المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عروس الصَّبا



محمد نادر فرج
07/12/2011, 07:06 AM
عروسُ الصَّبا

أسفرتْ عن جمالِها الحسناءُ
فاستنارَ الدُّجى وعمَّ الضياءُ

طَلعَتْ كوكبُ البدورِ تَهادى
في شموخٍ يزينُها الخُيلاءُ

طَلعَتْ والدُّجى تطاوَلَ حتى
أطبقَ اليأسُ واستحالَ الرَّجاءُ

قتَلَ اليأسُ عاشقيها فهاموا
تتلظَّى منَ الأسى الأحشاءُ

حينَ ظَنَّ الجميعُ أنَّ المنايا
قدْ طوتها وعاثَ فيها الفَناءُ

خَطرَتْ كالشُّموسِ تنشرُ بشرا
فأضاءتْ بنورِها الغَبراءُ

وتثنَّتْ تجرُّ ذيلَ فَخارٍ
حملَ المجدُ طرفَهُ والإباءُ

قلتُ مَنْ أنتِ قد فديتُكِ نفسي
قصُرَتْ دونَ حُسنِكِ الأهواءُ

فأجابتْ بعزَّةٍ وجَلالٍ
ودَلالٍ أفاضَ فيه الحَياءُ

أأنا مَنْ قَصَدْتَ ويحَكَ إني
مَلأَ الكونَ من شُعاعي الضياءُ

** * **
سحَرَ الكونَ والأنامَ جَمالي
وتغنَّى بفتنتي الشُّعراءُ

وكساني الهُدى ثيابَ فَخارٍ
ما تحلَّى بمثلِها الأمراءُ

خطَبَ المجدُ والتَّفاخُرُ ودِّي
وهوتْ دونَ رِفعَتي العَلياءُ

وسَمَتْ لي مَآثِرٌ في البَرايا
فشعاري النَّدى وسَمْتي السَّخاءُ

وتراقَصْتُ للصَّبا تتغاوى
خَطَلاً والنَّسائِمِ الصَّحراءُ

ذكرياتُ الأصيلِ مجلسُ أنسٍ
ومعَ اللَّيلِ للهوى أصداءُ

فالعَشيّاتُ والحمى والخُزامى
هي والبيدُ والهوى والصَّفاءُ

هاجَ منها في العاشقينَ شُجونٌ
طابَ فيها معَ العَرارِ المساءُ

رَقَّ طبعي على فَظاظَةِ عَيشي
ومعَ اللَّيلِ كمْ يطيبُ الحُداءُ

لِيَ أهدى الأصيلُ تاجَ لجينٍ
فإذا البيدُ مُدنَفٌ والعَراءُ

وعلى بَسمةِ النَّسائِمِ أغفو
فالكَرى مِنْ صَفائِها إغفاءُ

قدْ سَلبتُ الورى بسحرِ بَياني
ولِيَ الشِّعرُ طائعٌ والغِناءُ

وتَميَّزتُ في الفَصاحَةِ حتّى
ذُهلَتْ من بَلاغَتي الحُكماء

أترى قدْ عَرَفتَني ليتَ شِعري
أم أضاعَتْ بشاشَتي الأسماءُ

ليسَ في الكونِ عاشقٌ إن رآني
لم يَذُبْ أو يهزُّهُ الإطراءُ

أنا مَنْ اسمُها العروبَةُ روحي
هوَ شَرْعُ الهُدى وسَمتي العَطاءُ

مولدي بَعثَةُ الرَّسولِ أنارَتْ
من سَناهُ الرُّبا وعَمَّ الضِّياءُ

** * **
قدْ تفرَّدْتُ في الأنامِ بوحيٍّ
عَجزَتْ عنْ بيانِهِ البُلغاءُ

فسَما بي إلى من معارجِ مَجدٍ
قَصُرَتْ دونَ نيلِها الأهواءُ

هوَ كَنْزُ الكنوزِ ليسَ يُباهى
وإلى الناسِ رَحمةٌ وشِفاءُ

هو ذا المصحَفُ الطَّهورُ ورَبّي
يصطَفي فيهِ للعُلا مَنْ يشاءُ

إنهُ مُعجِزُ الزَّمانِ وحارَتْ
كيفَ تَرميهِ بالرَّدى الأعداءُ

سخِروا منهُ جاهلين وظنوا
أنه رَثَّ أو عَراهُ العَفاءُ

وإذا كلَّ ما استبانوا جَديداً
كشفتْ عنه هِمةٌ قَعساءُ
ُ
ثَمَّ ألفوهُ مَعلماً يتوارى
نطقتْ فيه آيةٌ زهراءُ

كلَّ يومٍ تلوحُ منهُ كُشوفٌ
أدركَتْ فيهِ عَجزَها العُلماءُ

فيهِ فَخري وعِزَّتي وجَلالي
وهو الرُّوحُ شأنُهُ الإحياءُ

الرياض 17 /11 /2004 م
محمد نادر فرج