المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تروي الاساطير القديمة لاهالي شرق البحر



توفيق خليل
27/11/2011, 09:11 PM
تروي الاساطير القديمة لاهالي شرق البحر
الابيض المتوسط ،انه في بلد كبير بحجم القلب والمحبة واسع باتساع العين والرؤيا كان يعيش شعبا يحب الارض ويعشق البحر والجبال يبني ويعمر ولهاذا يتمتع بحضارة وتاريخ عريق انه الشعب الفلسطيني .
وتقول الاسطورة انه في لحظة اشتعال ومضة العشق التي عاش من اجلها ولو غصنا في قرارة الوجدان الشعبي الفلسطيني ، للامسنا دفْ حكاية عذبة مخبؤة في كل حجر عمران،ونبضا في عروق حجارة كل بيت فالوجدان الشعبي قادر على اعطاء الحجارة عمقا عاطفيا انسانيا ومن ابداعية خيال الناس البسطاء الصادقين ،تشاد اجمل البيوت وعلى هذه الارض الواقعة شرق البحر وغرب النهر ، ضل التعاشق الازلي بين ابناء الارض وبين عناصر الارض وفيها صخورها وحجارتها كما ذرات ترابها يتوامض فتتوال منه الحياة يحب شعب فلسطين الجبال والصخور والارض ذات الحضور الطيفي في القلب والوجدان وكانت فلسطين بجبالها وصخورها وارضهامتيمة بعشق ابنائها وشيوخها القادرين على البناء بابداعية بحب اجمل البيوت وادفؤها في لحظة اشتعال ومضة العشق بين فلسطين الارض بموكوناتها وبين شعبها العظيم .
،اندفعت من من قلب فلسطين الطيفية صخور ذات حجارة بلورية شفافة صافية ومن حجارة الحب تلك،بنى بنى الشعب الفلسطيني اجمل مدينة سماها سماها باسم القدس وكانت اجمل بيوتها وأدفأها مرصودة لحياة الاحبة في وجدان اهله ولو غصنا في قرارة الوجدان الشعبي الفلسطيني ،للامسنا دفْ حكاية عذبة مخبؤة في كل حجر عمران،ونبضا في عروق حجارة كل بيت فالوجدان الشعبي قادر على اعطاء الحجارة عمقا عاطفيا انسانيا ومن ابداعية خيال الناس البسطاء الصادقين ،تشاد اجمل البيوت وعلى هذه الارض الواقعة شرق البحر وغرب النهر ،
ضل التعاشق الازلي بين ابناء الارض وبين عناصر الارض وفيها صخورها وحجارتها كما ذرات ترابها يتوامض فتتوال منه الحياة
فالحجرالفلسطيني من لحمة هذا الشوق اما تراه بين يدي الحجار يخرج من بدائية تكوينه الاصم الى الاستجابة الاليفة الطيعة المتناغمة مع رغبة الحياة
لكل اطفال الدنيا ،في مراتع طفولتهم ،العابهم المميزه، اما لعبة بناء الاحجار السبعة هذه فهي لعبة الطفل الفلسطيني المميزة منذ طفولة التاريخ وهو يلعبها 0 ويعاود لعبها في مراتع الطفولة على ارضه فلسطين بين بيوت القرية وفي ظلال بيوت المدينة ولا احد يدعي انتساب هذه اللعبة ذات الدلالة الرمزية على جلد البناء والدفاع عنه ضد الهدم ومعاودة البناء اذ انهدم الا الطفل الفلسطيني ، فهي اللعبة الاثيرة على نفسه وتعلمها مع الزمن اليست لعبته هذه تمثيلا رمزيا بريئا ، لاهم نزعات الحياة وتشوقاتها نحوى البناء ، وحماية البناء ،في الوعي الطفولي المبكر هكذا لعب الطفل الفلسطيني ، في طفولة التاريخ وهكذا ظل يلعب وكلما شب عن طوق الطفولة جيل اورثها بدلالتها الموحية الىالجيل الاتي ، لكن التاريخ فاجأه بلعبة اخرى قاسية وغادرة ، حين قرأ فيه ، ان موجات الاستعمار والاحتلال والاستيطان ، تأتي من البحر مع موجه تحت جنح الظلام وقرأ في الصفحة المقابلة ان مقاومة الاستعمار والاحتلال تنبع من الارض ترابها ، وصخورها ، وحجارتها وفي ضوء النهار فضوء النهار عنده مجدول بالزمن هل كان الطفل الفلسطيني يدري ، انه في شيخوخة هذا الزمن ، سيلاعبه التاريخ هذه اللعبة ، البناء والهدم
ولكن في مواجهة فريق حاقد افتقد البراءة الانسانية ، فأستبدل الكرة البريئة ، بالرصاصة والقنبلة حين صحا الطفل الفلسطيني على هذه الفجيعة التاريخية ، اوجد للتاريخ معادلة التلاحم في معركة الكتاب والحجرة ومن قراءة التاريخ واستقرائه ، ومن العلاقة الحميمة بين انسان فلسطين ، وارض فلسطين ، ومن علاقته الجذرية بصخر بلاده ، وحده الطفل الفلسطيني ، اكتشف ان لعبة الحجارة السبعة ، صار لها مكان في صدر التاريخ بعد ان تغير سبل لعبها في الزمن العربي القديم ، ارسل الله طيرا ابابيل ، ترمي المعتدي على اول بيت وضع للناس ، بحجارة من سجيل اما في زمننا هذا ، فأن اطفال فلسطين هم طيور الابابيل يرمون المعتدين على الارض الفلسطينية ، والبيت الفلسطينب بحجارة من الارض الفلسطينية ، فهم وحدهم الذين اكتشفوا ان للحجر الفلسطيني مزايا اخرى.
شيء يثير الموت في هذا المكان نحن لا نطلب من ارض البشر موطئا للروح نحن الضفة الاخرى لنهر بين صوت وحجر من حجر ستنشأ دولة الغيتو ومن حجر سننشىء دولة العشاق يا لحم الفلسطيني في كل مكان ، يا حجر التوازن والتضامن بين جلاديك حرف الضاد لايحميك ،فاختصر الطريق عليك يا لحم الفلسطيني ، لعل الفتى حجر... هذه فلسطين التي احببتها بعد ان عرفت الحياة في السنين الاولى من حياتي والتي اصبحت صورتها لا تفارق قلبي ولو للحظة واحدة حتي الان وعندما عدة اليها بعد غياب دام اكثر من خمسة وخمسون عام عشتها في الغربة بعيدا عن الوطن .. اما الجانب الاخر من الحياة .. نحن نعيش مظاهر التخلف في كثير من الميادين، ولكن بأي معنى نفسر التخلف، ونفسر الحضارة، والنهضة؟
ربما من زاوية أننا متخلفون، ومن أخرى أننا متقدمون، إذا كان التقدم والنهضة والحضارة تتمثل في ثلاجة وسيارة والطائرة والدبابة، فكثير من الدول العربية الإسلامية المرفوعة الأعلام لها هذه الأدوات، ولها جيوش، فنحن من هذا المنظار متقدمون، ولكن إذا نظرنا إلى التقدم بمعناه الحقيقي، واما عن هذه الحضارة التي يعيشها كثير من الشعوب الإسلامية، عبَّر عنها بحضارة الشيء لا حضارة المعنى، أي حضارة هذه الأدوات التي ذكرت مجموعة منها، فحضارة القشور وحضارة الشيء.. حضارة ما يسمي بالفرنسية ROBOT- الإنسان المصنوع الإنسان الآلي- من هذه الناحية، فنحن نساهم في الحضارة، لكن إذا قلت من الحضارة معناها وروحها، فالعالم الغربي المتقدم المشهود له بالحضارة متخلف أكثر من تخلفنا، فعالم الغرب حضاريًّا بالمعنى الحقيقي للحضارة والتقدم متخلف، فهو غارق للأذقان في الأزمات التي يعيشها أخلاقيا وروحيًّا، والمجتمعات الإسلامية وإن تخلفت ماديًّا فهي من ناحية المعنى ومن ناحية الروح هي أقرب إلى الكمال من العالم الغربي.. أننا أصحاب مشروع مغاير ومخالف، نحن منطلقون في حديثنا هذا من أننا شركاء في هذه الإنسانية، في اعتقادي المتواضع أن الإنسانية اليوم كما هي تبدو، كما يصورها كثير من الباحثين محملة في زورق واحد، وعلى كوكب واحد، وهذا الكوكب يا لروعته عندما يُنظر إليه من القمر كجوهرة زرقاء تحمل هذه الإنسانية بأكملها، فالحديث اليوم لم يعد هناك في اعتقادي مجال للحديث عن الأنا وعن الآخر، عن الذات وعن الآخر. فالحدود لم تعد متمايزة بقدر ما أن ما أصاب هذه الحضارة، ولن نحاكم النوايا نحن في صدد الحديث عن المسؤوليات، ولكن ما أصاب الحضارة المعاصرة يطال الإنسانية بأجمعها.
فالمشكلة مشكلة إنسانية بدرجة أولى، فالحديث عن هذه الأزمات ينطلق من هذا الأساس، على أن هناك أزمة،... أزمة إنسان معاصر، والمشاركة في هذا الجدال وفي هذا الحوار العابر للقارات، هو من باب البحث عن مخارج، وعن استدعاء الأطراف التي أقلت هذه الباخرة للمساهمة في الابحار بأمان والوصول إلى بر الأمان. ولو قلنا عن هذا
هو إفراغ الكون من كل بُعدٍ غائي، ومن كل قيمة تربط الكون بخالقه، إذاً إفراغ الكون من هذا المحتوى، وملئه بفلسفة الاكتفاء ستجعل بعض العلماء سينطلقون منذ البداية؛ أن هذا الكون الذي يجب علينا أن نعيد إنتاج صورته، لأن العالم أو صورة العالم لا توجد إلا في علاقة، كل ثقافة وكل حضارة تقدم صورة، لها صورة عن العالم، عن الكون، عن الإنسان، فصورة الحضارة الغربية لم تكن تختلف كثيرًا عن الثقافات الأخرى.
وهنا ستعمل حضارة المؤسسةالعلمانية على إعادة إنتاج صورة جديدة، تملؤها روح الاكتفاء والعلمنة، وإقصاء كل الأبعاد الأخرى، من هنا سيصيح مثلا عالم مثل (بيل تيرو): أن الكون لم يعد يملك أسراره، وهي بداية لسلسلة من الإجراءات التي ستعمل على إعادة بناء صورة عن الكون وعن الطبيعة وعن الإنسان.
هذا المثلث هو الذي سيشكل الأرضية الفلسفية الأيدولوجية العقدية لانطلاق الإنسان لإعادة إنتاج صورة معينة للكون، بعدما تم إفراغ الكون من الأبعاد الأخرى، لم تعد مؤسسة العلمانية تعترف إلا بالبعد المادي في هذا الكون لأنها الجزء الوحيد الذي تمتلك اللغة للتواصل معه، ولإخضاعه لمنهجها التجريبي.
إن المؤسسة العلمية العلمانية لما أفرغت الكون من أبعاده المتسامية والمتعالية التي كان يحضر فيها الإله بشكل كبير، انطلقت في مسيرة جنونية إلى إعادة إنتاج الصورة، وإعادة كتاب الكون المفتوح، من هنا برزت المساعي الموسوعية لاكتشاف واعادة اكتشاف وقراءة المظاهر الطبيعية، وفي اعتقادي أن الانطلاقة تأسست وارتكزت على مثلث يتكون من النظرية الرياضية (لنيوتن) - ثم فلسفة (ديكارت) التي تحاول أن تأسس لهذا المنحى، ثم المنهج التجريبي لـ (فرنسيس بيكون).
فالمادة كذلك ليست جديدة في الحضارة الغربية، فالمادة عرفتها حضارات أخرى ولا تنكرها، ولكن المادة لم تعد ذلك المكون الأساسي بل تحولت إلى جوهر الوجود، إلى فلسفة وجودية يتمحور حولها الوجود بأكمله.
إذاً قلنا ان هذا التحول هو الذي سيجعل العلم لا يقرأ الكون إلا من هذه الزاوية،أعتقد أن زاوية النظر إلى مشكلات العالم هي مصدر الخلاف، بمعنى أن تقويمنا لأوضاع المسلمين ولأوضاع الإنسان تختلف، نتحدث عن الصراع الحضاري بين حضارة قوية، وحضارة تريد أن تنهض، هناك صراع، الآن ينقلنا من الصراع الحضاري إلى الصراع الوجودي، لأن الأزمات التي تراكمت والمشكلات التي تلوح في الأفق لا تستهدف المسلمين فقط كحضارة، إنما تستهدف الإنسان من حيث هو إنسان، ومساءلة هذه المنظومة ليس ترفًا فكريًّا بقدر ما نريد أن نبحث عن الجذور التي ولَّدت لنا هذه الصورة.
إذن معرفة هذه الجذور ستمنح لنا المفاتيح لفهم عمق الأزمة، كما اسلفنا وأشرنا في البداية لأول مرة في التاريخ البشري أن حضارة ما لا تجني ما ارتكبت من أخطاء تجنيه لوحدها، إنما شدّت إليها الإنسانية بأكملها بحكم طبيعة هذه الحضارة التي تعتمد على الإخضاع وعلى التبعية، أحكمت سيطرتها على العالم بأسره وحملتنا معها في هذه الحالة أوهذه الزاوية التي نظرنا منها إلى أزمة الإنسان المعاصر، مثل الكلمات أو القبسات التي وردت في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيه كمثل قوم استهموا على سفينة، بعضهم أصاب فوقها والبعض أصاب أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا مروا على من فوقهم وآذوهم، فقالوا لو خرقنا في نصيبنا لم نؤذِ من فوقنا"، ويستطرد الحديث: "إذا تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، وإذا أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا".
وهنا نستشعر من هذا الحديث ان العالم الغربي الأوروبي والياباني يتمتع بالقوة وبالسيادة وبالحرية والديمقراطية، والعالم الإسلامي العربي في تخلف وتأخر وهوان وانحطاط، دائم فكان جواب (شكيب أرسلان) يتلخص في كتيب طبع في سنة ألف وتسعمائة وثلاثين 1930م، بعنوان (لماذا تأخر المسلمون، ولماذا تقدم غيرهم؟ ).. حصر أسباب التأخر للمسلمين في:
أنهم معرضون عن دينهم ولا يطبقون ما كان في دينهم من جوهر: الدعوة إلى العلم، نحن نعلم أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- أول ما أنزل عليه هي الآيات الخمس من سورة العلق التي يقول فيها الله سبحانه وتعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم}.. هذه الآيات ماذا تفيد؟ بها تقدم المسلمون، والشيخ (عبد الحميد بن باديس) في مجلة الشهاب له شعار.. شعاره قول الإمام مالك: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها" .. بم صلح أول المسلمين؟ كيف حقق المسلمون التقدم، واستطاعوا أن يفتحوا بنور الهداية نحو نصف الكرة الأرضية في نصف قرن من الزمان؟
ما يعيشه المسلمون اليوم لا يدل على أن هناك تآخيًا وتناصرًا فيما بينهم، وشعورًا بالمصير الواحد‍!! {إنما المؤمنون أخوة} فإن لم نكن متآخين فلسنا مؤمنين، اللهم إلا الإيمان الشكلي، نتقدم الصفوف، نصلي، نتوضأ، نحج ونصوم، هذه شكليًّات العبادة،.. أن النبي- عليه الصلاة والسلام- في حديث يدعى- في اصطلاح المحدثين- بحديث جبريل الذي رواه الإمام مسلم وغيره: أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- جاءه شاب وهو ملك في صورة شاب، فجلس أمام النبي- عليه الصلاة والسلام- بأدب، ليبين لنا العلاقة التي ينبغي أن تكون بين التلميذ والأستاذ، فسأل الملك جبريل النبي- عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام فأجابه النبي- صلى الله عليه وسلم- وقال له:أن تشهد أن لا إله إلا الله، وتقيم الصلاة.. إلى غير ذلك، وسأله مرة ثانية عن الإيمان، فقال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته.. إلى آخره، ثم سأله: ما الإحسان؟ فقال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. هذه هي أصول الدين، فيها أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة، لا يفيد إسلامنا ولا إيماننا إذا لم نطبق الإحسان، الإحسان أن نعبد الله كأننا نراه فإن لم نكن نراه فإنه يرانا، ولو أن المسلمين يؤدون هذه الشعائر بروحها وجوهرها لا بطقوسها وشكلها لما سمحنا.. لما هدأ لنا بال أن يكون الأقصى أسيرًا بين أرجل الصهاينة.. لما تركنا للفتنة طريق بيننا لتشق الاخوة العرب والمسلمين كما هو حاصل الان امامنا في غزة وباقي المسلمون من هذه الاحداث بموقف المتفرج كما قال ( جحا ) ما دامت بعيدة عني فأنا بخير ... اعود لاقول إن الاجتهاد في موضوع العقائد أمر مفروغ منه، الاجتهاد في موضوع
(العبادات) أمر مفروغ منه، لكن في مجال المعاملات التي فتحت أبوابها انفتاحا كلًّيا، وتدفقت كثير من المشكلات والقضايا على العالم الإسلامي: القضايا الاجتماعية والقضايا الاقتصادية والقضايا السياسية التي يحتاج فيها المسلمون فعلاً إلى أن يخرجوا من كثير من الترددات التي لم يجدوا فيها قولاً فصلاً من علمائهم المعتمدين لديهم، وبالتالي ما زالوا يطرحون قضايا تتعلق بالبنوك وبالربا وبالمنظمات العالمية وبالحركات السياسية وما سوى ذلك من قضايا، ينبغي أن يفتح العلماء لها الباب على مصراعيه، وأن يكون النقاش فيها مبنيًّا على كثير من الأمثلة الواقعية، من أجل أن نخرج من الدوران حول قضايا في الحقيقة بتّ فيها علماؤنا القدامى وانتهى أمرها، وأقصد القضايا العقائدية والعقدية والقضايا الفقهية الضيقة.
العنوان هو لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم، وللإجابة الصحيحة عن عبارة لماذا الواردة في السؤال الكبير ا.. أي لماذا تخلف المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ أطرح السؤال الاستفساري التالي تسهيلاً لما أحاول أن أوضحه بعد حين، وهذا السؤال هو: من هم المسلمون المقصودون؟ ومن هم غيرهم؟ بمعنى آخر هل المسلمون كتلة واحدة متجانسة ليس فيها اختلاف؟ يمثلون هوية واحدة ووحدة واحدة؟ كما تطابقها هذه الآية الكريمة {إنّ هذه أمتكم أمة واحدة}؟، وأقول أيضًا: هل المسلمون المقصودون هم المسلمون المحكومون أم المسلمون الحاكمون؟ وإذا اعتبرنا بكثير من حسن النية أن المسلمين المحكومين والحاكمين هم شيء واحد، أي بمعنى أن الحاكمين يحكمون بما يريده المحكومون طبقًا لشرع الله في خلق الله، أسأل السؤال الآخر فأقول: هل الحكام يحكمون بالإسلام حقًّا أم يقولون ما لا يفعلون؟ ولا أعمم هنا فكل واحد يعرف نفسه في بلده، في رقعته.. وأدخل في الموضوع وأقول: هل التقدم الموصوف هنا - في هذا العنوان الكبير - هو حصر على غير المسلمين فقط، بمعنى هل المتقدمون كلهم غير مسلمين؟ وهل المتخلفون كلهم مسلمون؟ الواقع يثبت غير ذلك تمامًا، بدليل أن هناك ملايير من غير المسلمين، هم في درجات أقل بكثير من المسلمين، وأعتقد أن مجرد وجود متقدمين ومتخلفين من غير المسلمين -وهنا لا أدخل في الجدل.. فأنا أقصد التقدم المادي التقني التكنولوجي، وأضع جانبًا الجانب الأخلاقي الذي نعرفه جميعًا، أقول إن مجرد وجود متقدمين ومتخلفين، وأتكلم عن التقدم والتخلف المذكور من غير المسلمين، أقصد يسقط ذريعة المغرضين من نواب الفاعل أو المقاولين الذين يبذلون المستحيل تنفيذًا لتوصيات أساتذتهم في المدارس التي درسوا فيها، هؤلاء المغرضون العلمانيون بكل تواضع اقول أن أكثر من عشرين صفة، تتسم بها البلدان المتقدمة اليوم بالمعنى التقدمي التقني الصاروخي الجهنمي المعروف، ولا أتحدث- عن الجانب الأخلاقي الذي لم يبق لنا سواه في بلداننا، والحمد لله أننا مسلمون رغم التخلف الذي نعيشه اليوم .. هذه الصفات موجودة بكيفية معكوسة تمامًا في البلدان المتخلفة، مسلمة وغير مسلمة، وأهم الصفات أو الأفعال هي:
فالمتقدمون يقيمون الحياة الآدمية على أساس القيمة الإنسانية للإنسان، والمتخلفون يقومون الفرد على أساس الانتماء إلى القبيلة أو النخبة أو الطبقة،.. كما قال العلماء والمفكرين ، أن يجد هؤلاء المضللون من نواب الفاعل أي آية تثبت عكس إنني أثبت ذلك باعتراف الآيات القرآنية الصحيحة والصريحة، النقطة الثانية.. أقول: المتقدمون يمنحون الصكوك على بياض للعلماء المفكرين ليتفرغوا للبحث والإبداع الحضاري والتقدم التكنولوجي وغزو الفضاء، والمتخلفون يتصارعون ربما على القمر- والمتخلفون يتصارعون أيضًا على مواقع القمر ومشاهدته ورؤيته، ويمنحون الصكوك على بياض لمن يدجن الفحول من العقول، ويتجسس على أفكار العلماء، ويخمن آراء المفكرين (المتطرفين)، لأن العالم الغربي الآن أراد أن يعاقبنا، فقسم المسلمين إلى نوعين: نوع يعتبره مستنيرًا أي ضد الظلاميين، ويعتبره أقلية، ولكن ينتظر أن يبارك الله في هذه الأقلية، ، فيعتبر أقلية من الذين علمهم وأوكلهم، وسلم لهم مقاليد الأمور ليقوموا بعمل المقاولة لهم .
فالنوع الثاني من المسلمين يضعهم في مرتبة واحدة ويقسمهم إلى قسمين... فالأغلبية متخلفون وجهلة لا يعرفون مصلحتهم، ولا يريدون أن يستنيروا بأنوار المتنورين، هؤلاء أغلبية فيريد أن يبعث فيهم الروح بواسطة نواب الفاعل، ولابد لنا ان نبين نور العلم
أن العلم وحده الإمام المتبع في الأقوال والأفعال والاعتقاد، معنى هذا أنك إن قلت ما ليس علمًا فأنت فاشل، أنت خاسر، وإن عملت فيما لا علم لك فيه فعملك باطل، وإن اعتقدت ما ليس علمًا فقد خسرت.. فالعلم هو وحده الإمام المتبع.. ماذا تريدون من الإسلام حين يقول: إن "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، في كل فروع الحياة: في زراعتك، في صناعتك، في تجارتك، في سياستك، في حربتك، في سلمك، فمن خاض معركة من معارك الحياة بدون علم كان من الفاشلين وكان من الأخسرين، هذه دعوة إلى العلم..كثيرا من العلماء في تفسيراتهم سموها آية العلم، وهي قول الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} وآية الأخلاق إذا العلم هناك خلق، هذا الذي ينقصنا الآن، وهي قول الله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً} يقول العلماء المتنورين والمتعمقين في علم القرأن : ركزت الآية على الإعجاب بالنفس لأنه أصل الرذائل وأصل النقائص، الإعجاب بالنفس يدعوك إلى كل شيء لترضي نفسك، تحكم بالباطل، تشهد بالزور، وتخون.. إذن الآية اقتصرت على الرذيلة الأساسية، إن وجدت في شخص كان من الأخسرين، من هذا الإعجاب بالنفس والرغبة في التمتع بالحياة في أي إطار.. هي التي سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربه في حديث رواه كثيرون بكلمات مختلفة، لكن المعنى واحد والهدف واحد، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا: "سألت ربي عز وجل ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي عز وجل ألا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها.. بالجوع والإغراق والإحراق، بالزلازل التي تقضي على الأمة كأمة، لا الزلازل التي تنبهنا من حين لآخر إلى أن هناك قوة تحكم هذا العالم، وسألت ربي- عز وجل- ألا يظهر علينا عدوًا من غيرنا فأعطانيها، وسألت ربي عز وجل ألا يلبسنا شيعًا فمنعنيها" .. إذا حللنا هذه الأشياء الثلاثة، استجيب في طلبين ومنع من مطلب، لماذا؟ إذا دققنا النظر فيما استجبنا إليه فقد استجبنا فيما لا نقدر عليه، فالأرض لا نستطيع أن نجعلها خصبة، نعم نعين على خصوبتها بحرثها.. بصيانتها.. ولكن بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم.. اذهب أنت واجعل أرض مكة أرضًا زراعية، فالأرض خصوبتها بيد الله، إنزال المطر بيد الله، يمكن أن نستغل المياه النازلة في أوقاتها بالسدود وإقامتها..
الطلب الثاني الذي استجيب للرسول فيه ألا يسلط علينا عدوًا من غيرنا نحن لا نستطيع أن نواجه العالم كله، يعني المسيحي، اليهودي، اللائكي، البوذي.. إذا تعاون هؤلاء الناس على محاربتنا لا نقدر على الوقوف في وجوههم. أما ألا يلبس بعضنا بعضًا شيعًا، وألا يذيق بعضنا بأس بعض، هذا منع الله رسوله ولم يمنحه هذا المطلب، إذا تأملنا هذا المطلب فهذا أمر مرجعه إلينا، اسمع قولالله الحق {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، إن كنت في مكانة عالية ستظل فيها إلى أن تعمل ما يهبط بك، وإن كنت في الحضيض وأردت أن تنهض على الامة العربية والاسلامية وخاصة شعب فلسطين ان يقوموا قومة رجل واحد ليتم تحرير الارض والانسان لما حلّ بنا، واذا أردنا أن نخرج العدو أخرجناه بوحدتنا ويجب ان نكون مع الله ، وهذا ما أشار إليه الحديث ، فالمسلمون اليوم داؤهم الأكبر هو أنانيتهم، حرص كل واحد منهم، أفرادًا وجماعاتٍ ودولاً، حرص كل على نفسه دون النظر إلى من معه، فلو أن شعور التآخي واتضامن يسود الجميع ما نزل بنا من الهوان ما نزل، ومن التخلف ما نزل.
الاستبداد شر كله، لماذا اتبعناه وتركنا ماجاء به القرأن والمسلمون عرفوا الشورى من عهد إبراهيم- عليه السلام – أبي الأنبياء) فلما رأى في المنام أنه يذبح ابنه، قضية خطيرة جدًّا، عرض الأمر على ابنه، فقال له: {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟} فلم يقل له استجب لي.. اسمح لي أن أذبحك، فلما أدرك الولد أن رؤيا الأنبياء حقائق من الرب قال: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} فالاستبداد قائم على ضعف من صاحبه، فلو أنه على يقين أنه يدعو إلى حق، يدعو إلى مصلحة مشتركة، لما فرض على الناس أن يتبعوه في رأيه أو يبعوه في هواه، لكن كما يقال: لا ينبغي أن تكون ملكيًّا أكثر من الملك، اعرض الأمر على أهله وأقنعهم بوجهة نظرك، فإذا اقتنعوا بها وهو ما عبر عنه حديث الإمام "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".. فضمير الإنسان هو الذي يسوقه نحو الخير، وليست السلطة مهما كانت.. سيدي الكريم عندما يطلب منا ان نشهد بشيء لم نعرف عنه نكون قد شهدنا زورا عندما نقف -أمام شهادة الزور علينا ان نتذكر هذا المشهد للرسول الاعظم ، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان متكئًا فجلس، فقال: "ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور.."، الشعوب الإسلامية مقموعة أمام انتخابات مزورة، لا يسمح لها أبدًا بالتعبير عن حقها السياسي، حقها الفكري، حقها الثقافي، حقها في الإبداع، حقها فيمن يحكمها، كيف نستطيع أن نتكلم أو أن نسأل أو أن نحمل المسؤولية للإسلام كنص، أو للإسلام كشعب في إطار سلطة ما زالت تمنع - حقيقةً - التعبير، مازالت - حقيقةً - تمنع إدارة المال وإدارة الإعلام، تمنع - حقيقة - إدارة السلطة في إطار تداول بين جيل وجيل، بين طبقة وطبقة، ما زال إلى حد الآن العالم المسلم مغيب، وايضا ظهور الفاحشة بكامل معانيها ومشتقاتها ومفرداتها هي التي تسود الان في مجتمعاتنا العربية والاسلامية .
حتى لا نتيه نقول إننا في حاجة إلى العلم.. نحن متعلمون والعلم منشور، عندنا جامعات، عندنا مدارس مختلفة متعددة التخصصات، ولكن نؤمن ونعترف بأننا في حاجة إلى مزيد من العلم، ولكن مشكلتنا الأولى روحية أخلاقية ضميرية، فالحاكم يريد أن يحكم بالحق وبالباطل، ولا يريد أن يعطي الكلمة .
-بعض الحكام- لشعبه، المرابي يريد أن يفوز بأكثر ما يمكن من الربح على حساب غيره، هؤلاء كلهم لو أنهم تشبعوا بمبادئ الإسلام، مثلما وردت أحاديث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا حكم لشخص في غير الحق فكأنما اقتطع من لحمه.. لو أن الناس يطبقون الإسلام في أنفسهم وفي أسرهم وفي مهامهم المختلفة؛ لما شهدنا ما نشاهده الآن. ما يدور في بلاد المسلمين ان كان في العراق وافغانستان وفلسطين والباكستان من قتل المسلم بيد المسلم وباشارة من اعداء الاسلام قلت من الناحية السياسية العامة، قضية فلسطين دليل على تمزق المسلمين، فلو أن كلمتهم واحدة لما بقي القدس أسيرًا إلى الآن، ونقيس على ذلك الجانب الاقتصادي، المسلمون وهبهم الله نفطًا.. خيرات تحت الأرض، لكن هذه الخيرات عوضا عن أن تكون رحمة ونعمة، ولعلها تكون سببًا في النكبة وفي الإهانة، نهان بأموالنا.. إذن القضية قضية ضمير، وقضية خلق.. نعم، إن للعلماء واجبات في هذا.. هو أن يدعوا شعوبهم إلى الطريق المستقيم، في الإقدام على اكتساب المعارف في مختلف المجالات، وإلى التخلق بالقيم الإسلامية في الميدان عمليًا لا نظريات ودروس ووعظ وإرشاد يقال في مناسبات.. على علماء المسلمين ان يجتمعو ولو لمرة واحدة ويخرجو به متفقون بالكلمة وما جاء به القران املنا ان تتوحد هذه الكلمة .
معذرة لو عدت الى ما اريد الوصول اليه وابداء بالقول فاقول: ان المخاض العسير الذي تمر به قضية شعبنا الفلسطيني وكفاحه وصموده في وجه العدوان الإسرائيلي واحتلاله واستيطانه، من أجل أن يظفر شعبنا البطل بالحرية والاستقلال والسيادة الوطنية في دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ولقد مضى مائة واحدا وستون شهراً ( هذه الفترة الزمنسة منذ دخول السلطة الى فلسطين) على هذه الحرب الوحشية التي تشنها حكومة إسرائيل وجيش احتلالها وقطعان مستوطنيها ضد شعبنا وأرضنا وسلطتنا الوطنية ومقدساتنا المسيحية والإسلامية، وقد عطلت حكومة إسرائيل بإصرار اتفاقيات السلام ولكن شعبنا صامد صابر ومرابط في أرض الرباط وطنه فلسطين الأرض المباركة أرض الرباط وطننا فلسطين، الذي لا وطن لنا سواه، وبرهن شعبنا الفلسطيني بدمائه وتضحياته الهائلة وصموده أنه لن يركع أمام الاحتلال الإسرائيلي وجبروت آلته العسكرية المدمرة، واصبح شعبنا وأطفالنا ورجالنا ونساءنا وشبابنا وبناتنا مضرب الأمثال في الصمود والبطولة الخارقة أمام هذا التصعيد العسكري الإسرائيلي الغاشم والاستيطان الاستعماري وجيش الاحتلال الذي يضرب ويقصف ويدمر ويحتل أرضنا ويمس بمقدساتنا، وأهلنا صامدون صابرون مثابرون بكل إيمان وقوة وصلابة. إن قضية الحرية والاستقلال الفلسطيني هي اليوم قضية عالمية، وقضية البشرية جمعاء وقضية الحرية والكرامة الإنسانية في وجه حرب الإبادة العنصرية والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في أرضنا، وقد تحقق لشعبنا كل هذا التضامن العالمي بفضل صمود شعبنا وتضحياته وانتفاضته الباسلة في مواجهة وحشية الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل ويغتال أبنائنا وأطفالنا وأهلنا المدنيين المرابطين دفاعاً عن أرضهم ومقدساتهم ومنازلهم ومزروعاتهم ومصانعهم التي تنسفها وتدمرها جرافات وقذائف وصواريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين ويواصل جيش الاحتلال ارتكاب جرائم حرب بشعة بحق شعبنا ووطننا ومقدساتنا. أقول لكم أكثر من 71 ألف شهيد وجريح 38% منهم أقل من 16 سنة كثير منهم من أخواتنا. والبيوت المدمرة تدميراً كاملاً فوق 3600 منزل والمدمرة تدمير جزئي 46000 منزل غير المنازل التي أبيدت إبادة كاملة بمخيماتها في جنين ورفح.
لقد وافق شعبنا على سلام الشجعان مع الشريك لإسرائيل على أساس قرارات مجلسنا الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988 والذي أعلنا فيه قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضينا الفلسطينية والعربية طبقاً للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة 242، 338، 425، 194 الخاص باللاجئين الفلسطينيين والاعتراف الإسرائيلي بحقوقنا الوطنية الثابتة المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية وفي الاتفاقات المبرمة بيننا وبين حكومة إسرائيل, واننا كفلسطيينيين اذ نؤكد للمجتمع الدولي وللدول الشقيقة والصديقة واللجنة الرباعية استعدادنا للعودة الفورية لطاولة المفاوضات وللتنسيق الأمني الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي واستئناف عمل مكاتب الارتباط الأمني في كافة المناطق دون تأخير بما يوفر الأمن لشعبنا وللإسرائيليين كذلك، الا ان الاسرائيلين غير جادين في العملية السلمية فانهم يماطلون في الحلول والقبول في الامر الواقع وان يسلمو بالدولة الفلسطينية على حدود ال 67 كما نحن سلمنا بذالك رغم اننا اصحاب الحق في كل ذرة من تراب فلسطين .
لقد تقدمت الأسرة الدولية من خلال اللجنة الرباعية بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي 1397 الذي ينص على قيام دولة فلسطين المستقلة، وبعد إعلان الرئيس بوش عن رؤيته لحل الدولتين دولة فلسطين ودولة إسرائيل، كما جاء بمشروع خريطة الطريق باعتبارها الحل الذي يدعمه المجتمع الدولي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ولقد رحبنا بهذه الجهود الدولية بكل إيجابية وتوجهنا إلى اللجنة الرباعية لوضع الآليات التنفيذية لخريطة الطريق وكذلك الجداول الزمنية الملزمة وإرسال المراقبين الدوليين أو القوات الدولية وإذا لا يريدون قوات دولية ابعثوا على الأقل مراقبين دوليين لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ونأمل سرعة التصديق والاعتماد الكامل لخريطة الطريق لوضع حدٍ للاحتلال الإسرائيلي لأرضنا الفلسطينية والعربية، وفي مواجهة هذه الإيجابية الفلسطينية، فإن حكومة إسرائيل عمل ت من خلال مناوراتها على تفريغ خريطة الطريق من مضمونها وقدمت 100 نقطة اعتراض عليها لأنها لا تريد وقف الاستيطان ولا تريد جدولاً زمنياً ملزماً وترفض الإشراف الدولي والآلية الدولية لتحقيق الأمن والسلام للجانبين وكذلك ترفض مبادرة السلام التي أعلنها سمو ولي العهد السعودي الأمير عبد الله وتبنتها القمة العربية في بيروت، وإن هذا الموقف الإسرائيلي الرافض لخريطة الطريق وللمبادرات والجهود الدولية والعربية والإسلامية ودول عدم الانحياز لا يمكن أن يخدم الأمن والسلام في المنطقة بل يؤجج الصراع والعداء وحان الوقت لمجلس الأمن الدولي والأسرة الدولية واللجنة الرباعية أن تضع الآليات والقرارات الدولية الملزمة لحكومة إسرائيل للسير في عملية السلام. خاصة وما يطرح في مؤتمر الخريف القادم .. امام هذا المؤتمر المزمع عقده في القريب .
إننا نؤكد دائماً ونعود ونؤكد اليوم على رفضنا للإرهاب بكافة أشكاله، وندين الإرهاب الدولي الأعمى ، وإن شعبنا الفلسطيني إنما هو ضحية إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه حكومة إسرائيل ضد جماهيرنا ولتدمير بنيتنا التحتية الشعبية والرسمية والزراعية والصناعية وخسائرنا البشرية بالآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى وآلاف الأسرى والمعتقلين. وإن موقفنا المبدئي من استهداف المدنيين سواء كانوا إسرائيليين أو فلسطينيين إنما يقوم على أسس مبدئية وأخلاقية وسياسية وقانونية ترفض مطلقاً التعرض للمدنيين.
الأخطار والتحديات تحدق بوطننا فلسطين بل وبوطننا العربي، ويقع علينا جميعاً عبء مواجهة هذه الأخطار والتحديات والنهوض بالمهام الجسام الملقاة على عاتقنا لتعزيز المسيرة ودرء الأخطار وتحقيق أهدافنا في الحرية والاستقلال الوطني وتجسيد حلم شعبنا التاريخي حلم أمتنا العربية، بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض وطننا فلسطين ولكن انظروا ما هي تطلعات الطرف الاخر .
لقد عملت حكومة إسرائيل بشكل حثيث ومركز على توظيف هذه المتغيرات الدولية وهذا الإرهاب الدولي الأعمى لتصعيد حربها العدوانية الاحتلالية الاستيطانية التي كانت قد بدأتها قبل أكثر من سبع اعوام تقريباً بالزيارة المشؤومة التي قام بها شارون في القدس للحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك والتي رافقتها مجزرة وحشية مدبرة بحق المصلين وهم في بيت الله يؤدون الصلاة في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد ورفعة سيدنا المسيح عليه السلام.
. إن حكومة إسرائيل وجيش احتلالها تقوم بارتكاب أفظع الجرائم وحرب الإبادة العنصرية ضد شعبنا وسط تجاهل دولي لجرائمها بحق شعبنا في كافة المدن والمناطق وضد أرضنا ومؤسساتنا وأجهزتنا الأمنية واقتصادنا الوطني ومقدساتنا المسيحية والإسلامية. وكذلك أهمية دعم شعبنا لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية التي أعلن إجراؤها في شهر يناير سنة 2003 وقامت إسرائيل بإعادة احتلالها لأراضينا المحررة ومنعنا من إجراء هذه الانتخابات، وأنا أسأل العالم أليس هذا انتهاكاً للديمقراطية. رغم اننا تعاونا بكل صدق وإيجابية مع كافة المبادرات الدولية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الأمن والسلام العادل بيننا وبين الإسرائيليين بما فيها تقرير ميتشيل وطابا وشرم الشيخ وباريس وتفاهمات جورج تينت وتقرير الجنرال زيني، وإننا اليوم نؤكد على ضرورة قيام اللجنة الرباعية الدولية بتنفيذ خريطة الطريق، وإننا نتساءل إلى متى يبقى كل حل ومبادرة دولية أو عربية أو قرار دولي أو تقرير رسمي من الأمم المتحدة تحت رحمة حكومة إسرائيل التي ترفض السلام وكافة القرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى على مدى عقود مضت.
معذرة للتكرار لقد رحبنا وأشدنا برؤية الرئيس بوش لإنهاء الاحتلال والاستيطان وإقامة دولة فلسطين الديمقراطية والقابلة للحياة وندعو اليوم إلى وضع هذه الرؤية الهامة موضع التطبيق وإرسال المراقبين الدوليين أو القوات الدولية ووضع الجدول الزمني الملزم لكلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ونحن نرى والعالم يرى معنا وحشية الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها حكومة إسرائيل في ظل عدم التزامها بالاتفاقات والقرارات الدولية وكذلك عدم تنفيذها.
إن شعبنا وقيادته يقفون إجلالاً واحتراماً لشهدائنا، شهداء معركة الاستقلال والحرية ومتمنين لجرحانا البواسل الشفاء العاجل، فإن شعبنايدعو جميع الشرفاء من قيادتنا إلى وضع البرامج وتكثيف التحرك لدى الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وقوى ومنظمات الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي وقوى السلام في إسرائيل للقيام بكافة النشاطات والتحركات لإطلاق سراح الآلاف من إبطالنا الأسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات إسرائيل لأنها قضية مبدأ وقضية حق وعدل ولا يمكن لعملية السلام أن تتقدم إلا بإطلاق سراح كافة أسرانا ومعتقلينا من السجون الإسرائيلية وبهذه المناسبة نرسل أطيب التحيات لأسرانا ومعتقلينا الأبطال في السجون الإسرائيلية
إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، وهي الإطار العريض للعمل الوطني الفلسطيني وهي الرافعة التاريخية التي قادت وتقود نضالنا الوطني في مختلف المجالات على طريق الحرية والاستقلال الوطني، وفي إطارها العريض وفي المجلس الوطني الفلسطيني التقت وتوحدت القوى والفصائل والفعاليات الوطنية على برنامج الاستقلال الوطني وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف طبقاً لقرارات الشرعية الدولية 242، 338، 425، وتنفيذ اتفاق السلام (سلام الشجعان) وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي 194. وفي مواجهة الإخطار المحدقة فلا بد من تعزيز منظمة التحرير الفلسطيني على المستوى الوطني والعربي والدولي فلابد من تفعيل هذه المنظمة والمزيد من تفعيل أطرها ودوائرها وخاصة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي هذا المجال فإنني أدعو كل مواطن شريف حر الى تفعيل القيادة الوطنية الموحدة والتي تضم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقادة الفصائل والقوى والأحزاب لتتولى السير معاً وقيادة العمل الوطني ورسم السياسات ووضع البرامج والخطط التي تعزز وحدة شعبنا وصولاً إلى هدفه في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنجاز مهام الاستقلال الوطني.خاصة في هذا الظرف العصيب التي تمر به انتنا الاسلامية والعربية والدولية واناشد كل الاحرار في شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية وحكوماتهم الى رص الصفوف الى رص الصفوف ..؟
لا عيب ولا ضرر ان عدنا للحديث عن الماضي لاجل تقوية الحاضر ورأب الصدع بين فصائلنا الفلسطينية النشروخ من هنا ابداء .؟
لقد اسقطت جريمة الابعاد.. والى الابد.. مؤامرة قادة الارهاب الاسرائيلين، واسافينهم المسمومة التي حاول عبرها تأجيج الصراع والاقتتال بين حركتنا المؤمنة المجاهدة.. حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.. التي كان لها شرف اطلاق الرصاصة الاولى وصيانة المسيرة الكفاحية المسلحة، وبين حركة المقاومة الاسلامية.. حركة حماس.. التي ولدت في جو الانتفاضة الجبارة.. واضافت فصيلا جديدا إلى جانب فصائل الثورة المقاتلة المنضوية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية.. الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.. ولكن كانت حركة حماس قد حاولت تمييز نفسها خارج اطار المنظمة، والقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، فان ما كان يعنينا هو الاضافة الجهادية والكفاحية التي يمكن ان يوجه اخوتنا في حماس طاقاتهم عبرها ضد العدو الصهيوني. لقد حاول الصهاينة الاصطياد في مياه مدريد العكرة، ومسيرة التسوية وما تمثله من ممر اجباري فرض على المنظمة شروط مجحفة، فبين القبول والرفض لما يسمى مسيرة السلام، كان الخلاف داخل الساحة الفلسطينية حتميا.. ولكن التعبير عن هذا الخلاف كان مختلفا. ففي الوقت الذي كان الصهاينة يدفعون باتجاه الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني.. كانت حركتنا تطلق شعارها الوحدوي الخالد.. البنادق كل البنادق.. والحجارة كل الحجارة.. والخناجر كل الخناجر نحو العدو الصهيوني.
وجددت حركتنا شعار الوحدة في ظل الخلاف الثانوي بالتوجه نحو التناقض الرئيسي حين اعلنت شعارها "وحدة الصف.. للدفاع ووحدة الهدف للهجوم". ومع استجابة الاخوة في حماس ومع استجابة شعبنا الفلسطيني كله لهذا الشعار، كان تصعيد الكفاح الفلسطيني وتطوير اشكاله. وكان التكامل النضالي الذي جعل رابين وقادة العدوة يفقدون اعصابهم وهوم يرو ان كل ما خطط له من مكائد وافخاخ يسقط فيها الصورة المشرقة للنضال والجهاد الفلسطيني قد امتدت إلى غزة وهذا ما دفعه إلى الاقدام على ارتكاب جريمته بعيدا عن كل الحسابات والتوقعات. فلقد وصل به غروره إلى التلميح بانه بعملية الابعاد يقدم خدمة إلى مسيرة السلام، ولمنظمة التحرير الفلسطينية التي بادر بجعل الكنيست يلغي قرار منع الاتصال بها، كما انه صرح بوقاحة ان معظم الدول العربية تؤيد ابعاد المتعصبين الاصوليين. منطلقا من معاناة بعض الانظمة من النشاطات الاصولية في بلادهم، وخاصة مصر والجزائر.
لقد اظهرت جريمة رابين الوزن والدور الحقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية على كافة المستويات والمجالات الفلسطينية والعربية والدولية. ولقد شاهد العالم كله كيف استطاعت المنظمة ان تحول الضرر الذي لحق بشعبنا وبابنائه المبعدين إلى قضية مقدسة ومعركة فاصلة بين الحق والباطل.
وكان للدور الذي لعبته حركتنا في هذه المعركة اهميته الخاصة، سواء عبر تعميق الحوار والتفاهم مع الاخوة في حماس، او عبر تفعيل تنظيمنا في كل اماكن تواجده واستنفاره لخوض المعركة بكل طاقاته امتدادا من جنوب لبنان وحتى آخر خلية تنظيمية في الولايات المتحدة.
ان محصلة المتغيرات الدولية تساعد في تعزيز مواقع منظمة التحرير الفلسطينية في العالم، بما يضمن دورها الفاعل في الساحة الدولية. فمنظمة التحرير الفلسطينية وحركتنا بكل ما تمثله من دور طليعي في النضال الفلسطيني والعربي، في استطاعتهما تعزيز هذا الدور الهام للقضية الفلسطينية. فهذه القضية التي كانت مصدر توتر دائم خلال مراحل الحرب الباردة، يمكن ان تلعب دورا هاما في تحقيق الاستقرار العالمي، في حالة وصول الشعب الفلسطيني إلى تحقيق اهدافه المرحلية المطروحة على جدول اعمال الامم المتحدة. وفي الوقت نفسه، فان هذه القضية قادرة بفعل ديناميكية حركتها الفتحوية، ان تشكل الصداع المزمن للاستقرار، وهو ما يتعارض بشكل واضح مع مصالح واهداف الولايات المتحدة. فالشعب الفلسطيني الذي كتب عليه ان يصارع الحركة الصهيونية خلال القرن العشرين بأكمله، لن يسلم الاجيال القادمة من ابناء شعب مكافح مجاهد عظيم، لحظة استسلام تحت شعار الاستقرار والاستكانة للادارة الامريكية، والاذعان للعصر الصهيوني البغيض. ان ارادة شعب فلسطين، ارادة القوم الجبارين، هي التي تقرر درجة الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. وهي القادرة على التصعيد الشامل، بكل انواع التصدي والكفاح، في حالة تجاهل الحقوق الثابتة، غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. وهي القادرة، ايضا، على التفاعل الكامل مع ارادة شعوب المنطقة، ومع الامة العربية، في فرض حالة السلام الفلسطيني والسلام العربي. سلام القدس، سلام الشجعان، الذين استطاعوا عبر التاريخ، ان يصهروا في حضارة الامة العربية والاسلامية كل العابرين الغزاة. وان يحافظوا على التراث الانساني العريق لهذه المنطقة، منطقة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، التي بارك الله حولها، بارك فلسطين كلها، من النهر إلى البحر ومن البحر إلى النصر.
ومن هنا كانت الهجمة على الانطلاقة قاسية متعسفة ومتجنية. وبدأت الاصوات تتهم قوات العاصفة التي اعلنت البلاغ الاول في 1 يناير-كانون ثاني 1965 بان ورائها حلف السنتو. والبعض الصق علاقتها بالاخوان المسلمين. وبدأ حسنو النية يعارضون الانطلاقة لتجاوزها المبادئ الضرورية للعمل الناجح الذي يتطلب الانطلاق في الوقت المناسب. وطرحوا مقولة التوقيت، والى جانبها طرحوا مقولة التنسيق الشامل كشرط ضروري لنجاح العمل المسلح. اما سيئو النية فقد اتهموا قوات العاصفة بالعمل لتوريط الانظمة العربية في معركة هي ليست مؤهلة لخوضها. وكان الذين يلعنون ظلام الاحتلال اكثر من نجوم السماء. ولكن احدا منهم لم يضء شمعة واحدة. وعندما اضاءت العاصفة هذه الشمعة عملوا على إطفائها.
بسم الله الرحمن الرحيم
"ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كرها الكافرون ( صدق الله العظيم ) 32 صورة التوبة :
اكدت الكرامة ايضا ان التجربة الخاصة والظروف الخاصة بكل حركة ثورية هي منبع الابداع لاتخاذ القرارات المناسبة وليس مجرد التطبيق الاعمى لتجارب ناجحة لدى شعوب اخرى. واكدت ايضا ان العالم لا يشعر بالعطف على الضعفاء والمستسلمين وانما يحترم الاقوياء الذين يصمدون من اجل تحقيق حقوقهم. فالعالم لا يحترم ضعف اصحاب الحق كما انه يرفض صلف وغطرسة اصحاب الباطل. لقد اظهرت معركة الكرامة شجاعة الانسان العربي الفدائي والجندي الرسمي وانهما عندما يخوضان معركة التحرير جنبا إلى جنب، يستطيعان تحقيق النصر. وان اسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، ظهرت على حقيقتها عندما وجد ان جنود هذا العدو مقيدون بالسلاسل داخل دباباتهم حتى لا يستطيعوا الهرب، في حين كان جنود الجيش الاردني مقيدين بقرارات عدم القتال. وحين حطم الجندي الاردني قيده لم يستطع الجندي الصهيوني الافلات من قبضة القدر العاتية التي الحقها به الفدائي الفلسطيني مع اخيه الجندي في الجيش الاردني. وكان هذا التلاحم وهذه الملحمة البطولية في الكرامة هي بداية لرد الاعتبار لكرامة الجماهير العربية التي انسحقت في حزيران من عام 1967م.
وبدأت قيود الانظمة، على اسم فلسطين، تتآكل لدرجة اصبحت ورقة اجازات المقاتلين جواز سفر العبور إلى الوطن العربي باسم فلسطين، مؤكدة صحة الشعار الفتحوي، فلسطين... طريق الوحدة.
لقد استطاعت الثورة الفلسطينية ان تتجاوز جميع العقبات وسلسلة المؤامرات التصفوية التي استهدفتها ابان ايلول وما بعده. واصبح الوجود الفلسطيني الكياني مكرسا ومجسدا في منظمة التحرير الفلسطينية مما جعل العدو الصهيوني يتجه إلى سياسة ضرب رؤوس المنظمة وقياداتها وممثليها في الخارج.
ولقد شن العدو الصهيوني حربا ضارية جند لها كل ما لديه من امكانيات مخابراتية. فقد شكلت جولدا مائير جهازا خاصا لتصفية قيادات الشعب الفلسطيني. وعينت على رأس هذا الجهاز اهرون ياريف، الذي يعمل رئيسا للاستخبارات العسكرية في الجيش الصهيوني. وانتقلت ساحة الصراع خارج الارض المحتلة.
ولم تصمت ولم تتجابن امام هذه الهجمة بل ردت الثورة على هذه الحرب بضرب ادواتها الاساسية مما احدث شلل في جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية، فاذا بحرب رمضان تدق معاقل الكيان الصهيوني وتحقق العبور وتحرير الجولان خلال ساعات... في الوقت الذي كانت فيه اجهزة المخابرات الصهيونية تتابع خططها الارهابية ضد قيادات الثورة الفلسطينية.
وعلى الرغم من محاولة الاعلام العربي الصاخب اغفال الدور البطولي لمقاتلي الثورة الفلسطينية، فان الحقيقة والممارسة العملية فرضت نفسها، فاعترف وزير اعلام الكيان الصهيوني بان منظمة التحرير الفلسطينية قد فتحت جبهة ثالثة في الشمال ضد "اسرائيل". ولقد اثبتت حرب رمضان من جديد ان اسطورة الجيش الذي لا يقهر هي خرافة تكرست من خلال محاولة تدمير الارادة العربية للقتال. فأي جيش لا يمكن ان يقهر اذا كان خصمه مستسلما ومسلما بالهزيمة. اما الشعب، وروح الشعب الخلاقة فانها كانت وستبقى ابد الدهر رمز الصمود والمقاومة، الذي لا يستسلم ولا يساوم على المبادئ. ولقد اضافت حرب رمضان اهمية زخم الجيش النظامي اذا حارب من اجل التحرير وفي اطار استراتيجية النصر. اما اذا كانت حربه من اجل التحريك فان العدو سيكتشف مواطن ضعفه، كما جرى في الدفرسوار وفي الهجوم المعاكس على الجولان. واعاد المقاتل الفلسطيني الاعتبار لدور حرب العصابات وحرب التحرير الشعبية الطويلة الامد... واهميتها عندما تتكامل مع الحرب النظامية المسلحة بارادة الثورة حتى النصر.
وكانت حرب رمضان، بكل ما حملته من ايجابيات وسلبيات وما طرحته في حينه من امكانية فرض الانسحاب على العدو من الاراضي المحتلة عام 1967، حيث وصل التضامن العربي درجة كاد يشكل فيها ولاول مرة ضغطا حقيقيا على الولايات المتحدة لتتخذ موقفا اقل انحيازا للكيان الصهيوني.
واجتمع المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1974 في دورته ( الثانية عشر 12) واقر البرنامج المرحلي، برنامج النقاط العشر، الذي تبنت فيه منظمة التحرير الفلسطينية اقامة السلطة الوطنية على اي جزء يتم تحريره من ارض فلسطين. وقد اعتبر ذلك البرنامج في حينه، انه الخطة الاعتراضية لمخطط التصفية الامريكية الصهيوني. وقد كانت اول منجزات هذا المشروع، اقرار الامم المتحدة بعضوية مراقب في الجمعية العمومية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتاريخ 22-11-1974، بعد ان تمت دعوة الاخ ابو عمار رئيس اللجنة التنفيذية لالقاء خطابه التاريخي امام الجمعية العمومية في 13-11-1974، حيث شرح البرنامج المرحلي. واعلن انه جاء يحمل بندقية الثائر في يد وغصن الزيتون في اليد الاخرى وناشد الامم المتحدة قائلا: (لا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي.
كانت منظمة التحرير الفلسطينية تدرك ان السلطة الوطنية لا يمكن ان تتحقق على ارض الواقع عبر المفاوضات في ظل اختلال ميزان القوى بشكل ساحق لصالح العدو الصهيوني، خاصة ان السادات كان يلهث خلف الحل الجزئي والصفقة المستفردة، التي قادت إلى كامب ديفيد. وفي نفس الوقت، اقحمت الثورة الفلسطينية المتحالفة مع القوى الوطنية والتقدمية اللبنانية في مواجهة مع القوى الانعزالية. وتطورت الحرب لتصبح المواجهة مع النظام السوري طبقا لتخطيط الوقيعة التي اعدها كيسنجر. وقد عبر شعبنا في فلسطين المحتلة عن احتجاجه الصارخ ضد محاولات تصفية ثورته في لبنان. وتصاعدت وتلاحقت انتفاضات شعبنا احتجاجا على ما كان يجري في لبنان ووصلت الانتفاضات اوجها خلال حصار مخيم تل الزعتر الذي صمد اكثر من سبعين يوما، وصد اكثر من مائتي هجوم ومحاولة اقتحام من القوى الانعزالية.
لقد استطاعت الثورة الفلسطينية ان تجمد التناقضات الثانوية التي كانت تستهدف اقحامها في معارك جانبية، حتى انقضت على الكيان الصهيوني، حيث التناقض الاساسي. فخاضت سلسلة من المعارك البطولية والعمليات الجريئة في المنطلقة من تنظيم خلايا الثورة في فلسطين المحتلة او من قواعد الانطلاق في الخارج. وكان من ابرز هذه العمليات عملية الشهيدة دلال المغربي. لقد جسدت المرأة الفلسطينية عبر مشاركتها الفعالة في اطر الثورة بكل اشكالها طبيعة التكامل النضالي لشعبنا الفلسطيني، والذي يتخذ ابهى اشكاله وارقى مظاهره اليوم في فلسطين المحتلة.
فبدأ التركيز على المنظمات الجماهيرية والاتحادات والنقابات المهنية. ولعب تنظيم الشبيبة دوره القيادي في تأطير الشباب تحت واجهات الاندية والفرق الرياضية والكشفية والفنية. كما نشط اتحاد المرأة في بناء مؤسسات الرعاية والحضانة والانتاج المنزلي للتراث الشعبي الفلسطيني. وركز اتحاد العمال على انشاء التعاونيات. ونشطت الفعاليات الثورية في اطرها الجماهيرية والمهنية المعنية. فنشط اتحاد الطلاب في الجامعات والمعاهد والمدارس. ونشط المهندسون والمعلمون والاطباء والصيادلة والمحامون والكتاب والصحفيون والتشكيليون والفنانون والفلاحون كل في مجاله.
وجاءت المفاجأة الكبرى للادارة الامريكية الاسرائيلية وهي تشاهد العنقاء تخرج من الرماد واشلاء اوزوريس تتجمع من الشتات جسدا متماسكا بارادته القوية. فقوات الثورة الفلسطينية التي ظنوا انهم القوا بها في منافي الشتات والفناء، تتجمع في الشطر الجنوبي من اليمن، لتقوم باعظم استعراض عسكري احتفالا بالذكرى الثامنة عشرة لانطلاقة الثورة المسلحة. وجاءت القوات خلال ساعات لتشارك قوات الثورة المتواجدة في اليمن بشطريه. جاءت من الجزائر ومن تونس ومن دمشق ومن بغداد ومن السودان، لتؤكد حقيقة اساسية، وهي ان البعد الجغرافي لم يعد يشكل في هذا العصر عائقا عن الوصول إلى قلب المعركة، في الوقت المناسب، شريطة توفر الارادة الثورية المقاتلة.
وعلى الرغم من العدوان الصهيوني الشامل على لبنان عام 1982 الذي كان النتيجة المباشرة لاتفاقيات كامب ديفيد، الا ان الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية والقوى اللبنانية المناضلة صمدوا بشكل اسطوري سجل ملحمة بطولة التلاحم بين الشعبين الفلسطيني واللبناني بنور ونار، سيظل ابد الدهر نبراسا لكل الشرفاء والاحرار في العالم. وعلى الرغم من خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان وتوزيعهم على معسكرات بعيدة عن خط المواجهة، الا ان حقيقة الوجود الفلسطيني على كافة الاصعدة، كان قد تثبت، وثبت معه خارطة فلسطين في قلب الكرة الارضية كحقيقة راسخة، بغض النظر عمن ينظر اليها ومن اية زاوية.
وبدأت مؤامرة تصفية الوجود الفلسطيني في لبنان لتمرير مؤامرة التوطين. فقامت منظمة التحرير الفلسطينية باعادة معظم المقاتلين لحماية المخيمات حتى لا تتكرر مأساة صبرا وشاتيلا من جديد. وعلى الرغم من الصفقات المشبوهة التي استوجب استخدام قوى شقيقة لتصفية المخيمات، الا ان الصمود البطولي لهذه المخيمات لاكثر من ثلاث سنوات، كان يكرس معجزة الصمود الفلسطيني في أسمى معانيها. وكان يؤكد انه بالثورة يصبح الخارق اليفا. وحين توجهت المؤامرة الامريكية الصهيونية لمحاولة اغتيال الاخ ابو عمار والقيادة الفلسطينية في حمام الشط، اصبحت الامور اكثر وضوحا. واكدت الثورة الفلسطينية بذلك ان كل الدول العربية هي دول مواجهة. فما دام العدو الصهيوني يستطيع ان يمد ذراعه المجرمة لتطال المفاعل النووي في العراق وحمام الشط في تونس، فان اليد العربية يجب ان تعرف كيف تمتد لاجتثاث الخطر، الذي لا يهدد الشعب الفلسطيني فحسب، وانما يهدد الامة العربية في كرامتها ووجودها وحريتها واستقلالها.
كان ترحيل المخيمات من جنوب لبنان وبيروت يحقق للنظام السوري في لبنان هيمنة وسيطرة تلغي استقلال لبنان ووحدته. في الوقت الذي يحقق هذا الترحيل للكيان الصهيوني نموذجا يقتدي به لترحيل المخيمات الفلسطينية في الضفة والقطاع الى خارج فلسطين باعتبارها بؤر التوتر وصواعق الانتفاضات المتعاقبة. ولكن الصمود البطولي للمخيمات وتجلي الوحدة الوطنية الفلسطينية المعمدة بالدم بين قواعد المقاتلين في هذه المخيمات، ورفض كل ما كان يصدر اليها من اوامر وتعليمات بافتعال معارك اقتتال فلسطيني/ فلسطيني، كان المفتاح الحقيقي والمجسد الاول للوحدة الوطنية التي تم تتويجها في المجلس الوطني في الجزائر وتكريسها التمسك بالركائز الاستراتيجية للانطلاقة.
عام 1987 هو عام فلسطين. عام الشعب الفلسطيني. هذا ما قررته الامم المتحدة من خلال اللجنة الدولية للتنسيق بين المنظمات غير الحكومية المعينة بقضية فلسطين. هذا العام هو عام الذكريات السبع المريرة والصفحات السوداء التي لا تزال تطارد الضمير الانساني. فعام 1987 يحمل الذكرى التسعين للمؤتمر الصهيوني الاول الذي بدأ تحت شعار ارض بلا شعب لشعب بلا ارض موضع التنفيذ.
وعام 1987 يحمل الذكرى الثمانين لمؤتمر الاستعمار، مؤتمر كامبل بنرمان الذي كرس ضرورة زرع الكيان الصهيوني على ارض فلسطين كضرورة تاريخية تتطلبها مصلحة كل الدول الاستعمارية.
وعام 1987 يحمل الذكرى السبعين لوعد الذي اعطى من لا يملك لمن لا يستحق، معلنا بداية وضع الدول الاستعمارية لاستراتيجية التوتر الدائم موضع التنفيذ.
وعام 1987 يحمل الذكرى الاربعين لقرار تقسيم فلسطين. الذي كرس التوتر الدائم بتمزيقه لفلسطين ارض السلام ومهد الديانات والمقدسات والمكان الاكثر ملاءمة في العالم، ليكون الدولة الديمقراطية المستقلة التي يعيش فيها المواطنون جميعا ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ودون تمييز بسبب العنصر او الدين او العقيدة. وعام 1987 يحمل الذكرى العشرين للعدوان الصهيوني المدعم مباشرة بالامبريالية الامريكية والذي زرع في نفوس العسكريين الصهاينة نزعة الغطرسة التي جعلتهم يقدمون على ضم بعض المناطق التي تم احتلالها مثل القدس والجولان ونهب نصف مساحة الضفة الغربية والقطاع باسم الامن والاستيطان.
وعام 1987 يحمل الذكرى العاشرة لزيارة العار والاستسلام من قبل السادات الى القدس وتسليمه بشروط الكيان الصهيوني والامبريالية الامريكية بحق الكيان الصهيوني في الوجود على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولقد كان جواب الشعب على مؤامرة كامب ديفيد واضحا برفض التطبيع والمعاهدة وبالاطاحة برمز كامب ديفيد، التي لا تزال قيودها تكبل الارادة المستقلة لشعب مصر العظيم.
وعام 1987 يحمل الذكرى الخامسة للعدوان الصهيوني الشامل على لبنان وما حمله هذا العدوان من جرائم ارتكبها العدوان من جرائم ارتكبها العدوان الصهيوني ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني باستخدامه الاسلحة المحرمة دوليا وبتحويله المخيمات والقرى والمدن الى ساحات تجريب لفعالية الاسلحة الامريكية الحديثة الاختراع. وقد بلغت هذه الجرائم ذروتها بمذابح صبرا وشاتيلا.
هذه الصفحات السوداء السبع للذكريات المريرة جعلت بيريز يعلن وهو يزور مصر ان عام 1987 سيكون عام حل القضية الفلسطينية. ونحن نعرف ان حل القضية الفلسطينية على الطريقة الصهيونية يعني طريق كامب ديفيد. ولكن ثوار فلسطين الابطال يستلهمون من الذكريات المريرة دروس نضال عميق. يضاف الى جانب الدروس التي تتراكم من خلال ايجابيات النضال الفلسطيني المتعاظم. فلقد تعززت الوحدة الوطنية الفلسطينية في عام 1987 بعد ان تم تحقيقها على الارض في حرب الدفاع عن المخيمات والشعب الفلسطيني في لبنان. كما ان عام فلسطين شهد التفافا عالميا حول برنامج الثورة وتأييدا للمؤتمر الدولي ذي الصلاحيات، والذي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. كما ان عام 1987 فرض تعزيز التضامن العربي في مواجهة الخطر الناتج عن العدوان الغاشم على العراق الى جانب الخطر على الارض الفلسطينية. وبدأت موجات الانتفاضة تتقارب وتتصاعد وتنتقل من مكان الى مكان داخل الارض المحتلة. وبلغت ذروتها يوم ظهرت محاولة طمس الهوية الفلسطينية وجعل القضية الفلسطينية من الدرجة الثانية في مؤتمر القمة العربي الطارئ في عمان. يومها، ونذكر للتاريخ الوقفة الرائعة للاخ المناضل علي عبد الله صالح وللرئيسين صدام حسين والشاذلي بن جديد واصرارهم على تأكيد القرارات السابقة للقمم العربية والمتعلقة بالقضية الفلسطينية وتأكيد انها جوهر الصراع في الشرق الاوسط.
وكان الوضع الدولي يحمل في طياته بوادر انفراج دولي ووفاق يمكن ان يساهم في الدفع باتجاه مؤتمر دولي للسلام ذي صلاحيات. تشارك فيه منظمة التحرير الفلسطينية على قدم المساواة لانجاز الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف لشعبنا الفلسطيني، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفي ديسمبر 1987 لم تجد القضية الفلسطينية مكانا لها في جدول اعمال قمة العملاقين نتيجة اصرار الرئيس الامريكي على تجاهل الشعب الفلسطيني.
كان الغليان الوطني الثوري في فلسطين المحتلة قد بلغ مداه. فالثورة ومنظمة التحرير مهددة بالتصفية، والعالم العربي يقف متفرجا منقسما على نفسه. وكان لابد للخارق ان يصبح اليفا... فانفجرت في الارض المحتلة جماهير الشعب الفلسطيني في انتفاضة مباركة، ظن الصهاينة انها ليست سوى موجة عادية من موجات الانتفاضات السابقة، لدرجة ان وزير الحرب الصهيوني الذي كان في زيارة لامريكا لم يكلف نفسه مشقة العودة خلال الاسبوعين الاولين للانتفاضة، تاركا مهمة معالجتها لشامير المعروف بذكائه جدا.
وبدأت خطة جديدة لتصفية المنظمة والانتفاضة، انطلقت في البداية من الفصل العضوي والفكري والسياسي بين الانتفاضة ومنظمة التحرير الفلسطينية. وامتلأت الصحف والمجلات بالمقالات المشبوهة والبريئة، تمجد الانتفاضة وقادتها في الداخل بهدف التركيز لخلق قيادة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وهو احد الطموحات التي حاول شولتز تحقيقها في جولاته المكوكية لانقاذ الكيان الصهيوني. وجاء الجواب من داخل فلسطين المحتلة، من الشخصيات والفعاليات والاتحادات والجماهير المنتفضة، تعلن ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وارتفع العلم الفلسطيني وصور الاخ ابو عمار في كل المناسبات لتؤكد حقيقة الانتماء والتواصل. وكان للدور النشيط الذي شاركت فيه التيارات الاسلامية ولدور المسجد البارز في الانتفاضة كنقطة وتجمع وانطلاق وتعبير، لقد حاولت القوى المعادية للاسلام والمسلمين ان تربط الانتفاضة بالخميني وغيره من الاحزاب بهدف الايقاع وخلق الشرخ في وحدة الانتفاضة. وكان للمشاركة الفعالة لكل جماهير شعبنا الفلسطيني المسلم في غالبيته، مع الاخوة المسيحيين من ابناء شعبنا، والدور النشط للكنيسة جنبا الى جنب مع الجامع، اكبر الاثر في الوحدة الوطنية العميقة التي تحققت والتي اكدتها كل البيانات والنداءات، رافضة اية محاولة للانجرار الى معارك جانبية تقسم الشعب الفلسطيني الى فصائل وعقائد وشرائح هو في غنى عنها، وهو يواجه وجود الاحتلال الصهيوني وقبضته الحديدية التي لا ترحم احدا، وظهر ان هذه التفرقة وهذه التسميات ليس لها على ارض الواقع اي دور، وانما هي من ابداع الامبريالية والصهاينة يتخذونها وسيلة لاجهاض الانتفاضة ولكن خسئوا...
وحين فشلت اساليبهم توجهوا الى الرأس الملهم والمخطط للانتفاضة، الاخ ابو جهاد نائب القائد العام والمسؤول المباشر عن العمل في الارض المحتلة. وحيث لا يمنع حذر من قدر فقد نفذت ارادة الله ومشيئته، وودعت الجماهير العربية والاسلامية امير الشهداء في موكب استفتاء ومبايعة للثورة الفلسطينية وللانتفاضة المباركة. وظن المجرمون انهم سيطفئون بجريمتها جذوة الثورة الشعبية فاذا البركان الهادر في فلسطين يتمدد مغطيا كل جبالها وسهولها في الجليل والمثلث والنقب وفي الضفة والقطاع. وصعدت روح ابي جهاد محاطة بارواح سبعة عشر شهيدا اصروا على مواكبة روحه الطاهرة وهي تصعد الى بارئها.
وجاءت اول نتائج الانتفاضة باعلان الاردن في اواخر تموز 1988 عن فك ارتباطه بالضفة الغربية.. مما جعلها تتحدد في اطار مفهوم القانون الدولي كارض فلسطينية محتلة. وأدى هذا التطور الى التعامل مع قراري مجلس الامن 242، 338 باعتبارهما يتعلقان بانسحاب الكيان الصهيوني من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 الى جانب الاراضي العربية المحتلة في الجولان. وفي مطلع شهر آب 1988 تحقق الانتصار العراقي في الحرب العراقية الايرانية. ولان الموقف العراقي المساند للثورة الفلسطينية والداعم للانتفاضة كان واضحا للعيان ومعلنا للملأ. فقد بدأت الدوائر الامبريالية تخطط لاحتواء العراق وطاقاته العسكرية بعيدا عن معركة المواجهة مع العدو الصهيوني. وتلخص الموقف السياسي الامريكي تجاه الشرق الاوسط في التقرير الذي اعدته اللجنة الرئاسية تحت عنوان "البناء من اجل السلام"، والذي انطلق من ارضية شرخ الشعب الفلسطيني بين الداخل والخارج. واعتبار الداخل هم الفلسطينيون الذين انتفضوا، ومعهم يكون التفاهم الاسرائيلي لحل المشكلة الفلسطينية على اساس اتفاقيات كامب ديفيد. اما فلسطينيو الخارج فهم لاجئون عرب تحل مشكلتهم في البلدان العربية.
اما بالنسبة للعراق فقد تطلع التقرير الى احتوائه عبر تحالف ضمني يضم العراق والسعودية والكيان الصهيوني. حيث يشكل هذا التحالف، لو تحقق، خدمة لمصالح الامبريالية الامريكية وسيطرتها المطلقة على النفط العالمي.
وقد تصدى الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده للمخطط التقسيمي التصفوي. وجاء رد الانتفاضة الجبارة. وشعارها النضالي.. دحر الاحتلال والحرية والاستقلال الوطني..
وجاء تجاوب المنظمة مع شعار الانتفاضة باعلان الاستقلال لدولة فلسطين في دورة المجلس الوطني التاسعة عشرة المنعقد في الجزائر بتاريخ 15-11-1988.
كانت بوادر التفكك في المنظومة الاشتراكية بعد هزيمة الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة قد بدأت تعطي نتائج سلبية. وكان اخطر هذه النتائج ذلك التهجير المكثف ليهود الاتحاد السوفيتي واوروبا الشرقية الى فلسطين المحتلة. وقد اتسع نطاق هذه الهجرة واتسع معه نطاق اغتصاب الاراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة وانشاء المستوطنات الصهيونية عليها.
ليس هناك من فلسطيني يستطيع الادعاء انه ذهب إلى مؤتمر مدريد حسب شروطه وبكامل ارادته الثورية او تطبيقا للاسس التي اقرها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته العشرين او الاسس بحدها الادنى الذي اقرها المجلس المركزي في دورته الاخيرة وخاصة ما يتعلق بوقف الاستيطان. ان المجازفة الدبلوماسية التي تخوضها منظمة التحرير الفلسطينية في العبور في الممر الاجباري في اطار الخطة الاعتراضية لمنع التصفية، وقرارها القاضي بتقليل الخسائر يتطلب موقفا واضحا وصريحا وصادقا عما يجري على ارض الواقع.
لا يختلف اثنان على شرعية حق الاختلاف حول ما يسمى مؤتمر السلام. فأكثر المتحمسين له اصيبوا بخيبة امل من التعنت الصهيوني والتعسف الامريكي. ولكن اولئك الذين صوروا الذهاب إلى مؤتمر مدريد بالمواصفات الراهنة انتصارا، انما يكذبون على انفسهم ويخدعون شعبهم. ولو قالوا بانه ضرورة حتمية اعتقدوها نتيجة ما فرضته موازين القوى الراهنة بعد جريمة حفر الباطن وبهدف تقليل الخسائر لكانوا اقرب إلى الصواب.
والذين صوروا الذهاب إلى مؤتمر مدريد بالمواصفات الراهنة انتحارا هم اقرب إلى الحقيقة اذا ما كانوا هم انفسهم اداة هذا الانتحار، واداة تكريس الخسائر، والمزيد من الخسائر واخطرها خطر انهيار سقف الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة مؤامرة التصفية.
اما اصوات من نوع تلك التي تصدر عن "ملالي" ايران تحت شعارات اسلامية تذكرنا بايران جيت، وبالطعنة الغادرة التي وجهت إلى الشعب العراقي وجيشه البطل وهو يخوض معركة المواجهة مع ما يسمونه الشيطان الاكبر.. فانها اصوات ليست في مجال ابداء رأينا في هذه المرحلة.
ان المجازفة الدبلوماسية التي تخوضها منظمة التحرير الفلسطينية بتوجيهها غير المباشر للوفد الفلسطيني في مؤتمر مدريد ترتكز على الموقف العربي الموحد لتعزيز قدرتها على تقليل الخسائر وضمان الخروج سالمة من التجربة، او العمل على تطويرها مستقبلا بالتكامل الضروري مع تصعيد الكفاح المسلح والانتفاضة الباسلة. لقد حققت اللقاءات العربية احد الاسس التي اقرها المجلس الوطني، كضرورة للمطالبة بالشرعية العربية التي اقرتها قرارات القمة العربية، بما يضمن تحقيق الحل الشامل واستبعاد الحلول المنفردة وصفقات كامب ديفيد، الجديدة التي قد تترك الشعب الفلسطيني وحيدا في حلبة المواجهة مع العدو الصهيوني. ان ترابط المصالح القومية العربية تقتضي عودة التلاحم الفلسطيني مع كل الاطراف العربية، بحيث تصبح قضية القدس وقضية الانسحاب من جميع الاراضي العربية المحتلة وتحقيق الاهداف الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف هي محور التلاحم العربي. وسواء استمر مؤتمر مدريد او انفرط عقده، فان هذا الموقف الفلسطيني الذي تعبر عنه منظمة التحرير الفلسطينية هو اهم ثوابت حركتنا فتح. وعلينا للمحافظة على مسيرتنا النضالية ان لا تكون المجازفة الدبلوماسية على حسب مبادئنا وثوابتنا. واذا كانت الدبلوماسية تتحمل المجازفة، فان المبادئ الراسخة لا تتحملها. وعليه فان الاهداف الاستراتيجية لحركتنا يجب ان لا تهتز نتيجة الاوضاع الراهنة. فالمستقبل ليس حالة استاتيكية.
ونحن مطالبون باحداث التغييرات التي تضمن تغيير موازين القوى لصالح حركتنا وثورتنا ومنظمتنا وشعبنا وامتنا، ونحن باعتبارها طليعة الامة العربية في معركة تحرير فلسطين، اكثر الاطراف المعنية في تحقيق الظروف الاكثر مناسبة لتحقيق الانجازات. وعلى ابناء حركتنا في كل اماكن تواجدهم ان يتعاملوا مع الواقع الراهن باعتباره احد نتائج الزلازل المتتالية التي اصابت جبهتنا العالمية والعربية والفلسطينية. فالانهيار السوفيتي ونهاية الحرب الباردة لصالح امريكا وما تبع ذلك من نتائج حرب الخليج وما عاناه شعبنا تحت الاحتلال في مواجهة الاستيطان الزاحفواثار الانقلاب الدموي الذي جرى على نصف القلب الواحد ما هوا الا زوبعة في مزبلة التاريخ ووصمة عار في جباه العنلاء والخونة والمرتدين هناك كثير من الصفات التي ممكن ان تقال في حق هؤلاء المارقين ولكن نترك هذا للزمن . كل هذا يتطلب منا الاستعداد لمواجهات قد تكون اكثر صعوبة، ولكن علينا عدم التسليم تحت كل الظروف بمقومات وجودنا ووجود حركتنا التي انطلقت في ظروف اكثر صعوبة، وهي قادرة على تجاوز كل العقبات ما دام ابناؤها في حالة تلاحم وتمسك بعهد الشهداء، عهد الوفاء، عهد الاستمرار بالثورة حتى النصر.
بقلم / ابو انس 24/10/2007
المراجع
1/ مركز الدراسات الفلسطيني / دار الكرامة
2 / مركز دراسات الجزيرة