المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مظاهر العيد في عهد النبي



عبدالله محمد مريكي
20/08/2012, 09:07 AM
بقلم :شيماء مأمون

تتلألأ سماء الأمة الإسلامية كُلهُا احتفالاً بالعيد, فالعيد في الإسلام ليس احتفالاً فردياً فالعيد في الإسلام شعيرة ساميةٌ متكاملة وموفيةٌ لحاجات الروح والجسد، فالعيد يأتي متوجاً لشعائر الإسلام،كما أنه لا يكتمل بفرح أفرادٍ دون أفراد، بل هو فرح الأمة جميعاً، ولذا جاءت الشريعة مؤكدةً أن يكون الفرح والابتهاج للجميع، بداية بأحق الناس وهما الوالدان ، وانتهاءً بغيرهما ممن نرتبط بهم بعلاقة رحم أو صحبة أو جيرة، ومما يوضح ذلك: ما جاء به الهدي النبوي من توفير الطعام الذي هو أحد مقومات الفرح لكل أفراد المجتمع المسلم في صبيحة العيدين الفطر والأضحى. الفطر بإخراج الزكاة للمحتاجين والأضحى بما يتوفر من الأضاحي، ولن يتمكن أيُّ نظام في العالم من توفير الطعام بهذا الشمول والتوقيت والتكامل للفقراء كما تحققه الشريعة الإسلامية.

من هدي النبي في العيد

كان من هدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم- صلاة العيد في مصلى العيد الأ وهو الخلاء وليس المسجد، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بإخراج النساء يشهدن الصلاة، ويسمعن الذكر حتى الحيض منهن فقد جاء في الحديث عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين, قلتُ يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب, قال: لتلبسها أختها من جلبابها) رواه البخاري ومسلم.

وجاء في رواية أخرى ( والحيّض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس ) رواه مسلم ، والعواتق أي الشابات، والحيّض: جمع حائض، ذوات الخدور: ربات البيوت

وكما كان من هدي المصطفى – صلى الله عليه وسلم- الاغتسال للعيد، وكان يلبس أجمل ثيابه يوم العيد، فإن التجمل باللباس يوم العيد والجمعة واجتماع الناس من الأمور المشروعة الثابتة عن رسول الله– صلى الله عليه وسلم وكان يرجع من الصلاة من طريق مخالف للطريق الذي حضر منه.

مظاهرالعيد في دار النبي

في يوم العيد كان البيت النبوي وما حوله يشهد مظاهر الاحتفال بالعيد، على مرأى ومسمع من النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، حيث كان الجميع يعبر عن فرحته بالعيد، ويحرص أن تكون احتفاليته تلك بمشهد من النبيِّ الكريم ، حباً وشوقاً وتكريماً له عليه الصلاة والسلام.

كما كان حال داره الشريفة يعم بمظاهر الاحتفال بالعيد فتحدثنا عن ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فتقول: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما " فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وفي رواية أخرى قال:" " يا أبا بكر، إن لكل قومٍ عيداً، وهذا عيدنا "وفي رواية في المسند: أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: " لِتَعْلَمَ اليهود أنَّ في ديننا فسحة، إني أُرسلت بحنيفية سمحة ".

* وتقول السيدة عائشة عن احتفالية أخرى متممةً لسياق حديثها المتقدم فتقول:

وكان يوم عيد يلعب السودان بالدِّرَق والحِرَاب، فإما سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وإما قال: "تشتهين تنظرين"؟ فقلتُ: نعم ، فأقامني وراءه ، خَدِّي على خدِّه ، وهو يقول: " دونكم يا بني أرفدة " (لقبٌ للحبشة) حتى إذا مَلِلْتُ قال: "حسبك" قلت: نعم، قال: "فاذهبي" رواه البخاري ومسلم في كتاب العيدين من صحيحهما واللفظ للبخاري.

* وفي موضع آخر تنشأ احتفالية بهيجة بالعيد تولى شأنها عدد من الأطفال في أناشيد رائقة وبديعة في مدح النبي عليه الصلاة والسلام:

تقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً فسمعنا لَغَطاً وصوت صبيان! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا حبشية تزفن (تتمايل وتلعب) والصبيان حولها، فقال: "ياعائشة تعالي فانظري" فجئتُ فوضعتُ لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي: "أما شبعت؟ أما شبعت؟" قالت: فجعلت أقول: لا ؛ لأنظر مَنْزلتي عنده، إذ طلع عمر ، قالت: فارفضَّ الناسُ عنها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فرُّوا من عمر" قالت: فرجعت. رواه الترمذي.

* وعندما نحاول معرفة طرف من تلك الأناشيد وكلماته فإنها كانت بلغاتهم، حتى إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يستفهم عن معانيها ، ففي المسند وصحيح ابن حبان عن أنس بن مالك أن الحبشة كانوا يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتكلمون بكلام لا يفهمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يقولون"؟ قالوا: يقولون: محمد عبدٌ صالح.

والمفارقة الكبرى أن العيد بتجلياته السامية فرصةٌ لدعوة غير المسلمين وتعريفهم بحقيقة الإسلام عبر علاقات "المجاملة" والتواصل الإسلامي الذي وجهنا إليه ربنا في قوله سبحانه: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة:8].

وبهذا باتت الأمة الإسلامية مستغنيةً بكمال شريعتها وتمام نعمتها، قال الله سبحانه: (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) [المائدة:48].

وكانت الحياة النبوية الشريفة بكل أيامها ولحظاتها أيام عيد ولحظات ابتهاج وسرور لكل مَن يخالطه صلى الله عليه وسلم ويجالسه ويهتدي بنور شرعته ، ولذا كانت مجالس المصطفى صلى الله عليه وسلم محفوفة بالواردين على اختلاف أجناسهم وأعمارهم: وفود وسادة،جماعات وقادة، نساء يتعلمن ويستفتين،وشيوخ وشباب وأطفال، كلُّ أولئك نالوا نصيبهم من تلك النعمة المهداة.

ولسوف تبقى هذه النعمة متاحة للبشرية جمعاء إلى قيام الساعة ، وإنما يغنم ويربح مَن سار على النهج النبوي الشريف واقتفى هديه وسنته، قال الله تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران:164].

الموضوع منقول من
http://www.alabaserah.com/news.php?newsid=592