المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوّة الفكر



حفيظة الشّريف
10/03/2012, 07:52 PM
في خضمّ الصّراعات القائمة بين بني البشر يولد دائما منهزم، ومنتصر.. منهزم تمّكن منه ضعفه ومنتصر تباهى بقوّته وعظمة فكره.. نعم فكره ففيه مكمن القوّة والضّعف، فيه هيبة الآدميّ وسقوطه، فيه حياة الإنسان بكلّ دقائقها وتفاصيلها، ولنا في حروب العرب المسلمين مع غيرهم، وفي معارك أجدادنا مع الاستدمار الغاشم خير دليل على أنّ قوّة الإنسان في فكره وليست فيما يحمله من عتاد وسلاح وعضلات
الفكر.. تلك النّعمة الكبرى الّتي أنعم الله بها على أفضل مخلوقاته، وجعله بها سيّدها على الإطلاق، وميّزه بفضلها وترك له خيار العيش في هذه الدّنيا، فبها سينجو من العذاب، وبتغييبها سيقع فيه..
ولكن الواضح والجليّ أنّنا لا ندرك قيمة ما حبانا الله عزّ وجلّ به من نعمة، فنتجاهل الاهتمام بها، ونترك التمعّن والتّفكّر في الأمور ونعيش حياتنا طالبين العيش الهادئ البعيد عن إشغال هذا العضو الرّوحيّ المهمّ.. فتجد الواحد منّا يركنه جانبا مفضّلا العيش كنبات يتغذّى ويتنّفس، ويعطي إن توفّرت شروط العطاء في جوّه، وإن لم تتوفّر –وما أكثر عدم توفّرها- تعذّر بانعدامها وأراح باله، وتجد الآخر صابرا متحمّلا ما حوله من روائح كريهة رغم انزعاجه الكبير منها لتتحرّك يوما ما بداخله نوازع الفكر فيخطّط للتّخلص ممّا حوله من قاذورات ويرسم أفضل الخطوات حتّى إن وصل إلى التّنفيذ انتابه ذعر شديد وخوف مروّع من فلان وعلاّن اللّذان سيحبطان خطّته، ومن سيادته الّذي سيغضب عليه، ومن النّسمة العابرة علّها ستسقطه فيتناسى أوراق مخطّطه، ويتهرّب من فكره الّذي يلحّ عليه ألاّ يرمي بتعبه بعيدا، فيعيش صراعا سرعان ما يتعبه ويوتّره فيسرع إلى تلك الأوراق ويمزّقها لتلحق بالقاذورات المتراكمة حوله... ويعطيها ظهره ويغادر مهرولا!!! لم يدرك بعد أنّه سبب كلّ تلك النّفايات؟؟ أولم يدرك أنّه باغتيال فكره يركن إلى عيش الجماد، فلا فرق بينه وبينه.. ألا يدرك...؟ ولكن كيف عساه يدرك وقد قتل بداخله روح الإدراك: الفكر!!!!
إنّ ديننا الحنيف دعانا دعوة صريحة إلى التّفكر والتّشغيل الدّائم للعقل، فما بالنا غفلنا عن هذه النّعمة الكبرى.. مالنا أسرناها وقيّدنا فاهها؟ مالنا جهلنا؟! فلعمري إنّ تركنا لها لأكبر جهل، فهي قوّتنا وهي زادنا الّذي لا ينضب، وهي ثروتنا الضّائعة بغياهب غفلتنا العملاقة...
نبحث عن القوّة في دهاليز المال والأعمال وننسى أنّ قوّتنا تسكن فينا وما المال إلاّ وسيلة كغيرها من الوسائل.. نبحث عن القوّة في الرّئاسة والجاه، وننسى أنّ قوّتنا في قتل الخوف الّذي يعيق إدراكنا.. قوّتنا فينا فمتى ندرك هذا؟

عبدالله بن بريك
06/08/2013, 09:38 AM
شكراً على ما وضحتِ هنا من محاسن الفكر و التفكير.
تحيتي ،أستاذة "حفيظة الشريف"