المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفن التشكيلي اللبناني



حسين أحمد سليم
03/09/2012, 07:03 PM
الفن التشكيلي اللبناني
وحركة فعل الملتقيات والمعارض



بقلم: حسين أحمد سليم



الدول الراقية في حضارتها , تقدس الفنون في قاموسها , وتعتبرها أهم الركائز الأساسية لرقي الأوطان وخلودها ...
لبنان الفن التشكيلي , يتعملق نحتا قي ربى مدنه , ويزدان رسما في دروب بلداته وقراه ... التي تحتضن الأزاميل والريش في عملية الخلق والإبداع لروائع فنية مختلفة المعالم , تصنعها الأنامل الفنية , لشيب وشباب ... من رواد ومحترفبن , مخضرمين وصاعدين , رسامين ونحاتين , قدامى وجدد ... ينتمون لمدارس فنية عديدة , من الكلاسيكية القديمة مرورا بالانطباعية فالتجريدية والسريالية , وصولا إلى الحداثة العصرية ... يمثلون الأصالة والخصوصية والجمال ...
مواهب فنية تتجلى في كل لبنان من أدناه إلى أقصاه , في قراه والمدن , في ساحله والجبل , في العاصمة والضواحي , في الشمال والجنوب , في البقاع ... فنانون كما النساك يبدعون رسما ونحتا هنا وهناك ... يجسدون فكرة تراود خيالهم , وتحاكي آمالهم ... إيجاد متاحف للفن التشكيلي رسما ونحتا , من القرية إلى البلدة والمدينة فالقضاء والمحافظة وصولا إلى العاصمة بيروت ...
فنانون لبنانيون من كل حدب وصوب , يضيئون في الوطن شعلة فنية تشكيلية حضارية للرسم والنحت , بدأت مع الثلة الأولى بأصالتهم وواقعيتهم : ( نجيب يوسف شكري , نجيب فياض , عبد الله مطر , إبراهيم نجار , سعيد مرعي , ونجيب بخعازي ... ) , لتتبلور مع الماهدين للفن التشكيلي اللبناني ( منذ القرن التاسع عشر حتى مصطفى فروخ , أبرز وجوه الفن اللبناني نحتا ورسما : ( نعمة الله المعادي , داود القرم , حبيب سرور , جبران خليل جبران , خليل الصليبي , فيليب موراني , رئيف شدودي , مكاروف فاضل , يوسف الحويك , قيصر الجميل , صليبا الدويهي , عمر الأنسي ,مصطفى فروخ , رشيد وهبي , ميشال بصبوص ... ) أعلام الحركة التشكيلية الأوائل ... رواد الفن التشكيلي الأوائل ... فشيوخ النحت والرسم ( يوسف بصبوص , ألفرد بصبوص , عارف الريس , سلوى روضة شقير , معزز روضة , زافين هاديشيان , رفيق شرف , سعيد أ عقل ... وغيرهم ) , لتتبعهم أجيال العشرينات , الثلاثينات , الأربعينات , الخمسينات , السيتينات , السبعينات ... وصولا إلى أجيال الشباب الصاعدة , الواعدة من أجيال الفنانين الجدد ... والذين أسهموا في تطوير الحركة الفنية التشكيلية , والذين حملوا الفن التشكيلي اللبناني , وأحلوه مركزا متقدما ومميزا على الصعيدين المحلي والعالمي , وأفردوا له مكانة في الحداثة التشكيلية الجمالية . ابتداء من معرض الفنانين اللبنانيين في المتحف الوطني بتاريخ 15 نيسان 1947 , مرورا بمعارض الربيع التي كانت تقيمها وزارة التربية الوطنية , والكثير من المعارض الأخرى , سيما معارض الخريف في متحف سرسق , وصولا إلى المعارض التي تقام في الصالات اللبنانية المختلفة المستويات , والمعرض الجوال عبر لبنان لجمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت , ومعارض جمعية متخرجي الحريري , ومعارض المراكز الثقافية الملحقة بالبعثات الدبلوماسية في لبنان , ومعارض النوادي والجمعيات الثقافية وغيرها كالمجلس الثقافي للبنان الجنوبي ... وليس انتهاء بمعارض عاليه واهدن وراشيا وزحلة وصيدا وصور والخيام ... وأخيرا وليس آخرا المعرض اللبناني الدولي للفنون في بيروت الذي أقيم في قاعة أكسبو بيروت , ومعرض جونية الحالي , فمعرض أستريد في أوتيل فينيسيا , ناهيك عن المعارض الفردية والخاصة , إضافة إلى المعارض الجماعية لجيل الشباب في دار الندوة والنادي الثقافي العربي ونادي عالية مؤخرا ...
راشانا النحت , كانت البدء مع حلم البصابصة , فاذا بها تتحول من قرية لبنانية نائية من قرى البترون إلى مدبنة فنية نحتية عالمية , ثم عاليه التي نهضت تنفض غبار بقايا الدمار , لتجسد الحلم حقيقة واقعية منذ العام 1999 , بملتقيات فنية نحتية نوعية , سيما هذا العام الذي اتسعت فيه رقعة الملتقى لتشمل ما هب ودب ... مرورا بالعاصمة بيروت التي احتضنت الكثير من المعارض في قصر الأونيسكو وساحاتها العامة المشهورة , فبشري , واهدن التي أقامت عدة معارض قنية بدءا من العام 1999 وصولا للملتقى الفني في هذا الصيف والمعرض الشامل في بداية شهر آب , وصور , والنبطية , وزحلة بملتقاها الفني الأول العام 2002 , وجونية بملتقاها الفني الأول في العام 2001 , ورأس المتن بملتقاها الفني الأول في العام 2001 والثاني في هذه الأيام , والخيام بملتقاها ومعرضها, وبعقلين , وأرز الشوف , وأرز الباروك , وراشيا بمحترفها , والغبيري بملتقاها الفني الأول , والملتقى الفني الذي تم في القصر الجمهوري باشراف رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود ...
مدن وبلدات وقرى لبنانية احتضنت الأزاميل والريش لفنانين من مختلف الأجيال والمدارس الفنية , لنشر المعرفة الفنية التشكيلية , وتعميم الثقافة الفنية رسما ونحتا , لتكون مشاعا للجميع , بدلا من الملكية الخاصة , ولكي تكون بمتناول الكل , لا وقفا على صالات العرض , وقريبة من الجميع , لا لأهل العاصمة والضواحي القريبة فقط ... وهذا ما يخلق التماس المباشر بين الفن والفنانين والجمهور ... حيث في التلاقي الفني , تتجلى الروح الاختيارية بين أجيال متعددة من التشكيل اللبناني , من شيوخ الفن إلى نتاج رعيله الأوسط , فإلى أعمال الشباب ... التي تقترب من العالمية حينا , وتعانق الجذور في أحيان أخرى , وتعود إلى الأصول في انتماءاتها , كما الخصوصية الفردية على حد سواء ...
تجارب مختلفة ومتنوعة , إن دلت على شيء , تدل إلى رحابة الفن , وخصوصا عندما تحيط بالتيارات التشكيلية المعاصرة , وباحتمالات الفن وتغيراته , لتردم الهوة بين الإبداع وأبناء الشعب والمسؤولين عنه على حد سواء ...
تظاهرات فنية تشكيلية رسما ونحتا , مع كل ما يرافقها من ملاحظات ... منتشرة في مواقع كثيرة على الأراضي اللبنانية , أتلمس فيها , بغية تقريب الفن من الجمهور , وتحصين المناعة الفنية , والدفاع عن الفنان , واحترام شيخوخته ... لخلق الدور الأشد فعالية في الحياة الثقافية والفنية والوطنية في لبنان . ذلك أن البعد الاحترافي في عمل الفنان شأن جوهري لأنه يؤدي إلى التفاعل مع قضايا الوطن وقراراته المصيرية , وهو الهدف الأسمى لكل الحركات الفنية الوطنية الناضجة ...
من جهة أخرى , فان نشر الفن ورعاية الفنان في حياته عملان متلازمان يصلان إلى الواجب الذي ينبغي أن تضطلع به المؤسسات الفاعلة في المجتمع اللبناني , سيما الدولة بمؤسساتها المعنية , والتي تقع على عاتقها مهمة تتمثل في دعم الفن والثقافة فعليا , وذلك من خلال خطة متكاملة وشاملة , بدءا بتأسيس المتحف الوطني للفن اللبناني المعاصر , مرورا باحتضان النشاط الفاعل للفنانين , وليس انتهاء بالرعاية المعنوية والمادية والصحية للفنان المحروم من أبسط حقوقه , في صحته وفي الضمانات الاجتماعية المختلفة ... حفاظا على جوهر العلاقة بين الإبداع والمستقبل ...
التظاهرات الفنية التشكيلية رسما ونحتا بكل مستوياتها التقنية , ما هي إلا لغة تتسع لمساحات ممتدة , وحضورا يطل على مستويات أعمق وأرحب وأشمل , ولوحات تعلق على جدران أكثر احتضانا , ومنحوتاتا تتربع في باحات وغابات أوسع مما هي عليه ...
مئات المبدعين في الرسم والنحت إلى جانب الهواة والمبتدئين ... يلتقون على اختلاف مناخاتهم وتجاربهم ومدارسهم , في عاليه وجونية واهدن ورأس المتن وزحلة والخيام وبيروت ... ليشهدوا بأن الإبداع لا يثريه إلا اللقاء ولا يفعله إلا الحوار الفني المباشر ... ولا يؤجج مداخلاته إلا التناقض المفتوح بموضوعية على كل مسارات الحوار والتواصل .. ولا تهدد كينونته إلا الأجوبة المقفلة على الانفتاح ...
ملتقيات ومعارض فنية تشكيلية للرسم والنحت تحتضن الرياح الفنية المتعددة المسارات , لتلخص التيارات التي عصفت بالفن اللبناني , منذ زمن الماهدين الأوائل الرواد إلى حينه ...
هي طقوس لونية نادرة في البعض منها , ومجسمات نحتية مبدعة في البعض الآخر منها أيضا , نتزود بها من يومنا إلى غدنا , كما تزودنا بها من أمسنا إلى يومنا هذا من الرواد الأوائل وشيوخ الفن التشكيلي ...
من جهة أخرى , وعلى صعيد تقييمي فني صرف , وبعيدا عن الأسماء , نرى بكل وضوح من خلال استقراءات شخصية نقدية معمقة لهذه المعارض والملتقيات الفنية التشكيلية للرسم والنحت , سيما الهمروجات الفنية التشكيلية , التي أقيمت بعد تعافي لبنان من محنته , والتي ازدادت في السنوات الأخيرة , كظاهرة فنية تشكيلية جامحة , اجتاحت أماكن كثيرة في لبنان ... أنها تعاملت مع جميع الأسماء التي تتعامل بالريشة أو الأزميل , سواء كانت هاوية أو محترفة , مبتدئة أو مخضرمة , جاهلة أو متخصصة , أو بين بين , من دون غربلة أو تصنيف أو ترشيد , كشكول فني تشكيلي مشرع على كل الاحتمالات والأهواء ... أو اعتبار أن الإبداع التشكيلي رسما ونحتا , ليس بازارا للعرض والطلب , وإنما هو عطاءات مميزة , تعود على الوطن بالتمايز والتفرد وبالمضمون الحضاري الذي يجوهر العارض وصولا إلى التفريد فالتحقيق ... وهذا ما دفع بالكثير من المعارض والملتقيات إلى الهبوط للمستويات الدنيا , بدلا من الارتقاء صعدا , باختيارهم الأسمى والأعم والأشمل من النتاج الفني التشكيلي رسما ونحتا ...