المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جيش العاطلين عن الزواج.. في الأردن!



جواد البشيتي
28/04/2007, 12:34 PM
جيش العاطلين عن الزواج.. في الأردن!

جواد البشيتي

منسوب "العدالة الزواجية"، في الأردن، في تراجع مستمر، فأوَّلاً بَلَغَ تعداد "جيش العاطلين عن الزواج"، من فئة الإناث فحسب، 87 ألف "عاطل"، يُضاف إليهم، أو إليهن، العدد ذاته من الذكور، إذا ما افترضْنا أنَّ "العانِس" من الذكور، أو الرجال، سيكتفي بزوجة واحدة لا غير إذا ما استطاع إلى الزواج سبيلا. ومنسوبها يتراجع، أيضا؛ لسببين آخرين، يؤلِّفان معاً ظاهرة اجتماعية واحدة هي ظاهرة "العائلة المؤلَّفة من زوج واحد فحسب ومن زوجتين، أو ثلاث، أو أربع زوجات (عدا المُطلَّقات)"، فـ "الذَكَر الإيجابي"، هنا، مقارنةً بـ "الذَكَر السلبي"، هناك، وهو "الذَكَر العانِس"، لديه أكثر من أنثى؛ والأنثى، هنا، أي حيث يكمن السبب الثاني، هي نصف زوجة، أو ثُلْث، أو رُبْع زوجة. والـ "لا عدالة الزواجية" نراها في الدرجة العليا من وضوحها في الرجل الذي أنعم الله عليه بقدرة على "التمويل الزواجي"، يُحْسَدُ عليها، فهذا الرجل، الذي هو فئة واسعة نسبيا من الرجال ذوي القدرة المُنْفِقين عن سعة، يُسَرِّح، أي يُطلِّق، بعض زوجاته حتى يظل محتفظاً بـ "الشرعيات" منهن (أربع زوجات فحسب) مضاعِفاً، بالتالي، "جيش المُطَلَّقات".

موازين الزواج اختلَّت عند الفتاة (وأهلها) فالشاب الطالِب للزواج، العازم عليه، لا يُعْرَفُ وزنه إلا في ميزان كـ "ميزان الشارع"، الذي إنْ لم تضع فيه نقوداً لن تَعْرِفَ، أو يُعْرَف، وزنك. أمَّا سبب هذا الاختلال في موازن الفتاة فهو الدولة بخططها الكثيرة لـ "التنمية الاقتصادية"، والتي أمعنت إفقارا في الشباب الذين هم في سِنِّ الزواج، فغدت الفتاة، التي هي في سِنِّ الزواج، مُكْرَهةً على نَبْذ "الموازين الإنسانية والحضارية"، وكل ميزان غير اقتصادي، أو مالي، فوحش الغلاء، الذي حرَّرته ونَمَّتْه خطط التنمية الاقتصادية، يلتهم المأكل والملبس والمسكن والدواء.. والإنجاب و"حقوق الأطفال" على اختلافها، وصار لا بدَّ، بالتالي، للفتاة (ولو كانت عاملة) من أن تبحث، أوَّلا، عن مقوِّمات "الأمن الاقتصادي ـ الاجتماعي" في الشاب المرشَّح للزواج منها.

وهذا الشاب يقع دائما بين مطرقة خطط الدولة الاقتصادية لتنمية الفقر بين الشباب وسندان العادات والتقاليد العائلية والعشائرية للزواج، فأهل الفتاة يفضِّلون أن تبقى عانسا إلى الأبد على زواجها من شاب لا يملك من المال ما يكفيه شرَّ زواج منافٍ لتلك العادات والتقاليد، التي يكفي أن تتحكَّم في الزواج، ماليا، حتى يَحْكُم الفقر حياة الزوجين سنوات عدة.

تلك العادات والتقاليد لا تَخْلِق الفتاة في "أحسن تقويم" إلا لتردها أسفل سافلين، فقبل "العنوس"، أو "التعنيس"، تشتط وتتطرَّف الفتاة في شروطها ومطالبها، التي جُلُّها مالي، أو يمتُّ بصلة إلى المال؛ أمَّا بَعْدَهُ، أو في أثنائه، فتَجْنََح لتطرُّف مضاد ومعاكِس، هو تطرُّفها في التنازل والتخلِّي ليس عن تلك الشروط والمطالب فحسب وإنَّما عن حقوقها بوصفها إنسانا وزوجة، وكأنَّ "الحل الوسط"، الذي يَنْبُذُ الإفراط والتفريط معا، لا مكان له في "ثقافة الزواج" عند فتياتنا.

مجتمعنا لم يَعْرِف بَعْد العلاقة السوية بين الجنسين والتي يحتاج إليها كلا الجنسين احتياجه إلى الهواء النظيف؛ ويكفي أن نضيف إلى "أزمة العلاقة السوية" أزمة الزواج، أو "أزمة التعنيس" لدى الفتيات والشباب، حتى نحصل على مجتمع غالبية شبابه (من الذكور والإناث) لا شأن لهم بالحياة العامة، في وجهها السياسي على وجه الخصوص، فالشاب يَسْتَنْفِد جهده ووقته في تذليل عقبات من طريق زواجه هي كالجبال، حجماً وقوَّةً، فكيف له وهو على هذه الحال (من البطالة في وجهيها الاقتصادي والزواجي) أن يَخْرُج إلى غير رجعة من صفوف "الأكثرية الصامتة (سياسيا)"؟!