صلاح جاد سلام
21/12/2012, 12:25 AM
مسلمة بن عبد الملك بن مروان
( 66 هـ // 685 م ــــ 121 هـ // 738 م )
هو أبو سعيد وأبو الأصبغ مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي الدمشقي ،
نشأ في دمشق عاصمة الخلافة الأموية، في كنف والده الخليفة عبد الملك بن مروان ، فتعلم القرآن الكريم، ورواية الحديث النبوي الشريف، وأتقن علوم اللغة العربية وفنون الأدب والبلاغة والشعر ، وتدرب على الفروسية والسباحة والرمي بالنبال، والضرب بالسيف، والطعن بالسنان ، فمهر فيها جميعا .
أوصى به أبوه عبد الملك بن مروان رحمه الله ، في وصية أبنائه وهو على فراش الموت، فقال:
[ أوصيكم بتقوى الله ، فإنها أزين حلية، وأحصن كهف، ليعطف الكبير منكم على الصغير، وليعرف الصغير حق الكبير، وانظروا مسلمة ، فاصدروا عن رأيه ، فإنه نابكم الذي عنه تفترون، ومجنكم الذي عنه ترمون ] . آهـ
لم يل مسلمة الخلافة ـــ مع أنه كان جديرا بها ـــ لأنه كان ابن أمة ، من أمهات الأولاد ،،
وفى هذا قال الإمام الذهبى فى ( سير أعلام النبلاء ) :
[ كان أولى بالخلافة من سائر إخوته ] آهـ .
وفيه يقول أبو نخيلة :
أمسلم إني يا ابن خير خليفة *** ويا فارس الهيجاء يا جبل الأرض
شكرتك إن الشكر حبل من التقى *** وما كل من أوليته نعمة يغضي
وأحسنت لي ذكري وما كنت خاملا *** ولكن بعض الذكر أنبه من بعض ] آهـ
ومع ذلك فهو خالد بن الوليد الثاني ،،
وفى هذا يقول عنه ابن كثير فى ( البداية والنهاية ) :
[ وبالجملة كانت لمسلمة مواقف مشهورة ، ومساع مشكورة ، وغزوات متتالية منثورة ، وقد افتتح حصونا وقلاعا ، وأحيا بعزمه قصورا وبقاعا ، وكان في زمانه في الغزوات نظير خالد بن الوليد في أيامه ، وفي كثرة مغازيه ، وكثرة فتوحه ، وقوة عزمه ، وشدة بأسه ، وجودة تصرفه في نقضه وإبرامه ، وهذا مع الكرم والفصاحة ] . آهـ
وكانوا يلقبونه بلقب الجرادة الصفراء ،
قال الزبير بن بكار:
[ كان مسلمة من رجال بني أمية، وكان يلقب بالجرادة الصفراء، وله آثار كثيرة، وحروب ونكاية في العدو من الروم وغيرهم ] .
وقد مدحه وأثنى عليه ابن عبد ربه الأندلسى صاحب ( العقد الفريد ) ،، فقال :
[ ولم يكن لعبد الملك بن مروان أسدّ رأيا ، ولا أزكي عقلا ، ولا أشجع قلبا ، ولا أسمح نفسا ، ولا أسخى كفا من مسلمة ] . آهـ
كان عالما محدثا ، روى الحديث عن عمر بن عبد العزيز ، وروى عنه جماعة ،، منهم : عبد الملك بن أبي عثمان ، وعبد الله بن قرعة ، وعيينة والد سفيان بن عيينة ، وابن أبي عمران ، ومعاوية بن خديج ، ويحيي بن يحيي الغساني . ( انظر البداية والنهاية ) .
وكان عربيا معظما للغة العربية ،،
روى عنه إبن قتيبة فى (عيون الأخبار) أنه كان يقول :
[ اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه ] .
وكان يقول : [ مروءتان ظاهرتان : الرياسة والفصاحة ] .
كان مسلمة رجلا معطاء ،
ولقد قال يوما لنصيب الشاعر الشهير: سلني .
فقال نصيب : لا ،
قال : ولم ؟
قال نصيب : لأن كفك بالجزيل أكثر من مسألتي باللسان . فأعطاه ألف دينار.
كان يعرف للشعراء مكانتهم وحقهم ،
وفى هذا قال كثير عزة :
[ شخصت أنا والأحوص ونصيب إلى عمر بن عبد العزيز ، وكل واحد منا يدل عليه بسابقة وإخاء قديم ، ونحن لا نشك أن سيشركنا في خلافته ، فلما رفعت لنا أعلام خناصرة( بلدة من أعمال حلب ) لقينا مسلمة بن عبد الملك ، وهو يومئذ فتى العرب ، فسلمنا فرد ،
ثم قال : أما بلغكم أن إمامكم لا يقبل الشعر ؟
قلنا : ما توضح إلينا خبر حتى انتهينا إليك ،
ووجمنا وجمة عرف ذلك فينا .
قال : إن يكن ذو دين بني مروان قد ولي وخشيتم حرمانه ، فإن ذا دنيانا قد بقي ، ولكم عندي ما تحبون ، وما ألبث حتى أرجع إليكم ، وأمنحكم ما أنتم أهله .
فلما قدم كانت رحالنا عنده بأكرم منزل عليه ] . آهــ
( انظر العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسى )
دخل مسلمة على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه ، فأوصاه عمر أن يحضر موته، وأن يليَ غسله وتكفينه، وأن يمشيَ معه إلى قبره، وأن يكون ممن يلي إدخاله في لحده،
وهذا الخبر يوجب التوقف بصدده ، واللبث خلاله ، ومن ثم التفكر فيه ،،
إذ من المعلوم أن المرء لا يوصي أحدًا بأن يحضر موته ويلي غسله وتكفينه إلا إذا كان يثق في ورعه وتدينه وصلاحه ، فكيف بعمر بن عبد العزيز ،، أول المجددين فى الإسلام .
وقال الوليد بن مسلم وغيره:
توفي يوم الأربعاء لسبع مضين من المحرم سنة 121 هـ إحدى وعشرين ومائة.
وقيل: في سنة عشرين ومائة.
وكانت وفاته فى الشام فى موضع يقال له: الحانوت،
وقال الفرزدق قصيدة مؤثرة في وداعه.
و رثاه ابن أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك فقال:
أقول وما البعد إلا الردى *** أمسلم لا تبعدن مسلمهْ
فقد كنت نورا لنا في البلاد *** مضيئا فقد أصبحت مظلمهْ
ونكتم موتك نخشى اليقين *** فأبدى اليقين لنا الجمجهْ
رحم الله ( العالم المحدث ،، القائد الفاتح ،، خالد بن الوليد الثانى ،، الجرادة الصفراء ،، فتى العرب ، فارس بني مروان ، أعظم من حاصر القسطنطينية من القادة العرب المسلمين ) .
رحم الله ابا سعيد مسلمة بن عبد الملك بن مروان الأموى ،،
وأجزل ثوابه فى عليين .
وسلام عليه فى الخالدين .
اللهم آمين ،
والحمد لله رب العالمين .
( 66 هـ // 685 م ــــ 121 هـ // 738 م )
هو أبو سعيد وأبو الأصبغ مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي الدمشقي ،
نشأ في دمشق عاصمة الخلافة الأموية، في كنف والده الخليفة عبد الملك بن مروان ، فتعلم القرآن الكريم، ورواية الحديث النبوي الشريف، وأتقن علوم اللغة العربية وفنون الأدب والبلاغة والشعر ، وتدرب على الفروسية والسباحة والرمي بالنبال، والضرب بالسيف، والطعن بالسنان ، فمهر فيها جميعا .
أوصى به أبوه عبد الملك بن مروان رحمه الله ، في وصية أبنائه وهو على فراش الموت، فقال:
[ أوصيكم بتقوى الله ، فإنها أزين حلية، وأحصن كهف، ليعطف الكبير منكم على الصغير، وليعرف الصغير حق الكبير، وانظروا مسلمة ، فاصدروا عن رأيه ، فإنه نابكم الذي عنه تفترون، ومجنكم الذي عنه ترمون ] . آهـ
لم يل مسلمة الخلافة ـــ مع أنه كان جديرا بها ـــ لأنه كان ابن أمة ، من أمهات الأولاد ،،
وفى هذا قال الإمام الذهبى فى ( سير أعلام النبلاء ) :
[ كان أولى بالخلافة من سائر إخوته ] آهـ .
وفيه يقول أبو نخيلة :
أمسلم إني يا ابن خير خليفة *** ويا فارس الهيجاء يا جبل الأرض
شكرتك إن الشكر حبل من التقى *** وما كل من أوليته نعمة يغضي
وأحسنت لي ذكري وما كنت خاملا *** ولكن بعض الذكر أنبه من بعض ] آهـ
ومع ذلك فهو خالد بن الوليد الثاني ،،
وفى هذا يقول عنه ابن كثير فى ( البداية والنهاية ) :
[ وبالجملة كانت لمسلمة مواقف مشهورة ، ومساع مشكورة ، وغزوات متتالية منثورة ، وقد افتتح حصونا وقلاعا ، وأحيا بعزمه قصورا وبقاعا ، وكان في زمانه في الغزوات نظير خالد بن الوليد في أيامه ، وفي كثرة مغازيه ، وكثرة فتوحه ، وقوة عزمه ، وشدة بأسه ، وجودة تصرفه في نقضه وإبرامه ، وهذا مع الكرم والفصاحة ] . آهـ
وكانوا يلقبونه بلقب الجرادة الصفراء ،
قال الزبير بن بكار:
[ كان مسلمة من رجال بني أمية، وكان يلقب بالجرادة الصفراء، وله آثار كثيرة، وحروب ونكاية في العدو من الروم وغيرهم ] .
وقد مدحه وأثنى عليه ابن عبد ربه الأندلسى صاحب ( العقد الفريد ) ،، فقال :
[ ولم يكن لعبد الملك بن مروان أسدّ رأيا ، ولا أزكي عقلا ، ولا أشجع قلبا ، ولا أسمح نفسا ، ولا أسخى كفا من مسلمة ] . آهـ
كان عالما محدثا ، روى الحديث عن عمر بن عبد العزيز ، وروى عنه جماعة ،، منهم : عبد الملك بن أبي عثمان ، وعبد الله بن قرعة ، وعيينة والد سفيان بن عيينة ، وابن أبي عمران ، ومعاوية بن خديج ، ويحيي بن يحيي الغساني . ( انظر البداية والنهاية ) .
وكان عربيا معظما للغة العربية ،،
روى عنه إبن قتيبة فى (عيون الأخبار) أنه كان يقول :
[ اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه ] .
وكان يقول : [ مروءتان ظاهرتان : الرياسة والفصاحة ] .
كان مسلمة رجلا معطاء ،
ولقد قال يوما لنصيب الشاعر الشهير: سلني .
فقال نصيب : لا ،
قال : ولم ؟
قال نصيب : لأن كفك بالجزيل أكثر من مسألتي باللسان . فأعطاه ألف دينار.
كان يعرف للشعراء مكانتهم وحقهم ،
وفى هذا قال كثير عزة :
[ شخصت أنا والأحوص ونصيب إلى عمر بن عبد العزيز ، وكل واحد منا يدل عليه بسابقة وإخاء قديم ، ونحن لا نشك أن سيشركنا في خلافته ، فلما رفعت لنا أعلام خناصرة( بلدة من أعمال حلب ) لقينا مسلمة بن عبد الملك ، وهو يومئذ فتى العرب ، فسلمنا فرد ،
ثم قال : أما بلغكم أن إمامكم لا يقبل الشعر ؟
قلنا : ما توضح إلينا خبر حتى انتهينا إليك ،
ووجمنا وجمة عرف ذلك فينا .
قال : إن يكن ذو دين بني مروان قد ولي وخشيتم حرمانه ، فإن ذا دنيانا قد بقي ، ولكم عندي ما تحبون ، وما ألبث حتى أرجع إليكم ، وأمنحكم ما أنتم أهله .
فلما قدم كانت رحالنا عنده بأكرم منزل عليه ] . آهــ
( انظر العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسى )
دخل مسلمة على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه ، فأوصاه عمر أن يحضر موته، وأن يليَ غسله وتكفينه، وأن يمشيَ معه إلى قبره، وأن يكون ممن يلي إدخاله في لحده،
وهذا الخبر يوجب التوقف بصدده ، واللبث خلاله ، ومن ثم التفكر فيه ،،
إذ من المعلوم أن المرء لا يوصي أحدًا بأن يحضر موته ويلي غسله وتكفينه إلا إذا كان يثق في ورعه وتدينه وصلاحه ، فكيف بعمر بن عبد العزيز ،، أول المجددين فى الإسلام .
وقال الوليد بن مسلم وغيره:
توفي يوم الأربعاء لسبع مضين من المحرم سنة 121 هـ إحدى وعشرين ومائة.
وقيل: في سنة عشرين ومائة.
وكانت وفاته فى الشام فى موضع يقال له: الحانوت،
وقال الفرزدق قصيدة مؤثرة في وداعه.
و رثاه ابن أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك فقال:
أقول وما البعد إلا الردى *** أمسلم لا تبعدن مسلمهْ
فقد كنت نورا لنا في البلاد *** مضيئا فقد أصبحت مظلمهْ
ونكتم موتك نخشى اليقين *** فأبدى اليقين لنا الجمجهْ
رحم الله ( العالم المحدث ،، القائد الفاتح ،، خالد بن الوليد الثانى ،، الجرادة الصفراء ،، فتى العرب ، فارس بني مروان ، أعظم من حاصر القسطنطينية من القادة العرب المسلمين ) .
رحم الله ابا سعيد مسلمة بن عبد الملك بن مروان الأموى ،،
وأجزل ثوابه فى عليين .
وسلام عليه فى الخالدين .
اللهم آمين ،
والحمد لله رب العالمين .