المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "تشو".. يا ناصر العرب!!



fadya
20/04/2007, 02:14 PM
تشو.. يا ناصر العرب!!
فاديا سعد


في متابعة للخبر الذي جاء على الصفحة الرئيسية على موقع مكتوب، حول عملية قتل الشاب الكوري لطلاب الجامعة الأمريكان منهم ثلاثة عرب، وإلى حين اطلاعي على مشاهدة المقال، وكان عدد مشاهدي المقال، مائتان وتسع وثلاثون مشاهَدة: وكنت على فضول لأعرف نوعية التعليقات، التي ستترجم آراء وشرائح اجتماعية عربية، يمثلها كتاب هذه التعليقات، لكني لم أجد تعليقات.

عدت مساء، وشاهدت نفس المقال، وقد ذيل بعدد من التعليقات.

أتت التعليقات شتائم لا أكثر ولا أقل وفي أفضل الأحوال دعوة إلى الله أن يذهب جميع الأمريكيين إلى الجحيم، وإشارة متواضعة إلى أن يا "بوش" هذه سياستك والحمد لله أن نقلت المعركة إلى أرضك.

إذاً هذا ما تمخض عنه الفيل: تهليل بُهّر بالدعوات.

لكني سأفترض أن هذه التعليقات ليست هي كل ما لدينا نحن الشعوب العربية: تجاه الشعوب الأخرى.

سأفترض أن تعاطفنا مع نكبات الآخرين تعاطف حقيقي، يفرضه الحس الإنساني، والمعاناة المؤلمة للروح والجسد، سواء أكان هذا الألم في فلسطين أو فرنسا أو أمريكا.

يحلو لي ويطيب أن أعمل كالنعامة، وأدفن رأسي بالرمال، لأرتاح من مشاهدة عقول تهلل لقتل ودمار المجتمعات المدنية.

أفترض أكثر أن قسماً من هذا العدد الضخم لمشاهدي المقال، خاف التعبير عن رأيه، كون التعليق سيضعه موقع الاتهام، والخيانة للدم العربي المراق، في أكثر من بلد عربي.

على الأقل النساء والرجال الذين شاهدوا المقال، ولديهم أبناء ليسوا قتلة أو مجرمين، وإنما طالبو علم، فإنهم حتماً يرفضون.

لن يرضى هؤلاء - شاهدوا المقال- على جريمة حصلت في أي بقعة من العالم يذهب ضحيتها "منارات" مجتمع، ليدفعوا هم وأبنائهم ثمن سلوك شخص مريض جسداً –الكوري يعاني من السرطان- ومريضاً روحياً:
– شتم الكوري الأغنياء وركاب سيارات المرسيدس والمسيحيين، وتحدث عن الفجور وشرب الخمر –.

إن الشتائم التي جاءت على لسان المعلقين إلا تعليق واحد! للشعب الأمريكي يشابه إلى حد بعيد حقد هذا الرجل المريض.

إن عدم التفريق بين سياسة بوش وشعبه مؤشر إلى تردي سياسي/ ثقافي، يتعلق بأزمتنا ومفهوم العمل السياسي، وأزمة أخرى ثقافية، تتعلق بالتعاطف مع مصائب الآخرين: باختصار الحس الإنساني.

أورد الآن مثالاً حياً عن هذا الحس الحضاري واستخدمه السيد " حسن نصر الله في حربه" حين رفض استخدام السلاح ضد المدنيين الإسرائيليين، مما أكسبه تعاطف القاصي والداني، واحترام عدوه قبل صديقه.

مثال آخر: في الهجمة الهمجية، للجيش الإسرائيلي ضد لبنان، والتي تركت ورائها مجزرة "قانا" الشهيرة، فإن أول مظاهرة ضد هذه الهمجية خرجت من الأراضي الإسرائيلية، و عرفت وقتها بمظاهرة المليون، ولم تكن الشعوب العربية قد حركت ساكناً.

بعد فضيحة سجن أبو غريب، أعلنت أم الجندي الأمريكي أمام العالم أجمع، تخليها عن ابنها حين طالبت بمحاكمة علنية على أفعال ابنها الشنيعة حسب تعبيرها.

هذه سلوكيات حضارية، و معبرة عن:
- تطور الموقف الأخلاقي الموجود. في مجتمع معين.
- الأبعاد الحضارية عن أهمية الإنسان محرك التقدم البشري.

نعود إلى هذا الكوري "تشو" لأنه أقدم على قتل اثنين وثلاثون نفساً، لا علاقة لها بسياسة "بوش" إلا بقدر ما نحمّل أنفسنا سياسة الأنظمة، أو الحركات الإرهابية، وإرغام الأبرياء على تسليم أرواحهم لخالقها عنوة.

"وبدأ تشو يقرأ من عريضة كتبها قائلا: "لم تكن سياراتكم المرسيدس كافية، يا أيها الفاسدين المدللين، ولم تكن قلاداتكم الذهبية كافية يا متعجرفين. ولم تكن ودائعكم كافية، ولم تكن الفودكا والكونياك كافية، ولم يكن كل الفسق والمجون كافيا، لم تشبع كلها حاجاتكم الدنيئة. كان لديكم كل شيء".

كل هذه التهم وجهت إلى الأغنياء فقتل طلاب جامعة!!
كره سيارات المرسيدس وركابها، فقتل شباناً وشابات بعمر الورد. عقولهم هاجرت طلباً للعلم، أجسادهم عقدت حلقات الدبكة تغنياً، للحب. للحياة. للربيع، والجمال.

الآن هذا ردي على تعليقات بعض من يدعون إلى الله، ليزيد من عدد أشخاص مثل "تشو"

"تشو" يكره الأغنياء؟! الفاسقين؟!

فما سمع عن قصور ألف ليلة وليلة..
لو عرفنا مخططه لأتينا بإحصاءات موثقة عن مستهلكي الخمر، في بلداننا العربية، سواء في العلن أو السر.

على سيرة الفسق، كان بإمكاننا أن نجيء له بإحصائيات، عن ممارسو الشذوذ الجنسي، والاعتداء على الأطفال، واغتصاب النساء، في بلداننا.

كنا جئنا له بصور موثقة، عن شبكات الترفيه المجانية، والمدفوعة الأجر وعن حفلات التعري، التي لو سمع بمجرياتها "تشو" لتوقف عن قتل شباناً وشابات طالبو علم.

إن من يعلق آماله في نصرة قضيته، على مقتل الأبرياء في الطرف الآخر، لهو في الميزان يساوي "تشو".