المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حل جمعية العمل الاسلامى البحرينية ...تأكيدا لسيادة القانون



دعاءمحمد
22/07/2012, 06:05 PM
حل جمعية العمل الاسلامى البحرينية...تأكيدًا لسيادة القانون
---
جاء حكم القضاء البحرينى بحل جمعية العمل الاسلامى المعروفة اختصارا بـ( أمل) ليفتح الباب واسعا امام حزمة من التساؤلات والتفسيرات التى قد يعتقد البعض أنها تتعارض مع بضعها او تتناقض فى مضمونها، فى حين ان ثمة اتفاقا بين جميع الاطراف على أن حكم القضاء البحرينى حكما أصاب صحيح القاعدة القانونية واجبة النفاذ فى حق الجمعية التى مثلت ممارساتها خروجا صارخا عن قواعد العمل السياسى السلمى، فلا يستطيع أحد ان ينكر ان عقد المؤتمر العام للجمعية الاخير فى دار عبادة "حسينية" اضافة الى ارتهانها لمرجعية دينية عدائية تدعو الى العنف صراحة وتحض على الكراهية وفقا لما هو مسجل فى تصريحاتها، فضلا عن المخالفات المالية الجسيمة التى سجلتها وزارة العدل البحرينية والتى منحها القانون البحرينى حق مراقبة عمل الجمعيات السياسية شريطة اللجوء الى القضاء البحرينى لاتخاذ القرار الصحيح للتعامل مع هذه الجمعيات بما يتفق وسيادة القانون، وذلك حرصا من الجميع على ارساء دولة القانون واحترام نصوصه وقواعده كونه المرحعية والالية الاخيرة بل وهو الوسيلة الديمقراطية لحل الخلافات بين الجميع.
وجدير بالاشارة أن هذا الحكم يعد الاول من نوعه منذ صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية عام 2002 والذى جاء استجابة حقيقة للمشروع الاصلاحى الذى بدأته المملكة مع بداية العقد الاول من القرن الحالى، وذلك المشروع الذى ارتكز فى اسسه على احترام القانون وسيادته، وتقديس القضاء وصون نزاهته واستقلاله، وضمان ممارسة العمل السياسى وفقا لضوابط قانونية وحدود مجتمعية وقيود دستورية تحمى المجتمع من التجاوزات والخروقات والانتهاكات.
والحقيقة انه على الرغم من وضوح حجية الحكم القضائى وصحة منطوقه وصحيح مضمونه، إلا ان المخربون فى البحرين من أمثال جمعية العمل الاسلامى التى لم تتخذ يوما موقفا وطنيا او قرارا سياسيا يتفق مع مقتضيات اللحظة وخطورتها، بل يسجل التاريخ القريب والمعاصر الذى شهدته المملكة خلال احداث فبراير ومارس 2011 موقف جمعية العمل الاسلامى الرافض لدعوة الحوار الوطنى، واصرارها على انتهاج العنف وسيلة من اجل تحقيق اطماع قيادتها تنفيذا لاجندات خارجية وولاءات دينية وانتماءات مذهبية يدلل على ذلك اصدار القضاء البحرينى فى فترة تطبيق قانون السلامة الوطنية احكاما ضد 20 من قيادات الجمعية أبرزهم رئيس الجمعية "محمد على المحفوظ" فى تهمة ما سمى بـ"خلية قلب نظام الحكم".
ومن هذا المنطلق، جاء حكم القضاء ليضع نهاية قانونية لواحدة من التشكيلات المجتمعية التى درجت ودأبت على ارتكاب التجاوزات والخروقات القانونية واعراف العمل السياسى السلمى المشروع. واذا كان ثمة رفضا من جانب الخارجين على القانون لحكم القضاء الذى يرون فيه تسيسا او استجابة لمطالب الدولة، فإنه من المهم ان يكون واضحا للكافة ان القضاء البحرينى شأنه شأن جميع الهيئات القضائية فى العالم اجمع، عبارة عن هيئات ومحاكم تلتزم بنصوص القوانين وتتقيد باحكامها ولا تستطيع ان تطبق المبادئ والقيم التى يدعيها البعض إلا اذا تمت صياغتها فى تشريعات او قوانين تلزمها بالتطبيق وهنا تبرز مهمة السلطة التشريعية التى تتولى سن القوانين التى يتوافق على ابناء المجتمع طبقا لمنظومته القيمية ورؤيته السياسية ونظرته المستقبلية. ولذا، فمن الواجب على الجميع ان يحترم احكام القضاء ويجلها ولا يعلق عليها كونها عنوان الحقيقة التى يبتغيها المجتمع بأسره، وهو ما يمثل ردا قاطعا وجازما على كل من يرى فى حكم القضاء تحجيم للعمل السياسى او تقيد له، فثمة شعرة بسيطة بين الديمقراطية والحرية من جانب وبين الفوضى والتحرر، فاحترام القاعدة القانونية هى مناط العمل الديمقراطى وهى مضمون ممارسة الحرية فى اجلى صورها. اما خرق القانون والخروج عليه فهى بداية الفوضى وضياع الدولة وفقدان البوصلة وهو ما لن توافق عليه الدولة البحرينية ممثلة فى قياداتها السياسية وحكومتها الوطنية برئاسة الشيخ خليفة بن سلمان الذى اعلى فى كل سياسته وفى جميع تصريحاته وفى لقاءاته وتوجيهاته من سيادة القانون واحترام قواعده والالتزام باحكام القضاء وقراراته كونها الوسيلة الديمقراطية الوحيدة التى تعكس مدى تحضر الدولة او تخلفها، فاصبح احترام الدولة للدستور والقانون واحدا من اهم المؤشرات الدولية على تقدم الدولة او تخلفها.
خلاصة القول أن ما قامت به الحكومة البحرينية برئاسة الشيخ خليفة بن سلمان ممثلة فى وزارة العدل والشئون الاسلامية باحالة ملف جمعية العمل الاسلامى الى القضاء البحريني لوقوع مخالفات جسيمة فى الممارسة السياسية والحسابات المالية، يمثل الضمانة الاكيدة لجميع ابناء المملكة بأنه لا يوجد أحد فوق القانون وان مسئولية الحكومة البحرينية هى اعلاء قيمة القانون فوق اية اعتبارات سياسية ادراكا منها بأن نجاح المملكة فى استكمال مشروعها الاصلاحى وخطواتها التنموية لن يتحقق الا بسيادة القانون وجعل كلمة القضاء هى الكلمة الاخيرة فى حل جميع الخلافات ووضع كافة الامور فى نصابها الصحيح ليشعر المواطن البحرينى ان حقه مصون وحرياته مصانة ومستقبله فى أيد أمينة تلتزم بنصوص الدستور واحكام القضاء.