المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "الناخِب الجيِّد".. هذا هو!



جواد البشيتي
15/04/2007, 01:11 PM
"الناخِب الجيِّد".. هذا هو!

جواد البشيتي

إذا كانت تلك التي رأيْتها، وأراها، سمعتها، وأسمعها، هي المعايير والموازين والدوافع والمصالح والأهداف..، فليس من كلمة حق تَحُضني على قولها سوى "الناخب الجيِّد هو الذي لا يَنْتَخِب"!

لقد بدأ "المرشَّحون" يُعِدُّون العُدَّة، ويحشدون قواهم، ويختبرون نفوذهم، ويلبسون ثيابهم الانتخابية الزاهية الألوان، فالانتخابات البرلمانية على الأبواب، والقانون الانتخابي، الذي يتَّسِع لهم، ولمصالحهم الشخصية والعائلية.. والفئوية الضيقة، فلا يضيق إلا بالمجتمع والمصالح العامة للمواطنين، سيظلُّ، على ما يعلمون ويتوقَّعون، على حاله، وكأنْ لا انتخابات تَجْتَذِبُ إليها الناخبين إذا ما أُجْرِيَت وِفْقَ قانون انتخابي جديد، يتحزَّب به "المرشَّح"، و"الناخب"، سياسيا وفكريا، متخطِّياً هذا التحزُّب المنافي للديمقراطية، جوهراً، وإنْ وافقها شكلاً.

بعضٌ من هؤلاء المرشَّحين، أو الذين تراودهم الرغبة في الترشيح، رأيْتُهم، وسمعتهم، في المجالس الشعبية للأتراح والأفراح يسألون ويُسْألون في شؤون الانتخابات وشجونها، وقد خلت الأحاديث من كل ما له صلة بالسياسة، والبرامج الانتخابية السياسية، وكأنَّ الانتخابات هي لبرلمان لا أثر للسياسة فيه، مع أنَّ "تسييسه" يعني أن يُسْمَح للمصالح العامة للشعب أن تَجِدَ لها مكانا فيه، ولو إلى جانب ممَّثلي المصالح غير العامة الذين يستأثرون بحصة الأسد من مقاعده.

رأيْتُهم، في تلك المجالس، يقيمون الوزن بالقسط ولا يُخْسِروا الميزان، فهذا المرشَّح الذي قد يُنافِس المرشَّح الذي يحادثونه (في المجلس) لا يستحق أصواتهم الانتخابية، ولن ينتخبوه، أو لن ينتخبوه هذه المرَّة؛ لأنَّه.. ؛أمَّا هذا الذي يجالسون ويُحادثون فقد عزموا، أو أظهروا له العزم، على انتخابه؛ لأنَّه..

بَعْدَ "لأنَّه"، التي تُعلِّل وتَشْرح الأسباب، لن تَعْثُر على "السبب الانتخابي" الذي تراه، ويُريكَ نفسه، في كل انتخابات تَوافَقَ فيها "شكل" الديمقراطية مع "محتواها"، أو جاءت "ثمرةً على دوحة الديمقراطية"، وليس ثمرةً في صندوق عند الخضَّار (بائع الخُضَر).

وقد يحتاج الأمر إلى مزيدٍ من التعمُّق والتوسُّع في بحثه، فيُخْرِج أحدهم ورقة وقلما ليشرع يحسب "الوزن الانتخابي (اللا سياسي)" لهذا المرشَّح أو ذاك، والذي مِنْ مكوِّناته (أي من مكوِّنات "الوزن الانتخابي") اليَد.. "اليد البيضاء"، و"اليد الخضراء"، فـ "المرشَّح"، قَبْل الانتخاب، ومن أجل أن يُنْتَخَب، لا بدَّ له من أن يُنْفِق ممَّا يُحِب، لعلَّه يؤلِّفَ قلوب بعض الناخبين. أمَّا "الأحلاف الانتخابية"، والتي يريد لها المرشَّح أن تكون له كـ "حلف الفضول"، فتشبهه، وتشبه الناخب، فالدافع إليها علاقته بالقيم والمبادئ الديمقراطية كمثل علاقة الماء بالنار.

في الانتخابات، وبها، تَظْهَر لنا، وتتأكَّد، مأساة الديمقراطية عندنا، والتي تُرينا ذاتها في "الناخب" أكثر من "المرشَّح"؛ لأنْ ليس للناخب، بوصفه مواطِناً، من مصلحة حقيقية في انتخاب هذا المرشَّح، الذي يَعْرِفَ على خير وجه كيف يَسْتَنْبِت مصالحه الشخصية في حقل المصلحة العامة.

أمَّا العاقبة الحتمية والطبيعية للانتخابات البرلمانية، والتي نراها دائما، فهي أن يُنْهي الناخبون احتفالهم بنائبهم، أي بمرشَّحهم الذي أفازوه بالمقعد النيابي، ليشرعوا يذمُّون ويَلعنون البرلمان المنتخَب والذي اكتشفوا، أو أعادوا اكتشاف، فقره السياسي والتمثيلي، وعجزه عن أن يكون في منزلته العليا وهي منزلة "خادم الشعب"!