المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهامشيون والثورة .. قصص ومقالات قصصية .. (2) ماجـــد



محسن رشاد أبو بكر
08/09/2012, 03:15 AM
ماجـــد
.....

بعد انقطاع عن العمل، بدأ تدريجيا نهار 25 يناير وبلغ ذروته يوم 28 يناير (جمعة الغضب)، بدأ الباعة الذين يفترشون الأرصفة بمنطقة وسط البلد بالعاصمة المصرية القاهرة في النزول بكثافة، فقط، بعد الخطاب الثاني للمخلوع مبارك (مساء الثلاثاء 1 فبراير) ، والذي أعلن فيه تعيين "عمر سليمان" نائبا له، وأعلن فيه نيته عدم الترشح لفترة رئاسة تالية.

هنا قرأ المنخرطون في منظومة بائعي الأرصفة بحسهم السياسي الفطري أن شرعية جديدة بدأت تظهر ملامحها في الأفق.
......

أثبتت العديد من الدراسات المتخصصة أن هؤلاء الباعة وغيرهم من قطاعات الاقتصاد غير الرسمي يعرفون كيف يمكنهم العمل في فلك النظام القائم والتعامل مع ثغراته بما يضمن لهم التواجد في الحياة الاقتصادية. فالباعة المتجولون ومفترشي الأرصفة ليوم واحد يضمنون توفير مصروفات المعيشة لأسرة كاملة ليوم آخر أو أسبوع آخر على أكثر التوقعات تفاؤلاً.
....
وتشير بعض الإحصائيات أن عدد المنخرطين في منظومة الباعة المتجولين ومفترشي الأرصفة في مصر قد يتجاوز الخمسة ملايين، وكانوا ضمن المهمشين في إطار نظام مبارك، ونعتقد انهم لا يزالون على هامش الثورة، باستثناء مشاركاتهم يوم جمعة الغضب كما الكثيرين من فئات الشعب من ذوي الدخل الأدنى.
....
وعلى الرغم من بساطتهم حينًا وعنفهم حينًا إلا أنهم دومًا ما يبدعون في قراءة معطيات النظام القائم ودراسة إجراءاته من أجل التعامل معه قدر الإمكان كي يبقون ببضائعهم الفقيرة في الشارع ولو ليوم واحد أو أيام تضمن لهم توفير الكفاف من سبل المعيشة
....
اختفوا من الشوارع تدريجيا بدءا من يوم 25 يناير حتى تلاشوا تماما يوم جمعة الغضب (28يناير) ثم بدأوا في الظهور تدريجيا بعد خطاب مبارك الثاني (1 فبراير 2011) – قرروا ذلك لأنهم عرفوا بالفطرة السياسية أن هناك شرعية أخرى تولد – بدأ يستجيب لها حسني مبارك "بجلالة قدره" بأن عين له نائبًا وأعلن نيته عن عدم الترشح لفترة رئاسة أخرى. فقالوا: إذن فلننزل إلى ثوار التحرير لنقدم لهم الأطعمة والسجائر والمشروبات – ليس حبًا في الثوار ولا نكاية في مبارك – ولكن من أجل قوت يوم أو اثنان.
....
ومع الوقت بدأ البياعون يندمجون مع الثوار ويعرفون احتياجاتهم، فبدأوا في توفير بعض الملابس – خاصة الملابس الداخلية والشرابات- التي بدأت تظهر الحاجة اليها عند افراد معتصمون بالميدان لما يقارب الأسبوع.
ومع الوقت بدأت نوعية البضائع التي يوفرها الباعة تتنوع طبقا لاحتياجات المعتصمين بالميدان من نوعيات أكل لنوعيات شرب، وصلت في حالات نادرة لتوفير بعض المشروبات النادرة. وأيضا المكيفات المحظورة.
وحتى قبل أن يتنحى مبارك كان أسطول من أصحاب الأعمال الصغيرة المندمجين -عن وعي انتهازي- في منظومة الباعة المتجولون قد قرأوا المشهد جيدًا، وتوقعوا تنحي مبارك، فكانت مطابعهم وورشهم الصغيرة جاهزة بتصميمات عديدة، بما في ذلك التصميمات التي وظفت صور الشهداء، للتعبير عن الثورة. طبعوها على تيشيرتات واستيكرات وقلادات وطواقي، وبوسترات.

ويالكياسة تلك المنظومة أن ظهرت تلك المنتجات حتى قبل تنحي مبارك بأيام، وبلغت ذروة مبيعاتها في الساعات التي تلت لحظة تنحيه وحتى فجر اليوم التالي (12فبراير 2011)، لدرجة أن "ماجد" واحدًا من أطفال الشوارع المنخرطين في منظومة الباعة المتجولون أخبرني أنه باع في تلك الليلة استيكرات الثورة بأكثر من ألفي جنيه وحقق فيها ربحًا صافيًا لا يقل عن خمسمائة جنيه نال من صاحبها بعض الجنيهات القليلة لقضاء حاجته من الأكل والشرب وبعض الأنواع من عائلة الترامادول (حبوب منشطة) تكفيه لأكثر من أسبوع.
..............................
تمت