المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب وصف باشوية بغداد سنة 1809 للقنصل الفرنسي جاك لوي روسّو، لأول مرة بالعربية



الدكتور انيس القيسي
24/02/2012, 05:09 PM
وصف باشوية بغداد سنة 1809
جان بابتيست جاك لوي روسّو
ترجمة وتعليق
خالد عبد اللطيف حسين

صدر عن بيت الحكمة ببغداد كتاب القنصل الفرنسي جان بابتيست جاك لوي روسّو، المعنون: وصف باشوية بغداد سنة 1809، ترجمهُ عن الفرنسية الأستاذ خالد عبد اللطيف حسين. ويحتل الكتاب أهمية تاريخية خاصة، وهو من الكتب النادرة جدا، الذي صدرت ترجمته لأول مرة بالعربية بهذه الطبعة، وهي بواقع (157) صفحة من القطع المتوسط. وسننقل هنا مقدمة المترجم ووصفه للكتاب الاصلي.

مقدمة المترجم
لا يخفى على أحد أهمية الدور الذي يمثله أدب الرحلات في ملء الفراغ التاريخي الكبير الذي خلّفه الغزو المغولي، بقيادة هولاكو، للعراق وإستباحته مدينة السلام، بغداد في سنة 1258م.
وما من شك بأن الكل يتفق على أن كتاب ستيفن هيمسلي لونكريك، الموسوم أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث، يكاد يكون أهم مرجع في نقل الأحداث والوقائع التاريخية التي مر بها العراق إبّان الحقبة المظلمة التي عزف عن التدوين خلالها معظم المؤرخين بسبب إستمرار الحروب والغزوات، وكثرة الفيضانات وإنتشار الأوبئة والأمراض.
ولاريب في أن مدوّنات الرحّالة والمستشرقين الأوربيين، الذين بدأت طلائعهم تتوافد على بلدان الشرق (الفردوس المفقود)، منذ مطلع القرن السادس عشر حتى القرن العشرين، قد أسهمت بشكل جاد في الكشف عن كثير من الجوانب الغامضة، السياسية والدينية والإقتصادية والإجتماعية، من تاريخ العراق إبّان العهد العثماني. بيد أننا، لو تعمقنا قليلا، لوجدنا أن هناك الكثير من الكتب المهمة والوثائق السرية والملفات الخاصة التي تخص أحوال العراق والخليج العربي والجزيرة العربية، لا تزال محفوظة في مدوّنات المستشرقين ووزاتي الخارجية البريطانية والفرنسية، لم يكشف عنها النقاب لحد الآن.
وضمن هذا الإطار، أقدمنا على إنجاز عمل مشترك، مع الدكتور الفاضل أنيس عبد الخالق محمود، لإعداد موسوعة علمية تاريخية ضخمة تضم نحو مائة رحلة، أنجزنا القسم الأول منها بعون الله وتوفيقه، بعد أن ترجمنا النصوص الكاملة لما يخص العراق في أكثر من عشرين رحلة نادرة لنخبة متميزة من الرحّالة والمستشرقين من جنسيات مختلفة، ضمّت المبشر والدبلوماسي والأكاديمي والتاجر، في موسوعة حملت عنوان العراق في كتابات الرحّالة الأجانب من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر.
وكان من بين الكتب المهمة التي لفتت إنتباهنا كتاب (وصف باشوية بغداد)، الذي ألّفه القنصل العام الفرنسي في بغداد وحلب جان بابتيست لويس روسّو، الذي قام بنشره في باريس، سنة 1809، المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي، أستاذ اللغة العربية ومدير مدرسة اللغات الحية في باريس سنة 1826، وهو من المهتمين بشؤون الأديان، ومستشار في وزارة الخارجية الفرنسية.

أهمية الكتاب
لاشك بأن كتاب وصف باشوية بغداد يتمتع بأهمية خاصة، وقد كان حاضرا في أذهان المؤرخين والباحثين، غائبا عن أعين الكثيرين منهم. إذ أشاد بأهميته عدد كبير من الأساتذة الأفاضل، فكان ذلك من الأسباب التي دفعتنا إلى ترجمته. فقد أشار إلى أهميته الدكتور يوسف حبي في ترجمته لرحلة أوليفييه إلى العراق. كما أشاد به الدكتور بطرس حداد في ترجمته لكتاب رحلة إلى جزيرة العرب سنة 1808، وقال بأنه: ”كتاب مهم لأنه يركز أخباره على بغداد ولم يترجم إلى العربية على حد علمي“. وذكر لونكريك، في كتابه المشار إليه في أعلاه، بأن المراجع التي لها علاقة بتاريخ العراق كثيرة ولا يمكن سردها... ومنها وصف باشوية بغداد“. كما ذكر الدكتور عويضة بن متيريك الجهني، في بحثه الموسوم كتاب موجز لتاريخ الوهابيين، للسير هارفرد جونز بريدجز، المنشور في مجلة الجمعية التاريخية السعودية: ”ومن أبرز الكتاب الأوربيين الذين نقلوا أخبار الدعوة الإصلاحية بشئ من التفصيل إلى أوربا السيد جان بابتيست روسّو... ثمَّ أعاد نشره ملحقا بكتابه الآخر (وصف باشوية بغداد)، في باريس 1809م/ 1224ھ“.

وصف الكتاب
يتكون الكتاب من (261) صفحة من القطع المتوسط، وتحمل واجهته عنوان:
Description du Pachalik de Bagdad, suivie D'une Notice Historique sur les Wahabis, et de quelque autres pieces relatives à l'Histoire et à la Littérature de l'Orient, par, M. [Jean Baptiste Louis Jacques Rousseau], Paris, 1809.
(وصف ولاية بغداد، مع موجز عن تاريخ الوهابيين وبعض القطع التاريخية والأدبية عن الشرق). بعدها مقدمة المستشرق دي ساسي، يليها المحتوى، الذي تعقبه أربعة محاور رئيسة، هي:
أولا: وصف باشوية بغداد، الصفحات (1-122)؛
ثانيا: نبذة عن الوهابيين، الصفحات (123- 182)؛
ثالثا: نبذة عن اليزيدية، الصفحات (183- 210)؛
رابعا: أشعار فارسية مترجمة، الصفحات (211- 232). وهناك مقدمة ثانية تسبق المحور الثالث، الصفحات (183-190) تتعلق باليزيدية. ويعقب المحور الرابع فهرس أبجدي بأسماء الأعلام، الصفحات (233- 261). وقبل أن نسترسل في هذه المقدمة بعيدا، نجد من الضروري أن نعرض نبذة موجزة عن المحاور الأربعة.
المحور الأول: يعد هذا المحور صفحة منسية من تاريخ العراق إبّان أواخر العهد المملوكي، حاول روسّو فيه الكشف عن أسرار تلك الحقبة الغامضة من خلال عمله قنصلا لفرنسا في زمن الوالي علي باشا (1802- 1806)، وهي حقبة إتسمت بالدسائس والمؤامرات وعصيان القبائل وكثرة هجمات الوهابيين وتمرد الأكراد على السلطة المركزية. كما يتناول المحور جانبا من نشاطات الوكالات التجارية في كل من بلاد فارس وبغداد والبصرة، والتنافس التجاري بين فرنسا وإنكلترا.
المحور الثاني: في هذا المحور يعدّ روسّو من أبرز الكتاب الأوربيين الذين نقلوا إلى أوربا أخبار الظروف الممهدة لقيام الدولة السعودية الأولى (1744- 1818)، ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فاستأثرت بإهتمام الدبلوماسيين الأوربيين، ولاسيما الإنكليز والفرنسيين.
المحور الثالث: يتناول هذا المحور موضوع اليزيدية، الذين يطلقون على أنفسهم إسم (أيزيدية)، وهو من أعمال الأب كاريزوني وليس روسّو، وقد أدرجه الناشر دي ساسي ضمن هذا الكتاب لعلاقته بوصف باشوية بغداد. وموضوع هذا المحور من المواضيع الشيّقة التي تبحث في نشأة الطائفة اليزيدية وعاداتهم وتقاليدهم وديانتهم ومناطق سكناهم، وما إلى ذلك.
المحور الرابع: هذا المحور موضوع أدبي صِرف، فلم نكلف نفسنا عناء ترجمته، ويتضمن مجموعة من الأشعار الفارسية ترجمها روسّو إلى اللغة الفرنسية، وحاول من خلالها إظهار مهارته اللغوية وإستيعابه لمختلف اللغات الشرقية، ومنها الفارسية.

نبذة مختصرة عن حياة روسّو وعائلته
ينتسب روسّو إلى عائلة الأديب والكاتب الفرنسي المشهور جان جاك روسّو، وهي عائلة غنية عن التعريف. وسبق لأبيه لوي جاك روسّو (1738ـ 12 مايس 1808) أن خدم المصالح الفرنسية، ممثلا لبلاده، بصفة قنصل، في كل من إيران والعراق وسوريا حتى وفاته، حينما حل محله إبنه جان بابتيست لوي روسّو قنصلا لفرنسا في حلب بين (1808ـ 1814)، ثمّ في بغداد من سنة 1814 حتى وفاته في سنة 1831 بطرابلس. وله مؤلفات عديدة، منها:
1. رحلة من بغداد إلى حلب، سنة 1808؛
2. رحلة إلى الجزيرة العربية، سنة 1808؛
3. وصف باشوية حلب (بصدد الترجمة)؛
4. رحلة من حلب إلى بغداد، سنة 1807 (غير مترجم)؛
5. مذكرة في الطوائف الثلاث المشهورة في الإسلام: الوهابيون، النصيريون، والإسماعيليون، 1818، (بصدد الترجمة).

ترجمتنا للنص
لا نريد هنا أن نسهب في ذكر صعوبات الترجمة، بل سنكتفي بالقول إن التغييرات التي طرأت على اللغة الفرنسية خلال أكثر من مائتي سنة، فضلا عن الأخطاء الإملائية وإسلوب روسّو الكتابي، الذي يتّسم بشئ من التعقيد، زاد من صعوبة الترجمة. ومع ذلك، حافظنا على النص قدر الإمكان، ولم نحذف أو نغير أو نحوّر أي شئ، وأضفنا فقط بعض الهوامش التوضيحية والعناوين الثانوية لفصول الكتاب، لتوضيح محتوى الكتاب وتسهيل قرائته، مع أن الترجمة لا تخلو، بكل تأكيد، من هفوات غير مقصودة هنا وهناك، فنعتذر للقراء الكرام عنها.
وبهذه المناسبة، نود أن نشير بأن روسّو يعد من أشهر المستشرقين الفرنسيين، وأن ملاحظاته وآرائه تعبر عن وجهة نظره فقط، وهي مكرّسة لخدمة الأهداف السياسية والإقتصادية لبلده فرنسا، وليست موجهة لنا نحن العرب، بدليل إنه لم ينشرها بل تولى نشرها المستشرق دي ساسي. فلا عجب أن نجد بين طياتها الكثير من العبارات التي لا يمكن قبولها أو حتى إستساغتها أحيانا. ويكفي هنا أن نذكر أانه ينعت المسلمين بالمحمَّديين أو الأتراك، فيعد الدين الإسلامي الحنيف رجلا لا عقيدة.
إن هذا الكتاب وثيقة تاريخية نادرة تسلط الضوء، لأول مرة، على حوادث العقد الأول من القرن التاسع عشر، التي بقيت تفاصيلها المعقدة الحسّاسة بعيدة عن متناول المؤرخين والباحثين زمنا طويلا. نأمل أن نقدم، بترجمتنا له، مساهمة متواضعة في إغناء المكتبة العربية بمصدر طال انتظار المؤرخين والباحثين وعامة القراء له. والله ولي التوفيق.

مقدمة الناشر (سلفستر دي ساسي)
إن الوصف الموجز لباشوية بغداد، والعرض المختصر لتاريخ الوهابية، الذي أقدمه للقراء، من تأليف شخصية عاشت مدة طويلة في المناطق التي جرى وصفها. وتسهيلا لعمله، فقد ضمَّنه معلومات جغرافية مؤكدة عن المناطق ذاتها وعن الشعوب التي تسكنها.
ثمَّة رغبة مطلقة لدى جمعية العلماء التي ينتسب إليها المؤلف فيما يخص موضوع الوهابيين، تجعلني أعتقد بأن القراء لن يغتاظوا مني بعد أن يستمتعوا بهذا الموضوع.
أمّا العرض الموجز عن اليزيدية، وهي عشائر ينتمي قسم منها إلى ولاية بغداد، فقد وجدت من المناسب أن أضمنه في هذا الكتاب، على الرغم من أنه ليس للمؤلف. وقد أشرت إلى ذلك في بداية هذا العرض الموجز للمصدر الذي استقيته منه.
أخيرا، هناك أشعار فارسية ترجمها مؤلف كتاب وصف باشوية بغداد، لا تتوافر لديّ النسخة الأصلية منها، تنتهي بها هذه المجموعة، وهي تعطي للقارئ فكرة عن الشعر الفارسي الحديث.
لقد أضفت بعض الملاحظات إلى المؤلف، وأوليت عناية في تمييزها، وضمَّنته فهرسا بالموضوعات ليسهل بحث المواضيع المختلفة.
آمل أن يلقى هذا المؤلف الصغير استحسان عموم القراء، ليشجع المؤلف ويدعم حماسه في أبحاثه الشاقة، إذ لا توجد مكافأة أفضل من إستطلاع رأي القراء المستنيرين ونيل تقديرهم.

المترجم في سطور
• بكلوريوس آداب، قسم اللغة الفرنسية، الجامعة المستنصرية، سنة (1983)؛
• بكلوريوس آداب، قسم الترجمة، الجامعة المستنصرية، سنة (1999)؛
• صدرت له بحوث مترجمة من اللغة الفرنسية في مجلة الدراسات التاريخية، بيت الحكمة، وهي:
1. بغداد وضواحيها في رحلة أوليفييه، العدد (20)؛
2. العراق القديم في أربع رحلات نادرة، العدد (22)؛
3. مأساة مدام إليزابيث: صفحة مطوية من تاريخ آل بوربون، العدد (24).

وله ضمن القسم الأول من موسوعة العراق في كتابات الرحالة الأجانب من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر، الرحلات الآتية:
1. رحلة رالف فتش، سنة 1583؛
2. رحلة السير توماس هربرت، سنة 1628؛
3. رحلة الأب فيليب الكرملي (1629- 1639)؛
4. رحلة جان تيفينو، (1664- 1665)؛
5. رحلة الأب كاريه (1669-1674)، بالإشتراك مع الدكتور أنيس عبد الخالق،
6. رحلة جان أوتر (1737- 1743)؛
7. رحلة دومينيكو سيستيني (1781- 1782)؛
8. رحلة الكومت فيريير سوفيبوف (1785)؛

أحمد المدهون
25/02/2012, 01:30 AM
أخي الدكتور انيس القيسي،

أشكرك وأهنئك، وأهنيء زميلك الأستاذ خالد عبد اللطيف حسين، على ترجمة كتاب (وصف باشوية بغداد سنة 1808) إلى العربية.

كما أهنئكما بجهودكما المباركة في إعداد موسوعة علمية تاريخية ضخمة تضم نحو مائة رحلة، قام بها رحّالة ومستشرقون من جنسيات مختلفة.

وهذا لعمري، عمل جليل، ونادر، سيكون بحق سفراً ومرجعاً ثرياً لا يستغني عنه الباحثون في الوقوف على تفاصيل دقيقة من تاريخ عالمنا العربي، والإسلامي.

قرأت تعريفكم بالكتاب ومقدمته، فسرّني أن هناك مرابطين يقفون على جبهة التاريخ، يكشفون لنا صفحات مجهولة، ومزالق المستشرقين وأهدافهم وأدوارهم في التمهيد للإستعمار الغربي لبلادنا.

بارك الله في همّتكم.
وتقبل فائق تقديري، وتحيتي.

الدكتور انيس القيسي
25/02/2012, 02:48 AM
استاذنا أحمد المدهون المحترم

تحية عطرة واشكرك على مرورك وتعليقك المتميز واتمنى لك مزيدا من التألق والابداع، تقبل تمنياتي وتحياتي الاخوية الخالصة

اخوكم انيس القيسي