المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التابعي الجليل سعيد بن المسيب/محمد محمود عبد الخالق



نبيل الجلبي
23/12/2012, 01:47 PM
التابعي الجليل سعيد بن المسيب
لمحات من حياته !!

محمد محمود عبد الخالق


حياته في عبارات موجزة :-
أما أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي؛ كان من الممتحنين، امتحن فلم تأخذه في الله لومة لائم، صاحب عبادة وجماعة وعفة وقناعة، وكان كاسمه بالطاعات سعيداً، ومن المعاصي والجهالات بعيداً.

مفهومه للعبادة :-
عن بكر بن خنيس، قال: قلت لسعيد بن المسيب وقد رأيت أقواماً يصلون ويتعبدون: يا أبا محمد ألا تتعبد مع هؤلاء القوم? فقال لي: يا ابن أخي إنها ليست بعبادة، قلت له: فما التعبد يا أبا محمد? قال: التفكر في أمر الله والورع عن محارم الله وأداء فرائض الله تعالى.
عن صالح بن محمد بن زائدة: أن فتية من بني ليث كانوا عباداً وكانوا يروحون بالهاجرة إلى المسجد ولا يزالون يصلون حتى يصلي العصر، فقال صالح لسعيد: هذه هي العبادة لو نقوى على ما يقوى عليه هؤلاء الفتيان، فقال سعيد: ما هذه العبادة ولكن العبادة التفقه بالدين والتفكر في أمر الله تعالى

حرصه على الصلاة في جماعة :-.
عن سعيد بن المسيب، قال: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة.
عن سعيد بن المسيب: أنه اشتكى عينيه فقيل له: يا أبا محمد، لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة فوجدت ريح البرية لنفع ذلك بصرك، فقال سعيد: فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح?.
عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.
حدثنا سفيان بن أبي سهل وهو عثمان بن أبي حكيم قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
عن ميمون بن مهران: أن سعيد بن المسيب مكث أربعين سنة لم يلق القوم قد خرجوا من المسجد وفرغوا من الصلاة.
عن برد مولى بن المسيب، قال: ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد.
عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن المسيب، قال: ما دخل على وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها، ولا دخل على قضاء فرض إلا وأنا إليه مشتاق.
عن قتادة، قال: قال سعيد بن المسيب ذات يوم: ما نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة منذ عشرين سنة.
عن الأوزاعي، قال: كانت لسعيد بن المسيب فضيلة لا نعلمها كان لأحد من التابعين، لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة عشرين منها لم ينظر في أقفية الناس.
حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة. وقال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة.
حدثنا خالد بن داود يعني بن أبي هند عن سعيد بن المسيب، قال: وسألته ما يقطع الصلاة? قال: الفجور ويسترها التقوى

حرصه على الصوم :-.
حدثنا يزيد بن أبي حازم: أن سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم.

حرصه على الحج :-
عن ابن حرملة، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لقد حججت أربعين حجة

نظرته إلى النفس :-.
حدثنا عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي، قال: أن نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب. أعطاهم حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن سعيد البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عبد الله بن محمد،، قال: حدثنا سعيد بن المسيب، قال: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.
حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج أن عبيد الله بن عبد الرحمن أخبره، أنه سمع سعيد بن المسيب، يقول: يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله. الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته

خشيته من الله :-.
عن يحيى بن سعيد: أن سعيد بن المسيب كان يكثر أن يقول في مجلسه اللهم سلم سلم.

حرصه على قراءة القرآن :-
عن ابن حرملة، قال: حفظت صلاة ابن المسيب وعمله بالنهار، فسألت مولاه عن عمله بالليل، فأخبرني فقال: وكان لا يدع أن يقرأ بصاد والقرآن كل ليلة، فسألته عن ذلك فأخبرني فقال: أن رجلاً من الأنصار صلى إلى شجرة فقرأ بصاد فلما مر بالسجدة سجد وسجدت الشجرة معه فسمعها تقول: اللهم أعطني بهذه السجدة أجراً، وضع عني بها وزراً، وارزقني بها شكراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.

حرصه على الدعوة إلى الله :-.
أخبرنا علي بن زيد بن جدعان، قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يهيجك ولا يؤذيك، قال: والله لا أدري غير أنه صلى ذات يوم مع أبيه صلاة فجعل لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفاً من حصباء فصحبته بها. قال الحجاج: فما زلت أحسن الصلاة

تفسيره للقرآن الكريم :-.
عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه كان للأوابين غفوراً، قال: الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ولا يعود في شيء قصداً. .

خوفه من فتنة النساء :-.
عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة وما شيء أخوف عندي من النساء.
عن ابن زيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال: قد بلغت ثمانين سنة ولا شيء أخوف عندي من النساء وكان بصره قد ذهب.
عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: ما أيس من الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء، وقال: أخبرنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما شيء أخوف عندي من النساء.
.
نظرته للزواج والمهر :-.
عن إبراهيم ابن عبد الله الكتاني، أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين.
عن ابن أبي وداعة، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت? قال: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها، قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت امرأة، فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: أنا، فقلت: أو تفعل، قال: نعم، ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال: ثلاثة قال: فقمت ولا أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي واسترحت وكنت وحدي صائماً فقدمت عشائي أفطر كان خبزاً وزيتاً، فإذا بآت يقرع، فقلت: من هذا? قال: سعيد، قال: فتفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له، فقلت: يا أبا محمد إلا أرسلت إلي فآتيك، قال: لأنت أحق أن يؤتى، قال: قلت: فما تأمر، قال: إنك كنت رجلاً عزباً فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذا امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد بالباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم قدمتها إلى القصة التي فيها الزيت والخبز فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران، فجاءوني فقالوا: ما شأنك? قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة، فقالوا: سعيد بن المسيب زوجك? قلت: نعم، وهاهي في الدار، قال: فنزلوا هم إليها وبلغ أمي فجاءت، وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، قال: فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس، وإذا هي من أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، قال: فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيداً وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان، قلت: خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو، قال: إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم، قال عبد الله بن سليمان: وكانت بنت سعيد بن المسيب خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد بن عبد الملك حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف. قال عبد الله: وابن أبي وداعة هذا هو كثير بن عبد المطلب بن أبي وداعة

هو والدعاء :-.
حدثنا الهيثم بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد بن المسيب، قال سعيد: دخلت المسجد ليلة أضحيان، قال: وأظن أن قد أصبحت فإذا الليل على حاله فقمت أصلي فجلست أدعو فإذا هاتف يهتف من خلفي يا عبد الله قل، ما أقول? قال: قل: اللهم إني أسألك بأنك مالك الملك وأنك على كل شيء قدير وما تشأ من أمر يكن . قال سعيد: فما دعوت بها قط بشيء إلا رأيت نجحه

أدبه مع رسول الله :-.
حدثنا يعقوب بن المسيب، قال: دخل المطلب بن حنظب على سعيد بن المسيب في مرضه وهو مضطجع فسأله عن حديث، فقال: أقعدوني فأقعدوه، قال: إني أكره أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع
.

هو والحاكم في عصره :-
عن ميمون بن مهران: أن عبد الملك بن مروان قدم المدينة فاستيقظ من قائلته فقال لحاجبه: انظر هل ترى في المسجد أحداً من حداثي فلم يرى فيه إلا سعيد بن المسيب، فأشار إليه بإصبعه فلم يتحرك سعيد، ثم أتاه الحاجب فقال: ألم ترى أني أشير إليك? قال: وما حاجتك? فقال: استيقظ أمير المؤمنين، فقال: انظر هل ترى في المسجد أحداً من حداثي، فقال إليه سعيد، لست من حداثه، فخرج الحاجب فقال: ما وجدت في المسجد إلا شيخاً أشرت إليه فلم يقم، قلت له: إن أمير المؤمنين استيقظ وقال لي انظر هل ترى أحداً من حداثي، قال: إني لست من حداث أمير المؤمنين. قال عبد الملك بن مروان: ذلك سعيد بن المسيب دعه
حدثنا عمران بن عبد الله، قال: دعي سعيد بن المسيب للبيعة للوليد وسليمان بعد عبد الملك بن مروان، قال: فقال: لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار، قال: فقيل: أدخل من الباب وأخرج من الباب الآخر، قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس، قال: فجلده مائة وألبسه المسوح
عن أبي عيسى الخراساتي، عن سعيد بن المسيب، قال: لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة.

حدثنا رجاء بن جميل الأيلي، قال: قال عبد الرحمن بن عبد القارئ لسعيد بن المسيب حين قدمت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة بعد موت أبيهما: إني مشير عليك بخصال ثلاث، قال: وما هي? قال: تغير مقامك فإنك هو وحيث يراك هشام بن إسماعيل، قال: ما كنت لأغير مقاماً قمته منذ أربعين سنة، قال: تخرج معتمراً، قال: ما كنت لأنفق مالي وأجهد بدني في شيء ليس له فيه نية، قال: فما الثالثة? قال: تبايع، قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي? قال وكان أعمى، قال رجاء: فدعاه هشام إلى البيعة فأبى فكتب فيه إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: مالك ولسعيد ما كان علينا منه شيء نكرهه فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطاً وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس. فدعاه هشام فأبى وقال: لا أبايع لاثنين، قال: فضربه ثلاثين سوطاً وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس، قال رجاء: حدثني الأيليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة، قالوا: علمنا أنه لا يلبس التبان طائعاً، قلنا: يا أبا محمد إنه القتل فاستر عورتك، قال: فلبسه، فلما ضرب قلنا له: إنا خدعناك، قال: يا معجلة أهل أيلة لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته. لفظ الحسن بن عبد العزيز.
عن هشام بن زيد، قال: رأيت سعيد بن المسيب حين ضرب في تبان من شعر.
عن قتادة، قال: أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس، فقلت لقائدي: أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفاً من أن يفوتني وهو يحييني حسبة والناس يتعجبون.
عن يحيى بن سعيد، قال: كتب والي المدينة إلى عبد الملك بن مروان أن أهل المدينة قد أطبقوا على البيعة للوليد وسليمان إلا سعيد بن المسيب، فكتب أن أعرضه عن السيف فإن مضى وإلا فاجلده خمسين جلدة وطف به أسواق المدينة فلما قدم الكتاب على الوالي دخل سليمان بن يسار وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله على سعيد بن المسيب، فقالوا: إنا قد جئناك في أمر قد قدم فيك كتاب من عبد الملك بن مروان إن لم تبايع ضربت عنقك، ونحن نعرض عليك خصالاً ثلاثاً فأعطنا إحداهن فإن الوالي قد قبل منك أن يقرأ عليك الكتاب فلا تقل لا ولا نعم، قال: فيقول الناس بايع سعيد بن المسيب. ما أنا بفاعل، قال: وكان إذا قال لا لم يطيقوا عليه أن يقول نعم، قال: مضت واحدة وبقيت اثنتان قالوا: فتجلس في بيتك فلا تخرج إلى الصلاة أياماً فإنه يقبل منك إذا طلبت في مجلسك فلم يجدك، قال: وأنا أسمع الأذان فوق أذني حي على الصلاة حي على الفلاح ما أنا بفاعل، قالوا مضت اثنتان وبقيت واحدة قالوا: فانتقل من مجلسك إلى غيره فإنه يرسل إلى مجلسك فإن لم يجدك أمسك عنك، قال: فرقا لمخلوق ما أنا بمتقدم لذلك شبراً، ولا متأخر شبراً، فخرجوا وخرج إلى الصلاة صلاة الظهر فجلس في مجلسه الذي كان يجلس فيه فلما صلى الوالي بعث إليه فأتى به فقال: إن أمير المؤمنين كتب يأمرنا إن لم تبايع ضربنا عنقك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين. فلما رآه لا يجيب أخرج إلى السدة فمدت عنقه وسلت عليه السيوف فلما رآه قد مضى أمر به فجرد فإذا عليه تبان شعر، فقال: لو علمت أني لا أقتل ما اشتهرت بهذا التبان فضربه به خمسين سوطاً ثم طاف به أسواق المدينة فلما رده والناس منصرفون من صلاة العصر، قال: إن هذه لوجوه ما نظرت إليها منذ أربعين سنة قال محمد بن القاسم: وسمعت شيخنا يزيد في حديث سعيد بإسناد لا أحفظه أن سعيداً لما جرد ليضرب، قالت له امرأة: لما جرد ليضرب إن هذا لمقام الخزي، فقال لها سعيد: من مقام الخزي فررنا.
عن عبد الله بن القاسم، قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال إنه قد نهي عن مجالستي، قال: قلت: إني رجل غريب، قال: إنما أحببت أن أعلمك
عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: ما كان إنسان يجترئ على سعيد بن المسيب يسأله عن شيء حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير.

نظرته إلى الدنيا والمال :-.
حدثنا سفيان بن عيينة، قال: قال سعيد بن المسيب: أن الدنيا نذلة، وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها.
حدثني يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله يعطي منه حقه ويكف به وجه عن الناس.
عن يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: لا خير فيمن لا يحب هذا المال يصل به رحمه ويؤدي به أمانته ويستغني به عن خلق ربه.
عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أنه مات وترك ألفين أو ثلاثة آلاف دينار وقال: ما تركتها إلا لأصون بها ديني وحسبي.
رواه الثوري عن يحيى بن سعيد، عن سعيد، وقال: ترك مائة دينار، وقال: أصون بها ديني وحسبي.
عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري، عن عمه، عن سعيد المسيب، قال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه.
حدثنا علي بن زيد، قال: رآني سعيد بن المسيب وعلي جبة خز، فقال: إنك لجيد الجبة، قلت: وما تغني عني وقد أفسدها علي سالم، فقال سعيد: أصلح قلبك والبس ما شئت.

ومن مسانيد حديثه:
عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على هذا المنبر يعني منبر المدينة إني أعلم أقواماً سيكذبون بالرجم، ويقولون: ليس في القرآن ولو لا أني أكره أن أزيد في القرآن لكتبت في آخر ورقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجم أبو بكر وأنا رجمت، رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد مثله.
أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يذكر أن عمر، قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم فذكر نحوه.
عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يرفع من الأمة الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه .
حدثنا عبد الله بن عبد الله الأموي، قال: حدثنا الحسن بن الحر، قال: سمعت يعقوب بن عتبة بن الأخنس، يقول: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من اعتز بالعبيد أذله الله .
عن ابن شهاب الزهري، عن أحمد بن المسيب، عن عثمان بن عفان، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا سمعتم النداء فقوموا فإنها عزمة من الله .
عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها: ما خير للنساء?
قالت: أن لا يرين الرجال ولا يروهن،
فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما فاطمة بضعة مني .
عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من اتقى الله عاش قوياً وسار في بلاده آمناً .
عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فهو قمار .
عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمار بن ياسر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: حسن الخلق خلق الله الأعظم .
عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل ليبك الإسلام على موت عمر رضي الله تعالى عنه .
حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء شرفاً يتباهون به وإن بهاء أمتي وشرفها القرآن .

عن موقع مركز الشرق العربي

نبيل الجلبي
23/12/2012, 03:43 PM
سعيد بن المسيب وأبو محمد القرشي الزهري ؛ عالم أهل المدينة ، في قرن التابعين، أدرك كثيراً من الصحابة، وسمع خطبة عمر رضي الله عنه على المنبر وحفظها، أدركته بركة من الله؛ لأنه رضع ثدي أم المؤمنين أم سلمة ، هو والحسن البصري ، فأكسبه الله بهذه الرضعة الطيبة من تلك الأم الحنون الرءوم الماجدة الشريفة، فصاحة، وبراعة، وعلماً نافعاً، وعاش رضي الله عنه في زهد، وعفاف منقطع النظير، وطلب العلم فنافس الأقران وأصبح وحيد الدهر، في تلك الفترة، كان رضي الله عنه، يتحدث بنعمة الله عليه يقول: ( من أربعين سنة، ما فاتتني تكبيرة الإحرام في المسجد ).

ويقول: ( والله ما نظرت منذ أربعين سنة إلى قفا أحد إلا الإمام ) يعني: أنه دائماً في الروضة وراء الإمام، فلا ينظر إلى قفا أحدٍ، أي: أنه لم يصلِّ في مرة من المرات في الصف الثاني، ولذلك سئل: من حافظ على الصلوات الخمس أعابد هو؟ قال: ( من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر من العبادة ).

وأما برنامجه اليومي فكان يصلي الفجر ويجلس في المسجد يسبح، وكان يلبس البياض دائماً، حتى أن من رآه يتذكر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى ويذكر الله، وكان مخبتاًَ دائماً لا يرفع نظره، ولا ينظر إلى السماء من كثرة خشيته، حتى أن بعض الجواري يقلن لآبائهن: "مر بنا الأعمى اليوم" يقصدون: سعيد بن المسيب وليس بأعمى رضي الله عنه، لكن من كثرة خشوعه يظن الناس أنه أعمى، كان يجلس مستقبل القبلة حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ما يسر الله له، ثم تنظم له حلقات العلم في المدينة ، فيتهدر منه العلم كالبحر العجاج رضي الله عنه وأرضاه، فكان هو المفتي في الدولة الإسلامية، ثم يستمر إلى قرب صلاة الظهر فينام نومة في بيته، ثم يعود، والذي أثر عنه أنه صام الدهر إلا عيد الفطر وعيد الأضحى.

وكان يستمر فإذا أتى وقت الإفطار ذهب إلى ابنته -وقد ماتت زوجته وهي بنت أبي هريرة - فيفطر عندها ثم يعود إلى المسجد فيصلي، ثم يصلي العشاء، ثم يقرأ ما تيسر له من أوراده وذكره قليلاً، ثم يقوم ويصلي إلى الفجر، ويتقطع صوته بالبكاء، واستمر على البكاء من خشية الله حتى ذهبت إحدى عينيه، ولذلك قال له أحد تلاميذه:
( لو خرجت إلى العقيق الوادي الجميل الأخضر، علَّ بصرك أن يثوب إليك -يعني: بصره في العين الأخرى أما تلك فقد ذهب ضوءها ونورها- قال: وأين لي بشهود العتمة، ومن يضمن لي صلاة بألف صلاة في غير مسجده صلى الله عليه وسلم، فرفض أن يخرج ).

وكان شديداً في ذات الله لا تأخذه لومة لائم أبداً ،حاول عبد الملك بن مروان خليفة الدولة الإسلامية وأمير المؤمنين في تلك الفترة، أن يبايع لابنه الوليد بيعة ثانية ويلزم المسلمين بها -كما تعرفون ذلك- فتوقف المسلمون جميعاً حتى يبايع سعيد بن المسيب ؛ لأنه رجل الموقف، ورجل الساعة في تلك الفترة، قالوا: "إذا بايع سعيد فسوف نبايع كلنا" وتوقفت الأقطار على فتواه، وأتى الوزراء إلى سعيد بن المسيب فرفض وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا يبايع لخليفتين في وقت واحد وحاول عبد الملك معه بشتى الوسائل، أعطاه المال فرفض، ومناه ورجاه فرفض أيما رفض، وفي الأخير أتاه والي المدينة فخيره بين ثلاثة خيارات: إما أن يخرج من المدينة حتى يبايع أهل المدينة ؛ لأنهم لا يبايعون وهو موجود، وإما أن يلزم بيته فلا يخرج أبداً، وإما أن يدخل من باب ويخرج من الباب الثاني، ويتظاهر للناس أنه بايع ولا يبايع، قال: أما قولك أخرج لأعتمر أو أخرج من المدينة ، فما كان لي أن أعتمر أو أدخل مكة بدون نية، وأما أن ألزم بيتي فوالله لا أترك شهود العتمة والصلاة في المسجد حتى يحال بين رأسي وجسدي، وأما أن أدخل من باب وأخرج من باب آخر فوالله لا أغر مسلماً أبداً.

ثم حاولوا استدراجه فرفض، وجُلد رضي الله عنه ما يقارب مائة جلدة، وطيف به على بعير، وبكى أهل المدينة عن بكرة أبيهم على هذا الإمام العالم الزاهد العابد، وحاول أن يسترضيه عبد الملك قبلها، وكأن عبد الملك وجد في نفسه لأنه خطب ابنته العابدة الصوامة القوامة لابنه الوليد بن عبد الملك ولي عهد المسلمين والخليفة المنتظر، فرفض سعيد بن المسيب وحاول العلماء، ألا يرفض وقال: أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم أتريدون أن أدخل ابنتي بعد قيام الليل، وصيام النهار، وحفظ القرآن، على أبناء مروان ، لا يكون هذا أبداً.

وفي الأخير زوجَّها من فقير كان يدرس معه ماتت زوجته فسأله: لم تأخرت؟ قال: مرضت زوجتي ثم دفنتها وأتيت، قال: هل لك من دراهم؟ -قال: معي درهمان -وقيل: أربعة دراهم- قال: أتريد ابنتي؟ فدهش الرجل وما صدق وظن أن هذا من الأحلام!! زوجه رضي الله عنه من ابنته، فوجدها حافظة كحفظ أبيها، فقيهة كفقه أبيها، عابدة عبادة أبيها، زاهدة زهد أبيها، رضوان الله عليهم جميعاً )

من كلماته النيرة المشرقة:
(سئل في المسجد ماذا يقطع الصلاة؟ قال: يقطعها الفجور ويسترها التقوى ).

وقال رضي الله عنه: ( الناس في كنف الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فمن أراد أن يخرجه من كنفه سلط عليه المعصية ).

ومرت في كتب السير والتواريخ دعابة له رضي الله عنه: وذلك أن تاجرة عراقية أتت ببراقع؛ والبراقع: لباس يلبس في العراق ، ولا يلبس في المدينة ؛ لأن أهل الحجاز لا يعرفون ذلك، وظنت العراقية أنها سوف تكسب مالاً طائلاً فذهبت ببراقعها على بعير فنزلت في أهل المدينة ، فما عرفوا ما هي السلعة هذه، فما شرت امرأة واحدة أبداً، وفي الأخير أرادت أن تعود إلى العراق بتجارتها، فعرضت لها امرأة فقالت: "إن كنتِ تريدين أن تبيعي تلك البراقع فتعرضي لأحد الشعراء ليمدح البراقع، فإنها سوف تباع في وقتها، فذهبت المرأة وأهدت إلى رجل هناك من أهل المدينة هديه، وهذا الرجل اسمه ابن عنين وهو شاعر، وقالت: امدح البراقع، فعرض بـسعيد بن المسيب في قصيدته يقول:-

قل للمليحة في الخمار الأسودِ * ماذا فعلتِ بناسك متعبد
قد كان يمم للصلاة بوجهه * حتى وقفت له بباب المسجد

يقول إن لابسة الخمار فتنت حتى سعيد بن المسيب على عبادته وزهده وجلالته، فسمع سعيد بن المسيب ، فاستغفر وتبسم وقال: والله ما كان من ذلك من شيء ولكن صدق الله: { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226)} (الشعراء).

رضي الله عنه وأرضاه كان إذا تكلم بكلمة في غير ذكر الله استغفر مائة استغفارة، توفي رضي الله عنه بعد هذا العمر المديد، وهو من فقهاء المدينة السبعة، وممن يتقرب بحبهم إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى،

نسأل الله أن يحشرنا في زمرته، وفي زمرة الأخيار الأبرار من أصحاب محمد ومن التابعين لهم بإحسان.

عن موقع إسلام ويب