المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشــتـبـاه فـي مـواطـن



يحيى البحاري
10/01/2013, 12:32 PM
جلس متقرفصاً داخل حجرة واسعة جداً أربعة أمتار .. وأنوار الباحة تُلقي بأشعتها من بين فتحات الباب السيخي .. والأرض مكسوة ببقايا _ عطن البول _ وعيناه ترقبان العسكري الذي أخرج التلفاز من حجرة المناوبة الى الباحة الخارجية ، ثلاث مرات قام بتعديل وضع التلفاز وتحريّكه من مكان الى مكان آخر والمواطن يرقب .
سعادتك أريد أن أصلي
والعسكري يسمع او لا يسمع وآخر يقول : ستأكل وتشرب وتصلي لا أحد سيمنعك ! والعسكري لايسمع
سعادتك أريد الصلاة بإمكاني جمع الظهر مع العصر
والتلفاز يعرض فيلم والفيلم العربي عادة لاينتهي ، كلما كان هناك تقارب في وجهات النظر جاءت مشاهد _ منبثقة _ والمواطن يريد الصلاة ويعاود النداء : سعادتك لو سمحت أريد الصلاة !
فينهض متثاقلاً والريموت كنترول بيده و يبحث عن المفتاح . والمواطن يسأل . يسأل نفسه هل تجوز لي الصلاة ؟ عليّ أن أصلي ولكن ! هذا المكان غير طاهر للصلاة .. هل بمقدوري الذهاب الى المسجد ؟ والعسكري يبتسم .. وابتسامته تقول إنه يريد أن يصلي بالمجان . والمواطن يسأل . يسأل في نفسه : هل عليّ أن أدفع لأصلي ؟ الرشوة مقابل الصلاة .. والمواطن لا يفهم بل لا يريد أن يفهم .. والعسكري يفتح الباب و يفتشه تفتيشاً شخصياً قبل الذهاب الى المسجد او قبل إقتياده الى المسجد .. العسكري يقفز الى داخل المسجد ويبحلق بنظره يمنة ويسرى والمواطن يدخل بالرجل اليمنى .. والصلاة خشوع !
المواطن يسأل هل حقاً انا أصلي ؟ هل صليت انا ؟
ثم يُقتاد الى الرائحة النفّاذة وعطن البول ..
وآخر يقول أتريد اكلاً ، أتريد مشروباً ؟
والمواطن يدفع !
والعسكري يبتسم .. وابتسامته تقول أنه لن يرجع الباقي ، باقي المبلغ .. إنه مقابل خدماته .. تلك ليست رشوة والمواطن عادة رجل مهذب لايفهم
العسكري يقول : ألا تريد الصلاة ؟؟ .. لابد من تقديم خدمة نظير ما أخذته منك ..
والمواطن يسأل في نفسه هل تجوز الصلاة ؟
فقط يريد أن ينام ماذا يمنعه من أن ينام ؟؟ والحجرة واسعة جداً أربعة أمتار .. والرائحة لاتمنع النوم .. والبراغيث لا تنام .. والمواطن بين الأربعة جدران يريد أن ينام والبرغوث ليس في خدمة الشعب ، والمواطن يغفو و يصحو ، يريد الصلاة .
هل المؤذن نادى بأن الصلاة خير من النوم ؟
والعسكري ينظر الى التلفاز .. أظنه الفيلم العربي بدأ او انبثق فيلم آخر !
جميل جداً نصف قارورة البلاستك ، تصلح للوضوء وللشراب
والرجل يعرف : سيرحّلونه بعد قليل
وبعد قليل وكيل عريف يضع الكلبشات في معصمي الرجل ، والمواطنون في الشارع ينظرون الى ابن الشعب الخطير الشان وعسكري الحراسة الى جانبه ..لا ليس خطيراً بل مهماً عادة الحراسة تكون للرجال المهمين . ومحطة وبص ومسافرون يتسألون عن المجرم الخطير شأنه .
وكيل العريف يقول : إشتباه
والإشتباه في مسجلي الخطر يفرض وضع القيّد لمجرد الإشتباه ، ودخول الحمّام ليس زي خروجه و الرجل دخل حمّام العسكر .. واستعمال الحمّام ممنوع .. لا ليس منعاً كلياً وإنما المنع يتوقف على مايوجب فك القيّد والمواطن يتدرب بيولوجياً .. و أن يستمع الى نصيحة وكيل عريف :
في الحمّام عليك أن تفعل كذا ولا تفعل كذا لأنه ممنوع . اركب ، اركب .. والمواطن يركب البص وعيون المسافرين تبحلق وتسأل وعادة المواطن يسأل نفسه سرّاً ، وامرأة تتأسف على الشاب وتجهر بالكلمة _ نصيب _ وبناتها الثلاث الى جوارها وتروي أنها ذاهبة الى لجنة الحج والعمرة ودعواها أن يعطي بناتها عريساً ليس على يديه قيّد. وعلى بوابة الإدارة العامة عسكري يسأل : ده مواطن ولّلأ أجنبي ؟؟
والعسكر هم الذين يسألون جهراً .. وكيل العريف يتباهى بوصوله سالماً لم يفترسه الذئب بل جاء به من ديّله . المدير يقول : نأسف كان مجرّد إشتباه
المواطن يقول : أريد الحمّام وأريد الصلاة بالمجان .

سعاد محمود
12/01/2013, 08:58 AM
كعهدى بك دوما متالقا أدبيا تتحفنا بروائعك مزيدا من الأبداع ايها الأديب

يحيى البحاري
13/01/2013, 07:39 AM
كعهدى بك دوما متالقا أدبيا تتحفنا بروائعك مزيدا من الأبداع ايها الأديب

أختي الكاتبة الأنيقة سعاد
أخبارك ؟؟
أرجو تفعيل رسائلك في " العروبة "
شاكرا مرورك
تحياتي