المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية الموزة



سميرة رعبوب
03/06/2012, 04:45 PM
عندما كنت طفلا، أعطتني أمي موزة لآكلها، فوضعتها في جيب حقيبتي المدرسية.. وعند استراحة الظهر في المدرسة فتحت حقيبتي لآكل الموزة فوجدتهامسحوقة تماماً.. تركت الموزة مكانها على أمل أن أزيلها من الحقيبة لاحقاً.. لكني، وبسبب عطلة نهاية الأسبوع، نسيتها.. وعندما فتحت جيب الحقيبة وجدت الموزة وقد أصابها العفن.
أغلقت الجيب، ولم أخبر أحداً.. وبقيت الموزة سرّي الدفين لثلاثة أيام إضافية إلى أن أصبحت رائحة الحقيبة لا تطاق.. حتى رفاقي كانوا يتسائلون من أين تنبعث؟
هذه الرائحة الكريهة في الصف مما زاد في إحراجي.. فقررت عندها مواجهة الوضع وقمت بإزالة آثار الموزة المتعفّنة ونظّفت حقيبتي وأنهيت المشكلة.
هذا ما يحصل معنا تماماً..نسحق مشاعرنا من جرّاء اختبار مؤلم أو صدمة نتعرّض لها..
فنبقيها مخبّئة في جيب حقيبتنا الشعورية.
ولا نخبر أحداً عنها..
فتصاب مشاعرنا بالتلف..
رغم إنكارنا، وتجاهلنا لها، وإحكام الإغلاق عليها..
لكن "رائحة" اختبارنا المؤلم، الذي قمنا بدفنه داخلنا، تنتقل من داخل "حقيبة" مشاعرنا إلى الخارج.. فتحوّلنا إلى أشخاص مضطربين، محبطين، نشعر بالكره،
بالحقد، بالذنب، أو بالظلم..
..
الحل الوحيد لهذه المشكلة هو مواجهة الأمر.. وفتح "حقيبتنا" الداخلية وتنظيفها وإزالة بقايا مشاعرنا وأحاسيسنا المتعفنة..
كيف؟
بالشفافية، بالاعتراف أمام أنفسنا وأمام من نثق بهم بأن لدينا مشكلة حقيقية داخلنا..
فالكبت والإنكار.. ولفلفة المشاعر الدفينة والظهور أمام الآخرين بأن كل شيء معنا هو على ما يرام.. وبأننا مسيطرون على الوضع، لا تنفع، بل تُفاقِم المشكلة..
فمهما كانت محرجة آلية البوح بما في داخلنا، تكون أسهل بعشرات الأضعاف من أن نبقى سجّانين دائمين لآلامنا الدائمة..
فلنفتح "حقائبنا"، ولننظّفها من العفن..
ولندع نور الشمس يدخل عتمتها..
هذه هي "نظرية الموزة" التي طبّقتها على حقيبتي المدرسية..
فلنحاول تطبيقها على "الموز" المتعفّن في "حقائبنا" الداخلية الفكرية، والعاطفية..

الكاتب / عماد سلمان

عبدالواحدهواش
03/06/2012, 11:58 PM
يا الله ما أبدع هذه التجربة الحية والواقعية للكاتب عماد سلمان .. وما أروع الاختيار الموفق للأديبة المتألقة الاخت الفاضلة سميرة رعبوب .. وبشأن الموضوع على الجميع أولاً الاعتراف بأن (عفن الموز هذا ) موجود في معظم الناس وإن كان بنسب مختلفة بعضهم مؤذي لذاته واهله وأكثرهم لنفسه وكل المجتمع !؟.. ولكني أضيف إن صنفه المؤذي من البشر الذين قصدهم الكاتب هم أكثر من الهم على القلب .. أنوفنا تزكمها تلك الروائح العفنة التي تنبعث من حقائب دواخلهم ونشتمها في الشارع ومقار العمل والمطاعم العامة وفي حلقات النقاش والسجالات السياسية والادبية والفكرية ، وفي التعاملات التجارية ...الخ ، بل إن مجتمعاتنا العربية دون استثناء تغص بأولئك الذين يحمل الواحد منهم في دواخله (سِلال) من الموز المتعفن وليس فقط موزة أو سلة واحدة !!( متعلموهم قبل جهلتهم ) ولذلك نراهم يُفرزون عُقدهم بغير هُدى أينما ولوا وحلوا !!، يكدرون عيشهم وعيش الآخرين ، وينشرون في أجواء تواجدهم فيروسات القبح والكآبة والكره والثقالة والغرور المصحوب بروائح عفن الموز المعطب !!؟ .. هؤلاء فعلاً ليسوا بحاجة سوى لقدرٍ من الشجاعة الادبية ، التي تمكنهم من تنظيف حقائب دواخلهم بمُطهر المواجهة مع النفس وستنقشع من أمام اعينهم كل الغيوم السوداء التي كانت تحجب عنهم جمال الاشياء وتقمع في نفوسهم عنفوان المشاعر ووردية الاحاسيس وتقتل في قلوبهم حب الناس والحياة ... مع تحياتي .

سميرة رعبوب
06/06/2012, 10:12 AM
يا الله ما أبدع هذه التجربة الحية والواقعية للكاتب عماد سلمان .. وما أروع الاختيار الموفق للأديبة المتألقة الاخت الفاضلة سميرة رعبوب .. وبشأن الموضوع على الجميع أولاً الاعتراف بأن (عفن الموز هذا ) موجود في معظم الناس وإن كان بنسب مختلفة بعضهم مؤذي لذاته واهله وأكثرهم لنفسه وكل المجتمع !؟.. ولكني أضيف إن صنفه المؤذي من البشر الذين قصدهم الكاتب هم أكثر من الهم على القلب .. أنوفنا تزكمها تلك الروائح العفنة التي تنبعث من حقائب دواخلهم ونشتمها في الشارع ومقار العمل والمطاعم العامة وفي حلقات النقاش والسجالات السياسية والادبية والفكرية ، وفي التعاملات التجارية ...الخ ، بل إن مجتمعاتنا العربية دون استثناء تغص بأولئك الذين يحمل الواحد منهم في دواخله (سِلال) من الموز المتعفن وليس فقط موزة أو سلة واحدة !!( متعلموهم قبل جهلتهم ) ولذلك نراهم يُفرزون عُقدهم بغير هُدى أينما ولوا وحلوا !!، يكدرون عيشهم وعيش الآخرين ، وينشرون في أجواء تواجدهم فيروسات القبح والكآبة والكره والثقالة والغرور المصحوب بروائح عفن الموز المعطب !!؟ .. هؤلاء فعلاً ليسوا بحاجة سوى لقدرٍ من الشجاعة الادبية ، التي تمكنهم من تنظيف حقائب دواخلهم بمُطهر المواجهة مع النفس وستنقشع من أمام اعينهم كل الغيوم السوداء التي كانت تحجب عنهم جمال الاشياء وتقمع في نفوسهم عنفوان المشاعر ووردية الاحاسيس وتقتل في قلوبهم حب الناس والحياة ... مع تحياتي .



صدقت أستاذنا المفكر عبد الواحد هواش .. إضافة متميزة
وهل تسمح لي التعقيب على مداخلتك بـ ..
هناك فئة تنصب نفسها آلهة على الآخرين تظن أنها خالية تماما من درن الأخطاء وران الذنوب
همها فقط تتبع عثرات الآخرين والبحث عن سقطات لهم ولو لم تتمكن اختلقت من أعماق ذاتها المريضة المعقدة وفسرت ما يحلوا لها ..
هذه الفئات والشرائح يجب أن تطهر نفسها تطهيرا كليا ولتنصرف لصلاح ذاتها قبل تنصيب نفسها لإصلاح الآخرين ..
فهي لا تر إلا بمنظار السواد وسوء الظن ولا تتردد في الإساءة وجرح الآخر والإعتداء عليه ..
فئة أسأت لنفسها وللآخر وللمجتمع المسلم قاطبة وعفنها قتل الجميع

سررت بمداخلتك الرائعة وتفاعلك فأنت دوما مبادر ومتميز
تقبل صادق احترامي وكبير تقديري لقلمك الواعي

أحمد المدهون
11/06/2012, 07:16 PM
تحياتي للأستاذة المجتهدة سميرة رعبوب،

اختيار موفق، لنظرية تحتاج لقراءة متأنية.

كثيرون يحملون في دواخلهم مثل هذه الموزة المتعفنة، لكنّهم ربما لا يدركون هذه الحقيقة لوقوعهم في فخّ "وهم الكمال"، أو لأنّ الشيطان زيّن لهم سوء أعمالهم.
لذلك يحسن الإكثار من هذا الدعاء لما يحمله من برمجة ذاتية لرؤية الحقيقة:
اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

أشكرك،
وبوركت مساعيك.

سميرة رعبوب
07/07/2012, 01:50 PM
تحياتي للأستاذة المجتهدة سميرة رعبوب،

اختيار موفق، لنظرية تحتاج لقراءة متأنية.

كثيرون يحملون في دواخلهم مثل هذه الموزة المتعفنة، لكنّهم ربما لا يدركون هذه الحقيقة لوقوعهم في فخّ "وهم الكمال"، أو لأنّ الشيطان زيّن لهم سوء أعمالهم.
لذلك يحسن الإكثار من هذا الدعاء لما يحمله من برمجة ذاتية لرؤية الحقيقة:
اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

أشكرك،
وبوركت مساعيك.


أهلا بمديرنا المتميز الدكتور أحمد المدهون
صدقت هم لا يحملون موزة واحدة بل سلال من الموز المتعفن - يالطيف - ومشكلة " وهم الكمال "
هذه مشكلة أخرى فالمتوهم الكمال يرى نفسه على حق دائما ولا يهتم في إيذاء الآخر أو جرحه أو الاعتداء عليه
لأنه يرى نفسه مقدسة من حقه أن يفعل في الآخر ما يشاء لأنه في ضغطت زر يقول استغفر الله فيغفر الله له
أما الآخر فهو تمثال من البشاعة والإثم لذا يستحق ما يحدث له فهو في الحقيقة واهم لذا عليه أن يكرر من الدعاء الذي تفضلت
بذكره بالإضافة إلى إدراك أصل خلقته وأنه مخلوق ضعيف يصيب ويخطيء وعليه أن لا يخجل من تصحيح أخطائه
شكرا دكتور أحمد على مرورك المفيد
تحياتي ~