المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمشق تُعْلِن "اكتمال التجربة الديمقراطية"!



جواد البشيتي
23/04/2007, 11:06 AM
دمشق تُعْلِن "اكتمال التجربة الديمقراطية"!

جواد البشيتي

يوم واحد لا يكفي، فـ "الانتخابات البرلمانية" في سورية تحتاج إلى يومين من الاقتراع؛ أمَّا السبب، الذي يراد لنا أن نَعْتَقِدَهُ، فهو الإقبال الواسع والكثيف للناخبين على الاقتراع، و (وليس "أو") رغبة الحُكم في تذليل عقبة "ضيق الوقت"، إذا ما أُجْرِيَت تلك الانتخابات في يوم واحد فقط، من طريق إقبال مزيد، ومزيد، من الناخبين على الاقتراع، فالأمر الذي في منتهى الأهمية هو أنْ يأتي "مجلس الشعب" الجديد مُمَثِّلاً خير تمثيل للإرادة الحرَّة للشعب.

وإذا ما أراد المشكِّكون في ديمقراطية الانتخابات دليلاً جديدا على تهافت حججهم فها هي "الصناديق البلاستيكية الشفَّافة"، مع "الحِبْر الذي يمنع الناخب من الاقتراع غير مرَّة"، يُزَجُّ بها، الآن، أو من الآن وصاعدا، في المعترك الانتخابي، فهل، بعد ذلك، من يجرؤ على التشكيك في "الشفافية" و"النزاهة"؟!

ولكن، أين تكمن الأهمية السياسية ـ التاريخية لهذه الانتخابات هذه المرَّة؟ في الإجابة، أو في بعضٍ من الإجابة عن هذا السؤال، قال وزير الداخلية السوري السيد بسام عبد المجيد إنَّ كل ما حدَثَ في سياق الإعداد والتهيئة والتحضير لـ "الانتخابات البرلمانية" قد أظْهَر وأكَّد "اكتمال التجربة الديمقراطية في وطننا"؛ و"الاكتمال"، معنىً، إنَّما هو نفيٌ لـ "النقص الديمقراطي"، وتأكيد، بالتالي، لـ "فيض الديمقراطي".

وحتى لا يقال في هذا الحُكْم إنَّ فيه "مغالاة"، ولو قليلة، أو يُقال لوزير الداخلية "هاتوا برهانكم إنْ كنتم صادين"، أوضح الوزير السبب الذي حَمَلَه على إعلان "الاكتمال"، وهو "هذا الإقبال الكبير، ليس على الاقتراع، وإنَّما على الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وما رافقه من نشاط واسع للمرشَّحين أكانوا من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بقيادة حزب البعث أم من المستقلين"، فالمرشَّحون، هذه المرَّة، بلغ عددهم 2500 مرشَّح. وتشغل "الجبهة" 167 مقعدا، بينما يشغل "المستقلون"، ومعظمهم من رجال الأعمال المقرَّبون للسلطة، 83 مقعدا.

على أنَّ القول بـ "اكتمال التجربة الديمقراطية" لا يتعارض مع دعوة الوزير للمواطنين إلى المشاركة في الانتخابات ليس لـ "اختيار المرشَّحين الأكفأ والأقدر على تمثيلهم في المجلس" فحسب، وإنَّما لإظهار وتأكيد "مساهمتهم الفعَّالة في تعزيز دعائم مسيرة الديمقراطية، وتفعيل دور مجلس الشعب في صُنْع القرار".

إننا لسنا مع "المعارضين" من نمط خدام، والذين لا يعرفون من "الإصلاح السياسي والديمقراطي" إلا ما تقره وتعترف به المصالح الإمبريالية للولايات المتحدة؛ ولكننا، في الوقت نفسه، لا نَقْبَلُ "ثنائية الخير والشر"، التي استعارتها وزيرة شؤون المغتربين السيدة بثينة شعبان من الرئيس بوش إذ قالت: "كل مَنْ لا يقف إلى جانب سورية يقف في الصف الآخر"!

وأحسبُ أنَّ الوقوف مع الشعب السوري، ومع حقِّه في التطوُّر الديمقراطي، يمكن ويجب أن يكون في منزلة بين منزلتين ولو كره الرئيس بوش ( ومن استعار قوله) فالعالم أوسع وأرحب، وبما لا يُقاس، من تلك الثنائية التي لا يقول بها إلا كل مَنْ ضيَّقَت أُفْقه مصالحه.

إنني أفهم "اكتمال الديمقراطية" على أنَّه نفيٌ طبيعي للحاجة إلى ممارستها، عبر الانتخابات، أو عبر غيرها؛ وعليه، أفهمُ هذا المَيْل الشعبي إلى الامتناع عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع، فهذا "الامتناع" هو خير دليل على ذاك "الاكتمال"!