المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هـــذا ..... الزمن



توفيق خليل
18/11/2011, 05:11 PM
ما هـــذا ..... الزمن
حدثني صديقي أبو ظريف الموظف في إحدى الوزارات في رام الله على فكرة الموظف في رام الله ليس مهم ان يكون من نفس رام الله ممكن ان يكون من محافظة طولكرم مروراً بمحافظات الوسط ونهاية في محافظة الخليل. والمهم صديقي من قرية زيتا طولكرم كل 15 يوم يذهب الى زيتا المحاذية للخط الاخضر أي النصف الاخر من جسده كان ذلك يوم الخميس الموافق 22/4/2004 بعد الظهر شد الرحال وذهب الى باصات الطنيب هناك سأل صاحباً عن الطريق، قيل له الطريق سالكة وآمنة ركب الباص وفي تمام الساعة الواحدة تحرك الباص باتجاه بيرزيت قاطعاً المسافة ببطء حيث صعوبة الطريق. أطراف مدينة بيرزيت منطقة جميلة حيث الجبال والوديان واشجار الزيتون والطريق متعرجة كالافعى السمراء الملونة بين الأشجار الخضراء الجميلة تحدث صديقي عن الجمال ولكن الذي لم يعجبه في الجانب الشمالي للمنطقة جسر معلق يربط قرية عطارة ببلدة بيرزيت وعلى تغلقه دورية عسكرية اسرائيلية، ليكتظ على جانبه حشد كبير من السيارات المتوقفة على شكل طابور وذات الوان مختلفة منها الأبيض والأخضر والأحمر والاسود أي تشكيلة العلم الفلسطيني هذا ليس بالصدفة بل الطبيعة كانت كذلك توقف الباص ايضاً في الطابور حسب الأصول كانت الساعة قد اشرفت على الثانية أخذ السائق يتصل ويستفسر عن الطرق الفاتحة والسالكة بعد الاتصال قرر سائق الباص الذهاب عن طريق قرية الطيبة باتجاه الشرق من مدينة بيرزيت مروراً بعدة قرى وفي الطريق اثناء السير توقف الباص عدة مرات بفعل الحواجز التي كانت منتشرة من أجل عرقلة السيارات واعاقة الناس وخاصة انهم ذاهبون الى بيوتهم في نهاية الاسبوع الأطفال الصغار تنتظر الهدايا الزوجات ايضاً تنتظر حبيباً قادماً .. الأخت تنتظر أخاها الأم تنتظر ولدها – كيف تكتمل الفرحة دونهم هذه الحياة الاجتماعية العظيمة التي تنسجها هذه العلاقة التي تسودها المحبة عذراً أخي القارئ.....
كم هي جميلة الطريق التي تخترق القرى المنتشرة على سفوح الجبال بألوانها البيضاء والحمراء ذات السقوف القرميدية والأشجار الخضراء وظلال الأشجار الساقطة على الارض ذو اللون الاسمر كم هي جميلة هذه الالوان التي فعلا تشكل الوان العلم الفلسطيني لأرض تشكل علم فلسطين في أي اتجاه اذا نظرت تجد فلسطين تجد علم فلسطين هذه المشاهد الجميلة رائعة الجمال ... جمال طبيعة فلسطين كجمال حجرها الذي أصبح يدرس في جامعات العالم اجمع لمعرفة خواصه الجمالية وطبيعة وظائفه ... لهذا الجمال والابداع أقول قد يطغى على نوع الحقد الديمقراطي وحقد الحاقدين حقد جيش اسرائيل الذي يمارس على شعب فلسطين وهنا لا بد أن نتطرق لما يجري مع ركاب الباصات المتنقلين بين المحافظات وعلى الحواجز التي تقام على الطرقات وخاصة الفجائية منها واليك مثال ... مطلوب منك أن تقف ربع ساعة ربما ساعة ربما ثلاث ساعات واحياناً تنتهي وظيفة الجندي. بركب السيارة وينطلق دون أن يتكلم معاك أحد واذا كانت دوريته اكثر من ثلاث ساعات يبدأ معك رحلة العذاب انزل من الباص صف بالطابور اجمع الهوية، ارجع الى الوراء، تعال واحد واحد للتفتيش، وأي تفتيش هذا ... ما كان يفهم من ذلك العمل إلا إذلال للشعب وزرع الكراهية والحقد من أجل تأجيج الصراع ... ولكن عندما يسمح للباص بالتحرك كان ينتهي كل شيء يبدأ الحديث عن العودة الى البيت ... لقاء الأحبة. من جديد يقف الباص عند حاجز الطيبة ... تبدأ رحلة ... إنزل من الباص هات الهوية وقف ... لم يختلف الأمر عن سابقه إلا لشيء فيه إذلال اكثر وعناء وتعقيد اكثر ومتروك لكل جندي أو مسؤول الدورية أن يجرب ما يعرفه من اصناف الحقد والتعذيب ... عند حاجز الطيبة قائد الموقع زاذ شيئاً جديداً وهذا الشيء هو جمع الوثائق الشخصية من كافة الركاب المتواجدين في الباصات والسيارات الصغيرة والشحن ووضعها كلها في كرتونة واحدة وطلب من سائق الباص البقاء في مقعده دون حراك والمعروف ان الباص فيه ركاب كبار وصغار والنساء فكان لا بد من ان يذهب الذي يريد قضاء الحاجة الى منطقة نائية فهنا يتقدم جندي "ديمقراطي جداً" منظم ويمنع الذي يريد قضاء حاجته نزلت ام ومعها طفلها البالغ من العمر 4 سنوات لقضاء الحاجة مع أمه فمنع الجندي الطفل من قضاء حاجته الطفل لا يفهم ما معنى كلمة منع في العبري الذي تكلم بها الجندي فما كان من الطفل الا أن أخرج حمامته وبدأ يرش شمالاً ويميناً والجندي يصرخ والطفل يضحك على صراخ الجندي الطفل عبادة هكذا عرفت أسمه من أمه ... عبادة لم يفهم العبرية والجندي لا يفهم العربية إذاً لا توجد لغة تفاهم بينهم بما أن الجندي لا يفهم اللغة العربية يتطور الأمر الى سحب السلاح يا لها من ديمقراطية جميلة تتحدث عنها حكومة إسرائيل وغيرها من الدول قال صديقي كيف افهم هذه الديمقراطية المصحوبة بالقوة قوة السلاح أيُ ديمقراطية هذه لكن ... ما أجمل ديمقراطية الطفل الذي انتهى من قضاء حاجته خبأ حمامته وأخذ يلعب قرب الباص على جانب الطريق بالورد الطبيعي ولا يهمه صراخ الجندي الديمقراطي قال صاحبي دام هذا المشهد أكثر من 200 دقيقة وبعدها طلب الجندي النزول من الباص وبدأت عملية التفتيش على الأشخاص وداخل الباص، بعد العذاب والعناء الشاق طلب الجندي الصعود الى الباص طلب جندي آخر التوقف لتبدأ مرحلة جديدة من العذاب والقهر والظلم وزرع روح الحقد عند الكبير والصغير مرة ثانية النزول من الباص وكل راكب يمشي لوحده قاطع الشارع وكأنه يمر من أمام كاميرة تصوير لأخذ صورة تذكارية له ثم طلب من الجميع الصعود الى الباص وبعد كل هذا العناء الشاق طلب الجندي الركوب وأمر الباص بالتحرك لمسافة عشرين متراً تم طلب الهويات من الجندي قال الجندي:هناك (باشارة من اصبعه) وعلى بعد 500 متر توجد سيارة الهمر العسكرية عند الوصول نزل الكل من الباص وهنا الذي لا يصدق وجدنا كل الهويات مخلوطة مع بعضها البعض أكثر من 400 هوية. وموجود شخص واحد ينادي على الاسماء ليس هذا مهماً ايضاً نقول هذا نظام ديمقراطي جداً تعودنا عليه هذه هي الديمقراطية بعدها اخذ الباص يسير باتجاه الشمال حتى وصلنا الى حاجز ثابت وهو حاجز عنابه بعد آذان المغرب وصلنا، وصل صاحبي الى قرية زيتا. سأل صاحبي هل الديمقراطية تحتوي على كل هذا العذاب اذا كانت الديمقراطية هكذا لماذا فرضها علينا بالقوة؟ نحن من هذه الديمقراطية أبرياء لأننا لا نريد ديمقراطية القوة كما تفعل اسرائيل فنحن نقتل ونذبح ونقصف بالـ إف 15 و 16 و 18 وصواريخ الجو وصواريخ الارض والمدفعية الطويلة المدى والقصيرة المدى كوننا شعب أعزل، وهناك سلاح آخر لا يقل أهمية في الدمار والقتل ولكن هذا السلاح لا يؤثر في الارض والشجر والدواب (يقطع الشجر يقطع أواصر الارض يحرم الدواب من مراعيها. هذا السلاح هو جدار من الاسمنت المسلح لكن من يستعمل هذا السلاح فهو مثله اصم أبكم لا يفهم ولا يعقل ... لأن هذا السلاح ومعه قادة القتلة لن يكون فعالاً ولهذا اقام القتلة بتقطيع نصف جسدي الباقي آه يا نصف جسدي ماذا تقول لهؤلاء القتلة ماذا تقول لأصحاب الديمقراطية ماذا تقول للذي يغمض نصف الحقيقة ماذا تقول للصامت عن الحق ماذا تقول لأبناء جلدتي ... الصبر الصبر الصبر. يا ديمقراطية هذا العصر. هذا السؤال كان مرسوماً على وجه عبادة، عندما صعد الى الباص نظر الى الجندي قبل أن يتحرك الباص ويبقى الجندي في مكانة وذهب الطفل الى بيته وبقي الجندي في العراء، عبادة قال لأمه أنا سأبقى اتحدث عن الجندي الذي شاف حمامتي وكان يصرخ هل حب حمامتي أم خاف منها قال عبادة يا أمي لماذا خاف الجندي من حمامتي ... اذا هذا هو الجواب هكذا عرف عبادة الحقد من خلال صراخ الجندي فهم عبادة كيف سيتحدث عن حقد الجندي عندما يكبر بكل تأكيد لن ينسى مشهد الجندي الديمقراطي وعبادة عندما يكبر ويصبح عمره في الثمانينات كيف رشقه .
وهنا نقول ان الكبار لم يموتوا ولا الصغار ينسوا هكذا تكون القضية باقية ما دام الجندي الصغير الديمقراطي يقوم بمثل هذه الأعمال البربرية. بربرية الديمقراطية. في القرن الحادي والعشرين. هم سيخرجوا ونحن سنبني بيوتنا بحجارتنا التي انتصرنا بها ... وكما قال الشاعر من حجر سنصنع دولة العشاق ... عشاق الارض والحياة...
بقلم: أبـو ظــريف