المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القاتل قوس قزح



إدريس اليزامي
18/04/2007, 02:16 AM
قصة ، من : إدريس اليزامي




جاء قزح متأبطا قوسه. قرصا أتى: بألوان كرنفالية داكنة.. غاب فيها النيلي البهي. فعوضه الأسود، ليلتحق بعد ذلك الأحمر القاني.


لم يطل مقوسا كعادته، بل جبلا من الألوان يغزوها الظلام.. جاء.


خرج الأطفال يتصايحون، يتراكضون. عيونهم بالأفق معلقة، بقوس قزح. لحضور هذا الحفل: عرس الذيب.. فيه تمطر السماء بوجه سافر، منير، موشى بضحكات الشمس الساخرة. هو عرس ليس كغيره من الأعراس. لا يأتي إلا نادرا. يبهر العيون بقفطانه الطاووسي. ينشر بهاءه بسخاء ليلكي، على الجميع، دونما مكافأة أو ثناء حتى.. فيرحل في سكينة ووقار واعدا أحبته باللقاء.


قوس قزح يقترب، عانق الصغار بحرارة. ساخت الأجساد الصغيرة في لججه الضبابية الكثيفة. كان العناق طويلا.. ورويدا، رويدا صارت الصيحات تخفت. وشيئا فشيئا الضباب يتلاشى.. ركبت على إثره الألوان صهوة الريح تتسلق مدراج السماء، فعرت عن الأجساد الصغيرة المتناثرة هنا وهناك. هي زهيرات بوجوه صفراء فاقعة. وعليها ارتسمت علامة الفرحة الجنينية الميتة الباردة.


تجمهر الناس حولها، وماجوا في بعضهم البعض، فتضاربت أقوالهم، فقال هذا في اندهاش: تفعلها الذئاب في أعراسها... تخنق الخرفان. تنفث فيها حقدها الأسود وتتركها صرعى كعراجين ممحوقة. أما الثاني والثالث.. وغيرهما فاكتفوا بالتعليقات الباردة برودة ذلك الموكب الجنائزي: قوس قزح يقتل. إنه زمن المسخ الجديد. الأشياء الجميلة قاتلة. ما أروع الحدث! وأغلق المحضر بإدانة قوس قزح.