المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا زارع النور...



محمد نجيب بلحاج حسين
18/02/2012, 02:13 AM
يا زارع النور


يا قاعةَ الفصل ، يا بيتي ، وعنواني
ما أقصر العمر بين الآن والآن...

وا كبتِ درسي ، وتدريسي ، وتجربتي
في أن أفيد ببعض النصح إخواني

إنّي لأذكرُ طفلا ثائرا غَضِبا
في دربكِ الحرّ ، تستهديه أختان

"عد يا نجيب ، فأمّي عندها رُطَبٌ"
"عد فالمعلم لا يُعنى بصبيان"

لم يرجع الطّفل ، لم تُخدع فراستُه
فالقسم روض ، وعطر الرّوض ناداني

وقفت بالباب ، والأشواق تغمرني
لمّا رآني حبيب القلب حيّاني

كم كان فذّا ، يُحيط النّورُ طلعته
هذا ملاكي ، وهذا فارسي الحاني

وجه صبوح ، سبى عقلي وأوردتي
واجتاح جذري وسيقاني وأغصاني

لو ألتقيه بهذا اليوم أمنحه
انتاجَ عمري ، وأملاكي ، وتيجاني

هذا المعلم يا إخوان هيّأني
للإنطلاق إلى الدنيا بإيمان

***

ياقاعة الفصل ، كنت خير بنيان
كنّا نجيئك من كوخ و وديان

كانت ظروف من الحرمان تجعلنا
نسعى بجهد إلى قهر لحرمان

نقتات بالعلم من عقل به رشد
تحوي ثناياه أنْهارا لعرفان

كان المعلم في أريافنا بطلا
والكأس والفخر في تنوير إنسان

لو يبسَم الوجه أعلو للسّما طربا
أو يعبس الوجه أهوي نحو خذلان

ما كنت أخشاه في القسم وأرهبه
بل كنت أهواه مبهورا بإدمان

مازلت لليوم مسحورا بروعته
من قاوم الجهل كي يرقى بإذهان

لا أفضح السّرّ ، أو أفشي مجاملة
لو قلت أنّي مدين ، وهو ديّاني

يا زارع النور في قلبي وفي خلدي
هل نعمة النور تُحصى ضمن أوزان؟

ليس المعلم إلا رمز نهضتنا
جازوا المعلم إحسانا بإحسان

***

يا قاعة الفصل هل يطويك نسياني
في كل ركن من الأركان ألقاني

هنا شممت عطور الحبر منتشيا
هنا ترشقت بالطبشور خلاني

هنا حُظيت بتكريم على ألقي
هنا ضُربت لتقصيري و نسياني

هنا تجاوزت أقراني بلا تعب
هنا انهزمت وما جاوزت أقراني

هنا المسائل كانت لا تطاوعني
هنا القواعد أعيتني بعصيان

كان المعلم فانوسي إذا نضبت
أضواء زيتي ، وكان الدّاعم الباني

كنا صغارا ، ولكن بين أضلعنا
توقا لعزّ ومجد لا يرامان

إنّي لأذكر في فخر وفي عجب
كيف استفاضت بدمع الحزن عينان !

حين استعادت فرنسا بعض أربعنا
واستدرجتنا إلى قتل وإذعان

كنت ابن تسع هفا للذّود عن شرف
كم كنت أشتاق أن أجتاح ميداني!

بِنْزَرْتُ كانت تناديني لنصرتها
لكن سنيني مداها عضّ أسناني

شاركت في موكب الشجعان مختفيا
فاستبعِد الطفل عن دورٍ لشجعان

***

ياقاعة الفصل عند الموعد الثاني
لم ألق طيبا ، ولا عطرا لريحان

كل الميادين لا يخفى تطورها
وأنت والصّخرة الصّمّاء سيّان

نفس المقاعد ، بل صارت مسوّسة
يحلو لها الرقص من تحريك سيقان

لم ألق أني بنفس الوضع من سلفي
كان السعيد، وما فارقت أحزاني

ما خطط الناس في تحسين مدرستي
بل خطط الناس في التقليل من شاني

الرّاتب الضحل لا يحنو على تعبي
والجوع والفقر صارا بي يطوفان

الغوا طموحي وحالوا دون أمنيتي
كأنما المئزر المبيضّ أكفاني

ما من سبيل لأن أرتاح من كربي
غير التّكسّب من درس بأثمان

ماذا أقول عن الإصلاح يالهفي
يهوي إلى العار في إرضاء سلطان

كيف السبيل لأن ترقى مناهجنا
والفارس الحق لا يدعى لاتقان

***
ياقاعة الدرس ، تربو فيك أشجاني
هل في رحابك نلقى دفء أحضان؟

العش للطير محراب بروعته
وأنت للطفل أنقاض لقيعان

لو أنصفوا الطفل لاهتموا بسيده
واستقدموا الفصل من جنات رضوان

كل الخلائق تعطي من غرائزها
والنّاس يحصون في منّ ورجحان

إنّا اكتشفنا علوما ذات تقنية
هل من جهاز لبث أو لإعلان؟

البيت أضحى بتكييف وتدفئة
والفصل يبقى كما يبقى لأزمان

يا قاعة الفصل عذرا عن مجادلتي
أدعو لمجدك في جهري وإبطاني

إنّي المغادر ، أستبقيك في دعة
لو مسّك الخير ، أمن الله يغشاني

ما يثلج الصدر أن ألقاك باذخة
إشعاعك النور ، يغزو كل ميدان

أستودع الله صرحا يحتوي أملا
في أن نصير إلى مجد بأوطان

***

يا قاعة الفصل ، يا بحري وشطآني
بادت قلاعي ، وذا التجديف أعياني

في فترة النصح ما نفّذت خارطتي
فالنصح والوعظ ألفاظ لِتِبيان

وضع الرّقابة والتنظير أحرجني
بعض الأحبّة ، رغم الوُدّ عاداني

قبل التفقد ، ألقى الشغل منتظما
بعد التفقد ألقى شغلنا الفاني

جاء الرقيب ، ترى في القسم ملحمة
غاب الرقيب ، سباني خبث شيطاني

ان الرقيب ضمير بين اضلعنا
رب يراني ، ولا تخفاه الواني

نهج الكفايات لم يصنع مقاربة
تهدي إلى البذل في صدق وإمعان

قلبُ المعلم ، من يحتاج تنقية
لو أخلص القلبُ ، يُروى كل ظمآن

لن ينفع النصح والإرشاد من جُبِلوا
على التذمّر من ضعف ونقصان

شغل المعلم أتعاب مكدسة
لا ربح فيها سوى منّ لرحمان

الفصل ياسيدي محراب أدعية
والدرس ياسيدي تمجيد منّان



يا قاعة الفصل ، يسقي الكون تحناني
شوقي وودي كنهرين يفيضان...

اطوار عمري مضت كالبرق مسرعة
في كل عام ارى افواج فرسان

واليوم اغدو الى شيخوختي باسى
يزداد عمقا ، وتعلو منه اشجاني

اهل السياسة لم يعنوا بك ابدا
بل منك صاغوا شعارات لطغيان

ما للطرائق من سحر يعاضدها
تنظير قول ، بلا فعل وبرهان

بعض المدارس تشكو همَّ عزلتها
لم يفلح النور في تمزيق كثبان

لو انصفوها لصارت خير منتزه
يحوي جنانا ، ويحوي خير عمران

ما من مكان بارقى من قداستها
حتى المساجد ، حتى دور رهبان

متى سنعطي حقوق الطفل كاملة
من غير مَنٍّ ولا نهب لقرصان ؟

متى سنختار للتعليم افئدة
فيها من الحبِّ ...
طوفانٌ...
لِطُوفَانِ ؟...

لطفي منصور
18/02/2012, 02:37 PM
الأخ الشاعر محمد نجيب ...... تحية
من علمني حرفا صرت له عبدا
قم للمعلم وفه التبجيلا ..... كاد المعلم أن يكون رسولا
هكذا يجب أن يكون شأن المعلم
كانت عصورك في الزمان مهابة .... إذ كنت يومـــا في الحياة منعما
أنشأت جيلا نابغا في علمــــــــــه .... شمس تعانق في سماها الأنجما
ولكن الحال انقلب ولم يعد هناك من اهتمام بالعلم ولا المعلم
وتكالب الناس على الماديات ...و ...و ...و ...
كل التقدير لك ولحرفك النابض بالحق

لطفي منصور

عبدالوهاب القطب
19/02/2012, 06:41 PM
أخي محمد
قصيدة رائعة
احتفظت بنسخة منها
كأنك اطلعت على افكاري وترجمتها شعرا ببراعة ومهارة
رحم الله القائل
ان المعلم والطبيب اذا لم يكرما لم ينصحا

ابيات صادقة سلسة سهلة ممتنعة كيف لا تشد المرهفين الى النهاية

شكرا لك يا شاعري الجميل
فليس اجمل من شعر كهذا استهل به يومي

على فكرة لا زلت اذكر كلمات مدرس مخلص "عايف حاله"
ولك يا ... إنتبه ، يمكن تفهم الموضوع ويفيدك في يوم من الايام...ولك يلعن ابوه اللي وظفني ... هاي مش عيشة يا.. .&*%:sm_smile::sm_smile::sm_smile::sm_smile:
سقى الله تلك الايام ورحم الله ذلك الاستاذ الرائع المخلص الذي احترق
وهو يدرسنا ويعلمنا باخلاص وتصميم رغم ضيق الاحوال.


تحياتي القلبية واعجابي الشديد

عبدالوهاب القطب
ابن بيسان

ريمه الخاني
21/02/2012, 01:41 PM
السلام عليكم جميعا
وقصيدة عن عيون الشعر
دام مدادك رائعا رطبا بصوت العرفان
مع تحيتي

نايف ذوابه
24/02/2012, 01:30 AM
قصيدة جميلة ورشيقة كأنها حسناء تختال بحسنها وتباهي لداتها بما حازت من جمال وأوصاف ناهزت الكمال

أنصفت المعلم وهو كما ينبغي أن يكون .. معززا مكرما لأنه يبني العقول ويصوغ النفوس بالقدوة الصالحة

ما أندر المعلم المخلص في هذا الزمان الذي ما زال يحمل المهنة رسالة ويتقي الله فيما استرعاه الله

تستحق قصيدتك الجميلة الرقيقة والجزلة في آن أن تكون قلادة في جيد الموزون أخي الكريم وتستحق أن تكون في مناهج التعليم نصًّا أدبيًّا يحمل رسالة عميقة للمجتمع ويصقل ذوق الناشئة بجمال رفيع ويكرس لديهم قيمًا رفيعة .. احترام المعلم واحترام العلم كقيمة عليا في المجتمع ..

لكن ما زلت أطمح أن يستجيب شعراؤنا للعصر الرقمي فيوجزوا ويكتبوا القصيدة الرقمية التي تستجيب لدواعي العصر وسرعة إيقاعه ..

من حيث ضيق الوقت وتبرم النفس بالتطويل والإسهاب على الرغم من قوة المعاني وتدفق القصيد على صعيد واحد غير متفاوت .. ولكن

لا بد أن نعيش إيقاع عصرنا الذي ينعكس على كل شيء في حياتنا .. عصر القصة القصيرة جدا.. الوخزة السريعة المؤلمة من غير وجع بالغ .. منبهة .. والوجبة الخفيفة وأيضا الإقبال أصبح على السيارات الصغيرة ..

تحياتي لك وأرجو ألا أكون قد هرفت ولا ثرثرت بما لم أعرف .. أو أحيط ..

مسك الختام ..

مريم الوادي
29/02/2012, 01:16 PM
سلم اليراع اخي الكريم
كم من الذكرى تختزن قلوبنا حول الهناك..
بوركت ودمت
مودتي

منى حسن محمد الحاج
07/03/2012, 12:45 PM
ليس المعلم إلا رمز نهضتنا
جازوا المعلم إحسانا بإحسان
الله الله
كاد المعلم أن يكون رسولا
أحسنت أخي وأستاذنا محمد نجيب بلحاج
شعر من وفاء وحكمة وأصالة
لك مودتي وكبير تقديري

مجذوب العيد المشراوي
09/03/2012, 03:08 PM
يا زارع النور


يا قاعةَ الفصل ، يا بيتي ، وعنواني
ما أقصر العمر بين الآن والآن...

وا كبتِ درسي ، وتدريسي ، وتجربتي
في أن أفيد ببعض النصح إخواني

إنّي لأذكرُ طفلا ثائرا غَضِبا
في دربكِ الحرّ ، تستهديه أختان

"عد يا نجيب ، فأمّي عندها رُطَبٌ"
"عد فالمعلم لا يُعنى بصبيان"

لم يرجع الطّفل ، لم تُخدع فراستُه
فالقسم روض ، وعطر الرّوض ناداني

وقفت بالباب ، والأشواق تخلعني
لمّا رآني حبيب القلب حيّاني

كم كان فذّا ، يُحيط النّور طلعته
هذا ملاكي ، وهذا فارسي الحاني

وجه صبوح ، سبى عقلي وجمجمتي
واستوطن اللبّ من قلبي ووجداني

لو ألتقيه بهذا اليوم أمنحه
انتاج عمري ، وأملاكي ، وتيجاني

هذا المعلم يا إخوان هيّأني
للإنطلاق إلى الدنيا بإيمان

***

ياقاعة الفصل ، كنت خير بنيان
كنّا نجيئك من كوخ و وديان

كانت ظروف من الحرمان تجعلنا
نسعى بجهد إلى قهر لحرمان

نقتات بالعلم من قاموس معرفة
في عقله القطب قاموس لعرفان

كان المعلم في أريافنا بطلا
والكأس والفخر في تنوير إنسان

لو يبسَم الوجه أعلو للسّما طربا
أو يعبس الوجه أهوي نحو خذلان

ما كنت أخشاه في القسم وأرهبه
بل كنت أعشقه من غير بهتان

مازلت لليوم مسحورا بروعته
من قاوم الجهل كي يرقى بإذهان

لا أفضح السّرّ ، أو أفشي مجاملة
لو قلت أنّي مدين ، وهو ديّاني

يا زارع النور في قلبي وفي خلدي
هل ثمرة النور نحصيها بأثمان؟

ليس المعلم إلا رمز نهضتنا
جازوا المعلم إحسانا بإحسان

***

يا قاعة الفصل هل يطويك نسياني
في كل ركن من الأركان ألقاني

هنا شممت عطور الحبر منتشيا
هنا ترشقت بالطبشور خلاني

هنا حظيت بتكريم على ألقي
هنا ضُربت لتقصيري و نسياني

هنا تجاوزت أقراني بلا تعب
هنا انهزمت وما جاوزت أقراني

هنا المسائل كانت لا تطاوعني
هنا القواعد أعيتني بعصيان

كان المعلم فانوسي إذا نضبت
أضواء زيتي ، وكان الداعم الباني

كنا صغارا ، ولكن بين أضلعنا
توقا لعزّ ومجد لا يرامان

إنّي لأذكر في فخر وفي عجب
كيف استفاضت بدمع الحزن عينان

حين استعادت فرنسا بعض أربعنا
واستدرجتنا إلى قتل وإذعان

كنت ابن تسع هفا للذّود عن شرف
كم كنت أشتاق أن أجتاح ميداني

***

ياقاعة الفصل عند الموعد الثاني
لم ألق طيبا ، ولا عطرا لريحان

كل الميادين لا يخفى تطورها
وأنت والصّخرة الصّمّاء سيّان

نفس المقاعد ، بل صارت مسوّسة
يحلو لها الرقص من تحريك سيقان

لم ألق أني بنفس الوضع من سلفي
كان سعيدا ، وما فارقت أحزاني

ما خطط الناس في تحسين مدرستي
بل خطط الناس في التقليل من شاني

الرّاتب الضحل لا يحنو على تعبي
والجوع والفقر صارا بي يطوفان

الغوا طموحي وحالوا دون أمنيتي
كأنما المئزر المبيضّ أكفاني

ما من سبيل لأن أرتاح من كربي
غير التّكسّب من درس بأثمان

ماذا أقول عن الإصلاح يالهفي
يهوي إلى العار في إرضاء سلطان

كيف السبيل لأن ترقى مناهجنا
إن لم تسانَد بتدبيري وإتقاني

***
ياقاعة الدرس ، تربو فيك أشجاني
هل في رحابك نلقى دفء أحضان؟

العش للطير محراب بروعته
وأنت للطفل أنقاض لقيعان

لو أنصفوا الطفل لاهتموا بسيده
واستقدموا الفصل من جنات رضوان

كل الخلائق تعطي من غرائزها
والنّاس يحصون في منّ ورجحان

إنّا اكتشفنا علوما ذات تقنية
هل من جهاز لبث أو لإعلان؟

البيت أضحى بتكييف وتدفئة
والفصل يبقى كما يبقى لأزمان

يا قاعة الفصل عذرا عن مجادلتي
أدعو لمجدك في جهري وإبطاني

إنّي المغادر ، أستبقيك في دعة
لو مسّك الخير ، أمن الله يغشاني

ما يثلج الصدر أن ألقاك باذخة
إشعاعك النور ، يغزو كل أكوان

أستودع الله صرحا يحتوي أملا
في أن نصير إلى مجد بأوطان

***

يا قاعة الفصل ، يا بحري وشطآني
بادت قلاعي ، وذا التجديف أعياني

في فترة النصح ما نفّذت خارطتي
فالنصح والوعظ ألفاظ لِتِبيان

وضع الرّقابة والتنظير أحرجني
بعض الأحبّة ، رغم الوُدّ عاداني

قبل التفقد ، ألقى الشغل منتظما
بعد التفقد ألقى شغلنا الفاني

جاء الرقيب ، ترى في القسم ملحمة
غاب الرقيب ، سباني خبث شيطاني

نهج الكفايات لم يصنع مقاربة
تهدي إلى البذل في صدق وإمعان

قلبُ المعلم ، من يحتاج تنقية
لو أخلص القلبُ ، يُروّى كل ظمآن

لن ينفع النصح والإرشاد من جُبِلوا
على التذمّر من ضعف ونقصان

إنّ الرّقيب ضمير بين أضلعنا
ربّ يراني وأرجو منه غفراني

شغل المعلم أتعاب مكدسة
لا ربح فيها سوى منّ لرحمان

الفصل ياسيدي محراب أدعية
والدرس ياسيدي تمجيد منّان


جميل هذا النص يا محمد .... ووحدة الموضوع مع السرد كافيان أحييك

سمل السودانى
08/12/2015, 10:31 AM
كلام جميل