المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأدب الفنلندي ، لماذا ؟ بقلم : نهاد عبد الستار رشيد



نهاد عبد الستار رشيد
23/10/2006, 04:35 PM
الادب الفنلندي ، لماذا ؟
بقلم : نهاد عبد الستار رشيد


ما ان يذكر اسم فنلندة حتى يتبادر للاذهان صورة الحمام البخاري الفنلندي (الساونا)، ومؤلفات سيبليوس الموسيقية، والغابات التي تكاد تغطي كل ارجاء البلاد لمن تتاح له الفرصة في رؤية فنلندة من الجو، تتخللها البحيرات المنتشرة بشكل ملحوظ. كما يبرز للذاكرة سحر وجمال الفتيات الفنلنديات اللاتي يتقن بشدّة فن التعرف على السائحين الاجانب.
وفيما يصدق القول بان الادب الفنلندي لم ينل اهتماما في العالم الناطق بالانكليزية بالقدر الذي نالته الموسيقى و فن العمارة والتصميم، حتى مطلع ثمانينات القرن العشرين، فان هناك العديد من المؤشرات الايجابية الجيدة تشير الى تغيرهذه الحالة.
منذ بداية ثمانينات القرن الماضي صدرت العديد من التراجم للنصوص الادبية المختلفة في الشعر والقصة والرواية والادب المسرحي. من ناحية ثانية، فقد لعب مجلس الشمال، الذي انبثق عام 1953 ويضم الاقطار الاسكندنافية، دورا هاما وبارزا في تشجيع النشر والترجمة من الادب الفنلندي، وعلى وجه الخصوص بعد ان اصبحت فنلندة عضوا فيه عام 1955، ومنذ ذلك الحين بدأ الادب الفنلندي يسير بثبات في طريقه الى العالمية.
على الرغم من ان اللغة الفنلندية هي لغة جماعة صغيرة، تقع بلادهم في زاوية نائية ومنعزله، الى حد ما، عن اوربا، فقد ظهرت للسطح مجموعة من القيم الادبية التي نالت استحسان واعجاب الاوساط الثقافية والنقدية داخل وخارج فنلندة، وكان فرانس اميل سيللانبا، الحائز على جائزة نوبل للاداب عام 1939، واحدا من ابرز هؤلاء الكتّاب. كما تشير الاحصائيات الحد يثة الى انه قد تمّ ترجمة آلاف الاعمال الادبية الفنلندية الى ما يقرب من خمسين لغة، معظم هذه الترجمات بلغات شعوب تربطها مع الشعب الفنلندي عرى النسب والمصاهرة لاسباب جغرافية او تاريخية او ثقافية: كا لسويدية والروسية والالمانية والاستونية والهنغارية. وقد ازداد الاهتمام في اصدار العديد من الابداعات الادبية الفنلندية في المانيا وسويسرا والنمسا، حيث يتحمّس القرّاء للادب القصصي الذي يعالج موضوعات الحياة الفطرية البريئة، حياة ما قبل الصناعة.
تعتبر فنلندة، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، مثل بقية الاقطار الاسكندنافية، مستقرة سياسيا واقتصاديا. وقد منح هذا الوضع الكتّاب والادباء الفرصة للعودة الى انفسهم والتركيز على الموضوعات الفردية، وعلى القضايا التي تبدو تافهة ومبتذلة من وجهة النظر العالمية: كالهروب من الريف الى المدينة، وتاثير التصنيع، اضافة الى قضايا اجتماعية اخرى.
من ناحية ثانية، فقد اعتبر النقاد الاجانب الادب الفنلندي واحدا من الاداب الممتعة في اوربا لقوته وغناه وتنوّعه وميله لفن السرد، والتكثيف في ثيماته. ويعتبر الادب الفنلندي على درجة هائلة من الغنى والتنوّع والجرأة على معالجة الثيمات المحرّمة كالجنس وهروب بعض الجنود من جبهات القتال. وبالنسبة للفنلنديين، فان الامة تجد صورتها وهويتها في ادبها، مما دفعني وحفزّني لترجمة العديد من الأعمال الأدبية الفنلندية، بغية اطلاع القاريء العربي على بعض السمات الرئيسية لهذا الادب.

نهاد عبد الستار رشيد
مترجم و قاص و صحفي مستقل