المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العار (إلى الدكتورة غادة والـ "شْوية عِيالْ")



سعيد عبيد
04/02/2012, 12:45 AM
العــــــار


(إلى الدكتورة غادة
والـ "شْوية عيال" الذين معها)

خرج الغواني ثورةً ** ووقفتُ أرقبُ جمعَهُنَّهْ
يَخلعن ظلما طالما ** أقعى على أعناقهنهْ
والفتية الغر الذين توضؤوا بالعزم
صلَّوْا ركعتينْ
رفعوا الأكُفَّ
وأبرموا عهدَ الإخاءْ
عهدا تباركه السماءْ
والأمهاتُ القانتاتُ بدمعتينْ
رصّوا جدارا قبلهن
تكاتفوا يحمونهنهْ
فإذا بجيش مقبل ** يطوي الشوارع نحوهنه
وتسارهت "أبطاله" ** ضربت بطوق حولهنه
زغردن من فرط الأملْ
والفتية الغُرُّ الذين توضؤوا
هتفوا: أجل
زغرِدنَ يا أخواتنا
جاء الخلاصْ
إنا دفنا هاهنا زمنَ الرصاصْ
لكن جيش مباركٍ ** وقدَ اقسموا لَيُبتِّكُنَّهْ
يا للمرارة أخلفوا ** ميعادهمْ، ميعادهنهْ
شهروا الوعيدَ بوجههمْ ووجوههنهْ:
يا من تُشيعون الفسادَ بذي البلادْ
تبغونها فوضى؟
تظنون النظام – وقد قطَعتمْ رأسه طيشا – أشلَّ
بِلا أيادْ؟
إني أنا يده التي قد طالما
هصرت بغير ترددٍ
مُهجَ العبادْ
إني أنا حاني البلادْ
منْ سولت له نفسهُ غير الذي في نفس حُكام الرشادْ
لنوزعنّ على الكلاب الجائعات قَديدهُ
ولنفتتنّ كما الهباء عظامه
حتى الظلالُ لنمحُوَنّ ظلالَها
حتى الظلالْ
يا حفنة اللقطاء يا "شْويّةْ عِيالْ"
فإذا الجنودُ عِصِيُّها ** قد صُوِّبتْ لنُحورهنّهْ
وإذا القنابل والبنا ** دق والهراوَى والأسِنهْ
تجتاح ميدانَ الكرامهْ
وتُبيحُ دمَّ بطولةٍ
عقدَ الزمان لها نياشينَ الفخارْ
إذ زحزحتْ عرشَ الظلام المستبدِّ
وأسقطتْ عنهُ إمامَهْ
فتطاحن "الجيشانِ" سا ** عاتٍ تشيبُ لها الدُّجُنهْ
وتضعضع الفتيان والـ ** فتياتُ عن ميدانهنهْ
إلا عروساً مِن ذهبْ
قامت وقالت: لا
وقد عصفتْ بها نارُ الإهانة والغضبْ
لا يا جنودَ العِزّ
إنا قد أتينا هاهنا
من أجلكمْ
من أجل حلم صغاركمْ
جئنا نفكُّ قيودنا
وقيودَ شعب مسّهُ ضُرُّ الطُّغاةْ
فأحالهُ شبحاً بلا ماء الحياةْ
وقيودَكمْ
وبكل كفٍّ وردةٌ
وبكل قلبٍ ملءَ ما يسعُ الفؤادُ من الأملْ
يا جيشنا
إنا أتينا هاهنا
لنعيش نحن وأنت والأجيالُ في ظل الكرامة والهَنا
ولنا من الشمس البهية وهْجُها
ولنا من القمر السنا
إنا أتينا هاهنا
لنحط عنا، عنك، عن شعب الكنانة إصرنا
لا يبتني فرعونُ هذا العصر فوق ظهورنا هَرَماً
ولا تُلقي بنا نزواتُهُ إن شاءَ في قعر الدُّنى
بَسِمتْ ومَدّتْ وردةٌ
لكن جيش مباركٍ
غرِقاً بِنَعماءِ الولاءْ
نعمَ الوفاءْ!
حدَّ العَمى... حدَّ الصممْ
نكَلوا بها نكْلاً تشيـ ** ـبُ لِهَوله نُطفُ الأجنهْ
رفسوا شهامتها كَرفـ ** ـسِ الخيلِ مُطْلَقةِ الأعنَّهْ
وعِصيُّهم عطشآ إلى دمها المُباحْ
والنارُ تتَّقِدُ اتقادا في حُمَيّا هُوجِهمْ
وكأن ثأرا دارساً
قد صار بعد قُرون كبتٍ غائظٍ
طوعا وفي حُكمِ المُتاحْ
صرخوا وسبّوا... مزقوا
فتكوا ولم يترددوا
وتناثر الورد الجميل
وعفّرتهُ نعالهمْ
كالكانبالِ أو التتارْ
والغادةُ الحسناء تصرخ: لا
هذا غلطْ
لا، لا، فإنا هاهنا من أجلكم
من أجل لَمْع الحُلْم في أحداق لمع صغاركمْ
من أجل مصرَ، فمصرُ تنتظر انبعاث ضيائها
بعد انطفاءٍ
بالرجالِ بنا بكمْ
لكن جيش مباركٍ
غرِقاً بِنَعماءِ الولاءْ
نعمَ الوفاءْ!
حدَّ العَمى... حدَّ الصممْ
لم يُبصر الدمعَ البليغَ
بمقلة الورد المضرج بالدماء وبالخجلْ
لم يسمع الوجَعَ المُرجَّعَ في ذُبالات الأملْ
قال الجنود لبعضهمْ:
قد فاز من سلخ الثياب ومن سحلْ
وتضاحكوا... ها... ها... هها
اليومَ لا تثريبَ إن خُلع العِذارْ
ولْتشهدِ الكَمِراتُ في وضَح النهارْ!
ومضَوْا يبُزّون الوحوشَ جسارةٍ
كالكانِبالِ أو التتارْ

******

يأيها الجيش المدجـ ** ـجُ بالعصيِّ وبالأسنهْ
وعدوُّهُ فتيانُ صِدْ ** قٍ عُزَّلٌ، وبِجنبهنّهْ
زهراتُ مصرٍ قد تَخِذْ ** نَ من الزهور شِعارَهنهْ
يهنيكَ فخرُ النصر إذْ ** مزّقتَ عفَّ ثيابهنهْ
وسحلتهُنّ نِكايةٍ ** وقهرتهُمْ وقهرنهنه
نصرٌ عظيمٌ أين مِن ** لذّاتهِ سُكْرُ الأدنّهْ؟
عارٌ سيبقى خالداً ** كالوشمِ في رُجمِ الأظنهْ
ما لم تَعُدْ يابنَ الشُّعو ** بِ بجنبهنْ لا فوقهنّهْ

سعيــد عبيــد

سميرة رعبوب
09/02/2012, 10:03 PM
قوية المعنى والبناء ، جادت بها قريحة شاعر وأديب متمكن
شكرا لك فقد سررت بقرأتها كثيرا
احترامي ..

سعيد عبيد
14/02/2012, 11:31 PM
قوية المعنى والبناء ، جادت بها قريحة شاعر وأديب متمكن
شكرا لك فقد سررت بقرأتها كثيرا
احترامي ..


بارك الله فيك أستاذة سميرة، وسروري بسرورك بالنص أكبر... لا عدمنا أمثالك!

رشيد سوسان
15/02/2012, 01:08 AM
الشاعر القدير: سعيد عبيد.
رائع هذا النص، وعظيم ما سطرته فيه من
إيقاعات الحق المر. وقد أعجبني كثيرا هذا المقطع الرائع:

نكَلوا بها نكْلاً تشيـ ** ـبُ لِهَوله نُطفُ الأجنهْ
رفسوا شهامتها كَرفـ ** ـسِ الخيلِ مُطْلَقةِ الأعنَّهْ
وعِصيُّهم عطشآ إلى دمها المُباحْ
والنارُ تتَّقِدُ اتقادا في حُمَيّا هُوجِهمْ
وكأن ثأرا دارساً
قد صار بعد قُرون كبتٍ غائظٍ
طوعا وفي حُكمِ المُتاحْ
صرخوا وسبّوا... مزقوا
فتكوا ولم يترددوا
وتناثر الورد الجميل
وعفّرتهُ نعالهمْ
كالكانبالِ أو التتارْ
تقبل أصدق تحياتي أيها الشاعر الشاعر.
رشيد.

سعيد عبيد
16/02/2012, 12:04 AM
الشاعر القدير: سعيد عبيد.
رائع هذا النص، وعظيم ما سطرته فيه من
إيقاعات الحق المر. وقد أعجبني كثيرا هذا المقطع الرائع:

نكَلوا بها نكْلاً تشيـ ** ـبُ لِهَوله نُطفُ الأجنهْ
رفسوا شهامتها كَرفـ ** ـسِ الخيلِ مُطْلَقةِ الأعنَّهْ
وعِصيُّهم عطشآ إلى دمها المُباحْ
والنارُ تتَّقِدُ اتقادا في حُمَيّا هُوجِهمْ
وكأن ثأرا دارساً
قد صار بعد قُرون كبتٍ غائظٍ
طوعا وفي حُكمِ المُتاحْ
صرخوا وسبّوا... مزقوا
فتكوا ولم يترددوا
وتناثر الورد الجميل
وعفّرتهُ نعالهمْ
كالكانبالِ أو التتارْ
تقبل أصدق تحياتي أيها الشاعر الشاعر.
رشيد.


سلام الله عليك أخي الشاعر رشيد سوسان،

إطلالتك البهية هاهنا تسعدني، واستحسانك الجميل يشرف به النص، كيف لا وهو

صادر عن قدم عالية في الشعر...

شكر الله لك جميل مرورك وثنائك.