المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفيلسوف السوري لوقيان



عبدالسلام زيان
28/04/2007, 09:39 AM
سيدتي , سيدي , يمكن لكم حذف النص ان لا يتماشى ومنتداكم أو نقله الى المكان المناسب
مع فائق الإحترام والتقدير

.............................................

لوقيان , أعتذر لك مسبقا إن ارتكبت أي هفوة في تأويلي لما أنتجه عقلك , لكن لا أعتذر للناطقين باللغة العربية ان ارتكبت بعض الغلطات النحوية أو التركيبية. عرفك العرب عن طريقي لأول مرة في تاريخهم منذ حوالي عشرون سنة عندما نشرت عنك وعن عباقرة مدرسة قرطاج (تونس ) والاسكندرية ( مصر ) واللاذقية ( سوريا ) وسوق اهراس ( الجزائر ) , لكن لم يهتم بكم العرب ولم يحركوا ساكنا , ولذا سأترجم أعمالك وأعمال الآخرين ولو أني لا أحسن اللغة العربية .
يتكلم العرب عن الحداثة والتنوير والتمدن وكرروا هذه الكلمات منذ عهد محمد علي باشا والى الآن وهم يركضون وسط نفس الحلقة المغلقة الفارغة , من زاويتي , مع احترامنا الكامل لكل الآراء والأفكار لكن لا أظن أن العرب سيفهمون ما حدث بالغرب في عصر النهضة والتنوير بدون الرجوع الى قرطاج والإسكندرية وسوريا .
ما قاله هيغل ورانكس وغيرهم من الذين ينفون المشرق أراه مجرد سفسطة عنصرية .
وربط المشرق بالفكر الهلليني في عهد الإغريق وروما أراه مجرد أسطورة ليس لها أي أساس من الصحة والدليل القاطع على ذلك هو أن آخر فلاسفة قرطاج عزربعل الذي عاش عندما حرقها الرومان لم يكتب حرفا واحدا باللغة الإغريقية , وفي العهد الروماني أظن أن الرواقيين كانوا مسيطرين على الفكر وأظن أن زينون الفينيقي كان شرقيا بحتا , وربط مدرسة الإسكندرية بالأفلاطونية الجديدة لا أعرف أين عثر أهل الغرب على ذلك , أظن أن مالك الذي جمع لنا كتب معلمه إفلوطين المصري لم يقل أن أرسطو وأفلاطون هما أعظم ما أنتجته الأرض بل قال ساكاس المصري ( الليبي ) , ثم ربط الإسلام بما أنتجه أرسطو وأفلاطون وغيرهم أراه كذلك كلام لا يستحق حتى التعليق .
المشرق كان متحررا ثقافيا وفكريا في كل الأزمنة وفقد هويته في أواسط العهد العثماني ( في الحقيقة بدأت علامات الانحلال عند صعود الهراطقة الذين تغنوا بالفكر الإغريقي في أواخر العهد العباسي ) ,
لا يمكن لنا أن نقبل من أجل العولمة فكرا عنصريا ينفي الآخر ويجب الوقوف أمام العنصرية مهما كان لونها , سواء كانت دينية أو ثقافية أو عرقية ... الخ
مع احترامنا الكامل لكل الاراء .
………
لوقيان :


Thomas More رائد من رواد الفكر الغربي وصاحب " utopia " عندما أكتشفك طلب من صديق حياته الفيلسوف Erasmus de Rotterdam أن يساعده على ترجمة أعمالك وسهرا الليالي معا ...
تأثر بك طوماس وكتب رواية Richard III ( نسخة باللغة اللاتينية والأخرى بالإنجليزية , لم ينتهي من كتابة كلاهما ) المهم أخذ شكسبير رواية طوماس وكتب روايته المشهورة بنفس الاسم

طوماس من الغربيين الذين تتلمذوا عنك وبكتابه " Utopia " صارت لندن بين عشية وضحاها مركز عالمي للنهضة , وبطبيعة الحال قضى آخر حياته بالسجن ....
و Erasmus استعمل أسلوبك التهكمي في كتابه Praise of folly
الفرنسيون عرفوك كذلك في بداية القرن الخامس عشر عن طريق François Rabelais ولقبوه بلوقيان الفرنسي , طبيب ومفكر لعب دورا كبيرا في عصر النهضة وكان كذلك صديق لــ Erasmus

Copernicus و Galilei و Kepler اعترفوا بأنهم قرؤوا قصتك حول الرحلة للقمر مع طاقم السفينة وزرعت فيهم حب الإطلاع.... الخ
والفرنسي Jules Gabriel Verne الذي شهر بقصصه في الخيال العلمي ولعب دورا كبيرا في نشر حب العلم بالغرب في القرن الثامن عشر , قال أنه تأثر بقصتك " رحلة الى القمر " وأخذ منها الكثير
سواء كان اسمه فولتير أو موليار أو أي كان , كلهم قرؤوا لك وأخذوا من عقلك فكرة وأخرى


................................

( قصة حياته ) اقتباس من مقال نشرته في بداية التسعينات من القرن الماضي

ولد لوقيان بسوريا سنة 125 ومات سنة 180 وهناك من يقول مات سنة 175 م , ويمكن تلخيص حياته بكلمتين , لقد كان إنسانا رحالة ومغامرا , في عهده كان الاستقرار السياسي في الإمبراطورية الرومانية ظاهريا , لكن في الحقيقة بدأت المستعمرات تثور ضد الضرائب التي فرضتها روما ضد الناس

ينحدر لوقيان من عائلة فقيرة جدا وتكلم كثيرا عن الفقر والجوع والاهانة التي يلاقيها الفقير في حياته , كان لوقيان يحسن الاغريقية إلى درجة انه استعمل حوالي 10000 كلمة في كتبه , وهذا الرقم لم يصله أي إغريقي على الإطلاق عدا أفلاطون .

كتب لوقيان الكثير من الأعمال الأدبية تتراوح بين الحكاية والرواية والرسائل الفلسفية وهو أول من استعمل أسلوب القصة في تاريخ الأدب .

اشتهر لوقيان بأسلوبه الحواري الإلهائي ونال شهرة كبرى بالغرب وعلى وجه الخصوص في فرنسا في عصر النهضة وهناك من يلقبه بفولتير المشرق , وموليار يعتبر تلميذا من تلامذته , واثر كثيرا على شكسبير وطوماس مور وإرسموس … الخ.

سخر لوقيان من العالم والحياة والوجود , ولم ينج من لسانه الجارح أي كان , لقد انتقد وسخر من الكثير من الفلاسفة وتناقضهم , انتقد المجتمع انتقادا لاذعا , وضحك وسخر من الإنسان وجنونه وأنانيته .

انتقد كذلك المؤرخين وكتب كتابا “” كيف يكتب التاريخ “” وقال ان المؤرخين يقومون بنشر الأكاذيب ويحورون الحقائق , ولا يقومون بتحليل الأحداث وأسبابها ,ويكتبون إلا عن الأقوياء ويمدحونهم , وسبب ثورته ضد المؤرخين هو ان الرومانيين الذين كتبوا عن الحرب الرومانية ضد بارتارنا نشروا الكثير من الأكاذيب .

حارب لوقيان الشعوذة والأديان بكل أنواعها وتكلم في كل الميادين عدا السياسة التي كانت محرمة في العهد الروماني على العبيد والبرابرة .

هاجم كذلك الأديان الإغريقية القديمة بكل عنف وسخر من محتواها وتناقضها, تجاهل يسوع المسيح ولم يذكره على الإطلاق والذين ينفون أن يسوع المسيح وجد يستشهدون بلوقيان

رفض لوقيان استعمال اللاتينية في كتبه رغم انه كان يحسنها جيدا وهذا دليل على رفضه الاستعمار الروماني لبلاده .

يعتبر لوقيان أول كاتب في القصة العلمية الخيالية في العالم , لوقيان هو أول من حول الإنسان إلى وسط الحلقة , حيث انه قبله نرى ان الأساطير الدينية سواء كانت شرقية أو غربية تكلمت إلا عن الآلهة
والمعجزات التي تقوم بها , لكن لوقيان اخذ الإنسان كرمز في قصصه لتحقيق المعجزات المادية لقد عاش لوقيان مئات السنين قبل زمنه.

ينحدر لوقيان كما أسلفنا من عائلة فقيرة جدا,وقد اثر عهد صباه عليه كثيرا وكان يغتنم كل فرصة لانتقاد الأغنياء وشحهم ,ونرى مثلا في قصته”الحلم”صورة من حياتي يقول: عندما انتهيت دراستي ودخلت عهد الشباب جلس أبي وبعض الأقرباء وأصدقاء العائلة,ليقرروا مصيري,واتفقوا جميعا على ان عملا يدويا سينقذني والعائلة من المجاعة والفقر وسيضمن مستقبلي المادي ,وأخيرا تم الاتفاق على اني سأصاحب خالي واعمل معه ككسّار للحصى,واصنع أصناما من الحجارة.

عمل لوقيان بنصيحة والده وصاحب خاله للعمل,لكنه فشل مباشرة حيث انه لم يتقن الحرفة ,وتكلم عن خاله وكيف ادبه وضربه,ويقول لوقيان في الليل حلمت بان امرأتين “إلهتين”قدمتا إلي وكل واحدة منها حاولت إقناعي بإتباعها,الأولى كانت إلهة الأعمال اليدوية والثانية كانت إلهة المعرفة,ويقول بعدما سمعت حجج كل واحدة منهما,اخترت إلهة المعرفة.

تكلم لوقيان عن العذاب والجوع والحرمان الذي يعاني منه العمال, ونجده يتكلم عن والعلم والدراسة وكيف يجب على الإنسان تقديسهما, وتكلم عن الفقراء وكيف يجب فتح الباب لتعليمهم,ويقول لوقيان ان الذين يختارون الحكمة والعلم,حتى ان ماتوا وزالت أجسامهم تبقى أسمائهم تتذكرها الأجيال وأفكارهم تبقى أبدية ,وتكلم كذلك عن سقراط وكيف كان “كسار حصى”مثله,لكنه يقول ان اسمه بقى خالدا ويقول ان الأغنياء ينساهم الناس لكن العلماء محترمون ومكرمون في كل الأزمنة والمجتمعات.

وكان لوقيان يقول ان كل ثري بخيل تتحول روحه بعد موته الى 250000 حمارا وستستعمل تلك الحمر من قبل مهربي السلع في الأراضي والجبال الوعرة ,وستقضي تلك الحمر حياتها كلها وهي معذبة
وفي كتابه سلطة الكذب أو الشك يقول لوقيان:لماذا للكذب جاذبية كبرى في هذا العالم للإنسان ?هناك كثيرون من يحبون الكلام الجنوني ,وليس هذا فقط بل كلما ازداد الكلام جنونا كلما سمعته الناس وأحبته ويقول احتمال ان سبب الكذب هو الانتهازية وقضاء المصلحة الخاصة,ونجد ان لوقيان يدافع عن الكذب الأبيض ويقول حتى اوديسس كذب من اجل مصلحة أصدقائه في حرب طراوده ويقول ان المشكلة هي الذين يكذبون حبا في الكذب ويقول ان الكثير من الناس كذابون بالطبع .

ويقول لوقيان لنأخذ مثلا هيرودوتوس وحتى هوميروس رغم مقامهما في المجتمع ,إلا ان أكاذيبهما كررتها الأجيال من زمان الى زمان ويقول ان أكاذيبهم التي فتنت بها وعشقتها البشر غير صالحة حتى لإزعاج عقول ابناء صغار .

سخر لوقيان من الأسطورة الدينية الاغريقية ويقول عندما يكذب شاعر او كاتب فهذا لا يهم لكن عندما تركع الشعوب والدول لقضاء مصالحها لتلك الأكاذيب وتؤمن بها وتتحول الى ضحية تلك مشكلة كبرى,والطامة الكبرى هي ان كل من يقف ضد كل تلك الأكاذيب يتهمونه بالكفر ويقول ان للكذب سيطرة على الإنسان والإنسان الغريب يحبذ الاستماع للأكاذيب ويرفض الحقيقة ويقول لو نتجاهل الأسطورة الإغريقية الدينية لما بقي للإغريق شيء واحد يفتخرون به ولماتوا جوعا
وفي قصة زيوس يرتبك نجد حوارا بين قونيسقوس والالهة زيوس , يبدا الفيلسوف قونيسقوس حواره :اسمعني زيوس ,هدفي ليس ازعاجك لطلب ثروة او مدي بالسلطة لاحكم الناس مثلما انت متعود عندما تتجه لك الناس لطلب شيء,لانني ارى انك غلقت اذنيك لكي لا تسمع هذه الطلبات,اني ساطلب منك شيئا اخر ليس له ولا اهمية ,يلبي زيوس طلب الفيلسوف على شرط ان لا يكون ماديا.
وبعدئذ بدا الفيلسوف يتكلم عن التناقض عند هوميروس وهيسيودوس ويذكر كيف ان هوميروس تناقض غير مرة في كلامه حول مصير الانسان ثم بعدها يدخل الفيلسوف في حديث مع زيوس حول المصير.
النتيجة التي يخرج بها لوقيان هي ان الانسان لا يرث الخطيئة قبل ولادته
اما في قصصه حوار بين آلهة الاولمب نجده يأخذ أكثر الآلهة الإغريقية ويعريها,حيث اننا نرى مثلا في القصة 25 زيوس وهيلوس يتكلم هنا لوقيان عن زيوس الذي يريد ان يهرب من المسؤولية التي يتحملها ويقول:ماذا فعلت أيها الغبي تيتان ? انك خربت العالم وسبب ذلك هو انك أعطيت مسؤولية قيادة العربة لصبي لا عقل له فيبرر تيتان موقفه بان ابنه وزوجته توسلا إليه وعيونهما مليئة بالدموع ,فرضخ لطلبهما وظن ان ابنه قادر على تحمل مسؤولية كبرى مثل قيادة العالم ,يناقش هنا لوقيان المسؤولية والقيادة ويسخر في نفس الوقت من الأساطير الدينية الاغرقية .
,في حوار مع الاموات كتب 27 قصة وحوار في البحر 15 قصة وحوار مع الهة الاولمب كتب 26 قصة وكتب الجلم وزيوس في حوار وعشرات القصص الاخرى .
لقد كتب لوقيان الى عامة الناس ولم يكتب الى الفلاسفة والمثقفين فقط,كتب باسلوب سهل وقصصه صالحة لكل مكان وزمان.


...........................

هرماس وشارون

هرماس : أيها البحار , لنقم بتصفية حساباتنا الآن وسدد ديونك لكي نتفادى المشاكل بيننا مستقبلا .

شارون : بكل سرور يا هرماس , أريد أن أتخلص من ديوني لأنام نوما هانئا .

هرماس : طلبت مني مرساة وتسلمتها , ثمنها خمسة دراهم

شارون : انه ثمن باهض

هرماس : لا بحق هادس , لقد دفعت خمسة دراهم .. ودفعت فلسان ثمن الحزام

شارون : احسب خمسة دراهم وفلسان

هرماس : وإبرة لترقيع القلاع , خمسة فلوس

شارون : أضفهم يا هرماس

هرماس : والشمع الخاص لتسد ثقوب القارب والمسامير والحبل , عندما نجمعهم , درهمان

شارون : ثمن معقول جدا

هرماس : هذا ما أنت مدين لي , لربما نسيت شيئا !! متى ستسدد ديونك ؟

شارون : حاليا من المستحيل يا هرماس , لكن عسى أن ينتشر وباء أو تندلع حربا وتصلني شحنات كثيرة , وإن حدث ذلك سأرفع ثمن العبور وأكسب كثيرا

هرماس : هل سأتمنى أن يصابوا بكوارث وآفات لكي أحصل على أموالي !!

شارون : وهل لنا حل آخر يا هرماس , كما ترى , لا أربح شيئا الآن , لأنهم يعيشون في حالة سلم

هرماس : الحالة أحسن بكثير الآن ولو اني مرغم أن أترقب مدة طويلة لأحصل على أموالي , هل تتذكر يا شارون أي نوع من الزبائن استقبلنا في الماضي ؟ لقد كانوا جبابرة وأمزجتهم حادة الطباع ودمويين , أكثرهم كانت أجسامهم مليئة بالجروح .

لكن الآن , هذا سممته زوجته أو ابنه والآخر نتيجة الفجور تورمت بطنه أو رجله , كلهم وجوههم مصفرة وأغبياء , إنهم يختلفون كل الاختلاف عن زبائننا القدامى , وكما تشاهد أكثرهم وقع في الفخ الذي نصبوه لغيرهم لكي يحصلوا على أموالهم ويشبعوا لذاتهم .

شارون : نعم , المال محبوب جدا

هرماس : إذا لا تلمني إن ألح عليك لأحصل على أموالي .

…………………………………………..

أكليس وأنتلوشوس

أكلّيس : بطل حرب طرادوة , تقول الأسطورة أنه رضع حليب اللبوة والحيوانات المفترسة ليصير شجاعا

أتلوشوس : ابن من أبناء نستور , هو الذي أعلم أكلّيس عن موت صديقه , لكنه مات مباشرة بعد أكلّيس وهناك من قال أنهما دُفنا بنفس القبر . وشُهر باحتياله في ألعاب الفروسية

شيرون : نصف إنسان ونصف حصان

فوينكس : طائر أسطوري ، في استطاعته أن يموت ويحيا من جديد

أنتلوشوس : يا أكليس , ماذا تقصد بما قلته عن الموت لأوديسس منذ بضعة أيام ؟ إنه احتقار وإهانة لمعلميك شيرون وفوينكس , سمعتك تقول بأنك تحبذ أن تكون عبدا فوق الأرض عند بربري همجي * لم يرث شيئا وفقير الحال * خير لك من أن تكون ملك مملكة الأموات , هذا الكلام يترقبه الإنسان من تافه وجبان ليدي أو فريجي يرى أن الحياة أغلى من الحرية , لكن ان يحتقر نفسه ابن بيليوس الأشجع من كل الأبطال , هذا عار ويخالف كل الأعمال التي قمت بها عندما كنت حيا . كان في استطاعتك أن تبقى إنسانا مجهولا وعاديا كملك لمنطقتك
فتيوتيس الى أن يصيبك الشيب , لكنك اخترت موتا رائعا مشرفا ومبكرا .

أكليس : في ذلك العهد لم يكن ابن نستور يعلم كيف سيكون حالي , ونظرا لأني كنت أجهل أي الحالتان أفضل لي , اخترت لسوء الحظ , لأني مغرور مجدا بائسا عوضا عن الحياة , لكن الآن عرفت أن ذلك المجد لا قيمة له وليتغنى الشعراء بالأرض ويمجدوني بملحمتهم مثلما يحلو لهم . هنا بمملكة الموت كل الأموات سواء , يا أنتلشوس لا نحمل معنا جمالنا وقوتنا , كلنا نسكن في نفس الظلمة , بكل مكان نفس الأشكال ولا شيء يفرق بيننا , أشباح الطراوديين لا تهابني والإغريق لا ينحنون أمامي احتراما لي . المساواة بين جميع الأموات حقيقة ولا فرق بين من مات موتا عاديا أو بطوليا , هذا ما يحزنني ويؤلمني , هذا ما يتركني أفقد الأمل وأحمل شعورا قويا للحياة ولو كعبد من العبيد .

أنتلوشوس : وماذا ينفع ذرف الدموع والعويل يا أكليس ؟ ذلك هو قانون الطبيعة , كل البشر وبدون استثناء , تموت , ويجب علينا أن ننحني أمام هذا المصير , وكما ترى , حولك كل أصدقائك الآن , وعن قريب بكل تأكيد سيكون أوديسس بيننا , ما يطمئننا ويواسينا هو أن كل الناس تتقاسم نفس المصير ولا أحد يبقى وحيدا بتألمه . أمامك الآن هرقل وملغر وعدد غفير من الرجال الأبطال المتميزين , إني مقتنع بأنه ولا أحد بينهم سيقبل بصدر رحب الرجوع الى الأرض ليعيش كعبد عند فقير مثير للشفقة

أكلّيس : النصيحة تأتي إلا من صديق وأعرف أن هدفك نبيل , لكن مهما تكن الحالة أشعر بالمرارة عندما أتذكر حياتي الأرضية , وأظن أن كل واحد منكم له نفس الشعور , والفرق بيني وبينكم هو أنتم تتصنعون ولا تظهرون ذلك وهذا يترك حالكم أسوأ من حالي لأنكم تتألمون وتلتزمون السكوت

أنتلوشوس : بالعكس يا أكلّيس , حالنا أحسن من حالك , عندما رأينا إثارة هذه الأماني الحمقاء المضحكة صرخات بدون جدوى , وجدنا من الحكمة أن نسكت ونتألم ونقبل مصيرنا المحتوم .

..............................................


أظن أن الفيلسوف مالك السوري الفلسطيني ( 232 – 305 ) تتلمذ عن لوقيان حيث نجد أن طريقة هجومه على المسيحية مشابهة لطريقة لوقيان وبالخصوص أسلوبه الساخر حيث يشبه دانيال بالحرباء ويسخر من بتروس وكيف طلب أن يكون الإنسان متسامحا مع من يرتكب هفوة لكنه أخذ سيفه وقطع أذن القس , ( إنجيل متى الإصحاح 18 – 15 الى 17 : وإن أخطأ أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما …. وسخر من إنجيل مرقس الإصحاح 10 – 18 فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحا . ليس أحد صالحا الا الله … وسخر من انجيل لوقا الإصحاح 6 – 45 ويوحنا 5 – 31 و 8 – 12 و9 – 5 … الخ وما يدعيه أهل الغرب بأن ابن حزم قرأ للفيلسوف مالك لأنه ذكر نفس الإصحاحات أراه مجرد هذيان , أسلوب ابن حزم يختلف كل الإختلاف عن أسلوب لوقيان ومالك , والعرب لم يعرفوا مالك وأي عاقل كان ليس في حاجة لمالك ليرى التناقضات مع احترامي لكل الآراء

………………………………………

تربسيون وبلوتون

تربسيون : هل ترى أن هناك عدالة يا بلوتون , أنا أموت وعمري لا يتجاوز ثلاثين سنة لكن العجوز تكريتون عمره أكثر من التسعين ومازال حيا ؟

بلوتون : وهل هناك أعدل من ذلك يا تربسيون , من حقه أن يعيش لأنه لم يتمن الموت لأصدقائه رغم أنهم كانوا يترقبون رحيله, وأنت بالخصوص كنت دوما تكيد له المكائد ليموت وتحصل على ثروته

تربسيون : نعم, لكن أليس من الطبيعي أن الذي عاش طويلا وصار عاجزا ولا يمكن له أن يتمتع بثروته أن ينسحب من الحياة ويترك مكانه للشباب ؟

بلوتون : من أين أتيت بهذه القوانين الجديدة يا عزيزي تربسيون ؟ هل من لا يمكن له أن يتمتع بثروته يجب عليه أن يموت ؟ الطبيعة والقدر لهما رأيا مختلفا.

تربسيون : إني غير مقتنع بهذا النظام , يجب على الشخص أن يفعل شيئا لتغييره , الموت سيكون للكبار ثم لمن أقل منهم سنا وليس العكس, من هو عجوز وله ثلاثة أسنان فقط بفمه , ونصف أعمى وفي حاجة لأربعة من الخدم ليساندوه، وأنفه يقطر دائما مُخاطا وعيناه مليئتان بالدموع والغمص وغير واع بما في الحياة من لذة، ويمكن وصفه بقبر متنقل وهو محل سخرية من الشباب , هذا النوع من البشر إذا قدر له أن يعيش, سيجعل صبيان في عمر الزهور يموتون !!! وكأن هذا محاولة ” لإرجاع مياه النهر إلى منبعها ” ,
أقل ما يمكن جدوثه أن يعرف الشخص بالضبط تاريخ موت كبار السن لكي لا يقدم لهم خدمات لا تجدي بشيء,( العربة قبل الثور) أليس هذا مثلا قديما! إن له مغزي كبيرا.

بلوتون : كل شيء يحدث بحكمة يا تربسيون وليس مثلما تعتقد , لماذا ترغب بكل اندفاع الحصول على ما يملكه الآخرون ؟ لماذا كل مؤامراتكم ومكائدكم مركزة علي العجزة الذين لم ينجبوا أبناء وتريدون أن يتبنّوكم ؟ تستحقون أن نسخر منكم ونحتقركم , وعندما تتركون الحياة قبلهم وهم الذين يقومون بدفنكم ترى الناس أن هذا مضحكا , إنكم عثرتم على مهنة جديدة في خيالكم حيث تتظاهرون بحبكم للعجوز الذي ليس له أبناء لكن الذين أنجبوا لا تلتفتون إليهم , هناك كثير من العجزة يفهمون نياتكم من وراء حبكم لهم, وهم يتظاهرون بأنهم مدينين لكم بالشكر، ويستغلونكم لخدمتهم لكن بعد موتهم نجدهم وقد كتبوا وصيتهم بأن تؤل ثرواتهم لأقاربهم من الدرجة الأولي , وأنتم المتملقين تخرجون صفر اليدين

تربسيون : آه ! ما تقوله حقيقة , كم قطعة من الحلوى أهديت للعجوز تكرتون وبلعهم , لأني ظننت دائما بأنه سيموت في أي لحظة كانت, كل مرة أزوره أراه يتقلب في الفراش ويئن بصوت خافت وكأنه عصفور صغير ترك البيضة لتوّه , لقد سخر مني لأني ظننت دائما بأني سأضعه بالتابوت, أهديته آلاف الهدايا لكي أثبت له بأني أكرم من منافسيّ , وكم ليلة قضيتها ساهرا والقلق يسودني وأقوم بحساباتي وأرتب لكل الجزئيات , وبدون شك القلق والليالي بدون نوم هم سبب وجودي بالقبر الآن, وأول أمس بعدما أكل الطعم الذي قدمته له أتى بعدها للمقبرة ليضحك بكل احتقار فوق قبري

بلوتون : ما قمت به كان صحيحا يا تكرتون , عسى أن تعيش حياة طويلة جدا بثروتك وأن تضحك على ذقون المتملقين وتموت بعد أن تبعث بهم جميعا لنا

تربسيون : الآن يا بلوتون, أمنيتي الوحيدة هي أن يموت شر موتة قبل تكرتون

بلوتون : كن واثقا يا تربسيون أن فيدوس وميلنتوس, بكلمة واحدة كلهم سيكونون هنا قبله

تربسيون : أوافق على ذلك وليعش تكرتون حياة طويلة جدا



شكرا للسيدة نادية كيلاني على المساعدة


.............................................



دياجونيس وبولوكس

دياجونيس : لي وصية يا بولوكس , عندما تصعد للأرض ستقدم لي خدمة , وأظن سيكون دورك غدا .
إن اعترض طريقك من باب الصدفة مينيب الكلبي , ومن عاداته يجلس بحديقة كورنتوس في فصل الشتاء و بأكاديمية أثينا في فصل الصيف ليضحك ويسخر من حوارات الفلاسفة , بلغ له سلامي وقل له : دياجونيس يقترح عليك يا مينيب إن ضحكت ما فيه الكفاية على الغباوة والهبالة التي تحدث بالأرض أن تأتي إلى جوفها وستجد ما يضحك أكثر , فوق الأرض لا تكن واثقا من أنك ستجد ما يضحك دائما وتفكر ماذا سيحدث لك بعد الموت ؟ لكن هنا تعرف نهايتك وستضحك مثلي أنا إلى الأبد , بالخصوص عندما ترى الأثرياء والملوك والطغاة في أسفل السافلين , تائهين في الظلام ولا شيء يميزهم عن الآخرين سواء عويلهم وبكائهم عن حياتهم التي تركوها فوق الأرض , قل له هذا يا يولوكس, ثم أطلب منه أن يملأ كيسه بحبوب الذئاب , وإن مرّ بجانب مفترق طرق وعثر على وجبة طعام وضعها الأغنياء كقربان للإله هيكات يجب عليه كذلك أن يأخذ البيضات أو ما يشابههم .

بولوكس : سأقول له ذلك يا دياجونيس , لكن صفه لأتعرف عليه

دياجونيس : عجوز أصلع , يرتدي معطفا مثقوبا الثقبة بجانب الأخرى ليفتح الباب للرياح , ومرقع بكل ألوان قوس قزح , يضحك دائما ويسخر من الذين يستعملون الكلمات الكبيرة الملقبون بفلاسفة .

بولوكوس : بعد وصفك له لن يكون من الصعب العثور عليه

دياجونيس : هل في استطاعتك أن تحمل أيضا رسالة للفلاسفة العباقرة ؟

بولوكوس : حملها لن يكون مرهقا

دياجونيس : قل لهم أن يعقدوا هدنة وينهوا كلامهم التافه وصراعهم حول المذهب العمومي (1) وتبادل النطاحات وصنعهم للتماسيح (2) وحروبهم ضد عقولهم للعثور على أسئلة لا يمكن الإجابة عنها وحلها نهائيا .

بولوكوس : سيقولون أني جاهل وغير متعلم لأني أنتقد حكمتهم

دياجونيس : أطلب منهم أن يذهبوا ليتعلموا كيف يتصرفوا أخلاقيا

بولوكوس : سأفعل ذلك

دياجونيس : وكذلك ستبلّغ للأثرياء هذه الكلمات يا عزيزي بولوكوس : لماذا أيها الأغبياء الحمق تجمعون الذهب ؟ لماذا تعذبون أنفسكم لتحسبوا فوائدكم المادية على القروض ومرابيحكم وتجمعون الفلس فوق الآخر ؟ إنكم عن قريب ستكونون هنا معنا وتحت لسانكم فلسا واحدا فقط .

بولوكوس : سأبلغهم كل كلمة

دياجونيس : لي كلمة كذلك للصبيان والصبايا الجميلين أصحاب الأجسام الصلبة ولمغلوس من كورنتوس والمصارع دمكسينوس .

بلغهم بأنه هنا بجوف الأرض لا يوجد خصلة الشعر الشقراء ولا النظرة الحنونة من العين السوداء أو احمرار الوجنتين وهنا لا يوجد عضلات قوية ولا كتف متين, ومثلما يقولون بكل مكان لا يوجد إلا الغبار , ترى سوى الجماجم مجردة من كل جمال .

بولوكوس : بكل سرور سأبلغ كلماتك للجميلين والأقوياء

دياجونيس : وللفقراء - هناك الكثير منهم - الغير راضين بمصيرهم وينعون حالهم بلغهم هذه الكلمات : يا أنتم أبناء لاكونيا , لا تبكون وتنوحون , هنا بالجحيم تحكم العدالة والذين كانوا أثرياء في الحياة هنا يعيشون نفس الحالة كالبقية , وقدم لأبناء بلدك توبيخا من طرفي لسلوكهم المنحل

بولوكوس : لا تتكلم بلهجة تهكمية عن أبناء بلدي اللاكونيين , إني لا أتحمل ذلك , لكن سأبلغهم ما قلته عن الآخرين

دياجونيس : لنترك اذا اللاكونيين في راحة لكن بلغ سلامي إلى الآخرين



1 - المذهب العمومي : مذهب فلسفي لا يعترف بأي سلطة الا بالقبول العام
2 – ماذا يعني لوقيان بصنعهم للتماسيح ؟ من زاويتي لا أعرف . والترجمات الغربية وضعوها بين قوسين ( احتمال مثل ساخر في عهده )

.................................................. .


بلوتون وهرماس

بلوتون : هل تعرف ذلك العجوز المكسور الذي أصابه الهرم, أعني الثري أيوكرات, إنه لم ينجب أبناء فظهر خمسون ألف شخص يدعون أنهم ورثته ليحصلوا عليها ؟

هرماس : نعم , أليس هو من سكان مدينة سيكيون ؟ ماذا تريد أن تقول عنه ؟

بلوتون : أتركه يعيش في راحة يا هرماس, إنه عاش تسعين سنة , ويمكن له أن يعيش نفس المدة مرة أخرى أو مدة أطول منها بكثير , لكن المغامرين المتملقين الذين يركضون حوله مثل الصبيان كارينوس ودامون وغيرهم أريدك أن تأتي بهم الى هنا الواحد تلو الآخر في أسرع وقت
هرماس : إن فعلت ذلك سيظهر بأنه أمر غريب

بلوتون : بالعكس , ستكون العدالة بعينها !! بأي حق يتمنون الموت للعجوز, والآن يتخاصمون لأجل ثروته ؟ ولا تربطه بهم أي علاقة دم ولا نسب, والذي يقهر هو أنهم رغم نياتهم الخبيثة والنذالة يتظاهرون أمام الناس بأنهم يحنون عليه ويهتمون بأمره , وعندما أصابه المرض قدموا القرابين للآلهة لتحميه من الشر لكن الجميع يعرف ما يخططون له. باختصار , نفاق ومداهنة !! هذا النوع من البشر له ألف لون وألف شكل، ولهذا أتمنى أن يحيا هذا العجوز إلى الأبد.

هرماس : ستكون نهاية مضحكة لهذه المجموعة من المخادعين, فأيوكرات يتقن اللعبة جيدا لأنه يزرع فيهم الأماني وذلك عندما يتظاهر لهم بأنه مريض جدا وفي طريقه للموت, لكن في الحقيقة حالته الصحية أحسن من حالة شاب في عنفوان شبابه, والجماعة قامت بتقسيم الإرث بين بعضهم البعض وصنعوا لأنفسهم أحلاما وأياما مليئة بالسعادة

بلوتون : إذا أخلع عن أيوكرات ثوب الشيخوخة، وأصنع منه فتى مثلما حدث لإيولأوس, واخبر الطامعين بالحقيقة لتتبخر آمالهم ويتركون الثروة التي حلمن بها، وشاهد النتيجة التي ستكون التعاسة والموت كمدا

هرماس : لا تنفعل يا بلوتون !! سأبعث بهم إليك, الواحد تلو الآخر , أظن أنهم سبعة

بلوتون : أجلبهم هنا يا أيوكرات ! ليرونه وهو يتحول من عجوز الى فتى ويقودهم كلهم الى القبر .

....

ايولأوس : ابن ايفكلس وأوتوميدام وابن أخ هرقل, عندما كان عجوزا في حربه ضد لارن ظهر له جسمان سماويان وحولاه الى صبي مليء بالقوة

..................................................


الإله يرتبك !!

لوقيان : وهذا ما قاله الفيلسوف الهندوسي بهارتريهار الذي عاش بعدك ببضعة قرون ( عاش في القرن السادس ) ولا أعرف هل قرأ لك : ننحني إجلالا أمام الآلهة, لكنها هي الأخرى تخضع لقانون وسيطرة هذا القدر اللئيم … إذن هل يجب على الإنسان عبادة القدر؟؟؟ لا, حتى القدر لا يجازي إلا على الأعمال التي هي مقررة .. مادام أجر الأعمال التي نقوم بها هو نتيجة الأعمال المقررة من قبل, فبماذا ستنفعنا الآلهة أو المصير؟؟؟ ( centurier 2. : 92 )

…………

الإله زيوس يرتبك

الآلهة الثلاثة : ثلاثة أخوات يقررن مصير الإنسان عند الولادة

سنسكوس : اسمع يا زيوس ! ليست لي ولا أي نية لإزعاجك ولن أتوسل لك لتمدني بثروة أو سلطة أو ما يشابه ذلك من الأشياء التي يرغبها البشر ويصعب عليك تلبيتها. أرى أنك تتظاهر في الكثير من الأحيان أنك أطرش, لكن سأطلب منك شيئا واحدا تافها فهل يمكن لك أن تتكرم به

زيوس : لأسمع طلبك يا سنسكوس ! وسألبيه ان كان تافها مثلما قلت

سنسكوس : رد على سؤالي البسيط فقط

زيوس : حقا طلبك رخيص وأنا في خدمتك , وأسأل ما تريده

سنسكوس : حسنا يا زيوس , حتى أنت بثقة قرأت هوميروس وهيسيودوس , قل لي هل صحيح ما قالاه بأشعارهما عن المصير والآلهة الثلاثة بأنه من المستحيل تفادي المصير الذي أقررنهن لكل من ولدته امرأة

زيوس : نعم , إنها حقيقة الحقائق , لا يحدث شيئا واحدا بدون قرارهن , عند ولادة الكائن يغزلن خيط حياته ويربطنهن به وكل ما يحدث لنا في الحياة يكون دائما وأبدا حسب ما يغزلنهن في البداية (1)

سنسكوس : لكن عندما نفس هوميروس بمكان آخر يقول : لكي لا تنزل الى عالم الأموات رغم المصير المقرر (2) , هنا يمكن للشخص أن يرى بأن قوله كلام فارغ وليس جدير بالثقة

زيوس : نعم , بلا شك , لأنه لا شيء يحدث ان لم يكن مرتبطا بخيط الحياة المرسوم من طرفهن , كل ما يتغنى به الشعراء وحي إلهة من الإلهات التسع الشقيقات اللواتي يحمين الغناء والشعر ومطابق للحقيقة , لكن عندما تتخلى عنهم الآلهة وتهجرهم ويكتبون سوى من داخلهم , يدخلون شبكة التناقضات ويقولون عكس ما قالوه سابقا , ويجب أن نكون متسامحين معهم , إنهم بشر وعندما تتركهم الآلهة تغيب عنهم الحقيقة ويخطؤون .

سنسكوس : لنفترض أن الأمور ستكون هكذا , لكن لي سؤال آخر ! أليس عدد آلهة المصير ثلاثة ؟ كلوتو ولاشيس أظن وأتروبوس

زيوس : بدون شك

سنسكوس : حسنا ! ما هو الفرق بين المصير والحظ, أنهما سلطتان معروفتان ؟ ما هو وزن قوة كل واحدة من بينهما ؟ هل لهما نفس سلطة الآلهة الثلاثة أم لهما سلطة أعلى منهن ؟ الكل يقول: لا توجد سلطة أعلى من القضاء والقدر والحظ.

زيوس : ليس من حقك أن تعرف كل شيء , ولماذا تريد أن تعرف كل شيء عن الآلهة الثلاثة ؟

سنسكوس : يا زيوس سأرد على سؤالك إن تجبني على هذا السؤال : هل الأخوات الثلاثة يتحكمن ويقدن كل الآلهة وحتى أنت قررن لك خيط حياتك ؟
زيوس : نعم , إننا مرغمون يا سنسكوس , لكن لماذا تضحك ؟

سنسكوس : تذكرت بعض الأبيات لهوميروس يقول فيها أنك بحضور كل الآلهة هددت بشنق الكون بسلسلة مذهبة .وقلت أنك ستدلّي من السماء بالسلسلة , وحتى إن كل الآلهة يُعلقون أنفسهم بالطرف الآخر ويجمعوا كل قواهم لجرّك لن يقدروا على ذلك , وقلت في استطاعتك ان لك رغبة , وبكل سهولة سحبهم جميعا مع الأرض والبحار , عندما كنت أسمع هذه الكلمات أرتعش من الإعجاب والتقدير لك , والآن أتفاجئ باعترافك الشخصي وأراك بسلسلتك وتهديداتك معلقا بخيط رقيق القوام . يبدأ لي أن كلوتو من حقها أن تكون فخورة بنفوذها , لأنه في استطاعتها أن تأخذك وتعلقك وتغزلك وترمي بك في الهواء , مثل صيادي السمك عندما يختطفون السمكة الصغيرة من خيط صنارة الصيد .

زيوس : لا أعرف أين تريد أن تصل بكل أسئلتك

سنسكوس : ترقب , ترقب يا زيوس , لكن بحق الثلاثة آلهة وبحق المصير أطلب منك أن تسمع جيدا بدون عاطفة وغضب لأتكلم بكل صراحة , ما سأقوله هو الحقيقة. إن الأشياء التي تكلمنا عنهم تلك هي حقيقتهم , والثلاثة آلهة هن اللواتي يحكمن في مصيرنا , ولا يمكن لنا تغيير مجرى حياتنا الذي أقررنهن نهائيا , لماذا إذا نحن الآخرون , البشر , نقدم لك القرابين ونضحي لك بمائة ثور ومقابل ما نقدمه لك نطلب منك مساعدتنا !!! لا أفهم ماذا سنجني من هذه الفرائض الدينية إن عبادتنا لكم لن تحمينا من الشر ولن تمدنا بخيراتكم.

زيوس : الآن أفهم من أين أتيت بهذه الأسئلة لتضعني في فخ , أتيت بهم من الملعونين الفلاسفة السفسطائيين , الذين ينكرون العناية الإلهية بالبشر , إلحادهم وزندقتهم يحويا لهم بهذه الأسئلة , ويحاولون إقناع البشر لينحرفوا لكي لا يعبدونا ويقدموا لنا القرابين , يقولون كل هذا عديم الجدوى , لأنه لا يمكن لنا أن نرعى ما يحدث لكم , وليس لنا أي تأثير على الإطلاق بما يحدث فوق الأرض , لكن جزائهم عن أعمالهم لا ينالوه دائما .

سنسكوس : لا يا زيوس , بحق مغزل كلوتو , ما أوجهه لك من أسئلة ليس بوحي السفسطائيين , لكن حوارنا وصل بنا إلى ان تقديم القرابين لكم أعمال ليس لها ولا مغزى , لكن ان تسمح لي هل يمكن لي إضافة بعض الطلبات , لا تخف من ما ستقوله , ورد على سؤالي بقدر المستطاع وبكل ثبات

زيوس : أسئل !! إن لك وقت تريد إضاعته في هذه الحماقة والسفاهة

سنسكوس : قلت أن كل شيء يحدث بأوامر الآلهة الثلاثة

زيوس : نعم

سنسكوس : ولا يمكن لكم نهائيا تغيير سياق الحوادث المقررة من طرفهن

زيوس : لا يمكن لنا أن نفعل شيئا

سنسكوس : هل تريد أن أستنتج من قولك شيئا !! أو هل كل شيء يظهر لك واضحا ولست في حاجة لأقوله ؟

زيوس : كل شيء واضح ! والذي يقدم القرابين لا يقوم بذلك لينال منا شيئا , ولا يقوم بعملية تبادل تجاري معنا ليحصل على بعض المنافع والامتيازات , لكن ليمجد من هم أعلى منه مقاما .

سنسكوس : هذا كاف ! اعترفت بنفسك أنه ليس للقرابين هدف مفيد, وطيبة البشر وأرواحهم الودية تركتهم يمجدون طبيعتكم المتميزة
إن كان سفسطائي حاضرا معنا لسألك: كيف تدعي أن الآلهة أعلى مقاما من البشر , وأنتم عبيد مثلنا لنفس السيدات , الآلهة الثلاثة .
إدعائكم بأنكم لا تموتون لا يراه السفسطائي بأنه ميزة على الإنسان , بل بالعكس لها تأثير سلبي لأن الخلود يثبت أنكم أقل منا درجة , الإنسان يرى أن الموت يحرره , لكن حياة أبدية مربوطة بسلاسل العبودية , خيط لا ينتهي غزله

زيوس : لا يا سنسكوس , الأبدية والخلود هي سعادتنا , نعيش بدون نهاية في اللذة والمتعة وتلبية رغباتنا

سنسكوس : لستم كلكم , حتى بينكم نجد أن القرعة تختلف , وتحدث بينكم حماقات وهناك الأبله والبسيط , ونجد ارتباك كبير.
أنت سعيد , لأنك ملك ويمكن لك أن ترفع الأرض والبحار وتجرهما بحبل وكأنهما ببئر , لكن هيفايستوس إله النار عامل بسيط مهنته حداد وبروميتيوسس الذي ساعدك على خلقنا صلبوه سابقا بصخرة , وماذا تقول عن أبيك الذي الى يومنا هذا مُقيد بالسلاسل بترطاروس ( الجحيم ) ؟ ويقولون عندما تعشقوا تدخلون في صراعات بينكم وتصابون بجروح , ويحدث أن البعض منكم يصير عبدا عند الإنسان وكمثال لنا أخوك بوسيدون إله البحر المشهور بخياناته الزوجية ثار ضدك فأرسلته كعبد ليشتغل عند الملك لاووميدون وكذلك أخوك أبولون ثار ضدك فبعثته ليشتغل عند الملك أدميتوس
أين فرحهم وسعادتهم !!! البعض منكم يحيا في السعادة وحظه يحسد عليه لكن الآخرون قرعتهم كانت تعسة , ولا أتكلم عن الهجمات التي تتعرضون لها مثلنا من طرف النشالين ومعابدكم التي ينهبها ويدنسها اللصوص وفي رمشه عين تتحولون من أثرياء الى أفقر الفقراء , أو عن الذين ذوّبوهم و صاروا أصناما من ذهب لأن القضاء والقدر قرّر ذلك

زيوس : كن حذرا يا سنسكوس , حواراتك صارت جريئة ووقحة , وستندم على ذلك

سنسكوس : أحتفظ بتهديداتك يا زيوس , تعرف جيدا أنه لن يحدث لي ولا شيء الا ما أقررنهن الآلهة الثلاثة قبلك بكثير , وأرى بنفسي اللصوص الذين دنسوا معابدكم أكثرهم لا تلحقهم أي عقوبة , لأن القدر أراد أن لا يلحقهم أي أذى .

زيوس : ألم أقل لك أنك تنتمي للمجموعة الأثيمة الكافرة الذين يحاولون عن طريق فكرهم تهديم الحياء واحترام الآلهة ؟

سنسكوس : لا بد أنك خائف جدا من هذه المجموعة يا زيوس , اني لا افهم لماذا !! كل شيء أقوله تتداعي بأني تعلمته من مذهبهم , والآن بكل سرور سأوجه لك سؤالا آخر , وهل هناك شخص غيرك يمكن له أن يمدني بالحقيقة ؟ ما هو احترام الآلهة بالنسبة لك ؟ هل هو احترام الثلاثة آلهة أو آلهة أخرى أعلى منهن ؟

زيوس : لقد قلت لك ليس من حقك أن تعرف كل شيء , في البداية ادعيت أنك ستوجه سؤالا بسيطا فقط لكن أرى أنك تقذفني بجدال فارغ , أفهم بالضبط ما هو هدفك , انك تريد ان تثبت ان عنايتنا الإلهية لا علاقة لها بما يحدث للبشر بالأرض

سنسكوس : لم أختلق هذا , بل أنت الذي اعترفت منذ قليل بان الآلهة الثلاثة هن اللواتي يقررن مصير الكون , لكن لربما ندمت على تصريحك وتحاول الآن التهرب منه وعزل الآلهة الثلاثة !!

زيوس : لا , وألف لا , الآلهة الثلاثة ينفذن قراراتهن عن طريقنا

سنسكوس : أفهم الآن ماذا تعني !! إنكم خدم لهن, لقد اعترفت بذلك. إذن هن اللواتي يرعيان البشر, وأنتم مجرد آلات وأدوات بين أيديهن.
زيوس : ماذا تقول ؟

سنسكوس : حسنا , سآخذ مثالا , الفأس والمثقاب يخدمان النجار عند القيام بعمله , لكن هل هناك شخص يقول بأنهما النجار بنفسه , لا يمكن لنا كذلك القول بأن السفينة مصنوعة بالفأس والمثقاب بل نقول النجار صنعها .
النجار الكبير للكون هن الآلهة الثلاثة وأنتم مجرد فأس ومثقاب, إذا من الواجب على البشر أن يقدموا قرابينهم ودعائهم للآلهة الثلاثة , لكن يمكن لهم أن يظهروا احترامهم ويقوموا بحفلات لكم , ولو أنه تمجيد الآلهة الثلاثة لن يعطي أي نتيجة , لأنه لا يمكن لهن تغيير قراراتهن اللاتي اتخذتهن عند الولادة .. لا تقبل أتروبوس ان يتدخل أي كان ويُغيّر وجهة المغزل الذي أقررنهن ثلاثتهن .

زيوس : هل وصلت الى هنا يا سنسكوس ؟ لتقول أن الآلهة الثلاثة غير جديرين على الإطلاق بأن يقدرنهن البشر !! هدفك واضح جدا وهو أن يصير كل شيء ضباب وتخلط كل المفاهيم. من حقنا أن نطلب من البشر أن يمجدونا لأنه عن طريق كهنتنا نترككم تعلمون القليل من قرارات الآلهة الثلاثة.

سنسكوس : لأكون صريحا معك يا زيوس , غير لازم أن يتراءى لنا مسبقا ماذا سيحدث لنا من مآسي مستقبلا لأنه لا يمكن لنا أن نحمي نفسنا منهم , أو هل تعني أن الذي يعرف أنه سيموت بسهم حديدي يمكن له أن يهرب من الموت ان يسجن نفسه ويغلق باب الغرفة ؟ ان هذا من المستحيل !! الآلهة الثلاثة سيجرانه للذهاب الى الصيد وسيقدمونه ليموت بسهم حديدي لصياد آخر , أدرستوس يوجه سهمه لقتل الخنزير الوحشي لكنه لا يصيب هدفه بل يقتل ابن كريسوس مثلما هو مقرر , القرار الحتمي للآلهة الثلاثة لا يمكن الهروب منه .
رد الكاهن السخيف على سؤال الملك لايوس مضحك :
لا تنجب وتعمل ضد إرادة الآلهة
الصبي الذي ستحصده سيلحق مصيبة بك

أرى أنه غير ضروري أن ينذرنا الكهنة بما سيحدث لأنه سيحدث حسب ما هو مقرر, وكما ترى رغم إنذار الكاهن أنجب ولدا والولد قتل أباه في اللحظة المحددة , إذا لا أرى لماذا سندفع لكم لنحصل على أجوبة عن أسئلتنا لمعرفة المستقبل , وأريد أن أضيف أن ردودكم على أسئلة لبمساكين العامة كلها غير واضحة ومتناقضة , عندما كروسيوس اجتاز حدود مملكته لم يكن يعرف بأنها ستسقط وتنهار لأن رد الكاهن كان غير واضح وله عدة تأويلات .

زيوس : يا سنسكوس , أبولون له أسبابه لأنه كان غاضبا على كروسيوس ملك ليديا , لأنه استفز الآلهة وطبخ لحم الخروف والعلجوم ( الفكرون ) بنفس المقلاة

سنسكوس : من الواجب أن لا تغضب الآلهة , لكن أظن أنه مقرر بأن الليديون سيخدعهم الكاهن وقرار القضاء والقدر هو أن لا يحصلوا على رد واضح . ووراء تنبؤاتكم يلعب القضاء والقدر لعبته .

زيوس : لا تترك لنا شيئا واحدا سوى إسمنا ” آلهة ” ؟ إذا نحن مسخرة !! إن ألهويتنا لا تتدخل نهائيا في حياة البشر , ولا نستحق قرابين ودعاء وما نفعله لا يفوت ما يقوم به فأس ومثقاب , أظن بثقة بأنك تراني كمسكين وتسخر مني رغم أني جالس هنا والبرق في يدي

سنسكوس : أرمي بصاعقتك يا زيوس , ان مصيري مقرر بأن أموت بصاعقة . من المستحيل أن أتهمك بأنك ضربتني , لأنك خادم لكلوتو واستعملتك لتضربني , وهي المسؤولة عن ما حدث , ولا ألقي بالذنب على البرق لما أصابني من ضرر , لكن لي سؤال آخر سأوجه لك وللمصير , وهل في استطاعتك أن ترد مكانهن ؟ الآن عندما حاولت أن تخيفني بتهديدك فكرت في شيء , لماذا بحق العالم تترك في سلام الكفرة , اللصوص , المتغطرسين , الظالمين , الذين يستعملون العنف وترمي بصواعقك في أكثر الأحيان فوق الجبال والأحجار أو عمود سفينة لا يمكن له أن يحمي نفسه وتقتل مسافرين أتقياء وشرفاء أبرياء ؟ لماذا لا ترد على سؤالي يا زيوس ؟ أليس من حقي أن أعرف هذا ؟

زيوس : لا يا سنسكوس ليس من حقك !! إنك تحب أن تعرف كل شيء ولا أعرف من أين أتيت بكل هذه الأسئلة

سنسكوس : إذا لن أسألك ولا أعني أنت فقط حتى الآلهة والمصير لن أسألهم لأعرف لماذا إنسان شريف ورجل سلام مثل فوكيون مات معوزا فقيرا وجائعا وفي أشد الحاجة لأبسط الأشياء وقبله مات الفيلسوف الليبي عريستيب في نفس الحالة , لكن كالياس وألكيبياداس الصبيان المتهوران وماييدياس والفاسق شاروبس الذي ترك أمه تموت جوعا كانوا أثرياء جدا , ولماذا سلموا سقراط للإحدى عشر لكن ميليتوس لم يحاكم , ولماذا نذل مثل صردنابلوس صار ملكا بينما شرفاء ونبلاء فارسيين تم صلبهم لأنهم رفضوا أن ينحنوا أمام الرذيلة , ولا أريد أن أتكلم عن ما يحدث بزمننا هذا حيث أن المنفعة الخاصة والرذيلة مزدهرتان وسطنا لكن الشرفاء يتم استغلالهم جائعين والأمراض تحصدهم والآلاف الأخرى من المآسي

زيوس : إذا لا تعرف يا سنسكوس العقوبات والعذاب الذي يترقب الطائشين والفجار بعد الموت والسعادة التي سيتنعم بها الخيرين بعد هذه الحياة !!

سنسكوس : تعني الجحيم وعذاب تنتال , إن هذا صحيح سأعرفه بعد موتي , الآن أريد أن أعرف في هذه مهما كان طول المدة القصيرة التي سأعيشها في متعة ولذة , وأتحمل بعد موتي خطر أن يقطع كبدي ستة عشر نسرا , لا أريد أن أكون في حياتي عطشانا مثل تنتال وأعيش بالأمل بأني بعد موتي سأعيش بجزر السعادة مع الأبطال
.
زيوس : ماذا تعني ؟ ألا تؤمن بالعقاب والعذاب الأبدي والجزاء الأبدي والمحكمة حيث ينظرون فيها لحياة كل انسان والأعمال التي قام بها ؟

سنسكوس : يقال أن شخص ما اسمه مينوس من جزيرة كريتا يعمل هناك كقاضي , وسترد على بعض الأسئلة مكانه , لأنه هو إبنك

زيوس : ماذا تريد أن تعرف عنه سنسكوس ؟

سنسكوس : من الذين يحكم عليهم بالعذاب ؟

زيوس : الشريرين بطبيعة الحال , الذين يقتلون ويسرقون

سنسكوس : ومن يبعث بهم الى جزر السعادة ؟

زيوس : الخيريين والأتقياء الذين عاشوا حياة الفضيلة

سنسكوس : ولماذا يفعل هذا يا زيوس ؟

زيوس : لأن البعض يستحق جزاء والآخرون يستحقون عقابا

سنسكوس : وغن قام شخص بجريمة بدون عمد هل يستحق العقاب ؟

زيوس : لا

سنسكوس : وان قام شخص بعمل خير بدون قصد هل يستحق جزاء ؟

زيوس : كذلك لا

سنسكوس : إذا يجب عليه أن لا يجازي أو يسلط عقوبة

زيوس : كيف ذلك ؟

سنسكوس : لأننا البشر لسنا بأسياد إرادتنا , إننا نتبع قرارات مرسومة لا يمكن لنا تغييرها , يا زيوس إننا متفقين على أن الآلهة الثلاثة يقررن كل ما يحدث لنا , ان يرتكب الشخص جريمة قتل فهن القاتلات , إن لص يسرق المعبد فهن أمرنه بذلك .
إن مينوس فعلا حاكما عادلا يجب عليه أن يعاقب المصير مكان يسيفوس والآلهة الثلاثة مكان تنطلوس , لأنه ماذا فعل المساكين البشر من شر إنهم قاموا بتنفيذ الأوامر فقط !!

زيوس : سؤالاتك لا تستحق الرد عليهم , إنك ملحد وكافر وسفسطائي , سأذهب في حالي وأتركك

سنسكوس : لي سؤال آخر أريد أن أسأله , أين يسكن الآلهة الثلاثة ؟ كيف يمكن لثلاثة فقط أن يقومان بكل هذا العمل الكبير حيث يقررن حتى الجزئيات الصغيرة جدا في حياة الإنسان ؟ كل حياتهن وهن يشتغلن , لا أظن أنهن سعداء , بالنسبة لي إن لي الحق في الاختيار لا أريد أن أكون مكانهن , أريد أن أكون أفقر مما أنا عليه الآن ولا أعيش جالسا أغزل حياة الآخرين ومهتما بقضايا معقدة جدا , وعيوني تراقب كل شيء , ان ليس من السهل عليك أن ترد على أسئلتي , اني سعيد جدا بردودك الأخرى , ان هذا كاف واتضح لي ما هو المصير والعناية الإلهية .
احتمال أنه مقرر أنه لا حق لي أن أعرف أكثر مما عرفته.
هوامش:

1 – الألياذة 20 – 5 - 128
2– الألياذة 20 – 5 – 338