المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إسرائيل والثورة السورية :عدو عدوي = عدوي/مصطفى العاني



نبيل الجلبي
14/04/2012, 12:31 AM
إسرائيل والثورة السورية : عدو عدوي = عدوي.

الباحث العراقي مصطفى العاني

مقالة مادتها العلمية ليست تحليلا أو استنتاجا مبنيا على معطيات , وإنما هي محضر لاجتماع الباحثين الإسرائيليين مع نظرائهم الغربيين في اجتماع شبه رسمي في أوروبا انعقد لبحث المسألة السورية الراهنة.
نرجو من جميع رواد هذه الصفحة قراءتها بتمعن لتفهم حقيقة الموقف الدولي من الثورة السورية , ولفهم حقيقة هذا النظام الخائن العميل.
صحيفة الحياة :الخميس 12 نيسان (إبريل) 2012م الموافق 20 جمادى الأولى 1433ه / العدد 17950 . الصفحة: 10 الرأي.

‏ في أحد الاجتماعات شبه الرسمية المخصصة لتقويم الموقف الدولي تجاه ثورة الشعب السوري ، التي عقدت أخيرا في إحدى الدول الأوروبية ، جلست بكل حواسي استمع لكلمة المتحدث الإسرائيلي الذي حاول وبصراحة تلخيص موقف حكومته المعارض لتوفير الدعم للثورة السورية. بدأ المتحدث الإسرائيلي بالقول ( إن القيادة الإسرائيلية تعمل على حسابات أن عدو - عدوي قد يكون عدوي كذلك. ولا تؤمن بقدسية القول الشائع إن عدو عدوي : صديقي ) واسترسل شارحا أسسَ الحسابات الاستراتيجية الإسرائيلية التي قادت إلى اتخاذ قرار محدد المعالمِ وعلى أعلى مستويات الدولة ، بوجوب الوقوف ضد مشروع توفير أي شكل من أشكال الدعم الخارجي للثورة السورية. قال المتحدث :(إن أمن وسلامة إسرائيل هو المعيار الوحيد الذي يؤسس عليه القرار الإسرائيلي. ولا تجد القيادات الإسرائيلية ، على اختلاف مشاربها ، أو انتماءاتها السياسية أو الحزبية ، أي منفعة عملية أو مصلحة فعلية في تغيير النظام السوري القائم. ففي حسابات الخسارة والربح. يُعَدُّ سقوط النظام السوري القائم تطورا سلبيا خطرا على أمن إسرائيل ، قد تنتج عنه عواقب لا يمكن تخمين آثارها الآن ) . وعلى رغم تأكيد المتحدث بوجود تعاطف في إسرائيل مع معاناة الشعب السوري ، ومع مطالبه في تحقيق الحرية و الديمقراطية ( فإن التعاطف الحقيقي و الأخير في الدولة و المجتمع الإسرائيلي سيكون مع مصالح الشعب الإسرائيلي ومع السياسيات التي تخدم أمن واستقرار دولة إسرائيل ).

عند انطلاق ظاهرة الربيع العربي وبداية سقوط الأنظمة السياسية في تونس ومصر وغيرها ، قامت أجهزة المخابرات الإسرائيلية بدرس إمكان انتشار الثورات الشعبية إلى سورية ، انقسم المجتمع المخابراتي الإسرائيلي ببن واثق من حتمية انتشار الثورة إلى سورية ، وبين قائل بأن النظام السوري يختلف في طبيعته عن الأنظمة العربية الأخرى ، واحتمالُ انتشار الثورة إلى سورية يعد احتمالا ضئيلا ، ومع بداية أحداث الثورة في مدينة درعا أواخر شهر آذار (مارس) 2011م ‏طلبت القيادة السياسية الإسرائيلية من أجهزة المخابرات تقويم الموقف الإسرائيلي تجاه الثورة السورية ، وقد برز سؤالان تقليديان أمام صناع القـرار ، الأول : هل توجد مصلحة إسرائيلية في دعم عملية إسقاط النظام ؟ والثاني : ما البديلُ المحـتمل ، وما مواقفه وسياساته المحتملة تجاه أمن ومصالح إسرائيل ؟

استرسل المتحدث الإسرائيلي قائلا : ( إن إجابة المجتمع المخابراتي الإسرائيلي عن السؤال الأول كانت محددة وغير قابلة للجدل ، إذ تم التأكيد على أن إسرائيل لا تجد أي منفعة أو مصلحة بإسقاط النظام السوري القائم ، وهذا الاستنتاج استند إلى الحقائق العملية المتصلة بطبيعة العلاقات بين نظام الأسد و اسرائيل. ذهب المتحدث موضحا أن العلاقة بين إسرائيل والنظام السوري علاقة غريبة بين طرفين عدوين كانا ولا يزالان في حال حرب رسمية ، فعلى رغم الخلافات والاختلافات بين النظام السوري القائم ودولة إسرائيل ، فالنظام السوري ، بالتقديرات المخابراتية الإسرائيلية ، تمكن من إدراك وقبول قواعد اللعبة ، مع إسرائيل , ويتفهم ويحترم الخطوط الحمر لصُنَّاع القرار الإسرائيلي ، لذا وخلال الـ 40 ‏عاما الماضية ، أي منذ نهاية حرب عام 1973م ‏، برز عامل الثقة غير المعلنة بين الطرفين ليتحكم بالعلاقات الإسرائيلية - السورية ، وعلى رغم أن النظام السوري سعى لفتح جبهات خارجية ضد إسرائيل، فإنه لم يفكر خلال الـ 40 عاما الماضية بفتح الجبهة السورية. هذا على رغم احتلال إسرائيل المستمر للأراضي السورية ، وعلى رغم توسع عمليات الاستيطان الإسرائيلي ‏المستمرة ، وعلى رغم قيام الطائرات الإسرائيلية بمهاجمة أهداف ضمن الأراضي السورية بين فترة وأخزى ، كان آخرها عام 2007م ‏، حين هاجمت الطائرات الإسرائلية موقعا نوويا مفترضا في عمق الأراضي السورية ، لذا فإن المتحدث الإسرائيلي حاول إقناع المجتمعين ، أن قرار إسرائيل المعارض للثورة السورية يقوم على أسس واقعية ، تنبع من حماية المصالح العليا للدولة الإسرائيلية.
الجزء الثاني من السؤال الذي تعامل معه المجتمع المخابراتي الإسرائيلي ، قبل إصدار توصياته للقيادة السياسية ، يتعلق بطبيعة النظام البديل المحتمل للنظام السوري القائم ، فالنظام البديل لنظام الأسد سيكون ذا صبغة إسلامية أو وطنية أو قومية تضعه تلقائيا في خانة معاداة إسرائيل. وستكون أول أهدافه المطالبة بالأراضي السورية المحتلة أو العمل على استعادتها بالقوة، وتطوُّرٌ مثل هذا سيدخل إسرائيل في دوامة جديدة من الصراع على الجبهة السورية ، الذي قد ينتشر إلى الجبهات الأخرى ، وقد تتحول سورية إلى مركز للجماعات الجهادية والإرهابية التي ستجد موطئ قدم لها في جبهة ظلت هادئة لأربعة عقود زمنية ، لذا فإن حصيلة التقديرات المخابراتية الإسرائيلية : أن البديل للنظام السوري القائم قد يشكل أخطارا وتهديدات كبيرة لأمن واستقرار إسرائيل ، وأن الافتراض بأن النظام البديل في سورية سيكون معاديا لإيران أو لحزب الله لا يعني شيئا كثيرا بالنسبة لأمن الدولة الإسرائيلية ، لأن هذا النظام البديل سيكون ، في الوقت نفسه ، معاديا لإسرائيل لذا فإن القيادة الإسرائيلية في قرارها بتبني موقف معارض لتوفير الدعم للثورة السورية استندت إلى قاعدة :عدو عدوي = عدوي.

ونتيجة لتبني هذا الموقف قررت الحكومة الإسرائيلية وضع (فيتو) واضح وقاطع على أي جهود خارجية ، إقليمية أو دولية ، لتوفير الدعم للثورة السورية. وتم إعلام جميع الأطراف الدولية بنية إسرائيل بالعمل على إعاقة أي مشاريع لتوفير الحماية الدولية للثورة السورية ، أو تقديم أي إسناد سياسي أو عسكري قد يساعد الثورة في تحقيق الانتصار.

‏إفشال الثورة السورية أمسى اليوم أحد الأهداف الاستراتيجية للدولة الإسرائيلية ، ومن سخريات القدر ومهازل التاريخ أن تقف إسرائيل و ايران وحزب الله على أرض مشتركة ، وفي خندق واحد لحماية النظام السوري من ثورة الشعب.