المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق / واسط / قضاء الحي



سالم شاهين
12/04/2007, 11:34 PM
واتا السلام عليك
وتحية صادقة تقبلوها ولكم جزيل الشكر




قصــــــــــــــــة
توسد حلمه ونام
الاشياء تغتال توهجها ، والطرقات تنازعت بلاطاتها، وما عاد بوسع المرء التفريق بينها. الجثث عائمة في الهواء الثقيل المر . صفارات الانذار بحّ صوتها . الكلاب انقطع هريرها، فتعلمت المواء في المواقف الحرجة ؛ تستجدي الرفق بها ، عباءات سوداء لنسوة عاقرن الاقدار ؛ تطير في الهواء . كل الاشياء تباطات حركتها ، انسلت عن ذاتها . اكداس من النفايات جثمت مزهوة على صدور العابرين الى بلدهم . لم يعد هناك سوى ان تربح يومك. تتغابى عما يجري . تلتصق على مقعد ك المنفرد .
المقاهي ما عادت بورصة للافكار . النادل طالما تباطا عن تقديم الشاي . كما المتبضعين همهم الاستيلاء على ما يملا بطونهم . العيون المفتوحة ببلا دة ، لاتبصر سوى ما يشبع رغباتها . الوباء استشرى في الناس ، وما عادت المشافي تستوعب روادها ، كما طرد ت الاسرة مرضاها .
*****************
وقف ماخوذا بما يرى ، والة تصويره تدور ، وتصور ، ما لم يكن في الحسبان ، وكل مايصادفها . حتى الجرذان الموبؤة ، والقطط الهاربة من الجيف ، التي ما عادت تستهويها ، لقد تعلمت قضم الحشائش المغلفة بالوحل المنصهر . الصمت اطبق وبلا منازع على كل الدواب .
آلمه ان يرى تلك المدن وتاريخها الغارق بالمصابيح الملونة تستبيحها الظلمات، وتؤول الى ما الت اليه ، حتى بدى ما بقي منها متراعشا باهتا.
رمت السماء غبارها المتصلب على الوجوه لتبدو كالحة . حزينة، بائسة .
وقف مشدوها ، ليرى احلامه تتسكع على بقايا مدينة محترقة ، وما زال طائر المعدن يخترق الصوت متهاديا ، وكاميرته تدور .
امراة تمسح مؤخرة ابنها المتغوط بصفحة جريدة يومية الصدور ، وقاب قوسين منها او ادنى ، كان هناك هرٌ يعوي .( اجل يعوي! ما الغرابة في ذلك ؟) بعد ان تعلمت الكلاب المواء في المواقف الصعبة.
انهى جولتة ، استنفذ فيها صبره على المواصلة . آوى الى المقهى ، ليرخي جسده المبلول . الكل في صمت مطبق ، والتلفاز يرغي لوحده .
في الزاوية البعيدة ثمة شاب اغرقه صمته ، عيناه ساهمتان في افق خانق ممتد نحو شئ لم يعرف مداه ، و يداه متضرعتان، باتجاه النهر الذي استباح اسماكه .
السكون شامل ، الطرقات بلا ارصفة ، والنخيل ماعادت له القدرة على العطاء ، كل الاشياء اختلطت في عينه ، وصار من الصعب التفريق بينها .
ارخت الشمس ذؤابتها باستحياء ، وبلمح البصر اختفت خلف البساتين البائسة ، المهجورة ، الا من طيور عاد بها المساء الى اوكارها الخاوية .


جاء بعد ترحال طويل . حمل حلمه المستوفي الشروط ، كان امله نقل كل ما هو جديد عبر الة تصويره الى كل الا نحاء . لم يجد سوى القديم الحالك المغبر . يشكو انطفاؤه . بعد ان تمرد على ذاته.
****************

حشر كاميرته في جعبتها ، عبر حدود مدينته ، فلم يرَ اكثر مما رآه ، سوى بعض الكلاب التي تعلمت المواء ؛ تبني لها ابراجا تطل من خلالها على النفايات المتحركة .
ارتقى احد السلالم ، فارجأ خطوته التالية ليفسح الطريق الى المقنع النازل من على السطح ، وماسورة بندقيته موجهة الى صدره المحشور خلف قميصه الفضفاض، حتى لامسته، ومن حسن الصدف اسعفته اللغة التي تعلمها خلال تجواله في الامصار ، للتخلص من بندقية المقنع المتأهب .
عاد ادراجه ، والخفافيش تمارس طقوس لعبتها الليلية ، وبعض منها مارس اللعبة في وضح النهار .

تقهقر الرجل الى حيث دبت قدماه اول مرة . تسكع طويلا وتأملها بدموع نازفة . اشرقت ذاكرته بكم هائل من المواقف والمقالب . السطوح الفارهة ، والنوم الهانئ فوقها . الجدران والكتابات النزقة ، لعبة العروس والعريس ؛ رسمتها له مخيلته بكل تفاصيلها.
لاحت له عن قرب . عباءة طائرة ، وامراة تتشبث بطرفها ، انهكتها المقاومة ، انفلتت من بين يديها ، طارت في الهواء الثقيل ، وعلى مسافة غير بعيدة . راى قطة تعوي ، وكلب يكثر من موائه ، تباطات القطة ، وختم على صوتها . سكتت عن العواء ، هنا تذكر الكلب هريره . فهرّ هريره الاخير بجلد، انقض عليها امام عيون القطط والكلاب الاخرى .
*******************

بكى كثيرا . حاول ان يكفكف دموعه . لم يجد منديله الابيض ، الذي تعود حمله. سقطت من شجرة التين المصفرة ورقة يابسة . حملها بين يديه برفق ، قربها من انفه ، ليشمها ، فتشظت بين يديه .
حاول ان يهرب ، فتباطا. ثقلت قدماه المحشورتين في حذاء اجنبي ، مازال فيه بعض لمعان ، والغبرة السادرة تحاول ان تكلحه .
انفرجت شفتاه عن ابتسامة سوداء ، زادت من قتامة الفضاء الممتد الى حيث لايدري ، وبكلمات لم يتعود تهجئتها ؛ استنجد بالله ، فلم تكمل طريقها . تشظت ، ابتلعها الهواء الثقيل ، وقذف بها نحوه ، فارتدت اليه ، لتسقط على راسه . مال على رقبته ، فامالها ،و ظلت هكذا ، تشكو ياسها .

رجال الموت يختاولون بمشيتهم . تحاشاهم اكثر من مرة ، تغضن وجهه ، والهبته نار المزابل المستعرة ، حاول ان يسد انفه بكفه الخاوية ، فامتنع الهواء الثقيل من العبور خلالها .
سقط حلمه من راسه ، انحنى ليحمله ، شعر بيدين قويتين وكعب بندقية ؛ يدفعانه بقسوة . سقط على وجهه ، انهالت عليه الركلات الموجعة . ظل متشبثا بحلمه لم يفلته . حاول النهوض بما لديه، لم تسعفه قدماه على الوقوف . ارخى جفنيه واسبلهما . جمع شتاته ، قفز مبتعدا . تلفت حوله ، فاحيط بالاشياء ، وهي تنظره بازدراء. في حين افرغت قحفة راسه محتويتها، وبين ان يكون او لايكون ؛ اسعفه سائق حافلة عابرة ، اركبه حذوه ، سارت بهما شوطا ،استعاد انفاسه . سأله السائق عن وجهته، امتنع عن الجواب . سأله السائق ثانية . نظر اليه باندهاش . رد السائق نظرته باستفسار ( هل تدري؟ لقد وقعت امنياتي عند الرصيف . عد بي.) ضحك السائق باستهجان . مدّ شدقيه بانفلات ، انزلقت ضحكته باتجاه الرجل . سقطت عند قدميه . بعد مداولة طالت ؛ اقنعه بالعودة ، اشترط عليه السائق ان لايلوم احد . تركا الافق خلفهما ، وعادا حذرين ، داهمتهم الكلاب التي تعلمت المواء ، اكثر من مرة ، فتخلصوا منها بشق الأنفس .
كان الليل ساعتها ينشر عسكره على طول الطريق ، بحثوا عن الامنيات الضائعة بين ركام الاشياء ،عثروا عليها . امر السائق بمزاولة السفر ، فابى . كانت حجته الليل والطريق الغير امن. حدثه السائق . اخبره عما جرى ، تكشفت له امور لم يعرفها .( لقد غبت طويلا ايها الجوال العائد . وتبدلت الكراسي اكثر من مرة ، وازهقت الامنيات . كان اكثرها شبيه بما سقط منك على الرصيف .كان جلّها يطالب ويصر على ازاحت الهواء الثقيل الرابض فوق المدن المتخمة بالحزن . والهذيان ، في حين ظلت بعض المدن تمتهن تهريب الكلاب المفخخة، والعملة ) .
استل الرجل احدى امانيه وعرضها على السائق . طالعها بعينين ذابلتين . ( انها كباقي الا مال المؤودة).
حزن الرجل الضالع بالتجوال، وكان الفجر على وشك الانبلاج.
ركبا الحافلة ، وقطعت بهم مسافة يوم، او اكثر . امر السائق ان يتوقف . ( عد بي ، لقد سقطت ذاكرتي عند الرصيف) .
ضحك السائق بعمق وجراة وقحة ، وهو يخبره عن اختلاط ذاكرته مع ذاكرة الاشياء . تباطات الحافلة ، وقفت عند منتصف المسافة ؛ قاطعة العبور على الاخرين . وما زال الا فق يمتد بعيدا . ، تلفهُ عتمة غامقة لم يرَ مثلها في المدن التي تركها ترفل بالنهارات . انسرح عن كرسيه ببلادة . التحف خيبته ، وقدماه تتوسلان الارض. فما عادت الارض تحمله . توسد حلمه ونام ، وانفاسه تتباطا بلا هوادة .
تركه السائق في سباته ، وواصل طريقه ضاربا في ا لعتمة ، يحمله الهواء الثقيل الى محطة الوقود القادمة

******************
اب 2005

سالم شاهين
عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق

سالم شاهين
12/04/2007, 11:34 PM
واتا السلام عليك
وتحية صادقة تقبلوها ولكم جزيل الشكر




قصــــــــــــــــة
توسد حلمه ونام
الاشياء تغتال توهجها ، والطرقات تنازعت بلاطاتها، وما عاد بوسع المرء التفريق بينها. الجثث عائمة في الهواء الثقيل المر . صفارات الانذار بحّ صوتها . الكلاب انقطع هريرها، فتعلمت المواء في المواقف الحرجة ؛ تستجدي الرفق بها ، عباءات سوداء لنسوة عاقرن الاقدار ؛ تطير في الهواء . كل الاشياء تباطات حركتها ، انسلت عن ذاتها . اكداس من النفايات جثمت مزهوة على صدور العابرين الى بلدهم . لم يعد هناك سوى ان تربح يومك. تتغابى عما يجري . تلتصق على مقعد ك المنفرد .
المقاهي ما عادت بورصة للافكار . النادل طالما تباطا عن تقديم الشاي . كما المتبضعين همهم الاستيلاء على ما يملا بطونهم . العيون المفتوحة ببلا دة ، لاتبصر سوى ما يشبع رغباتها . الوباء استشرى في الناس ، وما عادت المشافي تستوعب روادها ، كما طرد ت الاسرة مرضاها .
*****************
وقف ماخوذا بما يرى ، والة تصويره تدور ، وتصور ، ما لم يكن في الحسبان ، وكل مايصادفها . حتى الجرذان الموبؤة ، والقطط الهاربة من الجيف ، التي ما عادت تستهويها ، لقد تعلمت قضم الحشائش المغلفة بالوحل المنصهر . الصمت اطبق وبلا منازع على كل الدواب .
آلمه ان يرى تلك المدن وتاريخها الغارق بالمصابيح الملونة تستبيحها الظلمات، وتؤول الى ما الت اليه ، حتى بدى ما بقي منها متراعشا باهتا.
رمت السماء غبارها المتصلب على الوجوه لتبدو كالحة . حزينة، بائسة .
وقف مشدوها ، ليرى احلامه تتسكع على بقايا مدينة محترقة ، وما زال طائر المعدن يخترق الصوت متهاديا ، وكاميرته تدور .
امراة تمسح مؤخرة ابنها المتغوط بصفحة جريدة يومية الصدور ، وقاب قوسين منها او ادنى ، كان هناك هرٌ يعوي .( اجل يعوي! ما الغرابة في ذلك ؟) بعد ان تعلمت الكلاب المواء في المواقف الصعبة.
انهى جولتة ، استنفذ فيها صبره على المواصلة . آوى الى المقهى ، ليرخي جسده المبلول . الكل في صمت مطبق ، والتلفاز يرغي لوحده .
في الزاوية البعيدة ثمة شاب اغرقه صمته ، عيناه ساهمتان في افق خانق ممتد نحو شئ لم يعرف مداه ، و يداه متضرعتان، باتجاه النهر الذي استباح اسماكه .
السكون شامل ، الطرقات بلا ارصفة ، والنخيل ماعادت له القدرة على العطاء ، كل الاشياء اختلطت في عينه ، وصار من الصعب التفريق بينها .
ارخت الشمس ذؤابتها باستحياء ، وبلمح البصر اختفت خلف البساتين البائسة ، المهجورة ، الا من طيور عاد بها المساء الى اوكارها الخاوية .


جاء بعد ترحال طويل . حمل حلمه المستوفي الشروط ، كان امله نقل كل ما هو جديد عبر الة تصويره الى كل الا نحاء . لم يجد سوى القديم الحالك المغبر . يشكو انطفاؤه . بعد ان تمرد على ذاته.
****************

حشر كاميرته في جعبتها ، عبر حدود مدينته ، فلم يرَ اكثر مما رآه ، سوى بعض الكلاب التي تعلمت المواء ؛ تبني لها ابراجا تطل من خلالها على النفايات المتحركة .
ارتقى احد السلالم ، فارجأ خطوته التالية ليفسح الطريق الى المقنع النازل من على السطح ، وماسورة بندقيته موجهة الى صدره المحشور خلف قميصه الفضفاض، حتى لامسته، ومن حسن الصدف اسعفته اللغة التي تعلمها خلال تجواله في الامصار ، للتخلص من بندقية المقنع المتأهب .
عاد ادراجه ، والخفافيش تمارس طقوس لعبتها الليلية ، وبعض منها مارس اللعبة في وضح النهار .

تقهقر الرجل الى حيث دبت قدماه اول مرة . تسكع طويلا وتأملها بدموع نازفة . اشرقت ذاكرته بكم هائل من المواقف والمقالب . السطوح الفارهة ، والنوم الهانئ فوقها . الجدران والكتابات النزقة ، لعبة العروس والعريس ؛ رسمتها له مخيلته بكل تفاصيلها.
لاحت له عن قرب . عباءة طائرة ، وامراة تتشبث بطرفها ، انهكتها المقاومة ، انفلتت من بين يديها ، طارت في الهواء الثقيل ، وعلى مسافة غير بعيدة . راى قطة تعوي ، وكلب يكثر من موائه ، تباطات القطة ، وختم على صوتها . سكتت عن العواء ، هنا تذكر الكلب هريره . فهرّ هريره الاخير بجلد، انقض عليها امام عيون القطط والكلاب الاخرى .
*******************

بكى كثيرا . حاول ان يكفكف دموعه . لم يجد منديله الابيض ، الذي تعود حمله. سقطت من شجرة التين المصفرة ورقة يابسة . حملها بين يديه برفق ، قربها من انفه ، ليشمها ، فتشظت بين يديه .
حاول ان يهرب ، فتباطا. ثقلت قدماه المحشورتين في حذاء اجنبي ، مازال فيه بعض لمعان ، والغبرة السادرة تحاول ان تكلحه .
انفرجت شفتاه عن ابتسامة سوداء ، زادت من قتامة الفضاء الممتد الى حيث لايدري ، وبكلمات لم يتعود تهجئتها ؛ استنجد بالله ، فلم تكمل طريقها . تشظت ، ابتلعها الهواء الثقيل ، وقذف بها نحوه ، فارتدت اليه ، لتسقط على راسه . مال على رقبته ، فامالها ،و ظلت هكذا ، تشكو ياسها .

رجال الموت يختاولون بمشيتهم . تحاشاهم اكثر من مرة ، تغضن وجهه ، والهبته نار المزابل المستعرة ، حاول ان يسد انفه بكفه الخاوية ، فامتنع الهواء الثقيل من العبور خلالها .
سقط حلمه من راسه ، انحنى ليحمله ، شعر بيدين قويتين وكعب بندقية ؛ يدفعانه بقسوة . سقط على وجهه ، انهالت عليه الركلات الموجعة . ظل متشبثا بحلمه لم يفلته . حاول النهوض بما لديه، لم تسعفه قدماه على الوقوف . ارخى جفنيه واسبلهما . جمع شتاته ، قفز مبتعدا . تلفت حوله ، فاحيط بالاشياء ، وهي تنظره بازدراء. في حين افرغت قحفة راسه محتويتها، وبين ان يكون او لايكون ؛ اسعفه سائق حافلة عابرة ، اركبه حذوه ، سارت بهما شوطا ،استعاد انفاسه . سأله السائق عن وجهته، امتنع عن الجواب . سأله السائق ثانية . نظر اليه باندهاش . رد السائق نظرته باستفسار ( هل تدري؟ لقد وقعت امنياتي عند الرصيف . عد بي.) ضحك السائق باستهجان . مدّ شدقيه بانفلات ، انزلقت ضحكته باتجاه الرجل . سقطت عند قدميه . بعد مداولة طالت ؛ اقنعه بالعودة ، اشترط عليه السائق ان لايلوم احد . تركا الافق خلفهما ، وعادا حذرين ، داهمتهم الكلاب التي تعلمت المواء ، اكثر من مرة ، فتخلصوا منها بشق الأنفس .
كان الليل ساعتها ينشر عسكره على طول الطريق ، بحثوا عن الامنيات الضائعة بين ركام الاشياء ،عثروا عليها . امر السائق بمزاولة السفر ، فابى . كانت حجته الليل والطريق الغير امن. حدثه السائق . اخبره عما جرى ، تكشفت له امور لم يعرفها .( لقد غبت طويلا ايها الجوال العائد . وتبدلت الكراسي اكثر من مرة ، وازهقت الامنيات . كان اكثرها شبيه بما سقط منك على الرصيف .كان جلّها يطالب ويصر على ازاحت الهواء الثقيل الرابض فوق المدن المتخمة بالحزن . والهذيان ، في حين ظلت بعض المدن تمتهن تهريب الكلاب المفخخة، والعملة ) .
استل الرجل احدى امانيه وعرضها على السائق . طالعها بعينين ذابلتين . ( انها كباقي الا مال المؤودة).
حزن الرجل الضالع بالتجوال، وكان الفجر على وشك الانبلاج.
ركبا الحافلة ، وقطعت بهم مسافة يوم، او اكثر . امر السائق ان يتوقف . ( عد بي ، لقد سقطت ذاكرتي عند الرصيف) .
ضحك السائق بعمق وجراة وقحة ، وهو يخبره عن اختلاط ذاكرته مع ذاكرة الاشياء . تباطات الحافلة ، وقفت عند منتصف المسافة ؛ قاطعة العبور على الاخرين . وما زال الا فق يمتد بعيدا . ، تلفهُ عتمة غامقة لم يرَ مثلها في المدن التي تركها ترفل بالنهارات . انسرح عن كرسيه ببلادة . التحف خيبته ، وقدماه تتوسلان الارض. فما عادت الارض تحمله . توسد حلمه ونام ، وانفاسه تتباطا بلا هوادة .
تركه السائق في سباته ، وواصل طريقه ضاربا في ا لعتمة ، يحمله الهواء الثقيل الى محطة الوقود القادمة

******************
اب 2005

سالم شاهين
عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق