلاً مع ما يقرره شعب فلسطين مصيراً له وما يختاره كدولة، ليقيني التام وثقتي المطلقة بأن شعب فلسطين الذي عانى ما عاناه وما قدمه من قوافل الشهداء الأطهار فإنه لا ولن يفرط بشبر من أرض فلسطين العربية الإسلامية التاريخية وأنه لن يرتأي أبدا نسيان جزء ولو كان شبراً صغيراً من حقه الشرعي في أرضه التاريخية!!، ذاك أمر، والأمر الثاني، فإنني وبحمدالله تعالى ولطفه، لم أخدع يوماً بما سُمّيَ بجهود راعية السلام الأمريكي، فلطالما كنت قد حذرت ونبهت، وكثيراً ما قرعت الأجراس إتقاءً من خدعة جهودها تلك، وأنها ما كانت إلا إضاعة للجهد والوقت خدمة للكيان الصهيوني الغاصب، وإنني اليوم، وفي هذه المرحلة الدقيقة والحرجة من تاريخ أمتنا العربية عموماً والفلسطينية خاصة، أذكر إن نفعت الذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين.

في ملف خاص كان قد أصدره بتاريخ 20/9/2011 مركز الإعلام الفلسطيني بعنوان (الفيتو الأمريكي تاريخ اسود بالذاكرة الفلسطينية) ذكر فيه أن راعية جهود السلام في منطقتنا العربية "الولايات المتحدة الأمريكية" كانت قد استخدمت حق النقض الفيتو لأكثر من أربعين مرة لإفشال مشاريع أممية تدين أحد طرفي الصراع والنزاع (الكيان الصهيوني) في مجلس الأمن الدولي، منها ثلاثة وثلاثون مرة تتعلق بالقضية الفلسطينية. وسبعة منها كان لها علاقة بالملف اللبناني والسوري، ولعل الأكثر إيلاماً ووقعاً سيئاً في النفس حين نعلم بأن أحد عشر استخداماً لحق النقض الأمريكي المجحف كان قد تم بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو وخلال فترة المفاوضات وما سمي بعملية السلام، وتحديداً حين طبل وزمر آنذاك بأن جهود السلام تلك تجري برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، فيا سلام سلـّم!!.

"راعي جهود السلام !!" الأمريكي، ذاك مفهوم غريب ومصطلح عجيب، أطلق ذات يوم على الولايات المتحدة الأمريكية فكان بحق استخفافاً بعقولنا واستهزاءً بمصائر ومقدرات شعبنا العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً، وأتساءل:
1- كيف لا يكون استخفافاً بعقولنا وقد رأينا بأم أعيننا كيف أن راعية السلام تلك قد أمسكت بميزان عدالتها فأثقلت بعمد ورجّحت كفة الجانب الصهيوني من خلال انحيازها المطلق له حين رعت شؤون الطرف السارق المغتصب وحمته من أن يطاله عقاب دولي وشرعية دولية باستخدامها لحق النقض الفيتو!!؟.
2- كيف لا يكون استهزاءً بنا حين وقفت راعية السلام تلك بوجه أي مشروع قرار دولي ينصف أبناء فلسطين ويرفع بعض الحيف عنهم!!.
3- ثم كيف لا يكون مفهوماً غريباً عجيباً حين تناقض أقوال أمريكا التي قيلت يوماً عن حق شعب فلسطين بدولة مستقلة بأفعالها المعلنة، ولعل آخرها تلك الأنباء التي تحدثت عن التلويح الأمريكي بالفيتو إجهاضاً منها لرحلة السيد الرئيس أبي مازن إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطين ولو على جزء يسير من أرضها التاريخية وعاصمتها القدس!!.

لقد مارس الإعلام العربي المرتهن لإرادة أمريكا والمنقاد لسيطرة الأنظمة العربية "المعتدلة" لعبة التخدير للعقل العربي حين طبل وزمر وبشر وهلل بجهود راعية السلام تلك، وحياديتها من خلال سعيها للخروج من مأزق الصراع العربي الصهيوني وإيجاد "حل عادل لها!!"، فراحت التحليلات والتقارير السياسية لبعض وسائل الإعلام العربية تتحدث عن افتقار القدرة على التطبيق في النظرة الأمريكية لحل الصراع والوصول إلى حل وفق أسس ومبادئ الأمم المتحدة والقرارات الدولية في تحليل بائس يائس منها لتبرير "فشل" الجهود الأمريكية!!، وما أكثر ما سمعنا من تصريحات عربية رسمية راحت تتحدث عن ضغوط أمريكية تمارس ضد الكيان الصهيوني الغاصب لتقديم بعض التنازلات لإنقاذ عملية السلام المتعثرة وإخراجها من مأزقها، فإذا بالتنازلات كانت تقدم من الجانبين العربي والفلسطيني ، وإلى وقت قريب قبل أن تتوقف المفاوضات بقرار فلسطيني شجاع بعدما أدركت قيادة السلطة الفلسطينية فشل ذاك النهج ولو متأخراً!!.

لقد تناسى أصحاب القرار العربي الرسمي وتغاضت وسائل إعلامهم وتجاهلت – عمدا أو سهوا- تلك العلاقة الستراتيجية المصيرية التي ربطت الولايات المتحدة الأمريكية بالكيان الصهيوني، مما يجعلها بعيدة كل البعد تماماً عن لعب دور حيادي شفاف بقضية الصراع العربي الصهيوني، لسبب واحد، أنها كانت الخصم والحكم بذات الوقت!!، وأقولها وبالفم الملآن، لأصحاب القرار العربي والفلسطيني، ولمن طبل وزمر لهؤلاء من كتاب وفضائيات وصحف وتحدثوا عن جهود السلام الأمريكي، بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تخدعنا أبداً، فمن خدعنا هم أنتم لا غيركم بعنادكم وفشل سياساتكم وارتهانها وانبطاحها أمام الإرادة الأمريكية، وأتساءل، أين كنتم حين صرّح قادة الولايات المتحدة الأمريكية وتباهوا مراراً وتكراراً بالتزام دولتهم العظمى بأمن ومصالح "إسرائيل"!؟، ورغم تلك الحقيقة غير الخافية، فإنكم يا أصحاب القرار العربي والفلسطيني قد راهنتم طويلاً على الورقة الأمريكية وجهودها، فتسببتم بذاك الرهان الخائب بمزيد من الأذى والألم لشعب الرباط، وتسببتم بمزيد من ضياع الوقت واتساع الرقعة الجغرافية الاستيطانية للكيان الصهيوني وما صاحبه من تهجير وتشريد لأبناء الرباط في الضفة الغربية!!.

لقد أفصحت الولايات المتحدة الأمريكية، جهاراً نهاراً ولأكثر من مرة، بأن جـُلّ ما يعنيها من أحداث وصراعات في المنطقة العربية يتمثل تحديداً بتحجيم قدرات العرب ووأد تطلعاتهم نحو غد عربي مشرق وزاهر، فراحت في سبيل تحقيق هدفها ذاك تدعم أنظمة عربية فاسدة تمسكت بعروشها وكراسي رئاساتها على حساب مصالح شعبهم العربي ومستقبله، وراحت تمارس معها الضغط المستمر كي تراهن على جهود السلام الأمريكي، فأسفرت عن مفاوضات عبثية عقيمة استمرت لعقدين أو أقل من الزمن وتوسع وتمدد استيطاني صهيوني رافقه تهويد لمقدساتنا العربية والإسلامية!!.

لقد كان لهواً وخداعاً أمريكياً بامتياز، ذاك الذي كنا نسمعه ونقرأه من انتقادات أمريكية للسياسات الاستيطانية الصهيونية ووصفها لها بأنها خطوة سلبية جدا بالنسبة للعلاقات "الأمريكية الإسرائيلية" ولعملية "السلام في الشرق الأوسط"، وأن تلك الانتقادات الأمريكية الشديدة لحكومة تل أبيب ستلقي بظلالها على علاقات أمريكا بالكيان الصهيوني وتنذر بدخولها مرحلة توتر!!، فيما الفعل على الأرض يناقض ما يصرحون به على الدوام، ولعل خير شاهد على ازدواجية المعايير الأمريكية ودأبها وحرصها على خدمة المشروع الصهيوني وضمان استمرارية المفاوضات لكسب المزيد من الوقت لإجراء التغييرات الديمغرافية على المشهد الفلسطيني - علاوة على ممارستها لحق النقض الفيتو المذكورة آنفاً –، أقول فخير شاهد على ذاك الخداع والتدليس الأمريكي يتمثل برسالتي "التطمينات" التي كان قد حملهما المبعوث الأمريكي ميتشل معه في جولته السادسة:
أولاً ... الرسالة الأولى كانت قد وجهت للرئيس عباس والتي تضمنت "انتقادا" للمستعمرات الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة والتي أعربت فيها أيضاً عن "اعتقاد!!" الولايات المتحدة بأن حدود الرابع من حزيران 1967 هي الأساس لأي صفقة سلام في المستقبل!!.
ثانياً ... الرسالة الأمريكية الثانية التي وجهت للنتن ياهو والتي أكدت فيها تجديد التزام إدارة أوباما برسالة الضمانات التي بعثها سلفه بوش الصغير لأريل شارون في الرابع عشر من الشهر الرابع عام 2004 والتي أقرت بوجوب أن تأخذ في الحسبان "التغيرات الديموغرافية" التي أعقبت الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية عام 1967!!.

لقد أخطأت القيادة الفلسطينية خطأ فادحاً وكبيراً حين تشبثت بخيار اللهجة السياسية الدبلوماسية واستبعدت ما عداها من خيارات كانت ستعطي القيادة الفلسطينية زخماً وقوة في ما سعت من أجله!!، هذا كما وتأخرت فطنة وذكاء قيادة السلطة الفلسطينية على استيعاب تلك الرسائل والمواقف التي كانت تعلن عنها الولايات المتحدة الأمريكية طيلة أعوام انهماك السلطة بالعملية التسووية وما رافقها من مفاوضات عبثية، تلك المواقف والرسائل الأمريكية التي كانت تعلن جميعها عن متانة العلاقات بين أمريكا والكيان الصهيوني، وتؤكد الالتزام الأمريكي التام بتفوق الكيان الغاصب عسكرياً واقتصادياً وأمنياً، وتجاهر بأن أمن "إسرائيل" كان يعد من أولويات الولايات المتحدة الأمريكي، هذا كما وتقاعست أنظمتنا العربية بأداء دورها القومي المساند للقضية الفلسطينية وتشبثها بمبادرة السلام العربية التي رفضتها "إسرائيل" ولم تعرها بالاً!!.

لقد آن...
• لقيادة السلطة الفلسطينية الموقرة أن تعيد النظر بنهجها السابق الذي أثبت عقمه وفشله، وأن تعيد حساباتها ونظرها من جديد بتلك الخيارات المتاحة التي تركتها جانباً وعزفت عن استخدامها والتي يكفلها الشرع والقانون الدولي والمنطق الثوري.
• لشباب ربيع التغيير العربي على امتداد أرض العروبة بأن يعبروا عن وجهة نظرهم القومية تجاه قضية العرب المركزية المتمثلة بقضية فلسطين، ومساندة أبناء الرباط في فلسطين المحتلة لنيل حقوقهم المشروعة وفضح التدليس والنفاق الأمريكي من خلال الخروج في جمع التظاهرات والاعتصامات، وللضغط المستمر والمتواصل على الأنظمة العربية لاسيما الخليجية منها كي يمدوا أبناء فلسطين بأسباب المقاومة والتصدي - المالي والمعنوي-، لاسيما في ظل لغة التهديد والابتزاز الأمريكي بوقف مساعدات الذل وامتهان الكرامة.

ختاماً أقول، ربما يكون الرئيس الأمريكي أوباما قد وعد فأخلف، كمن سبقه، لكن الحقيقة التي يجب أن تقال بأن للولايات المتحدة الأمريكية مصالح يجب أن ترعاها، ومصالحها اليوم تكمن برعاية وحماية "إسرائيل" في ظل عجز وتخاذل وتهاون عربي، فقرار الولايات المتحدة الأمريكية ليس بيدها، فهو بيد اللوبي الصهيوني، وينطبق على الولايات المتحدة الأمريكية ما قاله المليونير اليهودي ناثان روتشيلد في العام 1815 حيث قال: "أنا لا يهمني أية دمية قد وضعت على عرش انكلترا ليحكم الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس. الرجل الذي يتحكم بالموارد المالية هو الذي يحكم الإمبراطورية البريطانية، وأنا من يحكم الموارد المالية البريطانية"... انتهى الاقتباس، فكفاكم نوماً وسباتاً، وكفاكم عبثاً ولهواً بمصير شعبكم العربي، فأي دليل أبلغ من هذا الذي قيل عام 1815 على لسان روتشيلد!!!، وتذكروا دوماً المثل الألماني القائل: إن أردت سلاماً طويلاً، فهيئ مدافعك على الدوام.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
22 أيلول / سبتمبر / 2011