المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة شبه بين شكري وبشار .. هل هناك ما هو أسوأ من بشار؟



نايف ذوابه
31/08/2012, 03:32 PM
النظام السوري في مرحلة الهذيان
بشار الأسد: الانشقاقات إيجابية لأنها عمليّة تنظيف ذاتيّة للدولة والوطن!!

في حواره الأخير مع قناة دنيا لرامي مخلوف وصف الرئيس السوري بشار الأسد عمليّات الانشقاق في جيشه وحكومته بأنّها إيجابية؛ لأنّها عمليّات تنظيف ذاتيّة للدّولة أولاً وللوطن بشكل عام، وأضاف بأنّ الأوضاع تتّجه إلى، وأنّ مصير الوطن بيد مواطنيه لا بيد أحد ..!!
بالتأكيد أي محلل سياسي خارج منظومة النظام السوري الإعلاميّة لا يمكن أن يحمل هذا التصريح على محمل الجدّ، ولا قبل لأي سياسي أو محلّل سياسي يسمع هذا التصريح أن يتقبّله أو يستسيغه، وسيتبادر إلى ذهنه أنه فعلاً صادر عن الرئيس السوري أو أحد أعضاء الجوقة الإعلاميّة في النّظام؛ لأن هذا التّصريح إفلاس سياسيّ في التّنظير واستخفاف بعقول السّامعين، وهو رأي يعبر عن مستوى الخبل السّياسيّ الذي وصل إليه النظام؛ فهو يدلّ على أنّ النّظام السّوريّ دخل مرحلة الهذيان والاحتضار السّياسيّ بعد أن حوّل سوريا إلى مقبرة لشعبه، ولا يني عن الكذب والافتراء على الله وعلى النّاس بوصف ثورة شعب أبيّ أنّها ما هي إلاّ عصابات مسلحة، على الرّغم من أنّ الضّباط المنشقّين بلغ تعدادهم مئات الضّبّاط، وبينهم رتب عالية تصل إلى آمري ألوية برتبة لواء وعمداء وعقداء، ومن بين السّياسيّين بلغت حركة الانشقاق حدًّا ليس أخطر ولا أفظع حين ينشقّ رئيس وزراء النّظام الذي لمّا يمض على وجوده في منصبه شهر ونصف.
إنّ حركة الانشقاق هي فعلاً حركة إيجابيّة، لكنّها كذلك للشّعب الثّائر وليس للنّظام، وهي للنّظام تعكس حالة تصدع في عقيدة الجيش وثقته بقيادته وقناعته بالمعركة التي يخوضها النّظام ضدّ شعبه، وهي حركة يقوم بها الضباط بالتمرّد على نحو خمسة عقود من الخنوع والذل، يطهّرون بها أنفسهم من الولاء لهذا الرجس والفساد المبرمج والمنظّم وعقيدة البعث الفاسدة المناقضة لعقيدة المسلمين، وهؤلاء الضباط الذين جرت إماتة ضمائرهم وحرق وجدانهم وهزّ ثقتهم بأنفسهم ليقبل من قبل منهم بما يقوم به من قتْل شعبه وتدمير مقوّمات الحياة والعيش في وطنه؛ إذ كيف لضابط نظيف أن يقوم بمثل هذه المهام القذرة أو يسكت عليها ..!! ولكن بعد سنة ونصف من وخز الضمير ومحاسبة النّفس أمام ما ارتكبه النّظام من أهوال استيقظت أريحيّة الرّجال فيهم، واستيقظت مروءاتهم وضمائرهم التي دفنها النّظام بالرّشاوي والامتيازات والنّفوذ الذي منحه لكبار ضباط الجيش السّوريّ.. فانشقّوا، ومنهم من اختار اللّجوء إلى الدّول المجاورة كالأردن وتركيا، وآخرون انخرطوا في كتائب وألوية في الجيش الحرّ للعمل على إسقاط النظام.. وهذا ينطبق أيضا على السياسيين الذين جرى استلاب ضمائرهم وإفساد عقيدتهم حتى غدوا يرددون ما يرد النظام وعصابته.
إنّ النّظام السّوريّ وإن طال عمره وتأخّر سقوطه، والسّبب في ذلك تآمر المجتمع الدوليّ ونظامه على الثّورة السّوريّة التي لم يجر احتواؤها من القوى الدوليّة المتآمرة على المنطقة ولا من وكلائهم، فضلاً عن جرائم النّظام وفظاعة سلوكه الأمنيّ والعسكريّ مع الشّعب، لاستخدامه أسلوب المجرمة أمريكا (الصّدمة والتّرويع)- إنه نظام آيل إلى السّقوط والزّوال، ولا مستقبل له وسيسقط عاجلاً أم آجلاً..
و بشار لا قبل له بحرب الله وتحدّيه مهما بلغ ما بترسانته من قوّة، ومهما بلغ دعم الروس له؛ فإنّ الله له ولعصابته بالمرصاد والله هو القويّ العزيز، إذا أخَذ كان أخْذه أخْذ عزيز مقتدر، وكان أخذه أليمًا شديدًا، والله هو المنتقم، وسينتقم من هذه العصابة للمظلومين والمقهورين الذين شرّد بهم النّظام السّوري في الأرض، وقتل فلذات أكبادهم وإخوانهم وجيرانهم وأصدقاءهم.. والله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته؛ وبشار الشّقيّ يأبى إلاّ أن يتعظ بنفسه، ولقد كان له متَّعَظ بالقذافي لو كان متَّعِظًا.

نايف ذوابه/عمان

نايف ذوابه
31/08/2012, 03:37 PM
النظام السوري يزداد ضعفا وهوانا حتى على حلفائه .. ويلاحظ أن الوفد اللبناني لم يخرج حين ألقى الدكتور مرسي كلمته وأعلن تأييده للشعب السوري وخرج الوفد السوري وحده .. فضلا عن أن إيران نفسها لم تتحدث عن الموضوع ولم ترد على مرسي وكان الخاسر الوحيد هو النظام السوري .. ويلاحظ أن هناك فك اربتاط بين النظام اللبناني والسوري الذي يعد حليفا لبشار؛ فالرئيس ميشيل سليمان لم يعايد على بشار ولم يتصل به وهناك حالة من التوتر في العلاقة بين البلدين على خلفية أحداث طرابلس بين جبل محسن والتبانة العلويين والسنة فضلا عن قضية ميشيل سماحة التي سممت الجو السياسي في لبناني بعد أن اعترف ميشيل سماحة بالإعداد لقتل قيادات سياسية ودينية في لبنان خدمة للنظام السوري لتفجير الوضع اللبناني ..

نايف ذوابه
01/09/2012, 02:00 PM
ليس الأسوأ ما بعد بشار ولكن طول الانتظار!!

فيما تشتعل الثورة في سوريا ووقودها شعب وجيش وثوار وتدمير لوطن ولمقومات الحياة والقوة فيه يحذر الكثير من المراقبين من السيناريو الأسوأ بعد سقوط النظام .. وأن ما بعد بشار أسوأ من بشار .. والذاكرة مشحونة بالحالة العراقية والحالة الأفغانية وما قبلهما وبعدهما لبنان الذي أصبح شؤمًا يستشهد به السياسيون والمحللون ويصفون كلّ صراع طائفيّ أو إثني باللّبننة حتى غدا مثلاً في التّوافق على الانتحار السّياسيّ حين يستعرّ الخلاف بين الطوائف ويحتدم الصّراع، ويركب كلٌّ منها ، ويصر على عدم التّنازل ويجعل نفسه في خدمة الشيطان ومشاريعه حتى يتسيد ويظفر بنصيب الأسد من المغانم، ويفرض أكبر قدر من الشروط ..
نعق غراب البين فوق سوريا، وأقسم ألا يغادرها إلاّ خرابًا، وألاّ يدع طفلاَ بريئًا ولا شيخًا فانيًا ولا امرأة لا حول لها ولا قوة حتى يحرقهم جميعًا في أتون الصراع لتترك الحرب ثارات لا تندمل وصيحات ثأر لا تختفي ولا تتلاشى .. والنظام سائر بمقولة عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي السّابق ومندوب ليبيا في الأمم المتّحدة: يا أحكمكم يا أقتلكم ..!!
النّظام السّوري الغاشم غدا شؤمًا على المنطقة شعوبًا ودولاً، وهو يستخدم ما يمتلك من قوّة بأسوأ صورة وأسلوب وغاية، يريد أن يقول لهم جميعًا: أنا ومن ورائي الطّوفان!! وسلوكه مع شعبه ليس سلوك مؤمّل بإمكانية عودة المياه إلى مجاريها يومًا ما، ولا عودة الشّمل للالتئام ثانية، بل إنّ تصرفاته تصرفات يائس يريد أن يأخذ المنطقة معه إلى جهنم التّقسيم و التّدمير .. فأيّ شعور ينتاب المرء وهو يرى دبابات الجيش السوري تقصف الشعب الآمن بقسوة ليس دونها قسوة، وكأنها تقصف مواقع العدو في الجولان، وأيّ حزن يلفّ النّفس وهو يرى دبابات وطائرات الجيش السوري تُدمّر بيد أبناء سوريا وقد كنا ندخرها ليوم لا ريب فيه وعشنا دهرا طويلاً على أوهام النّظام الممانع! وكم يحزّ بالنّفس أن يرى الإنسان جنودًا وضباطًا مجندلين قتلوا بيد إخوانهم في السّلاح والعقيدة والأرض .. أيّ جنون بعد هذا الجنون، وأيّ مصير قاتم ينتظر سوريا ما لم تتداركها رحمة السّماء وألطاف الله، وما لم يعرف السّوريّون طريقهم الذي ينجّيهم، والذي لن يكون بغير الإسلام ضامنًا وقاسمًا مشتركًا؛ لأن الله هو العدل وديننا دين العدل والوفاء بالعهد والتسامح والعفو والسلام والله هو السلام ..
أي بلاء ابتليت به المنطقة بحزب البعث سواء في العراق أو سوريا؛ إذ ليس أيّ منهما بأقلّ دمويّة من الآخر ..كلّ منهما كان شؤمًا على المنطقة وسبب انهيارها انهيارًا سياسيًّا واقتصاديًّا، وكان وبالاً على فكرة الوحدة، وأدّى بما مارسه من أعمال إلى تجذير الوطنيّات والإقليميّات العنصرية، ودفن فكرة الوحدة إلى أجل غير مسمى، وغدا المنادون بالوحدة غرباء في أوطانهم غربة صالح في عاد و ثمود ..
يحقّ للمتخوّفين من أسوأ السيناريوهات أن يبدوا مخاوفهم من المستقبل المجهول ليس لسوريا فحسب بل للمنطقة؛ فهؤلاء الذين يقودون سوريا لم يعودوا يحتكمون لغير لغة القوة والتّشبّث بالسّلطة، ولو على أطلال الوطن، ولو على حساب تدمير مقوّماته ومنجزاته والتعايش بين أبنائه لعقود بل قرون طويلة..
كيف يمكن إنقاذ سورية و المنطقة وإيقاف هذا الصراع الرهيب والقتال لجنوني؟ على الجيش الحر وعلى السوريين الثوار أن يوقنوا أنّ الغرب وعلى رأسه أمريكا ليسوا محسنين ولا جمعيّات خيريّة تبحث للقيام بأعمال إنسانيّة، وأنّ هذه الدّول بما فيها روسيا والصين تعرف لغة المصالح لا المبادئ، وأنّ الدّم السّوريّ المهراق لا يهزّ طرفهم ولا شعرة في مفرق أي سياسيّ من هذه الدّول.. وهذا أمر ينبغي أن يعرفه أيضًا رجال النّظام من سياسيّين وضباط عسكريّين، وخاصة العلويّين الذين يمسكون بزمام الحكم والسّلطة.. ولذلك يجب على الجميع أن يتعاونوا لإنقاذ بلدهم وإنقاذ المنطقة من التّدخّلات الغربيّة ومن الرّبيع الاستخباريّ الإسرائيليّ الذي يدمّر قوى المنطقة دون أن يطلق رصاصة واحدة أو قذيفة أو يتكلّف بنزين طائرة، فضلاً عن أثمان الصواريخ والقذائف.. إن على الجميع أن يعلموا أن التاريخ لا يرحم، وسيذكر لكلّ من يبادر ويقوم بإخلاص لإنقاذ سوريا بدور أو عمل، وسحتفظ التّاريخ بمواقف الذين يشعلون الحرب الطائفيّة، ويعملون بكلّ ما يجدون ويجتهدون لتنفيذ مشروع التّقسيم من خلال هذا العنف المجنون والتدمير الشّامل للوطن ومقومات العيش والازدهار فيه.. والإسلام العظيم صمّام أمان المنطقة وخير ضامن لكل من يعيش في ظلّ المسلمين عيشًا كريمًا آمنًا .. فعلى الجميع أن يسير باتجاه البوصلة ولا يخطئ التّوجّه والتّوجيه، والأمر لا يحتمل الانتظار الطويل. ندعوكم إلى كلمة سواء .. فلا تخشوا الإسلام بل انزلوا عند حكمه ولسوف تجدون الأمن والعدل والأمان والعيش الكريم.

نايف ذوابه
12/09/2012, 12:14 AM
يدعي بشار أنه لو اختار الشعب السوري غيره فإنه سيتنازل عن الحكم ويتنحى .. ولماذا يا بشار لم تتقبل احتجاجات شعبك في البداية التي طالبت بالإصلاحات والتغيير ومحاربة الفساد ..؟ الآن صحوت .. بعد أن دمر مدنا بكاملها وأريافا أصبحت أطلالا وأصبح نحو مليونين ونصف نازحين داخل سوريا عالقين بين صواريخ طائراته وقذائف دباباته وبين الأفاعي والعقارب على الحدود التركية ..

إن إسرائيل تعزف أطرب الألحان سعادة بما يفعل الأسد ببلده التي لو كان يحبها لما أطلق صاروخا واحدا ولا قذيفة واحدة على شعبه .. إن سلوك بشار سلوك من يزدري شعبه ومن يراه أنه غير جدير بحياة كريمة .. بعد نحو ثلاثين ألف شهيد ونحو ربع مليون معتقل وآلاف المفقودين وبعد هدم آلاف المساكن على رؤوس أصحابها ماذا بقي كي يلتقي السوريون عليه مع هذا النظام.. لقد أغلق كل السبل وحرق كل مراكب السلام والسلامة ..

اللهم الطف بأهلنا في سوريا وكن معهم وهون عليهم أمرهم ..

نايف ذوابه
16/09/2012, 08:03 AM
شُبهة شَبه بين شكري وبشار
أحمد ملحم الشمري

يلتقيان بحرفين هما الشّين والرّاء، ويبتعدان بعدهما عن بعضهما بكلّ شيء، شكري القوتلي اجتاز تاريخ نضال طويل من أجل الوطن، قبل أن يتولّى رئاسة سورية الوليدة مرّتين، اختاره الشّعب، وراقب أداءه البرلمان، أحاط به نجوم السّياسة والوطنيّة في عصره في منافسة لتقديم الأفضل لشعبهم وبلدهم، عاصره أصحاب القامات السّامقة في الاستقامة والنّزاهة والزّهد والنّضال (هاشم الأتاسي، جميل مردم، سعد الله الجابري، إبراهيم هنانو، فارس الخوري، صالح العلي، سلطان باشا الأطرش، مصطفى السباعي، ناظم القدسي، معروف الدواليبي .....) قائمة طويلة من النّخبة الذين أضاؤوا سماء بلادهم، فكانوا مشاعل أنارت سبل التّحرّر من الاستعمار والتّبعيّة، حملوا همّ الوطن وهمّ المواطن، وأخلصوا لهما. لم يتّخذوا السّياسة تجارة، ولا المنصب وجاهة، ولا المسؤوليّة تسلّطًا وغنيمة. لم يستأثروا بالسّلطة، ولم يضيقوا بالنّقد. مات شكري ولم يتملّك دارًا، وعاش سعد الله الجابري زاهدًا في الرّاتب المخصّص له من الدّولة كرئيس وزراء، ليتولّى الإنفاق عليه ابن شقيقه. رحل شكري ولم نسمع بشكري الابن، ورحل سعد، ولم نسمع بقريب لسعد يرث المنصب الشّاغر.
أمّا والد بشار فقد نفق بعد تاريخ حافل بالخيانة والعمالة والتآمر، وبعد أن قام بسلسلة طويلة من الجرائم والاغتيالات والتّصفيات الفرديّة والجماعيّة طالت البعيد والقريب، الشّخصيات والمدن، الرّفاق والمعارضين، داخل سورية وخارجها، أعاد فيها الأعمال الوحشيّة للحشّاشين والقرامطة والتّتار وبزّهم في ذلك بأسلحته الفتّاكة.
واختارت بشار القوى التي اختارت أباه من قبل، ليمضي في الطّريق نفسه، يحفظ الأسرار وينجز الوعود، أبعدت عنه المنافسين، ونصّبه الأزلام والمرتزقة والشّبيحة بقوّة السّلاح، وصفّق له مجلس مأجور ـ بعد تعديل سريع للدّستور الذي لا يجيز له الرّئاسة بسبب السّن ـ وهو نفس المجلس الذي عدّل الدّستور لأبيه من قبل، أكثر من أربعين عامًا ومجلس الشّعب المزوّر يصفّق بلا هوادة للابن وأبيه، حتى كلّت الأيدي، وعميت الأبصار، وتألّه القائد، وصار الشّعب ملكًا للرّئيس، وغدت سورية مزرعة خاصّة لآل الأسد وأنسبائهم؛ إذ لا قرابة دم تجمعهم مع أحد في سورية.
الرّئيس شكري القوتلي ـ يرحمه الله ـ تنازل عن الرّئاسة وأمجادها، وأنهى حياته السّياسيّة رغم تاريخ النّضال الطّويل من أجل إتمام الوحدة بين مصر وسورية، وفي خطاب تسليم الرّئاسة لجمال عبد الناصر أظهر ما يكنّه من حبّ وتقدير لشعبه، قال لعبد الناصر: (سكان سورية خمسة ملايين نسمة نصفهم زعماء ونصفهم قدّيسون)، وفي رواية أخرى أو في حديث جانبيّ في المناسبة إيّاها قال له: (أسلّمك خمسة ملايين مواطن سوريّ كلّ واحد منهم يعتبر نفسه رئيسًا للجمهورية). فأيّة عزّة وأيّة كرامة يستشعرها المرؤوس من ذاك الرّئيس.

أمّا بشار فقد قتل الأطفال والنّساء والشّيوخ، ومثّل بأجسادهم الطّاهرة شرّ تمثيل، هدم المدن والقرى السّوريّة على رؤوس ساكنيها، قصفت طائراته وراجماته طوابير المتسوّقين الصّائمين أمام المخابز والحوانيت ليختلط الدّم الطّاهر واللّحم البريء برغيف الخبز المأمول قبل الإفطار في توقيت متعمّد لئيم، لم يرفّ له جفن، ولم تتحرّك لديه ذرّة من إنسانيّة، بل كان في كلّ ذلك يظهر البشر والافتتان والفخر بما يقوم به، فكأنّه من طينة غير طينة البشر، لا يملك إحساسًا ولا شعورًا، يأتي إلى مجلس الشّعب إيّاه بعد كلّ مجزرة يقوم بها شبيحته ليوزّع الابتسامات البلهاء على الواقفين في مدرّجات المجلس على رؤوس أصابعهم ليملؤوا عيونهم من رؤية طبيب العيون قاتل الأطفال وأمّهاتهم، الذي يصف الشّعب الثّائر بالجراثيم التي يجب القضاء عليها، ويطلق أعضاء المجلس المحترمون العنان للنّعيق المقيت والتّصفيق البليد إمعانًا في النّفاق، وازدراء للقيم الإنسانيّة التي يجتمع عليها البشر من كلّ جنس ودين.
ينقل بشار وحدات الجيش السّوريّ من الجبهة مع العدوّ الصّهيونيّ ـ التي مُنعت على مدى نصف قرن من تأدية واجبها في الدّفاع عن الوطن ـ لتُباد في حرب مع أهلها وتبيدهم في أحياء وحواري المدن السوريّة، وابتدع لنا مشاهد ترويع ووحشية لم ترها عين بشريّة من قبل، ارتسم فيها الفزع والذّهول في كلّ ما هو مرئيّ على الشّاشة الأسديّة التي تعرض علينا وعلى العالم ليلاً ونهارًا دون توقّف، لا يحيط بهولها واصف بليغ ولا رسّام ماهر.
في البداية كان المجرمون من الشّبيحة يطؤون على ظهور الأطفال وبطونهم ورؤوسهم بأحذيتهم، وغدوا في المراحل التّالية يطؤون على الأطفال بالدّبابات والمجنزرات التي تخترق شوارع المدن والأحياء، جريمتهم الوحيدة أنّهم طالبوا بالإصلاح، فلم يستجب لهم، خرجوا بمظاهرات سلميّة واجهتها السّلطة الغاشمة بالرّصاص الحيّ، انشقّ ضباط شرفاء وجنود ذوو حميّة، حاولوا أن يردّوا عن أهلهم سوء العذاب، فاتّهمهم بشار بأنّهم جماعات إرهابيّة مسلّحة، ولفّق لهم إعلامه الكاذب كلّ التّهم المشينة.
كانت وسائل الإعلام العالميّة تنقل لنا كلّ يوم أعداد الشّهداء، وانتهى بها المطاف إلى إحصاء المجازر الجماعيّة بعد أن استباحت غيلان الوحش كلّ المحرّمات، تحوّل الشّعب السّوريّ الصّبور إلى قوافل من الفارّين والهائمين على وجوههم، وإلى أعداد لا تُحصى من المعتقلين والمعذّبين، ضاقت بهم السّجون والمعتقلات المعروفة، وغيّبتهم الأقبية المظلمة المجهولة، وحوت الفائض منهم المدارس التي أُبعد منها العلم والتّعليم، تحيط بهم قطعان الشّبيحة تمارس عليهم أقبح ما تنتجه ابتكارات المهووسين بالقتل والجريمة.
وتنطلق كلاب بشار المسعورة تبحث عن الجرحى والمصابين لتجهز عليهم في المشافي التي نُقلوا إليها في غيبة الرّقيب، ومن يسلم من ذلك كلّه تقوده المسالك الوعرة تحت خطر الإبادة إلى المنافي التي ترحم في مكان، ولا ترحم في مكان آخر، ليت الضمير العالمي يستيقظ، وليت المتفرّجين العرب ينهون فرجتهم بعمل يساعد على إنقاذ المنكوبين.
دمشق، دوما، حرستا، المعضمية، حلب، حمص، حماة، درعا، الرستن، إدلب، جسر الشغور، سراقب، دير الزور، إعزاز، الحولة، الحراك، تفتناز ..... كلّها مدن وبلدات منكوبة، فماذا أعدّد يا بلادي؟ هذه المدن الحبيبة وهذه البلدات الوديعة بناسها الطّيّبين أعطت آل الأسد ما لم تعطه لأحد من قبل، كلّ خيراتها لهم، كلّ تصفيقها لهم، احتضنت تماثيلهم وأصنامهم في ساحاتها، أعطت باطن أرضها لهم، جعلتها مكبًّا لنفايات العالم النّوويّة من أجل عيونهم، نفط سورية لهم، معادن سورية لهم، ذهب سورية وفضّتها لهم، الضّرائب لهم، كلّ ما يُستحسَن على الأرض السّوريّة لهم، بُحّت حناجر أطفالها من ترديد الشّعارات الكاذبة للوحدة والحريّة والاشتراكيّة وتحيّة القائد المعجزة كلّ صباح، وجوزيت سورية منهم شرّ الجزاء، قيل لماهر في بدء التّظاهرات: كيف ترى الحلّ؟ قال بكلّ الصلف والبذاءة: (بيي أخذ الحكم بالقوّة، والرّب بزاته (بذاته) ما بياخذ الحكم منّا) حاشا لله وعلا علوًا كبيرًا، وقال: (عندما حكم بيي سورية كان عدد سكانها سبعة عشر مليون نسمة، ومستعدّون لإرجاع العدد إلى ما كان عليه في ذلك الوقت)؛ أي إنّ لديه الاستعداد لقتل (10) عشرة ملايين نسمة من مواطني سورية ليبقى شقيقه في الحكم، ولا يدري الغبيّ أنّ عين الله لا تنام، وأنّ الله يمهل ولا يهمل، ولا يعي الأبله سنّة الله في استدراج الظّالمين، وأنّ الظّلم عاقبته وخيمة. هيهات له أن يفهم هذا، وهيهات له أن ينال ما يريد، فوعد الله حقّ، هو وحده سبحانه بيده الأمر كلّه وهو القائل:
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ). [الأنفال:7] ، وهو سبحانه القائل: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). [النور:55]، وهو القائل سبحانه:
(فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ). [الروم: 5ـ4 ).
إنّ معاقل الثوّار في سورية الأبيّة تسطّر اليوم -بحمد الله وتوفيقه- بداية النّهوض لهذه الأمّة التي اجتازت ـ بعد سباتها الطّويل ـ المنطقة الرّماديّة التي اختلط فيها ركام هائل من الغبش في الرّؤية، والحيرة في القرار، ووصلت إلى خيارها الصّحيح في الوقوف مع الحقّ ضدّ الباطل والظّلم، ومع الحريّة ضدّ العبوديّة والذّلّ، ومع الإيمان ضدّ الجحود والكفر، ومع الصّدق ضدّ الكذب والتّدليس، إيمانًا بوعد الكريم الرّحيم الرّحمن المنّان:
(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ).
[آل عمران: 196-197]، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.