المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بقية رمـــــــــــــــــــــــــــــاد



الشيماء علي صالح
08/10/2011, 06:18 PM
دخلت سميّة على ابنتها زهرة، والسّاعة قد جاوزت منتصف اللّيل، وجدتها تبكي كالعادة.
- ألا تزالين تذرفين الدّموع فوق هذه الأوراق؟ ألا تشفقين على عينيك؟
ازداد اللّيل صمتا ورهبة في قلب زهرة، ولم تستطع أن تتفوّه بكلمة واحدة .. إلا أنّ عبراتها كانت تسيل بصمت حزين،و حزن دفين.
كلّما قرأت تلك الكلمات، ذاب القلب وانكسر، وتذكّرت لحظات الأمل الذي صار ألما وعذابا..
وتكرّرت اللّيالي الدّامعة مع بقاء تلك الأوراق…
إنّها ذكريات زهرة، كم هو صعب عليها نسيانها.
بعد مدّة ليست بالقصيرة، قرّرت زهرة أن تجمع كل ما يذكّرها بالفقيد، لعلّها تنسى، بعد أن تخفيَ الأوراق عن عيْنَيْها وقلبها.
لكنّها بقيت تَذْكر أنّه تحت دفاترها، يختبئ الكثيير.
وفي ليلة من لياليها الحزينة، استجمعت زهرة كلّ قواها، وتحدّت الماضي،و قرّرت نسيان الفقيد..
فأشعلت نارا، وأحرقت كل الأوراق ..
صارت رمادا، وتناثرت بنسيم اللّيلة الهادئة، فامّحى كل شيء.
وتأتي الأم سميّة كالعادة:
- رائحة أوراق تحترق؟ هل تخلصت منها يا زهرتي؟..
كنت أنتظر هذا اليوم بشوق.
- نعم أمي .. لقد أحرقتها، وأذبت رمادها، لكي أمحي رسم الحروف.
لكن، هناك حروف لم أستطع إحراقها، حروف سكنت في قلبي يا أمي..
حفظتها من كثرة قراءتي لها، حاولت إحراقها، لكنها …
بقيّة الــرمـــــــــــــــاد

سعيد نويضي
09/10/2011, 08:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأديبة الفاضلة الشيماء...

بقية رماد...

ذاك ما يتبقى حتى من الإنسان بعدما يفنى و يذبل بعد عمر طويل إن شاء الله حفنة تراب...بقايا شيء هنا وهناك...ذكريات متفرقة عند هذا و ذاك...
و الشخصية التي رسمت لا يمكنها بحال أن تنسى من حلمت معه بالكثير حتى ولو حققوا القليل...لأن الذي كان لباسا لها و كانت لباسا له كان غطاؤها و كانت سترته...كان حلمها و كانت آماله...فكيف ينسى و كيف تنسى...و كيف يحدث النسيان...؟
فالماضي حياة حفرت ذكرياتها في مناطق لا يمكن أن تمحوها حتى براكين العالم...هل يستطيع الإنسان أن ينسى ماضيه...و الشخصية التي تتحدثين عنها هي الماضي بكل أبعاده الوطنية و الثراثية و الإنسانية...فالرمز ...رمز الفقيد قد يكون الزوج كحالة واقعية أو حالة اجتماعية لأشخاص تعرفينهم أو حالة نسجت خيوطها من القراءات المتعددة لتجارب الآخر...و بالتالي وضعت لنا مولودا سميته "بقية رماد"...
فالرمز على المستوى العام هو ما يؤرق هذه الأمة كما يوجع من الشخصية على مستوى الفرد...ففقدان الماضي بكل جماليته و ما ترك لنا غير الرسائل و المخطوطات نستطيع أنم تخلص منها بعود ثقاب...لكن كيف نستطيع أن تخلص من الإحساسات و المشاعر و العواطف التي خلفتها الكلمات في الوجدان...فهذا ما لا يقدر عليه إلا الخالق جل و علا...يقولون أن الزمن كفيل بأن يداوي الجراح...فالزمن لا يزيد الجراح إلا عمقا و لا يزيد الألم إلا وجعا...هذا هو حال أمتنا اختزلته في بقية رماد...

تحيتي و تقديري للغة الجميلة التي خططت بها ما يخلفه المرء وراءه قبل أن يرحل في انتظار ما هو آت لا محالة ولو بعد حين...

و من هنا أعتقد أن الحديث الرائع و الجميل لسيد الخلق و المرسلين صلى الله عليه و سلم يجد مكانه في هذه التحفة كتذكير يطل أبد الدهر...

(عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ) إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له .

صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم...

تحيتي و تقديري...

الشيماء علي صالح
10/10/2011, 07:04 PM
وعليك السلام الأستاذ المعلم الفاضل
لعل الشخصية التي تحدثت عنها في قصتي هي تجربة شخصية عشتها وأعيشها
كان تحليلك لها رائعا، بالرغم من أني لم أقصد بالفقيد لباسها...

لكن كيف نستطيع أن تخلص من الإحساسات و المشاعر و العواطف التي خلفتها الكلمات في الوجدان...فهذا ما لا يقدر عليه إلا الخالق جل و علا...يقولون أن الزمن كفيل بأن يداوي الجراح...فالزمن لا يزيد الجراح إلا عمقا و لا يزيد الألم إلا وجعا...
هذا هو بيت القصيد كما يقال، وهذه هي رسالتي من .. بقية رماد ..
مداخلتك سرتني كثيرا وشجعتني للمزيد إن شاء الله تعالى.

كرم زعرور
10/10/2011, 07:45 PM
ألفاضلة شيماء

كان واضحاً من القراءة ِ الأولى ، أنَّ سميّة وزهرة ، هما أمٌّ وابنة ٌ ،

وإن لم تكونا حقيقيتين ، فقد أبدعت ِ أن جَعَلتِنا نعيشُ مع قصّتِهما كواقع ٍمقبول ٍ،

إذ جاءَ السَّردُ مُنساباً في أحداث ٍ، ووصف ٍ لانفعالات ٍمن كليهما ،

وتعاطف ٍمنا نحنُ القُرّاءُ مع زهرة الإبنة في محنتها أيّاً كانت ْ،

ومع سمية الأم ولهفتها وإشفاقِها على ابنتها ، وتمنيها أن تنتهي هذه المحنة ُ،

.. وعندما ظنَنّا مع سمية أنَّ القصَّة َانتهت بحرق ِالأوراق ِ،

حاءتنا القفلةُ الموجعة ُأنَّ بقايا الرَّماد ِما زالَ يسكُنُ القلبَ الّذي أحَبَّ ..!

أحسنت ِ، واقبلي أمنياتي بالتوفيق .

كرم زعرور