المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة من قتيل



عبدالواسع السقاف
24/09/2012, 10:26 AM
رسالة من قتيل


قالتْ: لقدْ فاجَأتَني
وترَكتني في عِزِّ قِصَّتنا
وقَرَّرتَ الرَّحِيلْ
وقَهَرتَني
وقَهَرتَ قَلبي
آآآآهِ لو تَدري بِهِ
يا أيُّها الرَّجُلُ النَّحيلْ
يا مَنْ وَهبتُكَ سَاعةً
مِنْ عُمرِ رُوحي
كُنتَ أنتَ بِها كَفيلْ
لتُعيدَ أشجَاني
وتُوقظ ثَورةً
خَمدَت بأحلامي
فتُشعِلُها شَعِيلْ
أيقَضتُها
ومَنحتُ نَفسي
فُرصَةً
أشتَاقُ فيها للغَرامِ، ولم أُطِيلْ
وتَركتُ أَحلامِي لتَصنَعها لَنا
عُرسَ الرِّياحِ على تَبارِيحِ النَّخيلْ
ومَضَيتُ فِيكَ ولمْ أُفكِّر سَاعةً
مِنْ أينَ تَأخُذني،
إلى أينَ السَّبيلْ!!
واليَومَ تَرحلُ
عَنْ سَمائي
غَيمَةً عَبَرتْ
وعُصفُوراً تَنقَّلَ في الخَميلْ
وكأنَّ حُبَّكِ لي عِبارَاتٍ
تُوزِّعها على أَزهارِ قَلبي
بالأَصيلْ
وكَأنَّني سَأمُوتُ إنْ غَابتْ عُيونُكَ
عَنْ عُيونِي
أو سَيكسِرُنِي الرَّحيلْ
لا تَنتَظرْ مِني الخُضُوعَ فإنَّ لي
قَلبٌ إذا مَا قالَ
أَثبَتَ بالدَّليلْ
أنا لنْ أُسَامحَ ما حَييتُ
فحِكمَتي:
ما عَاشَ مَنْ يِحيا ذَلِيلْ!!
***
فأَجبتُها: لا تَظلمِيني أنَّما
أبدو بِصُورةِ قَاتلٍ وأنا قَتِيلْ
لا تقتُليِني مَرَّتينِ،
أَمَا عَلِمتي قِصَّتي!!
أوَ لمْ تكُونِي لِي خَلِيلْ؟؟
عُودِي لقَلبِكِ سَائِليهِ فإنَّهُ
يَدري بِصِدق مَشَاعِري، ولها يَميلْ
وتَأمَّلي
ماضِي الصَّدَاقةِ بينَنا
وتَذَكري حِرصِي
وإِحسَاسي النَّبيلْ
كَمْ ضَحكَةٍ
عَبرَتْ بثَغرينَا
وكَمْ نَادمتِ أشعَاري
وكُنتِ بِها نَزِيلْ
واليَومَ تُنكِرُني عُيونُكِ
بَعدَما شَبِعَتْ
مِنْ الأنظَارِ في الشَّهرِ الفَضِيلْ
لا تَستَبِدي
لا تُخَلِّي كِبرياء الحُسنِ
يُعمِي نَاظِريكِ عَنْ الدَّلِيلْ
كُونِي مَحَلِّي
وأنظُري: مَاذا جَنَيتُ
وَحَكِّمِي مَنْ شِئتِ
في هَذا السَّبيلْ
في بَائِسٍ
عَاشَ الأَسَى
ومَضَى أمَامَ النَّاسِ يَزعُمُ أنَّه
رَجُلٌ جَليلْ
لا شَيء يَكسِرُ حُلمَهُ
غيرَ التي رَحَلتْ
وَخلَّتْ فَوقَهُ هَمَّاً ثَقيلْ
لما رأكِ أَحَسَّ أنَّ ضَميرَهُ
صَاحٍ
وأنَّ لِربِهِ الشُّكر الجَزيلْ
أَحْييتِهِ، وسَقيتِهِ كأسَ السَّعادةِ،
رَشفَةً بنسِيمِ رِقَّتكِ العَليلْ
دَلعُ الكَلامِ، ورِقَّةُ الألفَاظِ
والسِّحرِ الذي يَأتي بِطَعمِ السَّلسبيلْ
حُسنٌ يكادُ يَقُولُ للشَّمسِ أغرُبي
فأنا أقُومُ مَقامَكِ، وأنا بَديلْ
عَطفٌ يلُفُ الكَونَ في أحضَانِهِ
ويُلملمُ الأشجَانَ في الليلِ الطَّويلْ
سَقَطَ الجَليلْ!!
مَا عَادَ بينَ النَّاسِ إلا عَاشقاً
يَجرِي ورائكِ كالهَبيلْ
يُرضِي غُروركِ
مَادِحاً ما شِئتِ
لا يَلوِي عَلى شَيءٍ
ويَفرحُ بالجَمِيلْ
يَا طِفلةً شَبَّتْ عَلى الحَلوى
عَلى السَّلوى
عَلى سَلبِ المشَاعِرِ بِالصَّميلْ(1)
مِنْ أجلِ عَينيْكِ
تَسَاقطَ!
لمْ يعُد في وَزنِهِ
في رَهطِهِ
إلا دَخِيلْ!
أعطَاكِ أحلَى مَا لديهِ
ولمْ يَجد مِنكِ الهَوى
إلا أَقلَّ مِنْ القَليلْ
مَاضِيهِ أصبَحَ صَفحَةً
بَيضَاءَ تَقرأوهَا عُيونِكِ
تَنتَقي غِلاً غَليلْ
لتُقيمَ حُجَّتَها عَليهِ
وتَستَلذُ بِذبحِهِ
مَعَ كُلِّ تَلميحٍ وَبِيلْ
كَمْ مَرةٍ أَعطَاكِ دَفَّتَهُ
فكُنتِ كَمَنْ يقُودُ بهِمةٍ
نَحو الرَّحيلْ
كَمْ قَال: لا تَقسِي
فَكُنتِ كَلَبوَةٍ
مِنْ نَفسِهَا غَارتْ
ومِنْ كُلِّ الفّصِيلْ
أَعيَاهُ حَالُكِ بعدَما
كَانَتْ عُيونِك رَوضَةً غَنَى
وهَمستُكِ هَدِيلْ
فَأرادَ أنْ يَحيا بِذكرَاكِ (الجَمِيلةِ)
وانقَضَى يا حُلوَتي الزَّمَنُ الجَمِيلْ!!
لا تَقهَري
أَنتِ التي عَلَّمتِه مَعنَى "الأنَا"
فَأتَاكِ مِنْ هَذا القَبِيلْ
وأَجَادَ وَصفَتَكِ عَليكِ
فَلا تَقُولِي خَائِنٌ
ماَ تِلكَ أَخلاقُ العَميلْ!
(خَيْبَاتِهِ) تِلكَ التي عَانَيتِها
أَنتِ التي وَظَّفتِهَا
أَنتِ الكَّفِيلْ
(وَقَفَاتِهِ) أَنتِ التي وقَّعتِها
واليَومَ تنشُرُها يَداكِ
عَلى الغَسِيلْ!!!
كُنتِ اِنتَصرتِ لَهُ
ورَاعَيتِ الذي قَدْ كَانَ بينَكُما
مِنْ (الوَصلِ) النَّبِيلْ
كُنتِ اتَّصَلتِ بِهِ
وعَالجتِ الأَسى
ومَنَحتِهِ عُذراً
ولو عُذرَ البَخيلْ
لَوْ كَانَ حُبَّكِ صَادقاً ما بِعتِهِ!!
كَانَ انبِهَاراً
ليسَ إلاَّ يا أَسِيلْ
مِنْ أَجلِكِ الأَسماءَ بَعثَرَها،
ولمْ يَحفَى بمَاضِيهِ،
وَجَاءكِ مُستَقيلْ!
مَاذا بَذَلتِ لَهُ؟
سِوى كِبرٍ يُنغِّصُ عَيشَهُ
وكأنَّهُ عَبدٌ ذَليلْ!
تَتَفَضَّلينَ عَليهِ أنَّكِ سَاعةً
قَابَلتِهِ،
فَمَنحتِهِ المَجدَ الأَثيلْ!!
قَدْ كُنتِ عِطراً في يَديهِ
وكُلَّما مَرَّ الزَّمانُ
تَبخَّرَ العِطرُ الأَصِيلْ
والآنَ تَبكِي هَجرَهُ!!
أَقَتَلتِهِ؟؟
وأقَمتِ فَوقَ رُفاتِهِ هَذَا العَويلْ!!
مَنْ ذَا يُسامِحُ مَنْ؟
وَمَنْ يَبكِي؟
وَمَنْ ذَاكَ الذي صَنَعَ الرَّحيلْ؟؟؟؟
صنعاء 2 أغسطس 2012م

الصميل: باللهجة الدارجة اليمنية يعني العصى الغليظة التي تستخدم في العراك