المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في عشر (ق ق ج ) للقاص المصري د شريف عابدين



مسلك ميمون
05/03/2012, 05:55 AM
بسم الله
السلام عليكم



قراءة في عشر قصص قصيرة جدا للدكتور شريف عابدين من مصر




http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/173295_100002132092114_1771147297_n.jpg
القاص شريف عابدين



يقول د شريف عابدين : " ولدت بالإسكندرية عروس البحر
درست الطب رغم أني أعشق الفنون والآداب
تأثرت في البداية بوالدي فقد كان مهتما بالحكايات الشعبية ويحفظ السيرة الهلاليةبدأت بكتابة الشعر منذ المرحلة الثانوية
أثارت كتابات يوسف إدريس في نفسي ولعا بالقصة ولا أنسى قصتيه "مسحوق الهمس" و"بيت من لحم"
رغم أن دراسة الطب عطلتني عن الكتابة إلا أنها أفادتني كثيرا في تنمية قدراتي الأدبية وأعتبر أن الإلمام بعلم الأحياء وعلم النفس في غاية الأهمية لمن يهوى الكتابة.
سحرتني القصة القصيرة جدا واستحوذت كل اهتمامي وأتوقع لها مستقبلا زاهرا
يرجع الفضل إلى أستاذي الدكتور مسلك ميمون بكتاباته التي تيسر الفهم وتثري الذهن في تعلم أصول كتابة القصة القصيرة جدا.
كما استهوتني المدرسة المغربية الرائدة في كتابة ونقد هذا الجنس الأدبي الوليد.
أشارك بالكتابة في العديد من المنتديات الأدبية الرقمية ولم تصدر لي أية منشورات ورقية بعد."

شريف عابدين


°°°°°
(1)


◡◡◡

على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث مراحل متتالية؛ لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق. تحريكا للمياه الراكدة، قبل أحد الأطراف التجاوز عن نقطة في مرحلة الباء. واعتبارا لمصالح إقليمية وافق على إسقاط نقطتين في مرحلة التاء، ثم رضوخا لضغوط دولية في مرحلة الثاء تنازل عن الثلاث نقاط . أثنى البعض على مدى الحكمة في صياغة (أنموذج) يصلح لحل جميع النزاعات؛ بينما أشاد الجميع بالقدرة الفائقة على (التجريد).

كما يُلاحظ: نص بدون عنوان ، أو نقول : متوج برمز لا يعني شيئاً مذكوراً .
و هذا يثير في نفسي مسألة العنوان و قد سبق أن قلت في هذا : " العنوان في العمل الإبداعي يختلف عن كـــــل العناوين و الأسماء.لأنه ليس تسمية فقط . بل هو عمل من عوامل البناء الإبداعي ، لأنه يساعد،و يكمل و يحيل، و يدعو للتأمل ...و هذه وظائف و ليست وظيفة. و من هنا كانت خطورة العنوان، و دوره الذي قد يغفله الكثيرون . إذ ينبغي أن يوضع بقدر كبير من الذكاء و النباهة... و أن يكون عاملا مساعداً يجعل الحدث نقطة البدء، ليجنح بعيدًا بخيال القارئ أبعـد من تخوم النص . ..وفي ذلك قال د محمد مفتاح» معرفةٌ لضبط انسجام النص وفهم ما غمض منه، إذ هو المحور الذي يتوالد و يتنامى ويعيد إنتاج نفسه، وهو الذي يحدد هوية ( الرواية) فهو إن صحت المشابهة- بمثابة الرأس للجسد، والأساس الذي تبنى عليه ،غير أنه إما أن يكون طويلا فيساعد على توقع المضمون الذي يتلوه، وإما أن يكون قصيرا. وحينئذ فإنه لابد من قرائن فوق لغوية توحي بما يتبعه . »
فليس كل المبدعين في القصة ...قادرين على اختيار العنوان المناسب . مسألة الاختيار هي ــ في حد ذاتها ــ فن، و ذوق، و دراية ، و وعي، و إدراك....إن العنوان الذي يشي ، و ينم ،و يفضح ،و يكشف المحتوى أو يلخصه ...يهدم البناء الفني و يأتي عليه . إنّ عناوين الأعمال الفنية لا ينطبق عليها أبداً المثل السائر" الرسالة تقرأ من عنوانها " كما لا تنطبق عليها دلالات أسماء الأشخاص و الأماكن. و لا يمكن أن نقارن ذلك بما نتخذه من عناوين في إبداعاتنا .
مسألة اختيار العنوان صعبة.ولا يستسهلها إلا غير واع بها و بأهميتها.. فيرمي العناوين كما اتفق . لا شيء يؤرق المبدع الحق ،كاختيار العنوان المناسب.و إن كان أحياناً يأتي كاللمحة الإبداعية..وليس كما يرى البعض " في نهاية الكتابة "،بل أحياناً يكون هو الباعث على الكتابة، وفي جميع الحالات، أرى أنّ العنوان لا ينفصل عن النص، و لا يلخصه ، ولا يكشفه..و لكن ــ بشفافية تلميحية ــ يغشاه،و يمازجه، و يكسبه بعداً تأمليا وً دلاليا ..يحمل القارئ ــ قبل و بعد القراءة ــ أن يقف عنده، متأملا مراميه و فضاءاته..التي لم يحددها المحتوى،ولا يمكن أن يحددها كلها، لأن المحتوى " حدث " ليس إلا ،مرهون بالزمان و المكان.بينما العنوان تكثيف لغوي، يخترق الزمان و المكان ."
و فضلا عن هذا و أهميته، هناك من يهمل العنوان قصداً ، و لكن لغاية فنية تواصلية ، الهدف منها إشراك المتلقي في الكتابة ، إذ يصبح كلّ قارئ منتجاً فعّالا ، يستنبط من قراءته للنص، عنوانه الخاص ، الذي يترجم فهمه و مدى استيعابه و رؤيته الخاصة .....

هذا النص ، جاء معبراً و هادفاً ، و انتقاديناً و كاشفاً ، لما وصلت إليه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من تنازلات فظيعة .. أصبحت في نظر الرأي الفلسطيني و العربي مَذلة المَذلات ... ورأي المفاوض الفلسطيني : ليس باليد حيلة : "حكم القوي على الضّعيف...و المفاوضات تحريك للمياه الراكدة "عذر أقبح من الزلة. و لهذا المراحل الثلاثة (ب ، ت ، ث) جردت من نقطها بالتوالي: من أجل استئناف المفاوضات ، و اعتبار المصالح الإقليمية ، و الرضوخ للضغوط الدولية فأصبحت المراحل الثلاثة ، عبثا ولا مسؤولية ، بل انعدمت، و أصبحت مجردة ،لا تعني شيئاً ، إذ كيف يمكن تصور الباء و التاء و الثاء بدون نقط في الأبجدية العربية (יـــــــי ) ؟ ، أقل مل يقال إنها ليست عربية .

همســـة : و إنْ عبر النص بمرارة عن وضع ما ...إلا أنه في حاجة إلى تكثيف لغوي ،و إلى اهتمام بالقفلة . لأنّ هذه الأخيرة، مُتعتها أنها تأتي دون أن تكون في الحسبان ،لتكون صادمة و مفاجئة ..فهنا جاءت نتيجة حتمية فيما يشبه التعليق : (أثنى البعض على مدى الحكمة في صياغة (أنموذج) يصلح لحل جميع النزاعات؛ بينما أشاد الجميع بالقدرة الفائقة على (التجريد) ).



***

(2)

" تســـامي "

ھا قد فك قیدي!
یا لرقته المتناھیة!
حین اقتاد روحي،
وانطلقنا في السماء.
تمنیت لو أن أولئك الذین یسیرون في جنازتي،
قد عایشوا معي ذلك التكریم؛
لعل آلام الفراق تخبو قلیلا.
مازحته مترددا : لو كان ھناك بث مباشر!
لم یتخل عن وداعته حین أجابني:
لا تتعجل ستكون المحاكمة علنیة ،
لكل البشر.





***
( تسامى ) من السمو و الرّفعة .
السارد في هذا النص ، يخترق العادة و المعتاد ، و يطل من عالم الغيب ،و قد جاءه ملك الموت:(ھا قد فك قیدي! یا لرقته المتناھیة!
حین اقتاد روحي، وانطلقنا في السماء )
لكن قبل ذلك ترك الجسد الفاني ، ليوارى الثرى ، فاشتاق وهو ( روح) يعرج إلى السماء، و حرقة فراق الأهل و الأحبة، تشده إلى الأرض: (تمنیت لو أن أولئك الذین یسیرون في جنازتي، قد عایشوا معي ذلك التكریم؛لعل آلام الفراق تخبو قلیلا. ) و لكن الأماني ، و الدعاء ، و العبادة ...كل ذلك انتهى بانتهاء الأجل المحتوم .و مع ذلك أبت روح السارد و هي منتشية بالمعراج ، حزينة لفراق الأهل إلا أن تمازح الملاك : (: لو كان ھناك بث مباشر! ) حتى يرى الأهل فضل الله عليه، و يطمئنوا، و تخف لوعته و لوعتهم.فيأتي الرد سريعاً و مطمئنناً : (لا تتعجل ستكون المحاكمة علنیة ،لكل البشر. )
هكذا تحققت المفارقة الناتجة عن رغبة في بث مباشر لعروج الروح ، تلك المفارقة المستحيلة . التي تليها القفلة الممكنة و لو بعد حين .. فتصبح المفارقة على استحالتها في الوقت الراهن أكثر واقعية و وضوحا و جلاء من أي بث مباشر..يوم أن يحاسب كلّ فرد حساباً على رؤوس الأشهاد، و تحت سمع و بصر الناس جميعاً، و أمام ربّ عادل.
الفكرة واضحة ، بل و معروفة بين المؤمنين بيوم الدين . و رغم ذلك استعادها القاصّ في قالب فنّي .. فجاءت في صورة أمنية مستحيلة، ثمّ سمت إلى صورة واقعية لا استحالة فيها .

***

(3)

میراث"

الطفل یحب العصفور.
العصفور لا یأكل!
...لا یسمع الكلام.
ماما قالت: من لا یسمع الكلام یدخل النار.
!... ... ... ... ...
مدرسة الفصل تحذرنا من عذاب القبر؛
سیأكلك الثعبان!
لا فائدة.
..مات العصفور.
الطفل یبكي:
لا...لا لن یدفن العصفور.
یحتضنه داخل القفص،
..ثم یضع بجواره،
...دودة قـــز


" الميراث"عنوان يوحي بميراث مادي،لربّما ينشب حوله صراع، و يحتدم نزاع ..كما هو الشّأن عند بعض العائلات، فيؤدي ذلك إلى تنافر و بغضاء،و شنآن و شحناء.... و لكن ليس من ذلك شيء في النّص.و إن كان الميراث و طرفاه متوفران .كيف ذلك؟
طفل صغير يحب عصفوراً في القفص. العصفور لا يريد أن يأكل. فيشرع الطفل يستعرض ميراثه التّربوي الذي أخذه عن أبيه و أمّه و معلمته :
ــ بابا قال: ستموت إن لم تأكل .
ــ ماما قالت: من لا یسمع الكلام یدخل النّار.
ــ مدرسة الفصل تحذرنا من عذاب القبر؛سیأكلك الثّعبان!
و لكن هذا الميرث ( التّخويفي التّرهيبي ) لم يجد نفعاً .و ظلّ العصفور لا يأكل ،حتّى مات.بكى الطفل عصفوره،و رفض دفنه ، و احتضنه و هو في القفص، و وضع أمامه دودة قز.
تبدو القصة بسيطة، و لكن أحياناً كثيرة الحكمة في البساطة .
دلالة النّص تقف عند ما ورثه الطفل الصّغير من وسطه ، و من أقرب النّاس إليه،و ممن هم ، عمدته و سنده ( الأب/الأم/المعلمة)
كلّهم ساهموا في زرع الخوف و التّخويف في نفس الطفل ، حتّى أصبح يعكس ذلك نطقاً وفعلا مع عصفوره . و في ذلك نقد غير مباشر لتربية الخَوف . و دعوة لمساءلة التّربية؟ و كيف ينبغي أن تكون؟علماً أنّ التّربية الصّحيحة هي ما وافقت سنّ الطفولة فيشب الفتى على الطوق ، كما قال الشاعر :

قد ينفع الأدبُ الأحداثَ في مهل++و ليس ينفع عند الكبرة الأدبُ
إنّ الغصونَ إذا قوّمتها اعتدلتْ ++و ليس تلينُ إذا قومتها الخشبُ

و لكن على العكس مما هو في النّص ، ينبغي للتّربية أن تكون تربية الجرأة و الشّجاعة ، و المروءة و المواجهة ، و التّحدي و المغالبة، و الذّكاء و الفطنة، و المهارة و الإبداع و نبذ الخوف و الرعونة ، و حب العلم و الثّقافة ، و التّحلي بمكارم الأخلاق و الفضيلة ... فإذا كان الخطاب قد تحقق من استهلال النص و جسده .يبقى السؤال ما دور باقي الكلام : (لا...لا لن یدفن العصفور.یحتضنه داخل القفص، ..ثم یضع بجواره،...دودة قز )؟ أليكتمل التعبير على أن الطفل كان يحب عصفوره ؟ فلم يرغب أن يغيبه القبر ، بل لبراءته يريد إطعامه و هو ميت ... أعتقد ألا داعي لذلك ما دامت الإشارة إلى الحب كانت في الاستهلال و في النهاية بكاه. بل أرى معالجة النهاية بقفلـــــة الموت أحسن .و أفضل ..

***

(4)


" انتقـــاد"

القطة التي دهستها السیارة.
...أفزعت طفلي.
- لمَ الاستعجال یا قطة؟
لمَ لا تنتظري الإشارة الحمراء!
لمَ لمْ تستعملي الكوبري أو نفق المشاة؟
ــ ...................................
لكني حین لمحت اندفاع صغارها نحوها.
لم أستطع أن أحبس دمعي.


***

" انتقاد "نص مؤثر ، كتب ببلاغة نصّية قصصية، تحافظ على ضروب الفجاءة و المصادفة ...
أب و ابنه في الطريق ، تأتي سيارة مسرعة ، فتدهس قطة، ترديها قتيلة . المنظر مهول ،و مفزع ،بالنسبة للطفل الصّغير ..رأى الأب أنّ وقع الصّدمة سيكون مؤثراً على صغيره ، فبادر بانتقاد القطة ـ محملا إياها وزر ما وقع :
لمَ الاستعجال یا قطة؟
لمَ لا تنتظري الإشارة الحمراء!
لمَ لم تستعملي الكوبري أو نفق المشاة ؟
ولكن و هو يفعل ذلك بغية امتصاص أثر الحادثة على طفله ، رأى اندفاع صغارها نحوها. فلم يتمالك من أن يحبس دمعه .
هكذا، بهذا التّكثيف و الاختزال، و تداخل الذّاتي و الموضوعي ، و شحذ طبيعة التّخييل السّردي ، و إثارة البعد الحجاجي الإقناعي، و اعتماد أسلوب الغرابة و المفارقة ، و اللّمحة الفكرية التّأملية .. استطاع النّص بحسّ و حبكة سردية، أنْ يترك بصمته الفنية ، عميقة الأثر ...

(5)

"ھمــس"

ھاربا من الإحساس بعبثیة الدوران في حلقة مفرغة؛
یسرح خیاله في المروج الخضراء،
حیث تمرح أنثاه المكتنزة.
مسترسلا في حلم لا یوقظه منه سوى دغدغة الإطراء:
- "یا رمز القوة".
یواصل الركض منتشیا.
-" یا رمز الخصوبة".
یمني النفس باللقاء.
- " یا ملهم الثورة".
..یتأمل حاله قلیلا، تهدا حركته؛
فيلهب السوط ظهره.
یحتج رافسا بقدمه؛
فتعلق ساقه بالحواف المعدنیة.
یسقط مضرجا في دمه، فیقتاد إلى المذبح!
في الیوم التالي: یستمر الدوران بآخر.
معصوب العینین،
...في أذنیه سدادتان.


***


" همس " نص يجعل من ثور " الناعورة " أو الطاحونة، الذي يدور في حلقة طوال اليوم ، ليدير عجلة الناعورة ، أو دواليب الطاحونة ، أو درس سنابل القمح في البيدر... يجعل منه ثوراً يرى ما يقوم به عبثيا .. في الوقت الذي تمرح أنثاه في المروج الخضراء ..
و لكن : كأي ذكر تشده عزة النّفس ، و يثيره الإطراء بما يعطي و ما يقوم به ...
فهو رمز القوة ، و الخصوبة ، و ملهم الثورة ...إلا أن حبل الأحلام السعيدة قصير. سرعان ما تلهب ظهره ضربات السّوط ، فيعود إلى واقعه المرير محتجاً ، رافساً فتعلق ساقه بالحوافي المعدنية ، ما يعجل صاحبه يعجل بذبحه ، و تعويضه بآخر معصوب العينين ، و في أذنيه سدادتان .

إنّ عملية الجمع بين الاستهلال : (ھاربا من الإحساس بعبثیة الدوران في حلقة مفرغة ) و القفلة : ( یستمر الدوران بآخر. معصوب العینین،...في أذنیه سدادتان).
يلخص الرؤية الخفية لدى صاحب الثور ، أو ( المالك/ السيد ) فلا تهمه حاجات الثور و ما يريد... بقدر ما يهمه قضاء مآربه و لو بالسّوط ، بل لا يرحم جروح الثّور ، و يبادر إلى الاستغلال النّهائي ، بذبحه ، و الاستفادة من لحمه .. و حين يستبدله بثور أخر يأتي به معصوب العينين ، حتّى لا يرى مروجاً و أبقاراً تثير مشاعره و أحلامه .. و في أذنيه سدادتان حتّى لا يسمع حقيقة الوجود و أصداءه
و هل بعد حجر السّمع و اليصر بقي منفذ أخر أهم للإدراك و الفهم ، رغم حاسة الشمّ و اللّمس و الذّوق ؟
و يستوقف القارئ هذا المقطع الاسترجاعي المهموس :

یا رمز القوة".
یواصل الركض منتشیا.
-" یا رمز الخصوبة".
یمني النفس باللقاء.
- "یا ملهم الثورة".
..یتأمل حاله قلیلا، تهدأ حركته؛
فحين تذكر أنّه رمز " القوة " واصل الركض ،و حين تذكر بأنّه رمز "الخصوبة " غمرته الأماني حباً في لقاء أنثاه . و لكن حين تذكر بأنّه " ملهم الثّورة " تغير كلّ شيء : ( يتأمل حاله قليلا ، تهدأ حركته ) لأنّ الثّورة ليست نزوة عابرة بل حدثا انقلابيا يتطلب التّأمل و الهدوء ، و تدبّر الأمر ، و تفحّص جميع وجوهه ..

(6)


"متابعة"

على شاشة القناة الفضائیة يظهر خبر عاجل:
"نهاية العالم الآن"
تظهر مشاهد خسوف ودخان
وتسمع أصوات أناس فزعین.
ثم مذیعة تطل في أناقة الصباح!
نوافیكم بالتفاصیل الكاملة:
...في نشرة المساء.


***

" متابعة " نص خفيف الظل، يعتمد التّكثيف و الإيجاز، و متعة المفارقــــــة...
( خبر عاجل ) يشد الاهتمام ، فما بالك إن كان حول نهاية العالم . التي لا يعلم بها إلا الله ، و لكن التّمويه السّردي جاء ليشعر عبثاً بذلك : (تظهر مشاهد خسوف ودخان وتسمع أصوات أناس فزعین ) إذاً أشراط القيامة الوهمية قائمة، و الكلّ مشدود إلى شاشة القناة الفضائية ، يستطلع الأخبار و المستجدات ... لكن المفاجأة : ( مذیعة تطل في أناقة الصباح! نوافیكم بالتفاصیل الكاملة : ...في نشرة المساء. )
و السؤال المفارقة : و هل فناء العالم سينتظر أو يؤجل حتّى نشرة المساء ؟ و هل ستبقى قناة عاملة حتّى المساء و ( نهاية العالم الآن ) ؟

هذا النّص كغيره من النّصوص القصصية التي تستند إلى روح الطرفة ، بل تعتمد مفارقتها المضحكة/ المبكية كثيرا ... و لا غرو في ذلك ،لأن الق ق ج لم تنبثق من فراغ ، بل تمتد جذورها عميقاً لتستمد قوتها و دعمها من الطرفة و التّراث السّردي العربي كـ القصة/ الخبر ،و القصة/النادرة و القصة/ المثل .....
و الاستئناس بذلك يبقى رغبة و احتمالا ما لم تهيمن الطرفة ، و يغيب و يتضاءل الحسّ السّردي ,,,
عموماً في هذا النص كان هناك اسنئناس إيجابي حذر .. ما أفاد النّص من زاويتين رقة و لطافة الطرفة ، و مفارقة و قفلـــة القصة ..

(7)


"ارتباط"

جذبتني نضارها وعندما حاولت لمسها، وخزتني.
نزعت أشواكها، تفادیا للجرح،
فاعترها الذبول.
سألتها عن سر ذلك الوهن ،
فتمتمت معاتبة :
ألم تسلبني قوتي !؟


***


" ارتباط " نص معبّر ، و هادف ..
رآها نضرة فواحة ، جميلة أخّاذة ،حاول لمسها ، و دون أن ينتبه و خزته أشواكها ، فأبى إلا أن ينزع الأشواك .. لكن الوردة اليانعة سرعان ما اعتراها الذبول، فأمست شاحبة لسيناتُها الرائقة .. و مسّ تاجها الوهن..
و حين سألها عن سرّ مصابها .. و هو لا يدري أنه هو السّبب ، عاتبته :
ألم تسلبني قوتـــي !؟
و كذلك الحال في الواقع المعيش، قد نسيء للغير عن قصد أو عن غير قصد ، فنحرمه إحدى خصائصه التي تميزه ... و نتعجب لما أصابه ، وغيّره ، و أنهكه و أضعفه .. و ليتنا ندري ـ فقط ـ أنّ من سلوكنا ، ما ينبغي أن ننتبه إليه ، و من أفكارنا ما ينبغي أن نحذر منه .. ليبقى الودّ و الطيبة ، و الجمال و السّعادة ..

همسة : النص مقتضب ، و مكثف .. و مع ذلك جاءت فيه جملة تفسيرية توضيحية، و يستحسن تجنب ذلك و هي ( تفاديا للجرح ) فالكلام و السياق السّابق ..يوضح ذلك.

(8)


"أرزاق"

بحجة الحفاظ على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أیام العطلات.
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق
واشتروا بقيمتها خبزا.


***

" أرزاق " نص رغم بساطته ، يفتح نافذة التّأمل مشرعة....فكلّ و حاجته ، و كلّ وما يريد لاشك أنّ العشاق ، و محبي الطبيعة ديدنهم ، و رغبتهم ، أن يهيموا وسط الاخضرار ، ينعمون بالأزهار، و ظلال الأشجار ، و شدو الأطيار ...و لاشكّ أنّ طائفة من النّاس و إن كانت تحبّ ذلك ، فطموحها و رغبتها الأولى أن تسدّ جوعتها ، و تضمن مأواها و ملبسها ...لهذا باع الفقراء حظهم في النّزهة للعشاق ، و اقتنوا خبزاً يسدّ رمقهم .
و النّص يذكرني بنص أخر للقاص المغربي إبراهيم بوعلو تحت عنوان " السباق" أقيم سباق للسيارات ، فوضعت حزم التبن عند المنعرجات فهبّ سكان المدينة لمشاهدة الحدث .. بينما جاء بدوي وزوجته لا همّ له بالسّباق ، و من سيفوز، و بأي سيارة ... و إنّما همّه الأساس ،أنْ يجمع التبنَ المشتّت لبهائمه التّي تتضور جوعاً بسبب الجفاف ..

النص إذاً يجمع بين المتنافرات في إطار من المفارقة :
الحفاظ على الزهورـــــ اقتناء الخبــــز
الحرص على الدور لزيارة الحديقة ــــ بيع الدور و عدم الاهتمام بالحديقة

همســة : أفضل لو استهل النّص بكلمة : (حفاظاً ). بدون كلمة : حجة
و استبدال : أيّام العطلات ، بـ أيّام العطل
تبدو كلمتا : ( أماكن) و ( بقيمتها ) زائدتان لوضوح المعنى .


(9)

واجهــــة

أغراني بالغوص سكونه ،
لكنّ أعماقه كادت تفتك بي .
عاتبته : لمَ أغويتني ؟
أجاب مستغرباً: ما كنت إلا منصتاً ، استرق السمع لعصف داهم .
سألته : و لمَ لم تحذرني ؟
رمقني مستهزئاً : و هل كنت لتراني بعد أن تعمّقت ؟


" واجهة " نص يحمل على التّأمل، و لا يعني البحر كهدف مقصدي كما يتبادر من السّياق ، و لكن ينسحب على كلّ ما يمكن أنْ يغري .. و مغريات الحياة كثيرة و مختلفة ..
لذلك جاء الخبر يتقدم المبتدأ و لا يكون هذا في الجملة الاسمية إلا لأهمية الخبر في الكلام : " الإغراء "
و إذا ارتبطنا بلفظية النّص : هدوء و سكون البحر يغري بالسباحة ، و الذهاب بعيداً شعوراً بالأمن و الأمان ، فلا ينبغي أن ننسى أنّ البحر رغم ذلك عميق و خطير، و تسكنه كائنات أشدّ افتراساً و فتكاً ..فكيف ُيطمَأن إليه ؟ لهذا لا عجب أن يكون السّابح عرضة للخطر في أي لحظة ، كما وقع لبطل النص الذي كادت تفتك به الأعماق ..و ما جدوى معاتبة البحر في سكونه و هدوئه أو إغوائه ؟ لقد كان منصتاً ، يسترق السّمع لعصف داهم ..و أنّى له أن يُحذر من يدخله؟ أليس في أهواله وجبروته موعظة ؟ و لكنّه الإغراء ، و حين يصبح الإنسان فريسته،لا يملك لنفسه خلاصاً و لا مفراً ..لذلك جاءت القفلة :" و هل كنت لتراني بعد أن تعمقت ؟"
صورة قوامها البحر ، و لكنّها ُتستنسخ لتشمل العديد من المجالات الإنسانية . و من تمّ اكتسب هذا النّص عمقه الدّلالي ، و بعده الفكري التّأملي ..محققاً بذلك مستوى من التقبل و التّلقي ، في إطار من الاتساق،و الانسجام،و التّكثيف .. الشيء الذي حقّق المقاربة المكرو سردية التي تعمد إليها دائما الق ق ج .


(10)

كیف ؟"

جهادا أحاول التشبث بنبرة الصوت التي أدمنت عشقها،
ململما أشلاء شهقتها الآخيرة،وبقایا ذاكرتي الآخذة في التلاشي.
استأت من صوت الجرذان،والكائنات الأرضیة الأخرى التي لا تكف عن التشویش ؛
فصرخت محتجا.
حین لمحت أحد الملائكة،هدأت قلیلا،
وقبلما أبادر بالشكوى،
...نصحني بالنسیان !؟


***


أشد ما يشدني في كتابة الدكتور شريف عابدين القصصية هذا الاهتمام الكبير بالقفلة ٌrésolution ، و تلك العناية الفائقة بالمفارقة Paradox و في هذا اهتمام كبير بأهمّ عنصرين يؤثثان مجال الق ق ج . بل إن العمل القصصي يفقد أهميته إذا افتقر إليهما .
و في نصوص الأستاذ د شريف عابدين نوع من التّساؤل التأملي . بمعنى أنّ الكتابة عنده ليست متعة قرائية فحسب بل فكرية فلسفية .. لأنها تحمل على التساؤل المستمر، و التأمل العميق في أشياء قد تبدو عادية كظاهرة الموت مثلا التي نعايشها يوميا .. و لكنها و كما هو الأمر في هذا النّص ، تصبح سؤالا يؤرق السّارد ، و بالتّالي القارئ المتلقي .
النّص يبدأ بتمهيد و توطئة للمفارقة : توتر و انفعال شديد من واقع لا يطيقــــه السارد (الأنا ) ظهر من خلال كلمات معبرة :( جاهداً، التشبث، أشلاء ، التلاشي ، استأت ، صرخت ..)
و فجأة ! (لمحت أحد الملائكة، ھدأت قلیلا ).انتهت المفارقة، و هي بين [ الانفعال] و [ الهدوء ] أو بين أسباب الانفعال و دواعي الهدوء .
و الملاك هنا ،رمز ليس إلا . لأنّ الملائكة لا ترى .

فالنّص يصوّر حالة السّارد و هو يحضر لحظة الموت و الفراق الأبدي، أمــــه تحتضر ، و لا يملك لها شيئاً : ( جاهدا أحاول التشبث بنبرة الصوت التي أدمنت عشقها، ململما أشلاء شهقتها الأخيرة، وبقايا ذاكرتي الآخذة في التلاشي . ) و لماذا الذاكرة تتلاشى ؟ و أين تذهب مخبوءاتها الجميلة و الأثيرة كذكريات الأم ّالحنون ؟ و لماذا لا تبقى ....؟ و كيف تبقى و السّارد المكلوم يصرخ ( استأت من صوت الجرذان والكائنات الأرضية الأخرى التي لا تكف عن التشويش؛ فصرخت محتجا. ) ؟ و ماذا يفيد الصراخ ؟ أو الاحتجاج في وضع مماثل ؟ هكذا ،يتداخل التّخييل و الواقع، و الذّاتي و الموضوعي في تركيبة سردية ..( حين لمحت أحد الملائكة، هدأت قليلا، وقبلما أبادر بالشكوى، ...نصحني بالنسيان!؟ ) و هل يملك الإنسان إلا أن ينسى أو يتناسى؟
هكذا تأتي القفلة المفاجئة ، موعظة و نصيحة و لكن بشكل غير منتظر لأنّ الإنسان مهما حاول لن يغير العالم ،و لا ما فيه من كائنات أرضية أو جرذان ( رمز ) و لا يستطيع إيقاف (التشويش) و إن كان في إمكانه أن يصرخ محتجاً. و إن كانت القفلة ، دعوة إلى النسيان ،فالأمر يحتمل رؤيتين مختلفتين :
الأولى : إن كانت هناك أشياء ينبغي أن تنسى ، فهناك أشياء كثيرة لا ينبغي أن تنسى، لأنّها أسّ الحياة ،و من أجلها تعمر الأرض و يحيا الإنسان ...
الثانية: النسيان رحمة من الله ، فلولا النسيان لقضى المرء حياته كمداً و حزناً ، و ألماً و حسرة .. و لما استطاب العيشَ لحظة واحدة .

و صدق المرحوم الشّاعر إبراهيم ناجي حيث قال :

أيّها السّاهر تغفـو++++تذكرُ العهدَ وتَصحو
و إذا ما التأم جرح++++جدّ بالتّذكار جرح
فتعلّم كيــف تنسى++++و تعلّم كيف تمحـو

مسألة ، قد يجد لها المتلقي شفاء في تراثنا الإسلامي ، و قد تبقى تساؤلات عند الآخرين، تثير قلقاً فكرياً لا ينتهي ...
و بذلك تكون المفارقة قد حققت دورها التناقضي ( الإنفعال/ الهدوء ) كما حققت القفلة دورها في المفاجأة و الدّعوة إلى النسيان .

همســة : [ وقبلما أبادر بالشكوى ] تستبدل بـ [ و قبل أن أبادر بالشكوى ] ؟

خلاصــــة :



1 ــ تنبني الق ق ج عند الأستاذ د شريف عابدين على مبدإ التّساؤل و التّأمل ،و كان لاتّجاهه العلمي بالغ الأثر في ذلك .
2 ــ لا يحفل النّص عنده بالنّتيجة و الجواب بقدر ما يعنى بالتّبئير Focalisation الذي يحقّق القصّ الموضوعي Objectif و التّبئير هو التقنية المتبعة لحكي القصّة المتخيلة ، بمعنى ، موقع الرّاوي من عملية القصّ ، و علاقته بالشّخصية الحكائية .
3 ــ الاهتمام بالحلم و التّخييل و كأنّي بالكاتب يستجيب لقولة جول رونار Jules Renard ( الخيال ترف التّفكير .. le rêve c'est le luxe de la pensée)
4 ــ يستحسن تجنب الجمل التّفسيرية ، ما دام السّياق يغني عن ذلك .
5 ــ جميل الاهتمام بالمفارقة و القفلة ، و الأجمل ملاءمتهما .
6 ــ بدل الوصف يستحسن توظيف المؤشرات Les indicateurs

و عموماً،كتابة د شريف عابدين القصصية تعتمد رؤية تخييلية ، تعتمد إواليات مختلفة كالتّمثلات ، و الحجاج ، و الاستشكالProblématisation ..بحثاً عن ظاهرة سيكولوجية، أو سوسيولوجية،أو سياسية.. استئناسا بالفروق الجبرية و الإستاتيكية ،و سوسيوثقافية .. الشيء الذي يجعل القارئ أمام نصّ متعدّد الدّلالات و يُحمله مهمة الكشط و التنقيب، و البحث عن الدّلالة و المعنى ممّا يتطلب التّوسّل بالنّظرية التّأويلية، التّداولية، المعرفية ، التي تعتبر التّخييل من مظاهر التّواصل .

مسلك ميمون

أحمد المدهون
05/03/2012, 03:14 PM
أستاذي الكريم الناقد د. مسلك ميمون رعاه الله،
السلام عليكم ورحمة الله،

تعجز الكلمات أن تفيك حقّك وأنت تأخذ بايدينا، قارئاً ناقداً، ومعلماً موجهاً، ومنشطاً مصوباً، بأسلوبك الأدبي العالي، وهمساتك الرقيقة، وحكمتك المعهودة.
وكم نحن سعداء بصحبتك، وكم يغبطنا الآخرون أنك (واتاوي) بامتياز ولسان حالك يقول: لا نقيل ولا نستقيل، فرحاً بالبشارة النبوية: "إن الله، وملائكته، وأهل السموات، والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير".

وها أنت بعد انقطاع عن العشريات طويل، تعود إلينا بها، أشدّ عزيمةً ومضاءً، تصرف جل وقتك، وكبير جهدك، لتعطينا من عصارة فكرك، وعمق تجربتك. فاللهم نسألك أن تكتب لأستاذنا الجليل بكل حرف حسنات مضاعفة، وأكرمه بالمنزلة العالية، في الدنيا ويوم لقائك.

وكم هو محظوظ أستاذنا النبيل، الأديب الرقيق د. شريف عابدين، بأن حظيت نصوصه بقراءة متميزة، من ناقد حاذق، ورائد من كبار روّاد الأدب المعاصر، وبخاصة في مجال السرديات.

أمتعتني النصوص المختارة، بلغتها الرشيقة، ومعانيها العميقة، والـتأملات الفلسفية والإنسانية التي تستدعيها. وزادها بهاءً ونضارةً، وعمق دلالة، وتوليد معانٍ، قراءة كاشفة، بأدوات ناقد خبير لأستاذنا د. مسلك ميمون.

فنعم القاص الشريف، ونعم الناقد الميمون.

ولكما وللجميع أزكى تحياتي.

شريف عابدين
05/03/2012, 05:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذي الكبير: الدكتور مسلك ميمون
السلام عليكم ورحمة الله
أشكركم جزيل الشكر على اهتمامكم بتجربتي المتواضعة في كتابة القصة القصيرة جدا والتي يعود الفضل الأول في خوضها لشخصكم الكريم بما أثريتم به المكتبة العربية من مقالات أضاءت الكثير من جوانب ذلك الجنس الأدبي الوليد.
وأعترف أيضا بأنني محظوظ بالفعل ومدين لكم أستاذنا الجليل، بما حظيت به نصوصي من قراءة متميزة، من ناقد حاذق، ورائد من كبار روّاد الأدب المعاصر، وبخاصة في مجال السرديات.
*
بالنسبة لما تفضلتم به من ملاحظات أكن لها كل التقدير والاحترام، اسمح لي أستاذي الكبير بالتعقيب على جزئيتين وردتا في تحليلكم الوافي ونقدكم القيِّم.

1- بخصوص قصيصة: ◡◡◡
لقد حاولت اتباع تقنية التعبير المرئي في الكتابة
Visual thinking
والتي أشعر أنها تليق بالق ق ج وتعتمد تأثيرها على رسم صورة وصفية في مخيلة القاريء إنطلاقا من قاعدة أن الصورة تعادل الألف كلمة
A picture is worth a thousand words

وأعتقد أن هذه الآلية قد تلبي جانبا من التحديات التكثيفية عند كتابة الق ق ج
http://www.phrases.org.uk/meanings/a-picture-is-worth-a-thousand-words.html
بالنسبة للقفلة فقد حاولت مرارا معالجتها
وهذه إحدى المحاولات:

‿ ‿ ‿

على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث مراحل،
لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق. تحريكا للمياة الراكدة؛ قبل
أحد الأطراف التجاوز عن نقطة في مرحلة الباء. واعتبارا لمصالح
إقليمية وافق على إسقاط نقطتين في مرحلة التاء، ثم رضوخا
لضغوط دولية في مرحلة الثاء، تنازل عن الثلاث نقاط. أشاد العالم
ب(الحكمة) في (التصميم) التي ألھمت روح (التجريد) وشكلت من
الحروف مسارا (واضح المعالم)؛ اختير إطارا عاما لفض
المنازعات، وأھلھم للترشيح لجائزة السلام!
*
لكني رغم حرصي على ألا تكون نهايها تعليقا مباشرا، وعلى أن تلمح لبعض سمات الجانب المستضعف في المفاوضات
وما توحي به من خلفية لتلك التنازلات أجدني مكبلا بنوعية مثل هذا النص الذي يعتمد على التأمل الذهني أكثر من اتكائه على الحدث الفعلي. عموما حاولت أن أجعل القفلة تبدو كأنها نتيجة (منطقية) لذلك (العبث) وأرجو أن تمثل هذه مفارقة أخرى وتحظى بقبولكم.

2- بالنسبة لنهاية قصيصة "ميراث" رأيت أن الطفل بذلك الحشد من النعت الترهيبي في العملية التربوية من عذاب القبر، صار ملما ببعض تفاصيل الموت وحياة القبر فقرر محاكاة تلك الأجواء بوضع "دودة القز" إلى جواره باعتبارها المرادف الأقرب ل"دود القبر" في ذهن الطفل. إنه يريد أن ينأى به بعيدا عن حياة القبر وعذابه الذي تصوره له مخيلته بوسيلته الخاصة.
*
أدعو الله تعالى أن يحفظكم وأن يعينكم على إتمام رسالتكم النبيلة وأن يوفقكم دوما وينعم عليكم بموفور الصحة والسعادة.
وأشكركم مجددا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فاروق طه الموسى
07/03/2012, 03:35 PM
ماشاء الله .. تبارك الله ..
وجبة فكرية دسمة .. ومفتوحة أيضاً لكل من يريد أن يغذي فكره ..
أغبطك يا أديبنا الميمون .. على هذا الفكر الذي يغرف من بحر ..
مرجعية كبيرة لهذا الجنس الأدبي الذي أحب .. والذي أسميه ثقافة العصر ..
قرأت النصوص وتحليلاتها بتمعن .. واستفدنا كثيراً من ملاحظاتكم القيمة ..
صحيح أن المتصفح لنصوص الأخ شريف .. لكنه مرجعية حقيقية لكل من يريد أن يتعلم عن هذا الجنس ..
زادك الله .. ورعاك ..

أيضاً لابدّ أن أتوقف عند الشخصية المختارة .. د. شريف عابدين ..
الأخ العزيز والأديب المبدع ..
عرفته مبدعاً خلاقاً وكاتباً يمتلك خيالاً سابراً .. قابضاً على كل مقومات القص الناجح ..
لكنه غضب مني في الآونة الأخيرة حيث لم تعجبني فكرته .. القوالب الجاهزة .. :pleased:
والله أنني تشرفت بالطلة البهية يادكتور ..
لك ولأستاذنا الكبير مسلك ..
كل المحبة وكل الأمنيات بالتألق الدائم ..

مسلك ميمون
07/03/2012, 05:35 PM
أستاذي الكريم الناقد د. مسلك ميمون رعاه الله،
السلام عليكم ورحمة الله،

تعجز الكلمات أن تفيك حقّك وأنت تأخذ بايدينا، قارئاً ناقداً، ومعلماً موجهاً، ومنشطاً مصوباً، بأسلوبك الأدبي العالي، وهمساتك الرقيقة، وحكمتك المعهودة.
وكم نحن سعداء بصحبتك، وكم يغبطنا الآخرون أنك (واتاوي) بامتياز ولسان حالك يقول: لا نقيل ولا نستقيل، فرحاً بالبشارة النبوية: "إن الله، وملائكته، وأهل السموات، والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير".

وها أنت بعد انقطاع عن العشريات طويل، تعود إلينا بها، أشدّ عزيمةً ومضاءً، تصرف جل وقتك، وكبير جهدك، لتعطينا من عصارة فكرك، وعمق تجربتك. فاللهم نسألك أن تكتب لأستاذنا الجليل بكل حرف حسنات مضاعفة، وأكرمه بالمنزلة العالية، في الدنيا ويوم لقائك.

وكم هو محظوظ أستاذنا النبيل، الأديب الرقيق د. شريف عابدين، بأن حظيت نصوصه بقراءة متميزة، من ناقد حاذق، ورائد من كبار روّاد الأدب المعاصر، وبخاصة في مجال السرديات.

أمتعتني النصوص المختارة، بلغتها الرشيقة، ومعانيها العميقة، والـتأملات الفلسفية والإنسانية التي تستدعيها. وزادها بهاءً ونضارةً، وعمق دلالة، وتوليد معانٍ، قراءة كاشفة، بأدوات ناقد خبير لأستاذنا د. مسلك ميمون.

فنعم القاص الشريف، ونعم الناقد الميمون.

ولكما وللجميع أزكى تحياتي.




بسم الله
الأستاذ أحمد المدهون
السلام عليكم

أيها العزيز ،أعتقد أنّ طبعك ،و خلقك، و شيمك... قد دهنت عسلا مصفى ...فلا حرمنا الله من دعائك ،و دعاء أحبتنا... فوالله لا نملك لأنفسنا شيئًا يستحق الذكر، إلا هذا الدعاء الطيب الذي آمل أن يغمر الجميع...
أشكرك على مرورك الهادف الطيب...
إن عملنا هذاكغيره، نتوخى منه :

1) تنمية العلم، و تبادل الخبرة في هذا الفن الجميل.
2) مناقشة بعض الطرائق في الكتابة الفنية.
3) استئناس و استفادة المبدع بالرأ الآخر.
4) رؤية المبدع من خلال عشرة نصوص.

علماً أنّ نصا واحدا، لا يمكن أن يعطي انطباعا عاما عن أدبية الأديب ..
مرّة أخرى شكراً، على اهتمامك و طيب دعائك..

و دمت طيباً أيّها الطّيب

تحياتي/ مسلك

مسلك ميمون
07/03/2012, 06:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذي الكبير: الدكتور مسلك ميمون
السلام عليكم ورحمة الله
أشكركم جزيل الشكر على اهتمامكم بتجربتي المتواضعة في كتابة القصة القصيرة جدا والتي يعود الفضل الأول في خوضها لشخصكم الكريم بما أثريتم به المكتبة العربية من مقالات أضاءت الكثير من جوانب ذلك الجنس الأدبي الوليد.
وأعترف أيضا بأنني محظوظ بالفعل ومدين لكم أستاذنا الجليل، بما حظيت به نصوصي من قراءة متميزة، من ناقد حاذق، ورائد من كبار روّاد الأدب المعاصر، وبخاصة في مجال السرديات.
*
بالنسبة لما تفضلتم به من ملاحظات أكن لها كل التقدير والاحترام، اسمح لي أستاذي الكبير بالتعقيب على جزئيتين وردتا في تحليلكم الوافي ونقدكم القيِّم.

1- بخصوص قصيصة: ◡◡◡
لقد حاولت اتباع تقنية التعبير المرئي في الكتابة
Visual thinking
والتي أشعر أنها تليق بالق ق ج وتعتمد تأثيرها على رسم صورة وصفية في مخيلة القاريء إنطلاقا من قاعدة أن الصورة تعادل الألف كلمة
A picture is worth a thousand words

وأعتقد أن هذه الآلية قد تلبي جانبا من التحديات التكثيفية عند كتابة الق ق ج
http://www.phrases.org.uk/meanings/a-picture-is-worth-a-thousand-words.html
بالنسبة للقفلة فقد حاولت مرارا معالجتها
وهذه إحدى المحاولات:

‿ ‿ ‿

على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث مراحل،
لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق. تحريكا للمياة الراكدة؛ قبل
أحد الأطراف التجاوز عن نقطة في مرحلة الباء. واعتبارا لمصالح
إقليمية وافق على إسقاط نقطتين في مرحلة التاء، ثم رضوخا
لضغوط دولية في مرحلة الثاء، تنازل عن الثلاث نقاط. أشاد العالم
ب(الحكمة) في (التصميم) التي ألھمت روح (التجريد) وشكلت من
الحروف مسارا (واضح المعالم)؛ اختير إطارا عاما لفض
المنازعات، وأھلھم للترشيح لجائزة السلام!
*
لكني رغم حرصي على ألا تكون نهايها تعليقا مباشرا، وعلى أن تلمح لبعض سمات الجانب المستضعف في المفاوضات
وما توحي به من خلفية لتلك التنازلات أجدني مكبلا بنوعية مثل هذا النص الذي يعتمد على التأمل الذهني أكثر من اتكائه على الحدث الفعلي. عموما حاولت أن أجعل القفلة تبدو كأنها نتيجة (منطقية) لذلك (العبث) وأرجو أن تمثل هذه مفارقة أخرى وتحظى بقبولكم.

2- بالنسبة لنهاية قصيصة "ميراث" رأيت أن الطفل بذلك الحشد من النعت الترهيبي في العملية التربوية من عذاب القبر، صار ملما ببعض تفاصيل الموت وحياة القبر فقرر محاكاة تلك الأجواء بوضع "دودة القز" إلى جواره باعتبارها المرادف الأقرب ل"دود القبر" في ذهن الطفل. إنه يريد أن ينأى به بعيدا عن حياة القبر وعذابه الذي تصوره له مخيلته بوسيلته الخاصة.
*
أدعو الله تعالى أن يحفظكم وأن يعينكم على إتمام رسالتكم النبيلة وأن يوفقكم دوما وينعم عليكم بموفور الصحة والسعادة.
وأشكركم مجددا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





بسم الله
الأستاذ د شريف عابدين
السلام عليكم

شكرا أيها العزيز على طيب دعائك، و دماثة خلقك ...

لا أجامل في النقد،وربما هذه الخصلة سّببت لي الكثير من المشاكل، مع أصدقاء و رفاق الدّرب الأدبي .. و أنت تعرف هذا ...فدعني أقول لك و بدون مجاملة لمست في كتابتك : أدبية القصة من أول نص قرأته لك. و يومئذ تنبأت بخطواتك المتراصة في هذا المجال و لم يخب ظني و الحمد لله ...و الأمر يعود إلى اجتهادك، و مواظبتك في البحث و التقصي ..الشيء الذي لا يفعله البعض، و يعتمد على الرغبة و الموهبة فقط .
و أذكر أيضا أنني تعجبت و قلت في نفسي : ما هذه الظاهرة الغريبة؟! : يوسف إدريس رحمه الله طبيب و قاص ،عبد السلام العجيلي رحمه الله طبيب و قاص ، محمد فؤاد منصور طبيب وقاص ،كرم زعرور طبيب وقاص ، محمد أمين مخلص طبيب وقاص ...

دعك من الأجانب ....ظاهرة تستحق الدراسة ...

بالنسبة إلى ملاحظتيك ، لا نختلف كثيراً. و حقا أن الصورة أبلغ من ألف كلمة إذا وظفت التوظيف الفني الذي يخدم النص .
بارك الله في إبداعك ، وصحتك ، و حياتك ..و وّفقك أن تمدنا بالمزيد المزيد من الإبداع...


دمت مبدعامتفهما طيبا..

تحياتي/ مسلك

مسلك ميمون
07/03/2012, 06:30 PM
ماشاء الله .. تبارك الله ..
وجبة فكرية دسمة .. ومفتوحة أيضاً لكل من يريد أن يغذي فكره ..
أغبطك يا أديبنا الميمون .. على هذا الفكر الذي يغرف من بحر ..
مرجعية كبيرة لهذا الجنس الأدبي الذي أحب .. والذي أسميه ثقافة العصر ..
قرأت النصوص وتحليلاتها بتمعن .. واستفدنا كثيراً من ملاحظاتكم القيمة ..
صحيح أن المتصفح لنصوص الأخ شريف .. لكنه مرجعية حقيقية لكل من يريد أن يتعلم عن هذا الجنس ..
زادك الله .. ورعاك ..

أيضاً لابدّ أن أتوقف عند الشخصية المختارة .. د. شريف عابدين ..
الأخ العزيز والأديب المبدع ..
عرفته مبدعاً خلاقاً وكاتباً يمتلك خيالاً سابراً .. قابضاً على كل مقومات القص الناجح ..
لكنه غضب مني في الآونة الأخيرة حيث لم تعجبني فكرته .. القوالب الجاهزة .. :pleased:
والله أنني تشرفت بالطلة البهية يادكتور ..
لك ولأستاذنا الكبير مسلك ..
كل المحبة وكل الأمنيات بالتألق الدائم ..


بسم الله
المهندس فاروق طه الموسى
السلام عليكم

سعدت بمرورك أيّها العزيز، و بدوري أدعو لك بالتّوفيق في مهمتك و شغلك،
و حياتك و اهتماماتك .. كما أدعو الله أن يعيد لسوريا الحبيبة، أمنها و أمانها، و أن يفرج كربتها ..و أن يعيد لشعبنا في سوريا ألفته و وئامه..اللّهم آمين يا رب العالمين .

راقني اهتمامك بالق ق ج ، و هي فعلا رائقة و جميلة و لكن تتطلب وعياً بكتابتها، و التعامل معها..فليس من السّهل كتابة
ق ق ج ناجحة ..و الأستاذ د شريف عابدين ، ليس قاصا موهوبا فقط ، بل هو قاص باحث ،و من يكون كذلك ،فهو على الطريق
السوي : يغذي موهبته، و يثير قريحته ، و يشرئب بعيدا إلى آفاق الإبداع ...

مرّة أخرى شكرا على مرورك، و حفظ الله شعبنا في سوريا، من كلّ الخطوب ،ما ظهر منها و ما بطن..

تحياتي / مسلك

كرم زعرور
07/03/2012, 09:13 PM
ألسلامُ عليكم


.. وهنا أيضا ًعشرُ قصص ٍقصيرة ٍجداً من إبداع ِالأخ الجميل د. شريف ،

زادها تألُّقاً ما أضفتهُ روحُ الدكتور مسلك ، وما أضافهُ قلمُهُ من تحليل ٍقيِّم ٍ،

جعلنا نعيدُ قراءة َالنصوص ِمن جديد ٍ، بعدَ أن أثنينا عليها في القراءة ِالأولى ،

ولكن دونَ ما تستحقُّهُ هذه الإبداعاتُ ..

عشرة ُنصوص ٍ، ومع كلِّ منها دراسة ُخبير ٍ ، كانت وكأنَّها عشرُ محاضرات ٍ

متخصصة ٍأضافت لنا علما ً، ورسمت لنا منهجاً .

أباركُ لأخي د. شريف هذا الجمال ، وأباركُ لهُ أن لقيت نصوصُهُ مبضعا ًفي

يد ِ ( جرّاح ٍ ) خبير ٍ، سبرَ أغوارَها ، وأبانَ مواطنَ الجمال ِفيها ، وأنعشها .

" أشكرُك د. مسلك ، فقد أخجلتني إذ وضعتني معَ كبار ٍ،

أنا أفخرُ أنني قرأتُ وأقرأ ُلهم ، وأنظرُ لهمُ من السفح ِإلى عل ٍفلا أكادُ أرى ! "

محمد فائق البرغوثي
07/03/2012, 11:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

أسعد الله أوقاتكم بالخير دكتورنا العزيز ، الأستاذ القدير مسلك ميمون ، ما أخبارك أستاذنا ، اشتقنا لكم كثيرا .

أشكرك كثيرا على هذه الوجبة النقدية الدسمة ، هذا التشريح والتحليل المسهب للنصوص مبنى ومعنى ، والتي حققت فائدتها الأدبية للقراء والكتاب جميعا باختلاف مستواياتهم . الصديق العزيز د. شريف عابدين ، من الكتاب النشطين الذين أثبتوا وجودهم وتفوقهم في هذا الجنس خلال فترة قصيرة جدا ، أحييه وأحييك على حسن الاختيار . واسمح لي أن أبدي بعض الملاحظات على النصوص :


1- في القصة رقم ( 8 ) والمعنونة بـ (أرزاق) : ألا ترى معي أن القصة قدمت مادة خبرية مباشرة ، تخلو من إيحاء تلميح ، ولم تترك للقارئ دورا إبداعيا في استنتاج نهاية النص ، خاصة وأن القصة في مضمونها لم تقدم جديدا وأعني هنا تحديدا ، نهاية القصة ( باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق ، واشتروا بقيمتها خبزا.) فبديهي وطبيعي جدا أن الفقير الذي باع دوره في طابور الحديقة ، لن يبدد النقود لحضور السينما مثلا أو دخول مدينة الملاهي ، فالحركة السردية الأخيرة إذاً ( واشتروا بقيمتها خبزا ) كانت حاضرة في ذهن القارئ وقريبة من أفق التلقي ، ولم تشكل إضافة جديدة لحركة السرد ، بل أضفت عليها صفة ( ميلودرامية ) والقصة القصيرة جدا ، كما نعلم ، تشف بالمعنى ولا تقدم نفسها بصوت مسموع وخطوات فجة لتستدر عطف القارئ وتكسب تجاوبه ، وإنما تعتمد على الإيحاء والإضمار والتلميح ، كما أسلفت سابقا ، وهي التي تكسب التيمات والمفارقات ، مهما كانت متداولة ومكرورة ، بعدا جماليا ونضجا فنيا . ما رأيك بهذه النهاية ، على سبيل المثال لا الحصر :

"أرزاق"

حفاظاً على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه أیام العطلات فقط .
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
كان العشاق يتقدمون تباعا ، بينما الفقراء ينسحبون فرحين بما في جيوبهم .
على الطرف المقابل من الحديقة
نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا
وبيده (كيس خبز ) !!

- تحيتي وتقديري ،، وسيكون لي عودة مع قصة أخرى .

مسلك ميمون
08/03/2012, 02:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

أسعد الله أوقاتكم بالخير دكتورنا العزيز ، الأستاذ القدير مسلك ميمون ، ما أخبارك أستاذنا ، اشتقنا لكم كثيرا .

أشكرك كثيرا على هذه الوجبة النقدية الدسمة ، هذا التشريح والتحليل المسهب للنصوص مبنى ومعنى ، والتي حققت فائدتها الأدبية للقراء والكتاب جميعا باختلاف مستواياتهم . الصديق العزيز د. شريف عابدين ، من الكتاب النشطين الذين أثبتوا وجودهم وتفوقهم في هذا الجنس خلال فترة قصيرة جدا ، أحييه وأحييك على حسن الاختيار . واسمح لي أن أبدي بعض الملاحظات على النصوص :


1- في القصة رقم ( 8 ) والمعنونة بـ (أرزاق) : ألا ترى معي أن القصة قدمت مادة خبرية مباشرة ، تخلو من إيحاء تلميح ، ولم تترك للقارئ دورا إبداعيا في استنتاج نهاية النص ، خاصة وأن القصة في مضمونها لم تقدم جديدا وأعني هنا تحديدا ، نهاية القصة ( باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق ، واشتروا بقيمتها خبزا.) فبديهي وطبيعي جدا أن الفقير الذي باع دوره في طابور الحديقة ، لن يبدد النقود لحضور السينما مثلا أو دخول مدينة الملاهي ، فالحركة السردية الأخيرة إذاً ( واشتروا بقيمتها خبزا ) كانت حاضرة في ذهن القارئ وقريبة من أفق التلفي ، ولم تشكل إضافة جديدة لحركة السرد ، بل أضفت عليها صفة ( ميلودرامية ) والقصة القصيرة جدا ، كما نعلم ، تشف بالمعنى ولا تقدم نفسها بصوت مسموع وخطوات فجة لتستدر عطف القارئ وتكسب تجاوبه ، وإنما تعتمد على الإيحاء والإضمار والتلميح ، كما أسلفت سابقا ، وهي التي تكسب التيمات والمفارقات ، مهما كانت متداولة ومكرورة ، بعدا جماليا ونضجا فنيا . ما رأيك بهذه النهاية ، على سبيل المثال لا الحصر :

"أرزاق"

حفاظاً على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه أیام العطلات فقط .
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
كان العشاق يتقدمون تباعا ، بينما الفقراء ينسحبون فرحين بما في جيوبهم .
على الطرف المقابل من الحديقة
نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا
وبيده (كيس خبز ) !!

- تحيتي وتقديري ،، وسيكون لي عودة مع قصة أخرى .





بسم الله
العزيز الأستاذ محمد فائق البرغوثي
السلام عليكم

الله يحفظك ، بدوري اشتقت إليك ،و إلى كتابتك و إبداعك ...
سرني مرورك بهذه القراءة الخاصة بنصوص الأستاذ د شريف عابدين ، و سرني جدا أنك تركت ارتسامات و ملاحظات .... و اقترحت نصا بقفلة مغايرة للنص الثامن " أرزاق " الشيء الذي يمكن من المقارنة الفعلية .

النص الأصلي

"أرزاق"

بحجة الحفاظ على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أیام العطلات.
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق
واشتروا بقيمتها خبزا.


النص البديل

"أرزاق"

حفاظاً على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه أیام العطلات فقط .
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
كان العشاق يتقدمون تباعا ، بينما الفقراء ينسحبون فرحين بما في جيوبهم .
على الطرف المقابل من الحديقة
نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا
وبيده (كيس خبز ) !!



ما أثارني أنك أعبت على النص الأصلي ( خبرية القفلة )
(باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق اشتروا بقيمتها خبزا. )
و جئت في نصك بقفلة خبرية أيضا : (على الطرف المقابل من الحديقة
نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا وبيده (كيس خبز ) !! )
علما أن قفلة النص الأصلي أقصر مما اقترحته .

و أجدك أعبت على النص خبريته أيضا . و الخبرية ليست دائما سلبية أو نقطة ضعف ، ما دامت تخدم فكرة النص . و الإخبار من السرد و الحكي و العكس صحيح .. ما لم يكن الإخبار في غير صالح فنية النص، كالإخبار التفصيلي ، الذي يعتمد الجمل التوضيحية، و التفسيرية ، و الأساليب المسطحة من قبيل [ و أكل بيده ، و مشى برجليه ، و نظر بعينيه ، و استنشق بأنفه ... ]

وفكرة النص مفادها :

ــ أناس شبعوا ، و أتخموا .. و لم يبق أمامهم إلا الفسحة و الاستجمام و التمتع بالطبيعة و مباهجها ...
ــ و أناس لم يجدوا ما يسدون به جوعتهم .

لو أن النص الأصلي توقف عند القفلة التالية :

[باع الفقراء أدوارهم للعشاق ] رغم أنها إخبارية و لكنها تتضمن تلميحا ، بأن الفقير له أولويات غير التنزه في الحدائق .
فتكون بذلك [ .. اشتروا بقيمتها خبزا ] زائدة لأنها جملة توضيحية.

أما نصك المقترح، فأفضل أن يكون هكذا:

"أرزاق"

حفاظاً على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه أیام العطلات فقط .
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
كان العشاق يتقدمون تباعا ، بينما الفقراء ينسحبون فرحين بما في جيوبهم .


أي يحذف منه ما اعتبرتَه قفلة و ليس بقفلة : [على الطرف المقابل من الحديقة نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا
وبيده (كيس خبز ) !! ]

لأن كل هذا كلام زائد عن المعنى الذي فهم من السياق السابق.
و تبقى القفلة المقترحة في نصك البديل هي :
[بينما الفقراء ينسحبون فرحين بما في جيوبهم .]

مرة أخرى شكرا على اهتمامك ....و مرورك الهادف .و لربما لصاحب النص رأي مخالف ....

تحياتي / مسلك

شريف عابدين
08/03/2012, 06:23 AM
بداية أتوجه بالشكر لأستاذنا الجليل الدكتور مسلك ميمون على إتاحة هذه الفرصة للنقاش الهادف
كما أشكر الأخ الأستاذ محمد فائق البرغوثي على إشادته وأرحب بملاحظاته.
لقد ورد هذا النص ضمن إحدى "الباقات القصصية" التي كتبتها
والباقة القصصية هي مجموعة من القصص القصيرة جدا، والومضات التي تشكل في مجموعها لوحة متكاملة، تستند على التفاعل والتلاقح بين نصوص المجموعة لترسم رؤية ما عن الذات والوجود والحق والجمال
وعلينا أن نحاول قدر الإمكان البقاء ضمن ما يقدمه النص / الباقة ككل من معطيات. ولا شك أن الباقة نظرا لتعدد نصوصها لا تزال قابلة لقراءات متعددة ، لكنها لا يجب أن تبتعد كثيرا عن الإلتزام بالنظر إليها كوحدة لا كمجموعة نصوص متفرقة
إنها محاولة تجريبية للوقوف على مدى إمكانية وجود جنس جديد للكتابة القصصية لا ينضوي تحت أي من المسميات المعروفة
وقد أطلق عليه إسم " الباقة القصصية " حيث تتضافر النصوص التي تتضمنها الباقة لرسم لوحة متكاملة تعبر عن واقع أو عن رؤية متكاملة
كنت أتمنى ألا يتم تناوله تأويلا أو توظيفا خارج سياقها
فقد جاءت هذه القصيصة ضمن باقة "تلك الزهرة" وهي من أوائل التسع باقات التي حاولت كتابتها وشملت:

ثلاثة مشاهد للنسيم: عدد 03 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?90673-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D9%84%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%85&highlight=



ذلك الطابور: عدد 06 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?93734-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D9%88%D8%B1&p=681380#post681380

قصص قصيرة جدا عن القصة القصيرة جدا: عدد 22 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?87172-%D9%82%D8%B5%D8%B5-%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D8%A7&highlight=


ثورة الصحراء: عدد 22 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?87370-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A1&highlight=


قطف العمر: عدد 13 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?87508-%D9%82%D8%B7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%B1&highlight=


ذلك المتعالي: عدد 09 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?86894-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%8A&highlight=


تلك الشجرة: عدد 09 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?85893-%D8%AA%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AC%D8%B1%D8%A9&highlight=


ذلك الطريق: عدد 06 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?86039-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82&highlight=


تلك الزهرة: عدد 06 ق ق ج
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?85960-%D8%AA%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%87%D8%B1%D8%A9&highlight=


***
في هذه الباقة القصصية "تلك الزهرة" أتناول أطروحة القمع والتي تناولتها فيما بعد من خلال الباقة القصصية "ذلك الطابور" وفي تلك الزهرة هناك ثلاثة نصوص تتناول القمع في إطار يتسم بالسخرية
*
ترضية

فرض الحاكم حظرا لتجول الفراشات بين ربوع الزهر وسمح للنحل فقط؛ تنمية للثروة العسلية. تظاهر الرومانسيون احتجاجا على كبح جماح مشاعرهم؛ فأصدر فرمانا يكفل حقهم في حصة إضافية من العسل.

أرزاق

تمسحا بالدين، وحفاظا على الزهور، سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أيام العطلات. اصطف الناس في طوابير طويلة عند أبواب الحدائق؛ باع الفقراء أماكن أدوارهم للعشاق واشتروا بقيمتها خبزا.


حاويات

أرسى الحاكم قاعدة تقنين استهلاك العطر، تجنبا لإهدار الثروات تحت شعار (قنينة لكل مواطن)؛ وتأكيدا لعدالته، سمح بتعبئة قنينة مجانية لكل فرد. تسابق الأغنياء في شراء كبرى الزجاجات الفارهة لملئها عن آخرها بينما جمع الفقراء بالكاد، العلب الفارغة من صناديق القمامة. صار الأغنياء أكثر انتعاشا بينما بقى الفقراء على رائحتهم.

*

وإذا تأملنا تناول الأخ الأستاذ محمد فائق البرغوثي:

النص الأصلي

"أرزاق"

بحجة الحفاظ على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أيام العطلات.
اصطف الناس في طوابير طويلة عند أبواب الحدائق؛
باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق
واشتروا بقيمتها خبزا.


النص البديل

"أرزاق"

حفاظاً على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه أيام العطلات فقط .
اصطف الناس في طوابير طويلة عند أبواب الحدائق؛
كان العشاق يتقدمون تباعا ، بينما الفقراء ينسحبون فرحين بما في جيوبهم .
على الطرف المقابل من الحديقة
نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا
وبيده (كيس خبز ) !!
*
نجد أن الفقراء "في التعديل" فرحين ينضمون إلى طوابير أخرى كأنما أوجدت خصيصا كعلاج للفقر والقمع وبالتالي انتفت المشكلة وضاع تأثير القفلة الأصلية التي بنيت على إحداث المفارقة بين التوجه الرومانسي وتوجه تلبية احتياجات الحياة الأساسية على خلفية أخروقات ذلك الحاكم الاستعبادية وخلطه لأوراق أحوال الرعية. إذن لم تعد هناك مشكلة! والسعادة تغمر أجواء الحديقة أو الدولة!
أما ما ذكر عن خبرية القفلة
فأجده يندرج خارج السياق الفني التجريدي للنص
إن فكرة النص برمزيتها لا تحتمل التفاصيل الدقيقة للحصول على الخبز
هل يمكننا تخيل لوحة تجريدية يضاف إليها صورة واقعية ؟
ثم أن النص تناول سلوك الفقراء "الجماعي" بشكل تنفيذي متتالي مرتبط منطقيا بما توصل إليه النص من سبب أو نتيجة مباشرة تلاها ذلك التوجه وليس بشكل إبلاغي
It showed and didn't tell
وقد جاءت القفلة "الأصلية" متفقة مع واحدة من أهم تقنيات كتابة القصة القصيرة جدا وهي ألا يتجاوز رد فعل الكائن السلوكيات الفورية:
Only consider immediate consequences
*
مع خالص تقديري واحترامي.

سعيد نويضي
08/03/2012, 12:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأديب الفاضل شريف عابدين...و الأستاذ الأديب الفاضل مسلك ميمون...فالشكر الجزيل لهذا التفاني من أجل رفع مستوى هذا الفن الجميل إبداعا و نقدا و قراءة...

و هذه كلمة كنت قد شاركت بها في تعليقي على هذه القصيصة من قبل...و انطلاقا من ملاحظة الأستاذ مسلك في مسألة التكثيف أحببت معرفة رأي أستاذنا الجليل في هذا الاقتراح...


المستوى الفني
من حيث البناء الفني أعتقد أنها في حاجة إلى تكثيف و اختزال...و لو سمح الأديب الشريف عابدين بهذا الاقتراح و ما هو إلا رأي ليس إلا كباقي الآراء ليس غير...

تــدرج...
على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث نقاط؛ لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق.
سقطت الأولى بفعل الركود ،تبعتها الثانية بفعل المصالح و سقطت أخيرا كل النقاط بفعل الضغوط...
فشكلت الحروف مسارا مختصرا (واضح المعالم).
أما العنوان فأعتقد أنه من الأفضل أن يكون كلمة أو كلمتين بدل رموز تزيد من الغموض أكثر مما هو غموض الإنسان نفسه في زمن التشريح و التفكيك و التحليل على جميع المستويات...و أقترح على الأخ الأديب شريف عابدين عنوان:تـــدرج.

فالتدرج قد يكون إلى الأعلى و هذا هو المطلوب أن يرتقي الإنسان سواء العربي أو الغربي لكن ليس على حساب كرامة الإنسان نفسه و قد يكون التدرج إلى الأسفل و هذا هو الواقع الذي يريد الأدب عموما أن يقدمه للقارئ لكي يرتقي لا لكي يزيد الطين بلة...

من حيث المضمون أعتقد أن المفاوضات التي لا تستند إلى نقاط قوة ستظل تتعثر في مراحلها...فالمعروف في هذا العصر...من يمتلك القوة يمتلك سلطة القرار...و من هنا تبدو الحلقة الأضعف في تركيبة القوة العربية في عدم وحدتهاو في تمزقها...الشيء الذي أدى إلى تفتت قوتها...فنسف كل نقطة على حدة...نتيجة الخلل الموجود في البنية الأساسية جعل من النقاط الموالية عوض أن تشد بعضها بعضا ...جعلها تتساق كحبات متناترة من عقدواحدمما أدى بها في كل مرة إلى الانهيار...

و للحديث بقية بالنسبة لباقي القصص...تحيتي و تقديري المتواصل للأحبة الكرام...

مسلك ميمون
08/03/2012, 01:02 PM
بسم الله
العزيز الأستاذ د شريف عابدين
السلام عليكم

سعيد بهذا التوضيح الذي جاء متأخرا ،مع الأسف ، و لم أتنبه إليه و أنا أطالع نصوصك و لكن لا بد من توضيح رغم ذلك:

جاء في ردك ما يلي :

(لقد ورد هذا النص ضمن إحدى "الباقات القصصية" التي كتبتها
والباقة القصصية هي مجموعة من القصص القصيرة جدا، والومضات التي تشكل في مجموعها لوحة متكاملة، تستند على التفاعل والتلاقح بين نصوص المجموعة لترسم رؤية ما عن الذات والوجود والحق والجمال
وعلينا أن نحاول قدر الإمكان البقاء ضمن ما يقدمه النص / الباقة ككل من معطيات. ولا شك أن الباقة نظرا لتعدد نصوصها لا تزال قابلة لقراءات متعددة ، لكنها لا يجب أن تبتعد كثيرا عن الإلتزام بالنظر إليها كوحدة لا كمجموعة نصوص متفرقة )


حين نتحدث عن الباقة القصصية سندخل مباشرة عالم القصة القصيرة، و نخرج عن تخوم الق ق ج التي نحن بصددها
و إلا كيف تكون الق ق ج المحكومة : بالايجاز و الاختصار و الاضمار و التكثيف و الحذف ...و هي بهذا الطول و الامتداد ..؟ و لا تفهم إلا من خلال ثلاثة أو أربعة نصوص متكاملة ،مرتبطة ،موحدة .. هذا في النهاية نسميه قصة قصيرة ، و هو أمر معمول به و منذ وقت طويل، و ليس مجال تجريب .. و بين يدي مجموعات قصصية مغربية تعود إلى السبعينات.. و لكن كتبت في إطار القصة القصيرة .أما الق ق ج ، فلها خصوصية : التفرد، و الوحدة ، و التكثيف اللّغوي..و لقد شبهتها بوخزة الإبرة .

و قـــلــتَ :


(إنها محاولة تجريبية للوقوف على مدى إمكانية وجود جنس جديد للكتابة القصصية لا ينضوي تحت أي من المسميات المعروفة
وقد أطلق عليه إسم " الباقة القصصية " حيث تتضافر النصوص التي تتضمنها الباقة لرسم لوحة متكاملة تعبر عن واقع أو عن رؤية متكاملة
كنت أتمنى ألا يتم تناوله تأويلا أو توظيفا خارج سياقها
فقد جاءت هذه القصيصة ضمن باقة "تلك الزهرة" وهي من أوائل التسع باقات التي حاولت كتابتها )


كلامك هذا، يؤكد ما ذهبنا إليه. بمعنى أنك تتحدث عن جنس أدبي آخر غير الق ق ج . و صحيح لا يمكن الحديث عن الغصن و المراد الشجرة . إنّما الذي أُلحّ عليه أنّ الق ق ج ، جنس متفرد ،و لا يمكن أن يقبل أن يكون له سند سردي ليُفهم ، كما لا يقبل أن ينشطر شظايا ليُجمع. فالتّشظي نجده في الشّعر الحديث ، و في القصّة و القصّة القصيرة و قد نجده في الرواية و المسرحية ، و لكن في الق ق ج يكون ذلك بمثابة إبعاد الشيء عن جنسه و أصله و نوعه.. و ضمه إلى جنس و أصل و نوع أخر .

تحياتي/ مسلك

شريف عابدين
08/03/2012, 03:10 PM
بسم الله
العزيز الأستاذ د شريف عابدين
السلام عليكم

سعيد بهذا التوضيح الذي جاء متأخرا ،مع الأسف ، و لم أتنبه إليه و أنا أطالع نصوصك و لكن لا بد من توضيح رغم ذلك:

جاء في ردك ما يلي :

(لقد ورد هذا النص ضمن إحدى "الباقات القصصية" التي كتبتها
والباقة القصصية هي مجموعة من القصص القصيرة جدا، والومضات التي تشكل في مجموعها لوحة متكاملة، تستند على التفاعل والتلاقح بين نصوص المجموعة لترسم رؤية ما عن الذات والوجود والحق والجمال
وعلينا أن نحاول قدر الإمكان البقاء ضمن ما يقدمه النص / الباقة ككل من معطيات. ولا شك أن الباقة نظرا لتعدد نصوصها لا تزال قابلة لقراءات متعددة ، لكنها لا يجب أن تبتعد كثيرا عن الإلتزام بالنظر إليها كوحدة لا كمجموعة نصوص متفرقة )


حين نتحدث عن الباقة القصصية سندخل مباشرة عالم القصة القصيرة، و نخرج عن تخوم الق ق ج التي نحن بصددها
و إلا كيف تكون الق ق ج المحكومة : بالايجاز و الاختصار و الاضمار و التكثيف و الحذف ...و هي بهذا الطول و الامتداد ..؟ و لا تفهم إلا من خلال ثلاثة أو أربعة نصوص متكاملة ،مرتبطة ،موحدة .. هذا في النهاية نسميه قصة قصيرة ، و هو أمر معمول به و منذ وقت طويل، و ليس مجال تجريب .. و بين يدي مجموعات قصصية مغربية تعود إلى السبعينات.. و لكن كتبت في إطار القصة القصيرة .أما الق ق ج ، فلها خصوصية : التفرد، و الوحدة ، و التكثيف اللّغوي..و لقد شبهتها بوخزة الإبرة .

و قـــلــتَ :


(إنها محاولة تجريبية للوقوف على مدى إمكانية وجود جنس جديد للكتابة القصصية لا ينضوي تحت أي من المسميات المعروفة
وقد أطلق عليه إسم " الباقة القصصية " حيث تتضافر النصوص التي تتضمنها الباقة لرسم لوحة متكاملة تعبر عن واقع أو عن رؤية متكاملة
كنت أتمنى ألا يتم تناوله تأويلا أو توظيفا خارج سياقها
فقد جاءت هذه القصيصة ضمن باقة "تلك الزهرة" وهي من أوائل التسع باقات التي حاولت كتابتها )


كلامك هذا، يؤكد ما ذهبنا إليه. بمعنى أنك تتحدث عن جنس أدبي آخر غير الق ق ج . و صحيح لا يمكن الحديث عن الغصن و المراد الشجرة . إنّما الذي أُلحّ عليه أنّ الق ق ج ، جنس متفرد ،و لا يمكن أن يقبل أن يكون له سند سردي ليُفهم ، كما لا يقبل أن ينشطر شظايا ليُجمع. فالتّشظي نجده في الشّعر الحديث ، و في القصّة و القصّة القصيرة و قد نجده في الرواية و المسرحية ، و لكن في الق ق ج يكون ذلك بمثابة إبعاد الشيء عن جنسه و أصله و نوعه.. و ضمه إلى جنس و أصل و نوع أخر .

تحياتي/ مسلك

أستاذي القدير الدكتور مسلك ميمون
السلام عليكم
أحترم رأيك سيدي فأنت معلِّمي الأول ومرجعي المصدَّق.
لقد طالعت مجموعة من القصص القصيرة جدا لأحد كبار الكتاب تحت عنوان واحد، وتدور حول فكرة واحدة بحيث يمكن قراءة كل قصيصة على حدة أو في سياق ما سمي بالباقة وهذا ما اتبعته.
ما قصدته هو الاستشهاد بنصي "ترضية" و"حاويات" الذين جاءا في نفس السياق (أخروقات ذلك الحاكم)
ألا يمكن تسميتها "باقة قصيصية" أم أن القضية ليست في التسمية؟
أرجو ألا أكون مثقلا عليك ولكني تمنيت معرفة رأيك في هذه المجموعة من القصيصات تحمل فكرة واحدة عن معاناة الإنسان تحت عنوان (ذلك الطابور)
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?93734-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D9%88%D8%B1
أشكرك مجددا على هذا الإثراء والتنوير لأجواء المناقشة.
وأرجو تقبل المزيد من العرفان والتقدير لشخصكم الكريم.

مسلك ميمون
08/03/2012, 06:56 PM
بسم الله
العزيز سعيد نويضي
السلام عليكم


شكراً لك على مرورك الهادف ، و على لمساتك التي تأبى إلا أن تشارك بها في كل إطلالة باركك الله و حفظك ...
ورداً على تساؤلك بنوع من التفصيل تعميماً للفائدة....،و الشكر كل الشكر لك لأنك أثرت مسألة النص البديل .

النص الأصلي
◡◡◡

على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث مراحل متتالية؛ لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق. تحريكا للمياه الراكدة، قبل أحد الأطراف التجاوز عن نقطة في مرحلة الباء. واعتبارا لمصالح إقليمية وافق على إسقاط نقطتين في مرحلة التاء، ثم رضوخا لضغوط دولية في مرحلة الثاء تنازل عن الثلاث نقاط . أثنى البعض على مدى الحكمة في صياغة (أنموذج) يصلح لحل جميع النزاعات؛ بينما أشاد الجميع بالقدرة الفائقة على (التجريد).


النص البديل

تــدرج...
على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث نقاط؛ لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق.سقطت الأولى بفعل الركود ،تبعتها الثانية بفعل المصالح و سقطت أخيرا كل النقاط بفعل الضغوط...فشكلت الحروف مسارا مختصرا (واضح المعالم).


حين عقبت على النص الأصلي كان تعقيبي كالتالي:

همســـة : و إنْ عبر النص بمرارة عن وضع ما ...إلا أنه في حاجة إلى تكثيف لغوي ،و إلى اهتمام بالقفلة . لأنّ هذه الأخيرة، مُتعتها أنها تأتي دون أن تكون في الحسبان ،لتكون صادمة و مفاجئة ..فهنا جاءت نتيجة حتمية فيما يشبه التعليق : (أثنى البعض على مدى الحكمة في صياغة (أنموذج) يصلح لحل جميع النزاعات؛ بينما أشاد الجميع بالقدرة الفائقة على (التجريد) ).

بمعنى ــ وحسب استنتاجي ــ أن النص في حاجة إلى تكثيف و قفلة

و لكن حين وضعتَ نصاً بديلا ،حاولت التكثيف ،و لكن أسأت إلى فنية النص و دلالته .
و حاولت وضع قفلة فجاءت متنافرة مع الاستهلال . فبقدر ما كان النص الأصلي منسجماً دلالياً.. بقدر ما خرق نصك الانسجام الدلالي .
كيف ذلك ؟ جاء في نصك :

[على مائدة المفاوضات طرحوا خارطة طريق من ثلاث نقاط؛ لكن (التفاصيل) كادت تودي بالاتفاق ]
إذاً ما العمل ما دامت التفاصيل كادت تودي بالإتفاق ؟
في النص الأصلي جاء القاص بحل للإستمرار : (تحريكا للمياه الراكدة، قبل أحد الأطراف التجاوز ) و هذا هو الواقع الفلسطيني المشين .
بيد أنه في نصك لا وسيلة للاستمرار السردي ، إلا بالقفز على الوسيلة نفسها : (سقطت الأولى بفعل الركود ،تبعتها الثانية بفعل المصالح و سقطت أخيرا كل النقاط بفعل الضغوط )
فكيف يستقيم في الذهن : (التفاصيل كادت تودي بالاتفاق ) و كاد : تفيد قرب زمن وقوع الخبر من الاسم قرباً كبيراً ، بمعنى أن الاتفاق على المفاوضات مازال قائماً ، و هو كذلك لحدّ الآن .
و لكن في النّص البديل ، فجأة تسقط النقطة الأولى بفعل الركود ،و السؤال لماذا النقطة الأولى وحدها ؟ و المفروض أن تسقط النقط الثلاث جميعها أو تبقى .و هذا مخالف لما جاء في النص الأصلي .

و قد حئت بقفلة تتحدث عن حروف : (...فشكلت الحروف مسارا مختصرا (واضح المعالم). يبقى السؤال عند القارئ، أي حروف هذه ؟ بيد أنها في النص الأصلي واضحة ، و دالة .لأنها عناوين المراحل :المرحلة (ب) ،المرحلة (ت) ، المرحلة (ث) .
و هذه المراحل الثلاث جيء بها ( تحريكا للمياه الراكدة )
و لكن النص البديل جعل الركود سبباً في ضياع النقطة الأولى.
ثم إن النص البديل يجعل فعل المصالح يسقط أخيراً كلّ النقط .
علماً أنّ النقطة الأولى سقطت ،و تلتها النقطة الثانية، و لم تبق إلا نقطة واحدة . و السّؤال لماذا صيغة الجمع [ و سقطت أخيراً كل النقط ]
تعمدت هذه المقارنة لأوضح فقط ،أنّ النّص البديل هنا ، لا يجاري فكرة النّص الأصلي ...

و عموما أشكرك الأستاذ سعيد أنك فتحت هذا الموضوع لأنني أريد أن أوضح شيئا هاما :

ـــ ألاحظ أن بعض الإخوة و الأخوات يقترحون نصوصا بديلة . لأنّ النّص الأصلي لم يرقهم سواء صياغة أو مضموناً .. و الأكثر فيما يخصّ الصّياغة . فيبادرون إلى كتابة نص بديل .. فإذا كان و لا بد ، فينبغي أن نراعي التّالي :

1 ــ إذا كنا نرغب في إعادة صياغة النص :

أ ــ من حيث المضمون ينبغي فهم النص الأصلي فهماً دقيقاً .
ب ــ من حيث الشّكل ينبغي استيعاب مفارقته و قفلته .

2 ــ إذا كنا نرغب في تعديل النّص :

أ ــ التّعديل يخصّ كلمة أو كلمتين ،سواء بالتّغيير و الاستبدال أو الحذف .
ب ــ تغيير صياغة و تركيب جملة، أو استبدالها بأخرى، أو حذفها .

و في جميع الأحوال ينبغي مراعاة مقصدية القاص من خلال نصّه الأصلي.
و إلا ما نكتبه و ما نقترحه ..هو مجرد نص آخر ، لا علاقة له بالنص الأوّل .

و يستحسن ألا نكتب نصاً بديلا ، و نترك القاص ــ بعد ملاحظاتنا ــ يعيد النظر في نصّه... و إن كان و لابد و أعجبتنا الفكرة ، و الأفكار مشاعة على كلّ حال ، و في الطرقات على حدّ تعبير ابن خلدون ، نكتب نصاً جديداً يخصّنا . أخيراً قرأت في موقع للقصة ،نصاً بديلا لنصي رقم 13 نفس الفكرة، و لكن الصياغة مختلفة، و طريقة العرض جيّدة ، بل أقول تمنيت لو كتبته كذلك ، و لقد هنأت صاحبه ، و كان صريحاً إذ أخبرني بأنّ الفكرة اقتبسها من نصي . و هكذا الأفكار ليست ملك أحد ..إنّما الأسلوب هو الملكية الخاصّة ... و الدليل أن أسلوبه راقني ..

لهذا حين أجد نفسي في وضعية مفاضلة بين نصك ـ أخي سعيد ـ و نص الأخ شريف أفضل النص الأصلي ، لأنه رغم حاجته للتكثيف و القفلة ..فهو لا ينقص جمالية و فنية سردية ، و متعة حكائية .

تحياتي / مسلك

محمد فائق البرغوثي
08/03/2012, 08:46 PM
أهلا أستاذنا العزيز د . مسلك ميمون . أشكرك على هذا الحوار الهادف الماتع ، ويسعدني أو أوضح بعض النقاط :

ما أثارني أنك أعبت على النص الأصلي ( خبرية القفلة )
(باع الفقراء أماكن ادوارهم للعشاق اشتروا بقيمتها خبزا. )
و جئت في نصك بقفلة خبرية أيضا : (على الطرف المقابل من الحديقة
نمت طوابير أخرى .. طويلة .. لا تـُخرجُ أحداً .. إلا وبيده (كيس خبز ) !! )
علما أن قفلة النص الأصلي أقصر مما اقترحته .
-

ملاحظتي كانت واضحة ، لم تنحصر في خبرية القفلة وحدها وإنما مباشرتها أيضا ، المباشرة التي تسطّح الحكاية وتبسط المعنى ، وتعمد إلى استخدام الألفاظ الصريحة في سائر مواقف شخوصها ، في واقعية تسمي الأشياء بمسمياتها ،دون أن تحتال على المعنى وتلجأ إلى تمييع الرؤية ، لغة (الظلال ) هذه تنتج تأثيرا مضاعفا يتجاوز الصيغ المباشرة الصريحة التي تحجّم الدلالة . يقول مالارميه : ( تعيينك للشي حذف لثلاثة أرباع لذته ، لأن اللذة الحقيقية تكمن في الاكتشاف التدريجي ) ويقول الناقد ثائر العذارى : ( إن أهم أركان السرد أن يعمد القاص إلى رسم صور شخصياته وهي (تفعل)، لا أن يخبرنا هو عن (أفعالها) " ويقول جمال المظفر ( القاص لا يعطي الشخصية المنظور اليها صورة واضحة ، يترك للقارئ والمتلقي ينخطف معه الى ملامح تلك الشخصية ) لكنّ الكاتب عمد إلى تعيين وتحديد كل عناصر القص ( أحداث وشخوص ... ) بشكل صريح وكأن الأمر فقط تسجيل فوتوغرافي للوقائع ، دون أن يضفي الكاتب على هذه الأحداث بصمته الأسلوبية وتأثيراتها التأملية ، وما كنت لأتطرق لهذا النقطة لو كان المتن الحكائي أو النهاية تحديدا قادتنا إلى مفارقة مدهشة أو مفاجئة ، لكن المتن الحكائي جاء عاديا ومستهلكا ، أتخمته الكتابات والدراما العربية تطرقا ومعالجة ، أبرزه النص بطريقة ميلودرامية فاقعة .



تحيتي وتقديري ،،

شريف عابدين
09/03/2012, 01:24 AM
أستاذي الكبير الدكتور مسلك ميمون
السلام عليكم
أتعجب من هذا الهجوم الغير مبرر على نص "أرزاق"
ما يثير دهشتي هو الإصرار على تجريد النص من رمزيته
كما لو كان سلوك الحاكم اعتياديا!
أو أنها طوابير تصطف أمام التعاونيات الاستهلاكية!
*
ماذا إذا تناولنا الدوافع السلوكية للحاكم؟
ألا تنم عن انفصاله عن واقع شعبه؟
ألا تكشف عن شخصيته اللاهية ورغبته في التسلي؟
ألا تفصح عن ميوله القمعية الاستبدادية؟
*
ماذا إذا تناولنا الدوافع السلوكية للرعية؟
ألا يفضح النص خنوعهم وامتثالهم لتعليمات الحاكم المقدسة؟
لا أدري ما وراء هذا الهجوم الغير منطقي؟؟؟
؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!
تقديري واحترامي.

مسلك ميمون
09/03/2012, 06:18 AM
بسم الله
العزيز محمد فائق البرغوثي
السلام عليكم
.
جاء في قولك :

ملاحظتي كانت واضحة ، لم تنحصر في خبرية القفلة وحدها وإنما مباشرتها أيضا ، المباشرة التي تسطّح الحكاية وتبسط المعنى ، وتعمد إلى استخدام الألفاظ الصريحة في سائر مواقف شخوصها ، في واقعية تسمي الأشياء بمسمياتها ،دون أن تحتال على المعنى وتلجأ إلى تمييع الرؤية ، لغة (الظلال ) هذه تنتج تأثيرا مضاعفا يتجاوز الصيغ المباشرة الصريحة التي تحجّم الدلالة .


إن كنت أقرك كما جاء في ردي السابق أن الجملة الأخيرة [واشتروا بقیمتھا خبزا.] زائدة و توضيحية و لا تعد قفلة ، ألاحظ أن ما قبلها مع بعض التعديل يصلح أن يكون قفلة . [ فباع الفقراء أدوارهم للعشاق ]
و قُضي الأمر . و لكنك ــ مع الأسف ــ أغمطت النص حقه في الرمزية و الإيحاء.. و جعلته مباشراً، و مسطحاً ،و مبسطاً ، و يسمي الأشياء بمسميلتها.. و هذا لا نقرك عليه ، و النص بيننا :


أرزاق"

بحجة الحفاظ على الزهور،
سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أیام العطلات.
اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق؛
باع الفقراء أماكن أدوارهم للعشاق
واشتروا بقيمته خبزا.

***

1 [بحجة الحفاظ على الزهور، سمح الحاكم للشعب بالتنزه فقط أیام العطلات ]
هل هذا واقعي ؟ هل حدث في بلد ما ؟
ما دام ليس واقعياً ، و لم يحدث .. فهو خيال فني، تلعب فيه التخييلية Fictionality دورها الأساسي ، الذي هو الإيحاء و الرمز...


2 [اصطف الناس في طوابیر طویلة عند أبواب الحدائق ]
أين الواقعية في هذا ؟ متى اجتمع الناس طوابر لزيارة الحدائق ؟
نفس الشيء، الكلام يتضمن وسيلة أدبية و هي :غرائبية المعنى !!

[باع الفقراء أماكن أدوارهم للعشاق ] هذا كان يحدث في المسرح و السينما أيام زمان، قبل ظهور الأنفو ميديا بهذا الشكل المريب ..و لكن حتى في هذه التي اعتبرناها قفلة أين وجه الواقع ؟ أرأيت فقراء يبيعون أدوارهم للعشاق لزيارة الحدائق ؟

إذا ، هناك تركيب سردي ملغّم ، و غير مباشر، لأنّه يتضمن معنى غائباً ما يسمى بالمعنى الكامن Latent content على المتلقي أن يصل إليه، و هو كما أسلفت في رد سابق ، ( أن للفقراء أولويات أهمها الخبز)، أما الأزهار و الورود ـ على أهميتها الجمالية ـ فهي كماليات ليس إلا .

و كما قلت أنفاً أعود و أقول، تؤاخذ النص بالمباشرة و الإخبارية و في قولك هذا نظر ، و قد بينا ذلك ، فما عساك تقول عن نصوص لك كثيرة
لا تخلو من مباشرة و تقريرية رغم أنّها نصوص هادفة ومعبرة، و أخصك بثلاثة نصوص من نصوصك المنشورة في واتا على سبيل المثال لا الحصر :

رجل الشمس

أشعثا ً كان ورَثّ الثياب .. عندما تقدّمَ إلى طاولتنا وقالَ جملته الغريبة تلك : الشمس يا أصدقائي لا تصابُ بضربة شمس ، ضحكنا كثيرا من قول هذا الغريب ، غريب الأطوار ، ضحكنا ثم تابعنا شرب الشيشة وحديثنا عن البورصة العالمية وانهيار الاقتصاد الأمريكي وبداية النهاية ومكر الله ..
نشربُ الشيشة.. ونضحك كلما تذكرنا رَجُـل الشمس ،،.

+++

فرض مدرسي

ينام على وجع ،ولا كوة هناك تزاور عن وجعه ، ذات الشمين أو ذات اليمال
ينام على وجع ثم يصحو على وجع ، ينهض ، يحلق ذقنه ، يختار قميصا مناسبا ، يكوي ملابسه ، يرتديها ، يلاحظ فيما يلاحظ أن كسرة البنطال اليمنى غير متقنة الكي ،فيعاود كيها ، يلمع حذاءه جيدا ،يتعطر ، نظرة أخيرة للمرآة قبل الخروج .. يزرع ابتسامة على وجهه .. ثم يمضي لعمله .. ليزاول البهوت

++++

عاشق

.. - سأله : مارأيك بروايتي الجديدة هذه ؟

* فأجاب : الفكرة جميلة ومؤثرة ، لكنْ ينقصها بعض الاختزال والتكثيف ..

كما أن القفلة لم تكن الى هذا الحد موفقة ،،

لكنها تبقى ومضة رائعة ،، أشكرك عليها ..

غادرَ صاحبنا .. وبقيَ صاحبـُهُ في دهشة : عين ٌ على الرواية .. وعينٌ على خطواته التي توارت مبتعدة .



و قلت مستشهدا :

"يقول مالارميه : ( تعيينك للشي حذف لثلاثة أرباع لذته ، لأن اللذة الحقيقية تكمن في الاكتشاف التدريجي) ويقول الناقد ثائر العذارى:( إن أهم أركان السرد أن يعمد القاص إلى رسم صور شخصياته وهي (تفعل)، لا أن يخبرنا هو عن (أفعالها) " ويقول جمال المظفر ( القاص لا يعطي الشخصية المنظور اليها صورة واضحة، يترك للقارئ والمتلقي ينخطف معه إلى ملامح تلك الشخصية)"

هذه الأقوال و الشواهد جيدة في إطار الفن السردي ، و لا شك أنها مفيدة و لا جدال في ذلك .. و لكنها تنطبق على النص على ضوء ما ذكرت :
فالنص حسب مالارميه لا يعيّن الشيء ، لأنه ليس واقعياً .
و حسب رأي ثائر العذري النص قدم لنا شخصيات تفعل : حاكم يأمر وأنا س يصطفون في طوابر طويلة ، و فقراء يبيعون ،و عشاق يشترون .. أليس هذا فعل ؟
ثم أخيراً النص يستجيب لقولة جمال المظفر، القاص لم يعط الشخصية المنظور إليها صورة واضحة .هل تعرف الحاكم من خلال النص ؟
هل تعرف الناس في الطوابير ؟
و هل تعرف العشاق منهم و الفقراء ؟
إذا كلهم شخصيات هلامية غير محددة و لا واضحة لأنها غير واقعية .. و لأنها رموز ليس إلا .

ثم هذه الأقوال هي مجرد أقوال .. و ليست قرآنا منزلا ... أو قوالب جاهزة للتطبيق القسري.. المبدع يحكمه ذوقه، و ثقافته، و موهبته .. فضلا عن الفن الذي يمارسه ،لأنّ كلّ نص جديد ، يحتم وضعاً جديداً ، مختلفاً، و يولد ولادة خاصّة ..أمّا قولي، أو قولك ،أو قول النقاد جميعاً.. فهو من باب الاستئناس ليس إلا . و ما هو الآن في حكم الصّواب لا يقبل الجدل ، غداً سيمسي في خبر كان .. و يعوض بمفاهيم أخرى ...و كلّ شيء قابل للأخذ و الرّفض .


و قلت أخيراً :

"المتن الحكائي جاء عاديا ومستهلكا ، أتخمته الكتابات والدراما العربية تطرقا ومعالجة ، أبرزه النص بطريقة ميلودرامية فاقعة ".
أما كون النص جاء عادياً فذاك رأيك ، أمّا رأينا المخالف فقد أشرنا إليه في القراءة و ما ذكرناه في الرد .
أمّا كونه مستهلكاً ، فلم توضح هل من حيث الفكرة ، فكلّ الأفكار مستهلكة ، و القاص ليس مفكراً و لا فيلسوفاً .. إنما هو فنان يتعامل مع الأفكار الرائجة و الموجودة ..
أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى"

ما أرانا نقول إلا مُعارا ... أو معادًا من قولنا مكرورا

أو قول كعب بن زهير بن أبي سلمى في نفس المعنى و بنفس الألفاظ تقريبا :

ما أَرانا نَقولُ إِلّا رَجيعاً *** وَمُعاداً مِن قَولِنا مَكرورا

أما من حيث الطريقة و الأسلوب ( المكرور ) فلا علم لنا بهذا، و حبذا لو زودتنا بذلك لنقارن .

أما كون النص أبرز كل ذلك ( بطريقة ميلودرامية فاقعة ) الذي أعرفه هو: الدراما ،و الدراما السوداء، و الميلودراما ، و لكن ميلودرامية فاقعة ، ما سمعت بهذا ، و لا أظنك جاداً بطرح هذا المصطلح الخاص بك ...

مرة أخرى شكراً على مرورك و مساهمتك

تحياتي / مسلك

محمد فائق البرغوثي
10/03/2012, 07:58 PM
أستاذي الكبير الدكتور مسلك ميمون
السلام عليكم
أتعجب من هذا الهجوم الغير مبرر على نص "أرزاق"
ما يثير دهشتي هو الإصرار على تجريد النص من رمزيته
كما لو كان سلوك الحاكم اعتياديا!
أو أنها طوابير تصطف أمام التعاونيات الاستهلاكية!
*
ماذا إذا تناولنا الدوافع السلوكية للحاكم؟
ألا تنم عن انفصاله عن واقع شعبه؟
ألا تكشف عن شخصيته اللاهية ورغبته في التسلي؟
ألا تفصح عن ميوله القمعية الاستبدادية؟
*
ماذا إذا تناولنا الدوافع السلوكية للرعية؟
ألا يفضح النص خنوعهم وامتثالهم لتعليمات الحاكم المقدسة؟
لا أدري ما وراء هذا الهجوم الغير منطقي؟؟؟
؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!
تقديري واحترامي.


أهلا يا صديقي الجميل د. شريف عابدين . لا أدري في الحقيقة ماذا أقول ، أراك تسمي النقاشات الجادة ( هجوما ) ، واضعا ألف علامة استفهام خلف سؤالك : ( لا أدري ماذا وراء هذا الهجوم غير المبرر حول هذا النص بالذات ؟) وكأن هذا النص لك ، وباقي النصوص لكتاب آخرين ، كلهم أولادك يا صديقي . وملاحظتي هذه حول هذا النص كانت الأولى واعدا بالعودة لمناقشة نصوص أخرى ، لكن يبدو أنني لن أعود .


دعنا نتفق على عدة أمور :

1- إن أي حوار ونقاش في هذا المتصفح ، هو نقاش حول رؤية الكاتب ( الناقد ) للنصوص المختارة محل القراءة ، وفقا للقراءة التي قدمها ، وليس حول (النصوص نفسها ) ، وهذا يعني أن القارئ مرتبط في تذوقه للنصوص بالمادة المقروءة أمامه في هذا المتصفح ، وهو غير ملزم بالعودة إلى النص الأصلي للكاتب ليعلم أنه ورد ضمن (باقة قصصية ) تتناول موضوع قمع الحاكم وسلطويته . والكاتب هنا ، أورد هذا النص منفصلا عن باقته القصصية ، وهذا يحتم علي أن أتعامل مع هذا النص وفقا لهذه المحددات والمعطيات ، لأن الناقد انطلق منها في قراءته النقدية وتحليله للنصوص .

2- رمزية النص والخطاب المعرفي الذي تحدثت عنه : (الميول القمعية والاستبدادية للحاكم /انفصاله عن واقع شعبه / شخصيته اللاهية ورغبته في التسلي / والدوافع السلوكية للرعية ) كل هذا كان باديا وجليا في مجموع الباقة القصصية ، كوحدة واحدة ، كلوحة متكاملة ، أما كنص مستقل عن باقته القصصية ، فلا أظن أن القارئ كان سيتوصل إلى هذا الخطاب المعرفي الذي تفضلت به ، حتى أن الدكتور مسلك ميمون نفسه ، في قراءته للنص، لم يتطرق لموضوع ( استبداد الحاكم والدوافع الكامنه لسلوكه ....... ) وبدى ( الحفاظ على الزهور ) هو السبب الكامن والحقيقي وراء الحدث الرئيسي ( منع التنزه إلا في أيام العطلات ) كان هذا واضحا في حديث الدكتور مسلك ميمون حول مفارقة النص عندما قال ( النص إذاً يجمع بين المتنافرات في إطار من المفارقة :الحفاظ على الزهورـــــ اقتناء الخبــــز . الحرص على الدور لزيارة الحديقة ــــ بيع الدور و عدم الاهتمام بالحديقة ) وفي اقتراحه أيضا ( أفضّل لو استهل النّص بكلمة : (حفاظاً ). بدون كلمة : بحجة) لأن كلمة ( حجة) تشير إلى عدم صدق نوايا الحاكم ، وأنه يتحجج بمبررات واهية وكاذبة : ( الحفاظ على الزهور ) بينما استهلال النص بـ ( حفاظا على الزهور ) يعني أن الحاكم كان فعلا جادا في طرحه ، وأن الحفاظ على الزهور هو دافعه الرئيس لإصدار قراره بمنع التنزه .

كل هذا لأقول ، لست أنا من جرد النص من رمزيته ( إن كان هنالك رمزية ) ، وأن هذا النص ، بعيدا عن سياقه وخلفيته السياسية الناقدة ، هو مجرد نص عادي سطحي محدود الدلالة ، وأظنك تتفق معي في هذا، وسؤالي هنا : كيف للدكتور مسلك ميمون ، وهو الذي جرد النص من شرطه السياسي ، أن يثني على النص ولا يبدي بعض المآخذ عليه ؟!
وهل التلميح الذي أشار إليه الدكتور في قراءته للنص (بأن الفقير له أولويات غير التنزه في الحدائق ) - وهو بالمناسبة ليس تلميحا وإنما إشارة مباشرة - هل هذا التلميح البسيط وحده كان كافيا ليخرج النص من دائرة النقد ؟!


تحيتي للجميع ،،

شريف عابدين
14/03/2012, 09:17 AM
أخي الأستاذ محمد فائق البرغوثي
الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
في النهاية هو نص يختلف تأويله تبعا لرؤية المتلقي
سأكتفي برد أستاذي الدكتور مسلك ميمون
وشكرا.

أريج عبد الله
14/03/2012, 10:58 AM
قراءة مميزة من الناقد البارع د. مسلك ميمون ،

اختيار دقيق لمجموعة الأستاذ القدير د. شريف عابدين .

أسعدتني المداخلات المفيدة ، حوار شيق يعود بالفائدة لكل كتاب القصة المحترفين

والمبتدئين والهواة..


كل الشكر والتقدير لأستاذنا القدير د. مسلك ميمون لما يبذل من جهود مفيدة .

تهنئة خاصة لــــــ د. شريف عابدين بمناسبة صدور مجموعته القصصية الجديدة ،،

تحية تليق بكافة المتداخلين .

http://www.h777h.com/pic/5.gif

عبدالوهاب محمد الجبوري
14/03/2012, 01:52 PM
تجديد حضور محبة ومودة للاخ الدكتور شريف عابدين وللاستاذ الفاضل الدكتور مسلك ميمون

مع خالص التحية والاحترام

اخوكم ابو الشهيدين

عبدالرحيم التدلاوي
14/03/2012, 05:04 PM
هنيئا لك ، اخي الغالي، شريف عابدين، هاته القراءة الرائعة، من ناقدنا المائز، مسلك ميمون، و هنيئا لك و لنا، هذا النقاش المثمر.
مودتي