بديعة بنمراح
13/04/2007, 02:16 AM
العاصفة تهب مرتين
بديعة بنمراح
و كان ضحى عاصفا.
رعود وشهب شقت السماء ، فهبطت على صدعي الرجل الذي بدا صموتا و فكر: يا للمصيبة ! كان يفر الآن من أرض الجحيم ليحتمي بأفكاره
" أنا لن أخشى شيئا .. سأواجههم جميعا وإن رفضوا سعادتي ، سأجعل سورا بيني وبينهم"
لكنه كان على يقين أن العاصفة ستكون قوية ، و هو ليس لديه زورق ولا شراع.. فلا زوجته الثانية ستقدر ظروفه إن علمت الحقيقة ، ولا الوالدين يمكن أن يسامحا و يغفرا له ما أقدم عليه دون علمهما..
" لم أنت خائف هكذا يا علال ..أليس من حقك ان تحب وتتزوج.. ولو للمرة الثانية؟"
" ما أستشعره نحوهم هو الاحترام .. و ليس الخوف .. أنا لست جبانا!"
. ........................
ـ.. هيه ! فيم تفكر أيها الحلّوف؟ هل ما سمعته عنك من أخبار مشينة على قدر من الصحة؟
ويحس الرجل بأمواج من الخوف تغمر خلايا عقله وجسده ، ينكس ولا يجيب.
ـ هيا أجبني يا ابن ال.. واش تزوجت بالغربيّة؟!
يصيح الأب بعصبية
يستغرب الرجل كيف سرى الخبر في القرية بمثل هذه السرعة
.......................
... العروسة كتدور ..ها هي كتدور.
...تبارك الله عليها ، ربي يحضيها.
هما الآن متحاذيان في السرير ، جسداهما متعانقان ، يرمز الرجل إلى الوقت المتأخر و إلى السفر أصيل اليوم المتأهب للحلول .. فيكفهر وجه المراة ، و تجر جسدها بعيدا عنه ، ثم تبدأ في ارتداء ملابسها .. يداهمها ندم ، يبدو أن ما حدث كان تحت تأثير الإحساس بالغربة و الوحدة المريرة
ـ لم لا تعطي نفسك بانسياب ؟ أحس أنك منشطر نصفين ، جزء معي و الثاني هناك..
تقول العروس بألم
ـ أنا هنا منذ ثلاثة أيام .. أظن الوقت حان كي أعود
........................
يصرخ الأب و يهدد ، تثور الأم كما العاصفة ، وصموا الابن بالعقوق ،اتهموه بالخروج عن طوعهما .. كل هذا و ميمونت خارج الملعب ، تنظر إلى اللاعبين بحياد دون أن تنضم إلى هذا
الفريق أو ذاك..
ـ كيف تتزوج دون علمنا ، من امرأة غريبة عنا؟ هل نسيت ميمونت ، ابنة خالك؟ هل نسيت أولادك الأربعة وابنتك المريضة؟
الخطر يدق الأبواب ، وسّي علال ليس لديه سلاح يدافع به عن نفسه ولا عن زيجته الجديدة.. و هو يعيش مع أطيافه ، تغادر زوجته الغرفة ودموعها تزحف على وجنتيها.
...............
يعود علال إلى بيته الثاني ، عله يضمد جراح قلبه التائه ، وينعم بدفئ افتقده لسنين طويلة ، مع زوجته الأولى .. ضمآن هو للحب و الاهتمام، ليد حانية تمسح تعبه وتروي شوقه ، ميمونت تاهت عنه بين أدغال الأطفال الأربعة ، و البنت المريضة و المعاناة.. هاقد وصل إلى جنته الصغيرة ، لا شك أن أسماء تنتظره بشوق عارم ولهفة،.يلج .غرفة نومه ..يلفاها ممددة على السرير وعيناها تنفثان غضبا:
ـ أهلا بعريس الغفلة ، يبدو أنك كنت تنتظر أن يجمع الليل سواده وتفتح الدنيا ذراعيها لغسق جديد حتى تعود إلي ! ألم تعِد بالرجوع مساء ؟ كيف تتركني وحيدة طول الليل ، و أنت هناك بين ذراعيها؟ لم تزوجتك إذن؟ هل..
كانت كلماتها تلتطم بأذنيه كما الأمواج بالصخور دون أن تتسرب إلى فكره ووجدانه .." أوه!عاصفة هنا و عاصفة هناك .. فلتزلزل الأرض زلزالها و لتخرج أثقالها"..
ـ اسمعي يا أسماء ! أنا تزوجتك ، لأنني أحببتك .. و أنت اخترتني رغم ظروفي القاسية لأنك تحبينني..
" أحبك! الغربة.. و الوحدة .. وسني الذي تجاوز الثلاثين هو ما أجبرني على حمل كل أثقالك."
ـ أسماء! أتسمعينني؟
ـ أوه! نعم.. نعم.. لكني سألتك لِم لم تأت طول الليل؟
القنبلة على وشك الانفحار...
ـ أنا .. أقصد هم.. زواجي بك لم يعرف به أبي و أمي ولا زوجتي إلا ضحى اليوم الذي مر ... لقد نصبوا لي محكمة و حكموا على ارتباطنا بالإعدام..
" جبان! طفل متخلف عقليا وعمره خمسة و أربعون حولا.." تفكر أسماء و الندم يمزقها .
تنظر إلى زوجها وتسأله بانفعال عما سيفعله للدفاع عنها و عن بيتهما فيسود صمت عميق ، تهدده بالطلاق ، وبشهادة العزوبة المزورة و الجنين الذي في بطنها فيترك البيت ويرحل.
..................
يستقبله الوالدان بكدر ويبادره أبوه قائلا:
ـ هل طلقت الغربيّة كما أقسمت؟
ـ أجل يا أبي طلقتها ! ونفذت كل ما طلبته مني ، المهم عندي رضاك عني .
يبدو البِشر على ملامح الأب: ـ ادخل لزوجتك إذن ولتزف لها البشرى
ميمونت.. المرأة الريفية الصلبة، وجنتاها تفاحيتان ، وجسمها ممشوق ، لكنه حلم كثيرا أن يتزوج امرأة من المدينة ، تعرف كيف تعتني بنفسها .. تطبخ له أطباقا متنوعة ، وتكون له الزوجة و الصديقة و الخليلة ..
ـ الأولاد اشتاقوا إليك كثيرا ، وحنان تتلفت في جنبات البيت بحثا عنك..تقول ميمونت بأسى
مسكينة حنان إعاقتها الذهنية تمنعها من الحركة و الكلام .. جراحات الأم الثاوية في الأعماق ، امتزجت بالصمت الباكي و الهوان ، لتفرز طفلة من هذا النوع.. لم تسأله لِم تغيب عن البيت ثلاث ليال طوال و لا لِم خان لكنها عندما حاولت الابتسام سقطت من العيون جمرتان.
..............
اهدئي يا أسماء من فضلك ، ما نمر به سحابة صيف ،أعدك ان تنتهي خلال أيام..ـ
ـ لم أكن أعرف انك بمثل هذا الجبن و الخسة ..لهثت ورائي حتى أوقعتني في شراكك ، وها أنت تتخلى عني!
ـ لكني لم أطلقك .. و ها أنذا أزورك كلما سمحت ظروفي بذلك..
ـ يا لكرمك سيدي! تثور الزوجة، تاتيني في غفلة عن العيون .. تجهر أمام اهلك انك طلقتني ثم تطلب مني
أن أهدأ و أنتظر..
" آه لولا طوقك أدمى عنقي ، لجمعت خذلاني وندمي ورحلت .. أين الخليلة التي حلمت بها ؟ أين الكلام الجميل ؟ وكل ما وجدت لديك مؤخرة كبيرة و لسان طويل و عقل صغير !!
ـ كل ما أطلبه منك أن تصبري بعض الوقت .. وبعدها يأتي الفرج .. سيأتي الفرج.
بديعة بنمراح
و كان ضحى عاصفا.
رعود وشهب شقت السماء ، فهبطت على صدعي الرجل الذي بدا صموتا و فكر: يا للمصيبة ! كان يفر الآن من أرض الجحيم ليحتمي بأفكاره
" أنا لن أخشى شيئا .. سأواجههم جميعا وإن رفضوا سعادتي ، سأجعل سورا بيني وبينهم"
لكنه كان على يقين أن العاصفة ستكون قوية ، و هو ليس لديه زورق ولا شراع.. فلا زوجته الثانية ستقدر ظروفه إن علمت الحقيقة ، ولا الوالدين يمكن أن يسامحا و يغفرا له ما أقدم عليه دون علمهما..
" لم أنت خائف هكذا يا علال ..أليس من حقك ان تحب وتتزوج.. ولو للمرة الثانية؟"
" ما أستشعره نحوهم هو الاحترام .. و ليس الخوف .. أنا لست جبانا!"
. ........................
ـ.. هيه ! فيم تفكر أيها الحلّوف؟ هل ما سمعته عنك من أخبار مشينة على قدر من الصحة؟
ويحس الرجل بأمواج من الخوف تغمر خلايا عقله وجسده ، ينكس ولا يجيب.
ـ هيا أجبني يا ابن ال.. واش تزوجت بالغربيّة؟!
يصيح الأب بعصبية
يستغرب الرجل كيف سرى الخبر في القرية بمثل هذه السرعة
.......................
... العروسة كتدور ..ها هي كتدور.
...تبارك الله عليها ، ربي يحضيها.
هما الآن متحاذيان في السرير ، جسداهما متعانقان ، يرمز الرجل إلى الوقت المتأخر و إلى السفر أصيل اليوم المتأهب للحلول .. فيكفهر وجه المراة ، و تجر جسدها بعيدا عنه ، ثم تبدأ في ارتداء ملابسها .. يداهمها ندم ، يبدو أن ما حدث كان تحت تأثير الإحساس بالغربة و الوحدة المريرة
ـ لم لا تعطي نفسك بانسياب ؟ أحس أنك منشطر نصفين ، جزء معي و الثاني هناك..
تقول العروس بألم
ـ أنا هنا منذ ثلاثة أيام .. أظن الوقت حان كي أعود
........................
يصرخ الأب و يهدد ، تثور الأم كما العاصفة ، وصموا الابن بالعقوق ،اتهموه بالخروج عن طوعهما .. كل هذا و ميمونت خارج الملعب ، تنظر إلى اللاعبين بحياد دون أن تنضم إلى هذا
الفريق أو ذاك..
ـ كيف تتزوج دون علمنا ، من امرأة غريبة عنا؟ هل نسيت ميمونت ، ابنة خالك؟ هل نسيت أولادك الأربعة وابنتك المريضة؟
الخطر يدق الأبواب ، وسّي علال ليس لديه سلاح يدافع به عن نفسه ولا عن زيجته الجديدة.. و هو يعيش مع أطيافه ، تغادر زوجته الغرفة ودموعها تزحف على وجنتيها.
...............
يعود علال إلى بيته الثاني ، عله يضمد جراح قلبه التائه ، وينعم بدفئ افتقده لسنين طويلة ، مع زوجته الأولى .. ضمآن هو للحب و الاهتمام، ليد حانية تمسح تعبه وتروي شوقه ، ميمونت تاهت عنه بين أدغال الأطفال الأربعة ، و البنت المريضة و المعاناة.. هاقد وصل إلى جنته الصغيرة ، لا شك أن أسماء تنتظره بشوق عارم ولهفة،.يلج .غرفة نومه ..يلفاها ممددة على السرير وعيناها تنفثان غضبا:
ـ أهلا بعريس الغفلة ، يبدو أنك كنت تنتظر أن يجمع الليل سواده وتفتح الدنيا ذراعيها لغسق جديد حتى تعود إلي ! ألم تعِد بالرجوع مساء ؟ كيف تتركني وحيدة طول الليل ، و أنت هناك بين ذراعيها؟ لم تزوجتك إذن؟ هل..
كانت كلماتها تلتطم بأذنيه كما الأمواج بالصخور دون أن تتسرب إلى فكره ووجدانه .." أوه!عاصفة هنا و عاصفة هناك .. فلتزلزل الأرض زلزالها و لتخرج أثقالها"..
ـ اسمعي يا أسماء ! أنا تزوجتك ، لأنني أحببتك .. و أنت اخترتني رغم ظروفي القاسية لأنك تحبينني..
" أحبك! الغربة.. و الوحدة .. وسني الذي تجاوز الثلاثين هو ما أجبرني على حمل كل أثقالك."
ـ أسماء! أتسمعينني؟
ـ أوه! نعم.. نعم.. لكني سألتك لِم لم تأت طول الليل؟
القنبلة على وشك الانفحار...
ـ أنا .. أقصد هم.. زواجي بك لم يعرف به أبي و أمي ولا زوجتي إلا ضحى اليوم الذي مر ... لقد نصبوا لي محكمة و حكموا على ارتباطنا بالإعدام..
" جبان! طفل متخلف عقليا وعمره خمسة و أربعون حولا.." تفكر أسماء و الندم يمزقها .
تنظر إلى زوجها وتسأله بانفعال عما سيفعله للدفاع عنها و عن بيتهما فيسود صمت عميق ، تهدده بالطلاق ، وبشهادة العزوبة المزورة و الجنين الذي في بطنها فيترك البيت ويرحل.
..................
يستقبله الوالدان بكدر ويبادره أبوه قائلا:
ـ هل طلقت الغربيّة كما أقسمت؟
ـ أجل يا أبي طلقتها ! ونفذت كل ما طلبته مني ، المهم عندي رضاك عني .
يبدو البِشر على ملامح الأب: ـ ادخل لزوجتك إذن ولتزف لها البشرى
ميمونت.. المرأة الريفية الصلبة، وجنتاها تفاحيتان ، وجسمها ممشوق ، لكنه حلم كثيرا أن يتزوج امرأة من المدينة ، تعرف كيف تعتني بنفسها .. تطبخ له أطباقا متنوعة ، وتكون له الزوجة و الصديقة و الخليلة ..
ـ الأولاد اشتاقوا إليك كثيرا ، وحنان تتلفت في جنبات البيت بحثا عنك..تقول ميمونت بأسى
مسكينة حنان إعاقتها الذهنية تمنعها من الحركة و الكلام .. جراحات الأم الثاوية في الأعماق ، امتزجت بالصمت الباكي و الهوان ، لتفرز طفلة من هذا النوع.. لم تسأله لِم تغيب عن البيت ثلاث ليال طوال و لا لِم خان لكنها عندما حاولت الابتسام سقطت من العيون جمرتان.
..............
اهدئي يا أسماء من فضلك ، ما نمر به سحابة صيف ،أعدك ان تنتهي خلال أيام..ـ
ـ لم أكن أعرف انك بمثل هذا الجبن و الخسة ..لهثت ورائي حتى أوقعتني في شراكك ، وها أنت تتخلى عني!
ـ لكني لم أطلقك .. و ها أنذا أزورك كلما سمحت ظروفي بذلك..
ـ يا لكرمك سيدي! تثور الزوجة، تاتيني في غفلة عن العيون .. تجهر أمام اهلك انك طلقتني ثم تطلب مني
أن أهدأ و أنتظر..
" آه لولا طوقك أدمى عنقي ، لجمعت خذلاني وندمي ورحلت .. أين الخليلة التي حلمت بها ؟ أين الكلام الجميل ؟ وكل ما وجدت لديك مؤخرة كبيرة و لسان طويل و عقل صغير !!
ـ كل ما أطلبه منك أن تصبري بعض الوقت .. وبعدها يأتي الفرج .. سيأتي الفرج.