عبد الرحيم صادقي
17/10/2011, 10:59 PM
أما بعد،
فلقد أتى على اليمن حين من الدهر ملأتَ فيه الأرض ظلما وفسادا، وتفاقمت الفتنة، وعزَّت النعمة، وأبرَمت حتى شكَت ثقلك سهولُ اليمن السعيد والنجود، وانفطرت كواهل العباد. أما كذبك فما عاد يستسيغه أحمق الناس، فطالما أوهمتَ الخلق أنك قدرُ البلاد، وحامي الحمى، ومُحِق الحق، وماحِق الباطل. وأنه بك يَعم الرخاء، ويسود النماء، ويفرح المؤمنون، ويشقى الظالمون. فلو أنك غِبت لصارت البلاد خرابا، والأرض يبابا، ولبزغ قرن الشر يبغي الفساد في الأرض، فترى رجال القاعدة وقد خرجوا يقطعون الرؤوس، وقد وضعت النُّطوع في الأسواق وعلى الطرقات، وفي مجالس الناس ونواديهم، ثم رأيت الفيالق تجوب الأرض طولا وعرضا، تضرب فوق الأعناق وكل بنان. ويستحِر القتل، ولا صوت يعلو يومئذ على قعقعة السيوف والتروس، وترى الناس يساقون كما تساق البهائم، تنحزهم أسنة الرماح، وتنخسهم نصول الأسل.
أما القبائل فتراها وقد تناست أن الله خلقها للتعارف يُغِير بعضها على بعض، فيُأسر الرجال وتُسبى النساء ويُسترق الولدان، ويَعُم الهرْج حتى لكأن الناس بين يدي الساعة، فتراهم يقتل بعضهم بعضا، ويبغي بعضهم على بعض، ويتربص بعضهم ببعض الدوائر.
فأين ذلك كله أيها الحاكم؟ ها قد مرَّ من عمر الثورة المباركة ثمانية أشهر، فما وقع الذي قلت ولا صدق نبؤك. هذا والسلاح وافر، وسوقه رائجة، ولولا أنصارك لما جرى دم الأبرياء أنهارا. فواعجبا كيف تحكمون! أما رأيت أجنادك يطلقون النار، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، وكأنما يرون الناس خنازير برية أو ذئابا غازية قد حزمت أمرها وعزمت على فتك ليس له حد؟ أما رأيت أيها الحاكم المستبد أن الناس خرجوا عُزَّلا يهتفون سلاما سلاما؟! فعلام البطش والتقتيل؟ هل طلبوا غير عدل وكرامة؟ أيرجون غير حقوق وسلامة؟
وأنت أيها الحاكم من يقاضيك؟ ومن يسمع شكوى الناس ومن ينظر مظالمهم؟ ألست قد جعلت الحكم سبيلا للاغتناء بغير وجه حق؟ أليس قد غدا حكمك مطية للفساد والجور؟ أليس قد حابَيْت أهلك دون الناس أجمعين؟ أما جعلت بأيديهم الوظائف والأعمال؟ أما جَبَيت لهم النعم والمال؟ أما صار بأيديكم الحل والعقد، فلا شورى ولا استئذان؟ أليس غدت أموال الناس كأموالكم سواء بسواء؟ ألستم مستخلفين فيها أمناء على أرزاق العباد؟ فأين الأمانة والعهد والوفاء؟
فلو أنك لِنتَ للناس وأوطأتهم كنفك، ولو أنك كففت عنهم يدك ولسانك، ولكنك عَجِلت إلى الشر واستمرأت الكيد، وهانت عليك العِشرة، وغلب عليك الطبع. ألا وإن لكل نفس يوم القيامة سائقا وشهيدا، فأعدَّ ليوم العرض جوابك.
والسلام على من اتبع الهدى.
18 ذو القعدة 1432ه
16 أكتوبر 2011م
فلقد أتى على اليمن حين من الدهر ملأتَ فيه الأرض ظلما وفسادا، وتفاقمت الفتنة، وعزَّت النعمة، وأبرَمت حتى شكَت ثقلك سهولُ اليمن السعيد والنجود، وانفطرت كواهل العباد. أما كذبك فما عاد يستسيغه أحمق الناس، فطالما أوهمتَ الخلق أنك قدرُ البلاد، وحامي الحمى، ومُحِق الحق، وماحِق الباطل. وأنه بك يَعم الرخاء، ويسود النماء، ويفرح المؤمنون، ويشقى الظالمون. فلو أنك غِبت لصارت البلاد خرابا، والأرض يبابا، ولبزغ قرن الشر يبغي الفساد في الأرض، فترى رجال القاعدة وقد خرجوا يقطعون الرؤوس، وقد وضعت النُّطوع في الأسواق وعلى الطرقات، وفي مجالس الناس ونواديهم، ثم رأيت الفيالق تجوب الأرض طولا وعرضا، تضرب فوق الأعناق وكل بنان. ويستحِر القتل، ولا صوت يعلو يومئذ على قعقعة السيوف والتروس، وترى الناس يساقون كما تساق البهائم، تنحزهم أسنة الرماح، وتنخسهم نصول الأسل.
أما القبائل فتراها وقد تناست أن الله خلقها للتعارف يُغِير بعضها على بعض، فيُأسر الرجال وتُسبى النساء ويُسترق الولدان، ويَعُم الهرْج حتى لكأن الناس بين يدي الساعة، فتراهم يقتل بعضهم بعضا، ويبغي بعضهم على بعض، ويتربص بعضهم ببعض الدوائر.
فأين ذلك كله أيها الحاكم؟ ها قد مرَّ من عمر الثورة المباركة ثمانية أشهر، فما وقع الذي قلت ولا صدق نبؤك. هذا والسلاح وافر، وسوقه رائجة، ولولا أنصارك لما جرى دم الأبرياء أنهارا. فواعجبا كيف تحكمون! أما رأيت أجنادك يطلقون النار، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، وكأنما يرون الناس خنازير برية أو ذئابا غازية قد حزمت أمرها وعزمت على فتك ليس له حد؟ أما رأيت أيها الحاكم المستبد أن الناس خرجوا عُزَّلا يهتفون سلاما سلاما؟! فعلام البطش والتقتيل؟ هل طلبوا غير عدل وكرامة؟ أيرجون غير حقوق وسلامة؟
وأنت أيها الحاكم من يقاضيك؟ ومن يسمع شكوى الناس ومن ينظر مظالمهم؟ ألست قد جعلت الحكم سبيلا للاغتناء بغير وجه حق؟ أليس قد غدا حكمك مطية للفساد والجور؟ أليس قد حابَيْت أهلك دون الناس أجمعين؟ أما جعلت بأيديهم الوظائف والأعمال؟ أما جَبَيت لهم النعم والمال؟ أما صار بأيديكم الحل والعقد، فلا شورى ولا استئذان؟ أليس غدت أموال الناس كأموالكم سواء بسواء؟ ألستم مستخلفين فيها أمناء على أرزاق العباد؟ فأين الأمانة والعهد والوفاء؟
فلو أنك لِنتَ للناس وأوطأتهم كنفك، ولو أنك كففت عنهم يدك ولسانك، ولكنك عَجِلت إلى الشر واستمرأت الكيد، وهانت عليك العِشرة، وغلب عليك الطبع. ألا وإن لكل نفس يوم القيامة سائقا وشهيدا، فأعدَّ ليوم العرض جوابك.
والسلام على من اتبع الهدى.
18 ذو القعدة 1432ه
16 أكتوبر 2011م