المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للنقاش: النقد حين يكون مدفوعاً بالحقد



أحمد المدهون
28/01/2013, 06:10 PM
للنقاش: النقد حين يكون مدفوعاً بالحقد

المراقب للساحة السياسية والاجتماعية في عالمنا العربي الذي يشهد موجة من التقلّبات والتحولات السياسية يلحظ ظاهرةً غريبة في ممارسات (المعارضة) و (الموالاة)، أبرز ملامحها فقدان الثقة، والإتهامات المتبادلة، والردح الإعلامي، بل ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى استخدام العنف والتخريب للتعبير عن رفض الآخر.

تهدف هذه االمناقشة إلى:

1- إبراز أهم العوامل المؤدية إلى (رفض الآخر) وعدم احتمال اعتلائه السلطة حتى لو جاء من خلال الإحتكام إلى صناديق الإقتراع، أو (استبعاد الآخر) حال الوصول إلى السلطة بالوسائل السلمية.
2- كيف يكون التعامل مع النقد المدفوع بالحقد والتشفّي والإنتقام ؟
3- وهل من سبيل للخروج من هذه الحالة المتأزمة ؟

بانتظار تعليقاتكم، ومشاركاتكم.
تحياتي.

أحمد المدهون
28/01/2013, 10:38 PM
يبدو لي أن الناقد المدفوع بالحقد والإنتقام لن يرى في المخالف أو المعارض أو الطرف الآخر عموماً، إلا كلّ ما هو أسود، وستغشى عيناه ولسانه وقلمه عن كلّ حسنة أو خير أو منفعة تتحقق على أيدي مخالفيه. وفي أحسن الأحوال سيتجه إلى اتهام النوايا، ويقرر أنهم ما فعلوا ذلك الخير إلا لأهداف خبيثة.

ويحضرني في هذا المقام أبيات الإمام الشافعي المشهورة:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمـن لا يهابنـي
ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتـي
وإن تنأ عني تلقني عنـك نائيـاً
كلانا غني عـن أخيـه حياتـه
ونحـن إذا متنـا أشـد تغانيـاوكم أعجبتني قصة الأستاذ سعيد النويضي، بعنوان (نقد على النقد)، [ يمكن الإطلاع عليها بالضغط هنـــــا (www.wata.cc/forums/showthread.php?91020)]، وتعقيبات المتداخلين عليها.

هناك فرق بين النقد الهادف البنّاء، والنقد من أجل النقد الذي لا يعدو أن يكون تفريغاً لأحقاد دفينة، ودفعاً للفشل، وانتظاراً لسوء المآلات؛ فـ "فرق كبير بين عين النحلة وعين الذبابة" كما أشارت إلى ذلك الأستاذة سميرة رعبوب.

وقد شخّص الأستاذ نايف ذوابة نفسية هذا النوع من الناقدين من أجل النقد، وعزاه إلى (تضخّم الأنا)، فقال:

"تضخم الأنا يجعل من الإنسان قيما على الآخرين ولا يرى فيهم إلا عيوبهم ونقائصهم .. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا.
هناك نفوس تشعر بالقفر فترى في نفوس الناس كلها قفرا ولا تبصر من عظمة إنجازها شيئا .. لأن إدراك عظمة إنجازهم إزراء بهؤلاء الذين خمدت فيهم الموهبة وهمدت جذوة الكفاح والاجتهاد .."

وهذا تشخيص دقيق، لحالة مرضية متفشية لدى أولئك المتعالمين الذي يظنون أنهم يحسنون صنعاً، لكن تناقضاتهم وكلالة أعينهم عن رؤية محاسن مخالفيهم تفضحهم، وتسقطهم من أعين الباحثين عن الحقيقية المجرّدة.

بانتظار تعليقاتكم، ومشاركاتكم.

تحياتي.

فؤاد عزام
29/01/2013, 12:57 AM
أستاذي الفاضل / أحمد المدهون
النقد حين يكون مدفوعا بالحقد :
* فإنه ينطلق من قيمة خاطئة هي زعم امتلاك الحقيقة المطلقة التي يناقش ليؤكدها فقط وليس لمحاولة هداية خصمه إليها أو اقتناعه بها مهما كانت حجج هذا الخصم .ولننظر إلى أنموذج النقاش المخلص الذي يتغيا الحقيقة وحسب كيف يخاطب خصيمه . قال تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سـبأ:24) .
* وعندما يكون النقد مدفوعا بالحقد ، فسوف يلاحظ من أسلوب الناقد الحاقد تأكيده على قيمته الذاتية كما يراها - كما قال الأستاذ نايف - ويوجه لها أسلحته اللغوية باستعمال ضمير العظمة مثلا , ويستدعي من وضعه الاجتماعي ما يعزز ذاته مع أنه لا علاقة له بموضوع النقاش !! قال تعالى : (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) (الكهف:34)
* ويغيب البعد الإيماني عن النقد المدفوع بالحقد ؛ إذ لا يجتمع الإيمان والحقد في قلب واحد , ومن ثم لا يستطيع أن يقول كما قال صاحب المبدأ المؤمن به : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) (سـبأ:26)
* ولهذا - لغياب البعد الإيماني ولغياب القيمة الحميدة - من نقاشه لا يمانع من تصفية الآخر وإسكاته للأبد بأية وسيلة بدءا من الحديدة وانتهاء بالخرطوش . قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27)
موضوع حيٌّ ، يتطلب العودة ، والله المستعان ..

نايف ذوابه
29/01/2013, 02:53 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وأسعد الله أوقاتكم .. انشغلت هذه الليلة عن واتا .. فتأخر حضوري ..

الأخ العزيز الأستاذ أحمد المدهون .. لعل موضوعك يلامس ملامسة غير مباشرة ما يجري على الساحة المصرية .. وصراع المصالح والمناصب بين القوى السياسية .. لا سيما المسماة بجبهة الإنقاذ وهي جبهة الإغراق إغراق مصر بكل المصائب لأن من ينتمون إليها يحملون مشاريع سياسية من خارج المنطقة ويحملون ولاء فكريا للأجنبي ومن الممكن أيضا أن يكونوا مرتبطين به مباشرة ومكلفين بوضع العصي في الدولاليب ليحولوا دون استقرار مصر ونهضتها لحاجة في نفوسهم ليس آخرها الحسد والبغض في المشروع الحضاري الإسلامي بل الولاء للمشروع الحضاري الغربي ومحاولة إثبات أن الإسلاميين شؤم على المنطقة وإثبات فشل الإسلاميين وعدم قدرتهم على إدارة الأزمة و عدم أهليتهم لحكم الدولة ..
القبول بالارتباط بالأجنبي انتحار سياسي وخيانة .. سواء كان الولاء سياسيا أو فكريا ..

مرور سريع سيكون لي عودة إن شاء الله ..

سعيد نويضي
29/01/2013, 04:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على اللبيب الفاضل أحمد المدهون و على الأحبة الكرام ممن مروا مرور الكرام و ممن تركوا كلمة حق لله و للحقيقة و للتاريخ...

الحقيقة التي لا يمكن أن يتعارضا فيها اثنين هو كون النقد كتفكير لا يبتغي غير الحق و ليس غير ذلك...من هذا المنطلق لا يمكن للإنسان الذي ينطلق من الحقد أو من الحسد أو من أية آفة نفسية مضللة أن يمارس النقد بشكل موضوعي...و خاصة في مجال العلوم الإنسانية بما فيها السياسة كعلم و كممارسة و الاقتصاد و النفس و المجتمع و غير ذلك من العلوم التي تنضوي في حقول العلوم الإنسانية في مقابل العلوم الطبيعية...
فمن يتبع الهوى في التفكير لا يمكن بحق أن يمارس نقدا إلا إذا كان محيايدا منصفا للحق دون غيره...ففي نظري هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه الإنسان على نفسه في ممارسة النقد...هل يتبع نهجه و منهجه الفكري طريق الهدى أم طريق الهوى...؟
الحقد كآفة نفسية و مرض قلبي قبل أن ينعكس إلى مرض اجتماعي هو خلل في علاقة الإنسان بنفسه قبل غيره ممن يحيطون به ، و في علاقته بربه...فالعلاقة الأخيرة هي العلاقة المحددة لجل العلاقات التي يمكن أن يمارسها الإنسان في جل نشاطاته المتعددة و المتنوعة...
فالحقد لغويا يعني
حقد (لسان العرب)
الحِقْدُ: إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها.
والحِقْدُ الضِّغْنُ، والجمع أَحقاد وحُقود، وهو الحقِيدَةُ، والجمع حقائد؛ قال أَبو صخر الهذلي: وعَدِّ إِلى قوم تَجِيشُ صُدورُهم بِغِشِّيَ، لا يُخْفُونَ حَمْلَ الحَقائِدِ وحَقَدَ عليَّ يَحْقِدُ حَقْداً وحَقِد، بالكسر، حَقَداً وحِقْداً فيهما فهو حاقد، فالحَقْدُ الفعل، والحِقْدُ الاسم...
و في قاموس المعاني نجد التالي:حِقْد ( الجذر: حقد - المجال: مشاعر وعواطف ) : حِقْد , حَقْد
- مصدر حقد - حمل العداوة والبغض والنقمة والغضب في القلب ، جمع : أحقاد وحقود .
المعجم: الرائد -
فالمجال أو الوعاء الذي يوجد فيه الحقد هو "القلب" مجال المشاعر و العواطف هذه المشاعر و العواطف يترجمها الفعل إلى افعال تنتج آثار في الواقع الاجتماعي...

و إذا قال الله عز و جل :
-1{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء155
فلعنَّاهم بسبب نقضهم للعهود, وكفرهم بآيات الله الدالة على صدق رسله, وقتلهم للأنبياء ظلمًا واعتداءً, وقولهم: قلوبنا عليها أغطية فلا تفقه ما تقول, بل طمس الله عليها بسبب كفرهم, فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.[التفسير الميسر].

-2 {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
ولقد خلقنا للنار -التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة - كثيرًا من الجن والإنس, لهم قلوب لا يعقلون بها, فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا, ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته, ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها, هؤلاء كالبهائم التي لا تَفْقَهُ ما يقال لها, ولا تفهم ما تبصره, ولا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما, بل هم أضل منها; لأن البهائم تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها, وهم بخلاف ذلك, أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته.[التفسير الميسر].

-3 {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
أفلم يَسِر المكذبون من قريش في الأرض ليشاهدوا آثار المهلكين، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا، ويسمعوا أخبارهم سماع تدبُّر فيتعظوا؟ فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.[التفسير الميسر].

فكيف الذين استوطن المرض قلوبهم ان يفكروا بشكل موضوعي...؟على أساس أن التفكير النقدي هو تفكير موضوعي يترك الأهواء جانبا لأنه ينظر من خلال ما ما يفرضه الواقع - الحق و ليس الواقع - الباطل...ينظر من خلال الحقيقة التي أقرها الحق و ليس التي أملتها مصالح فلان أو فلان...

و من هنا يصبح كل إنسان في منطق هذا القول أنه معرض ليكون غير موضوعيا و لا أزكي نفسي و لا أزكي أحدا...لأن العصمة لله جل و علا و للأنبياء و الرسل صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين...و من هذا المنطلق يحتاج الإنسان المنصف للحقيقة إلى مرجع ليس فيه ريب و لا مثقال ذرة شك بل يجمل من اليقين ما ترتاح له القلوب و تطمئن له النفوس أن يكون مرجعا كلما شاء الإنسان أن يزن قوله أو عمله هل هو على الحق أو على الباطل...فكثيرا ما تغلب النفس الأمارة النفس اللوامة أما النفس المطمئنة فهي الحالة التي يريدها كل إنسان و يرغب في تحقيقها كل مجتمع و تبتغيها كل أمة...و من أجل ذلك أنزل الله كتاب الحق...


و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...

سامح عسكر
29/01/2013, 04:12 PM
السلام عليكم ورحمة الله

الأستاذ الفاضل احمد المدهون..حياكم الله..

تعليقي بكٌليمات أرجو النَظر فيها بعُمق وتروّي

تضخم الأنا"المُدرك"ملازم لكل إنسان..ومن يدعي الموضوعية"الدائمة" كمن يدعي وصلاً بليلى.. في ما تعتبره أزمات لابد من تضخم تلك الأنا وإلا لكان الشر عدم.

إذاً ما الذي يحدث؟

الذي يحدث هو أننا بنقدنا لمن لا يلزم الموضوعية بنقده نكون غير موضوعيين، وإلا لقُمنا بنقد أنفسنا ابتداء، كالذي يشكو من جهةٍ ما لعدم نقدها لحدثٍ ما أو لفريقٍ ما، هو يُزايد عليها ويريدها تفكر بنفس طريقته وتسلك نفس سلوكه.

أما عن الحقد فنحن بحاجة لتعريفه وفهمه قبل إسقاطه، وإلا لاعتبرنا أن منتخب البرازيل يحقد على منتخب مصر!..فقد يكون وراء السلوك خوفاً أو حِرصاً أو كفاحاً أو تضحية.

أحمد المدهون
29/01/2013, 10:36 PM
أستاذي الفاضل / أحمد المدهون
النقد حين يكون مدفوعا بالحقد :
* فإنه ينطلق من قيمة خاطئة هي زعم امتلاك الحقيقة المطلقة التي يناقش ليؤكدها فقط وليس لمحاولة هداية خصمه إليها أو اقتناعه بها مهما كانت حجج هذا الخصم .ولننظر إلى أنموذج النقاش المخلص الذي يتغيا الحقيقة وحسب كيف يخاطب خصيمه . قال تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سـبأ:24) .
* وعندما يكون النقد مدفوعا بالحقد ، فسوف يلاحظ من أسلوب الناقد الحاقد تأكيده على قيمته الذاتية كما يراها - كما قال الأستاذ نايف - ويوجه لها أسلحته اللغوية باستعمال ضمير العظمة مثلا , ويستدعي من وضعه الاجتماعي ما يعزز ذاته مع أنه لا علاقة له بموضوع النقاش !! قال تعالى : (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) (الكهف:34)
* ويغيب البعد الإيماني عن النقد المدفوع بالحقد ؛ إذ لا يجتمع الإيمان والحقد في قلب واحد , ومن ثم لا يستطيع أن يقول كما قال صاحب المبدأ المؤمن به : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) (سـبأ:26)
* ولهذا - لغياب البعد الإيماني ولغياب القيمة الحميدة - من نقاشه لا يمانع من تصفية الآخر وإسكاته للأبد بأية وسيلة بدءا من الحديدة وانتهاء بالخرطوش . قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27)
موضوع حيٌّ ، يتطلب العودة ، والله المستعان ..
الأستاذ الكريم فؤاد عزام،

أشكرك لمشاركتك القيمة التي أثرت الموضوع.

حسناَ. عندما ينطلق أحد الأطراف من امتلاكه "الحقيقة المطلقة" فإنه بذلك يضع حاجزاً نفسياً بينه وبين الطرف الآخر، ويفقد الطرفان بذلك التواصل الفعال. وفي عالم السياسة ليس هناك صواب مطلق وخطأ مطلق في الآراء والمواقف والقرارات، ما دامت لا تصادم هوية الأمة ودستورها والعقد الإجتماعي الذي يجمعهم في كيان واحد. بل هو الإجتهاد الذي يراعي المصلحة العامّة ما دام غير مدفوع بالعمالة للعدوّ وأطماعه، أو بالحقد والتشفي والإنتقام من الخصم السياسي.

أما "البعد الإيماني" كشرط للحوار والتواصل، فهو محلّ نقاش؛ إذ ليست كلّ الأطراف المختلفة تنطلق من هذا البعد الإيماني الذي ينبغي استحضاره في حالة التناصح بين أبناء المجتمع المسلم. إذ تصبح النصيحة فرضاً لازماً وفق قواعدها الشرعية التي تنأى بها أن تتحول إلى فضيحة !!

هناك في المجتمع مسلمون، وأتباع ديانات وطوائف أخرى، وفي المجتمع الواحد إسلاميون وقوميون، وعلمانيون ليبراليون، ويساريون... وكل هؤلاء بشر لهم حق الحياة الكريمة، والمواطنة، وحرية الرأي والتفكير. ولا يجوز لأي فئة أن تصادر حق الفئات الأخرى في حقوقها تحت أي شعار. فالله تعالى خلق الناس مختلفين، ولا يزالون مختلفين. وهو القائل: "لا إكراه في الدين" والقائل: "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" !!.

أرجو أن تبقى معنا، وأن تتداخل مرات ومرات في هذا الحوار الذي أراه مهماً في هذه المرحلة -المخاض- التي تمر بها أمتنا.

ولكم فائق التقدير ومودتي.

غسان عبدو مسعود
29/01/2013, 11:51 PM
هذا النوع من النقد ينبع من الغضب والكراهية للشخصية المراد نقدها وهي عكس النقد البناء فلا اسس لها ولا هدف الا تحطيم الذي تنتقده واشعاره بضآلة حجمه وذلك بغرض الانتقام من هذا الشخص لسبب ما. وهو نقدك لمن لا تحب فتنشغل ببيان العيوب دون المزايا لأن بغضك للمنقود قد أعماك عن رؤية أية مزية، ،وهذا ما نسميه بالنقد الأعور
وفيه يقول الشاعر، ،
فعين الرضا عن كل عيب كليلة ** ولكن عين السخط تبدي المساويا

ويقول ابن قتيبة في أربابه ، يرون الشعرة في عيني خصمهم وعيونهم تطرف على الأجذاع
من عيوبهم.
أما كيف نكتسب الموضوعية فهو موضوع آخر، ،
عكسه النقد البناء يكون بالنصح والارشاد وبيان الامور الصحيحة دون انتقاص من كرامة الشخص المقابل
لان النقد البناء والذي يراد منه تحسين الشخصية واعطاءها دافع للتقدم للامام دون تجريح او تقليل من شأن هذه الشخصية ايا كان حجمها اصغيرة كانت او كبيرة وذلك لتبين لهذه الشخصية الاخطاء الذي وقعت فيه لتحاشيها في المستقبل ويعتمد اسلوب النقد هذا على عدة عوامل منها اختيار الاسلوب اللائق للنقد واختيار الكلمات بدقة متناهية وذلك لجعل الطرف الاخر يتقبل نقدك بصدر رحب ان يكون النقد شامل للموضوع لان مصدر هذا النوع من النقد هو العقل.
معذرة ان لم افلح فيما اجتهدت ولكم جزيل شكري ومودتي

أحمد المدهون
02/02/2013, 11:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وأسعد الله أوقاتكم .. انشغلت هذه الليلة عن واتا .. فتأخر حضوري ..

الأخ العزيز الأستاذ أحمد المدهون .. لعل موضوعك يلامس ملامسة غير مباشرة ما يجري على الساحة المصرية .. وصراع المصالح والمناصب بين القوى السياسية .. لا سيما المسماة بجبهة الإنقاذ وهي جبهة الإغراق إغراق مصر بكل المصائب لأن من ينتمون إليها يحملون مشاريع سياسية من خارج المنطقة ويحملون ولاء فكريا للأجنبي ومن الممكن أيضا أن يكونوا مرتبطين به مباشرة ومكلفين بوضع العصي في الدولاليب ليحولوا دون استقرار مصر ونهضتها لحاجة في نفوسهم ليس آخرها الحسد والبغض في المشروع الحضاري الإسلامي بل الولاء للمشروع الحضاري الغربي ومحاولة إثبات أن الإسلاميين شؤم على المنطقة وإثبات فشل الإسلاميين وعدم قدرتهم على إدارة الأزمة و عدم أهليتهم لحكم الدولة ..
القبول بالارتباط بالأجنبي انتحار سياسي وخيانة .. سواء كان الولاء سياسيا أو فكريا ..

مرور سريع سيكون لي عودة إن شاء الله ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
الأستاذ نايف ذوابة، أشكرك لمداخلتك وإثرائك النقاش.

ما يحدث في مصر أمر يدعو للتأمّل والإستغراب. ورائحة الكراهية تكاد لا تخطئها أنف المراقب المحايد.

وبمناسبة ما يجري في مصر - والمسؤولية يتحملها الجميع - لن نبتعد كثيراً عن الحقيقة لو قلنا: لو أنّ أياً من قادة الإنقاذ !! آلت إليه السلطة لتحوّل إلى ديكتاتور، لو أن مخالفيه فعلوا معشار ما يفعلونه الآن بزعيمهم المنتخب.

لا أدري لماذا يحضرني وأنا أرى اجتماع فرقاء الأمس المتنافسين على الزعامة، قول التابعي الجليل مالك بن دينار: "افْتَضَحُوا فَاصْطَلَحُوا" !!

ويسرنا عودتكم.

مع فائق التقدير.

أحمد المدهون
06/02/2013, 01:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على اللبيب الفاضل أحمد المدهون و على الأحبة الكرام ممن مروا مرور الكرام و ممن تركوا كلمة حق لله و للحقيقة و للتاريخ...

الحقيقة التي لا يمكن أن يتعارضا فيها اثنين هو كون النقد كتفكير لا يبتغي غير الحق و ليس غير ذلك...من هذا المنطلق لا يمكن للإنسان الذي ينطلق من الحقد أو من الحسد أو من أية آفة نفسية مضللة أن يمارس النقد بشكل موضوعي...و خاصة في مجال العلوم الإنسانية بما فيها السياسة كعلم و كممارسة و الاقتصاد و النفس و المجتمع و غير ذلك من العلوم التي تنضوي في حقول العلوم الإنسانية في مقابل العلوم الطبيعية...
فمن يتبع الهوى في التفكير لا يمكن بحق أن يمارس نقدا إلا إذا كان محيايدا منصفا للحق دون غيره...ففي نظري هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه الإنسان على نفسه في ممارسة النقد...هل يتبع نهجه و منهجه الفكري طريق الهدى أم طريق الهوى...؟
الحقد كآفة نفسية و مرض قلبي قبل أن ينعكس إلى مرض اجتماعي هو خلل في علاقة الإنسان بنفسه قبل غيره ممن يحيطون به ، و في علاقته بربه...فالعلاقة الأخيرة هي العلاقة المحددة لجل العلاقات التي يمكن أن يمارسها الإنسان في جل نشاطاته المتعددة و المتنوعة...
فالحقد لغويا يعني
حقد (لسان العرب)
الحِقْدُ: إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها.
والحِقْدُ الضِّغْنُ، والجمع أَحقاد وحُقود، وهو الحقِيدَةُ، والجمع حقائد؛ قال أَبو صخر الهذلي: وعَدِّ إِلى قوم تَجِيشُ صُدورُهم بِغِشِّيَ، لا يُخْفُونَ حَمْلَ الحَقائِدِ وحَقَدَ عليَّ يَحْقِدُ حَقْداً وحَقِد، بالكسر، حَقَداً وحِقْداً فيهما فهو حاقد، فالحَقْدُ الفعل، والحِقْدُ الاسم...
و في قاموس المعاني نجد التالي:حِقْد ( الجذر: حقد - المجال: مشاعر وعواطف ) : حِقْد , حَقْد
- مصدر حقد - حمل العداوة والبغض والنقمة والغضب في القلب ، جمع : أحقاد وحقود .
المعجم: الرائد -
فالمجال أو الوعاء الذي يوجد فيه الحقد هو "القلب" مجال المشاعر و العواطف هذه المشاعر و العواطف يترجمها الفعل إلى افعال تنتج آثار في الواقع الاجتماعي...

و إذا قال الله عز و جل :
-1{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء155
فلعنَّاهم بسبب نقضهم للعهود, وكفرهم بآيات الله الدالة على صدق رسله, وقتلهم للأنبياء ظلمًا واعتداءً, وقولهم: قلوبنا عليها أغطية فلا تفقه ما تقول, بل طمس الله عليها بسبب كفرهم, فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.[التفسير الميسر].

-2 {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
ولقد خلقنا للنار -التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة - كثيرًا من الجن والإنس, لهم قلوب لا يعقلون بها, فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا, ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته, ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها, هؤلاء كالبهائم التي لا تَفْقَهُ ما يقال لها, ولا تفهم ما تبصره, ولا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما, بل هم أضل منها; لأن البهائم تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها, وهم بخلاف ذلك, أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته.[التفسير الميسر].

-3 {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
أفلم يَسِر المكذبون من قريش في الأرض ليشاهدوا آثار المهلكين، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا، ويسمعوا أخبارهم سماع تدبُّر فيتعظوا؟ فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.[التفسير الميسر].

فكيف الذين استوطن المرض قلوبهم ان يفكروا بشكل موضوعي...؟على أساس أن التفكير النقدي هو تفكير موضوعي يترك الأهواء جانبا لأنه ينظر من خلال ما ما يفرضه الواقع - الحق و ليس الواقع - الباطل...ينظر من خلال الحقيقة التي أقرها الحق و ليس التي أملتها مصالح فلان أو فلان...

و من هنا يصبح كل إنسان في منطق هذا القول أنه معرض ليكون غير موضوعيا و لا أزكي نفسي و لا أزكي أحدا...لأن العصمة لله جل و علا و للأنبياء و الرسل صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين...و من هذا المنطلق يحتاج الإنسان المنصف للحقيقة إلى مرجع ليس فيه ريب و لا مثقال ذرة شك بل يجمل من اليقين ما ترتاح له القلوب و تطمئن له النفوس أن يكون مرجعا كلما شاء الإنسان أن يزن قوله أو عمله هل هو على الحق أو على الباطل...فكثيرا ما تغلب النفس الأمارة النفس اللوامة أما النفس المطمئنة فهي الحالة التي يريدها كل إنسان و يرغب في تحقيقها كل مجتمع و تبتغيها كل أمة...و من أجل ذلك أنزل الله كتاب الحق...

و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...
الأستاذ المبدع سعيد نويضي،

تأصيل للمسألة دقيق، فأنى لامريء أن يداوي الآخرين والعلّة كامنة في عقله وقلبه !!
المشكلة أنّ هذا النوع لا يعترف بعلّته، ويكابر رغم وضوحها للعيان. فهو -كما ورد في الأثر- "تُبْصِرُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ ، وَتَنْسَى الْجذَاعَ فِي عَيْنِكَ"... فسبحان الله الذي يعلم السر وأخفى.

ومن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، أن يكبّر صغائره، فيجعل منها مادّة إعلامية تلوكها الألسنة، ولا يتعرّض بكلمة لكبائر العدوّ -الداخلي والخارجي- الذي يتربص بأمتنا الدوائر، ويسعى بكل السبل لخراب البلاد والعباد.

رزقنا الله وإياكم الفهم، والعدل في الأحكام.

ونحن بانتظار عودتكم الثرية مرات ومرات.

تحياتي، والمودة.

سامي خمو
06/02/2013, 07:49 AM
الأستاذ الفاضل والأديب الكبير أحمد المدهون،

شكراً على إثارة هذا الموضوع الحيوي الذي كان، ولا يزال أحد أسباب أعتكاف، أعضاء نشطاء في جمعيتنا.

لقد أسهب الإخوة الكرام في إيضاح النقد الحقود الهدّام الذي يتمثل في الطعن والمبالغة في ذكر مساوئ الخصم واللجوء إلى ما يطلق عليه "اغتيال الشخصية".

لكنني أود التركيز على النقد البناء. فما هو النقد البناء؟ في رأيي أن النقد البناء يتمثل في النقد الموضوعي المجرد والتركيز على الفكرة أو الموضوع المختلف عليه بدلا من الطعن في شخصية الخصم، والابتعاد عن المبالغة في المزايا الشخصية للناقد والتقليل من شأن الخصم. كأن يقول الناقد للخصم: "أنني احترم شخصك الكريم لما تتمتع به من مزايا حميدة ولكنني أختلف مع الفكرة التي تؤيدها أو وجهة النظر التي تحملها تجاه الموضوع المختلف عليه". مع شرح وجهة نظره للخصم بأسلوب منطقي وموضوعي بكل أدب واحترام. وبذلك يحترم الناقد نفسه ويقدم للخصم القدوة الصالحة. لأن الطعن في شخصية الخصم يفتح المجال للرد المعاكس بنفس الأسلوب ويستمر المتخاصمان في النقد الحقود والنقد المعاكس دون الوصول إلى النتيجة المرجوة.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الأسلوب الخاطئ في النقد حدث مراراً في منتديات جمعيتنا العزيزة.

مع خالص الود،

سامي خمو

ياسر طويش
06/02/2013, 08:28 AM
للنقاش: النقد حين يكون مدفوعاً بالحقد

المراقب للساحة السياسية والاجتماعية في عالمنا العربي الذي يشهد موجة من التقلّبات والتحولات السياسية يلحظ ظاهرةً غريبة في ممارسات (المعارضة) و (الموالاة)، أبرز ملامحها فقدان الثقة، والإتهامات المتبادلة، والردح الإعلامي، بل ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى استخدام العنف والتخريب للتعبير عن رفض الآخر.

تهدف هذه االمناقشة إلى:

1- إبراز أهم العوامل المؤدية إلى (رفض الآخر) وعدم احتمال اعتلائه السلطة حتى لو جاء من خلال الإحتكام إلى صناديق الإقتراع، أو (استبعاد الآخر) حال الوصول إلى السلطة بالوسائل السلمية.
2- كيف يكون التعامل مع النقد المدفوع بالحقد والتشفّي والإنتقام ؟
3- وهل من سبيل للخروج من هذه الحالة المتأزمة ؟

بانتظار تعليقاتكم، ومشاركاتكم.
تحياتي.

أخي واستاذنا وأديبنا الأريب القدير الفاضل أ. أحمد المدهون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام على إخوتنا الأفاضل الأجلاء
- أ. نايف ذؤابة
- أ. سعيد نويضي
- سامح عسكر
- أ. فؤاد عزام
- أ. سامي خمو
السلام على جميع من مروا, ومن سيمرون من هنا
موضوع قيم منتقى بعناية, جدير بالإهتمام, والمتابعة, والتعليق, والتوقف عنده طويلا
لأخينا الراقي أ. أحمد المدهون

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه"
والأعمال بالنيات أخي وأستاذنا تصديقا لحديث رسول الله (ص)
" إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل أمرئ مانوى"

فماذا نعني بالنقد؟

وماذا نعني بالنقد الذاتي؟

وماذا نعني بالنقد الهدام, والنقد الإيجابي ؟

إن مفاهيم النقد، والنقد الذاتي، والنقد الهدام، والإيجابي: ماهي إلا مفاهيم يكثر تداولها في الاجتماعات الخاصة، والعامة، وفي العديد من الكتابات التي تتناول نتائج تلك الاجتماعات، التي تعرف ارتكاب أخطاء بشكل مقصود، أو غير مقصود، فيمارس النقد، سواء كان موضوعيا، أو كان هداما، ويطلب من المرتكب للخطأ، أن يقدم نقدا ذاتيا، فيرفض، لاعتقاده أنه فوق النقد، وفوق ان يقدم نقدا ذاتيا. وما قام به، أو قاله، هو الحقيقة عينها، سواء حصل منه ذلك في إطار حزبي، أو في إطار نقابي، أو في إطار حقوقي، أو ثقافي، أو تربوي.

والمشكل ليس مشكل:

هل نقبل ممارسة النقد بشكله الموضوعي، أو حتى بشكله الهدام، أم نرفضه؟

وهل نقدم نقدا ذاتيا، إذا بدر منا فعل، أو نطقنا بقول يستوجب ذلك؟

بل المشكل هو:

هل نستوعب مفاهيم النقد، والنقد الذاتي، والنقد الهدام؟

وهل نميز بين هذه المفاهيم، أم لا؟

إننا عندما نمعن النظر في المفاهيم النقدية، المطروحة في الممارسة اليومية، وفي العلاقات القائمة بين البشر، في مختلف الإطارات المفعلة في المجتمع، نجد أن متداوليها، غالبا ما يفهمونها فهما مغلوطا، يجعلهم يوظفونها توظيفا سلبيا، تجاه الآخر، المستهدف بالنقد الموضوعي، أو الهدام، والمطلوب منه أن يقدم نقدا ذاتيا. ونظرا لكونه هو لا يتعامل مع المفاهيم النقدية تعاملا سليما، فإنه يرفض النقد، ويرفض النقد الذاتي، ويرفض النقد الهدام.

ولذلك، علينا أن نحدد المفاهيم النقدية، المتداولة بين البشر في الحياة اليومية، وفي الإطارات الجماهيرية، والحزبية، وفي كل مجالات الحياة، حتى يتحدد:

ما هو النقد المسموح به؟

وما هو النقد غير المسموح به؟

ومتى يستوجب النقد تقديم النقد الذاتي؟

وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر لتقديم النقد الذاتي؟

إن مفهوم النقد، ينصب على تشريح ممارسة معينة، من أجل الكشف عن إيجابياتها، وعن سلبياتها، في أفق ترسيخ إيجابياتها، وتنميتها، ونشرها، وتجاوز السلبيات التي تعرقل السير العادي للأفراد، أو للتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، من أجل أن يعرف الأفراد تطورا نوعيا، في اتجاه ممارسة الأحسن، مما يقف وراء التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وهو ما يجعل النقد ضروريا للتقويم، من أجل إنتاج الممارسة الإيجابية، لتطور المسلكية الفردية، والجماعية، في إطار المجتمع، وفي إطار التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، فتطور الأفراد كنتيجة للنقد الذي لا يكون إلا موضوعيا، يؤدي بالضرورة إلى تطور الواقع في تجلياته المختلفة، وتطور الواقع يؤدي بالضرورة إلى تطور التنظيمات الجماهيرية، والحزبية، التي ينعكس تطورها إيجابا على تطور الواقع، وتطور الأفراد، نظرا للعلاقة الجدلية القائمة بين مختلف المكونات، التي تتفاعل فيما بينها باستمرار.

والنقد عندما ينصب على الأفراد، أو على التنظيمات الجماهيرية، أو على التنظيمات الحزبية، أو على أي مكون من مكونات الواقع. وهو عندما يكون موضوعيا، وواضحا، وبالغا أهميته، يستوجب ما صار يعرف بالنقد الذاتي.

فماذا نعني بالنقد الذاتي؟

إن مفهوم النقد الذاتي، الذي لا يقع إلا بعد توجيه النقد إلى الشخص، أو إلى التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، الذي لا يكون إلا موضوعيا، وواضحا، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الاعتراف بالقيام بالممارسة الخاطئة، وما أدت إليه من نتائج ألحقت الضرر بالواقع، في تجلياته المختلفة، أو أضرت بممارسة التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، في علاقتهما بالواقع، والالتزام بعدم القيام بنفس الممارسة، حتى لا تؤدي إلى نفس النتائج.

ونظرا لكون الممارسة الخاطئة، عندما تتم مرة أخرى، تفسد علاقات الواقع، وعلاقات التنظيم الجماهيري، وعلاقات التنظيم الحزبي. لذلك، كان الالتزام بعدم إنتاج نفس الممارسة أساسيا، وضروريا، بعد الاعتراف بالقيام بالممارسة الخاطئة.

والنقد الذاتي يتخذ عدة مستويات:

1) مستوى النقد الذاتي الفردي، أمام الجهاز الذي ينتمي إليه ذلك الفرد، إذا كانت الممارسة الخاطئة من إنتاج الفرد، وليست من إنتاج الجهاز الذي ينتمي إليه، حتى يتم تقويم ممارسة الفرد، في العلاقة مع الجهاز، وحرصا من الجهاز على عدم قيام الأفراد، المنتمين إليه، بإنتاج الممارسة الخاطئة.

2) مستوى النقد الذاتي الذي يقدمه جهاز تنفيذي جماهيري، منتج للممارسة خارج القرارات، التي يتخذها الجهاز التقريري، الذي يفرزه، بعد الاعتراف بذلك، والالتزام بعد القيام بنفس الممارسة، التي استلزمت تقديم النقد الذاتي أمام الجهاز التقريري، حتى لا يحصل تناقض بين ما يقرر في الإطار الجماهيري، وما يمارس في الميدان. فإذا حصل ذلك التناقض، يضطر الجهاز إلى الاستقالة، أو إلى الإقالة، لإتاحة الفرصة أمام انتخاب جهاز آخر.

3) مستوى النقد الذاتي، الذي يقدمه جهاز تنفيذي حزبي، أمام جهاز تقريري حزبي، بعد إنتاج الممارسة المتناقضة، مع ما يتم تقريره في الإطارات التقريرية الحزبية، من المؤتمر، إلى المستويات التقريرية فيما بين المؤتمرين، والالتزام بعدم إنتاج الممارسة المتناقضة، مع ما يتم تقريره، حتى يبقى الجهاز التنفيذي منسجما مع الأجهزة التقريرية، وإلا، فإن على الأجهزة التقريرية، أن تقوم باللازم تجاه الجهاز التنفيذي، الذي يلزم بتقديم استقالته، أو إقالته، أو فصله من الحزب، وإعادة انتخاب جهاز تنفيذي جديد، يلتزم بقرارات الأجهزة التقريرية المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، أو الوطنية، في مستوياتها المختلفة، من أجل المحافظة على الوحدة الأيديولوجية، والسياسية، والتنظيمية للحزب. وإلا، فإن عدم الانسجام بين الأجهزة التنفيذية، والأجهزة التقريرية، سوف يؤدي إلى تقسيم الحزب، وتشرذمه، وضعفه، مما لا يستفيد منه إلا الجهات التي تتربص بالحزب، وتسعى إلى تقسيمه، وتشرذمه، كما يحصل ذلك عادة بالنسبة للأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، وبالنسبة للأحزاب العمالية بالخصوص، والتي تسعى إلى تنظيم الطبقة العاملة، تنظيما سياسيا.

وما تقوم به الأجهزة التقريرية، في حق الأجهزة التنفيذية، تقوم به كذلك الأجهزة التنفيذية للمنظمات الجماهيرية، والحزبية، في حق الأفراد المنتمين إليها، والذين ينتجون ممارسات نقيضة لما تلتزم به الأجهزة التنفيذية، مما يتقرر في الأجهزة التقريرية للتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، حتى يلتزم الأفراد بتقديم استقالتهم، أو تتم إقالتهم، أو يطردون من التنظيم، لإتاحة الفرصة أمام إمكانية تعويضهم بأشخاص آخرين، لا ينتجون نفس الممارسة، ويتصرفون في إطار الالتزام بتنفيذ القرارات، التي يتم اتخاذها في الأجهزة التقريرية، لأي تنظيم جماهيري، أو حزبي، والتي تعتمد في اتخاذ القرارات الخاصة بالجهاز التنفيذي، والتي تكون ملزمة بدورها لأفراد هذا الجهاز، أو ذاك.

وهكذا يتبين أن النقد الذاتي، الذي يترتب عادة عن تقديم النقد بطريقة موضوعية، يستلزم عدم إنتاج نفس الممارسة المستلزمة للنقد، وتقديم النقد الذاتي، مما يترتب عنه تقديم الاستقالة، أو الإقالة، أو الطرد بالنسبة للأفراد، ولأي جهاز تنفيذي، لوضع حد لإنتاج الممارسة النقيضة، لما يتم تقريره، لإثبات وجود قوة التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، كأجهزة تقريرية، في وجه الأجهزة التنفيذية، التي لا تلتزم بالقرارات، وكأجهزة تنفيذية، في وجه الأفراد الذين لا يلتزمون بالقرارات المذكورة، وبقرارات الأجهزة التنفيذية المترتبة عنها.

وإذا كان النقد، والنقد الذاتي، يلعبان دورا كبيرا، وأساسيا، في تقويم مسارات الأفراد، والتنظيمات الجماهيرية، والحزبية، فإن شكلا آخر من النقد، كثيرا ما يمارس في الميدان، من أجل تخريب مسارات الأفراد، والتنظيمات الجماهيرية، والحزبية. وهذا الشكل من النقد، لا يستلزم النقد الذاتي، لأنه ليس موضوعيا، وهو ما درج الكتاب على تسميته بالنقد الهدام.

فما المقصود بالنقد الهدام؟

وما هي الغاية من اللجوء إلى هذا النوع من النقد؟

إننا عندما نلجأ إلى استعمال مفهوم النقد الهدام، فلأنه يشكل نقيضا للنقد البناء؛ لأن ما يجمع بينهما، هو مصطلح النقد، الذي يوصف في الحالة الأولى بالهدام، وفي الحالة الثانية بالبناء، ليشكلا بذلك مفهومين متناقضين: الأول يهدم، والثاني يبني، والأول غير موضوعي، والثاني موضوعي، الأول لا يستلزم إلا هدم ما هو مبني أصلا، والثاني يستلزم تقويم الأخطاء المرتكبة في عملية البناء، بعد تقديم النقد الذاتي، من قبل الجهات الممارسة لتلك الأخطاء.

ولذلك، نجد أن الأصل في النقد، أن يكون بناء، عندما يكون موضوعيا، بتناوله لممارسة معينة، من أجل استثمارها في عملية البناء، وبما أن سلبياتها من أجل تجاوزها، حتى لا تتكرر في عملية البناء المستمرة، أما عندما لا يكون النقد بناء، فإنه يصير هداما، والنقد الهدام، هو الذي يختلق كل ما هو سلبي في الأفعال، والأوصاف، وبالنسبة إلى الأشخاص، وإلى الهيئات، لا من أجل إخضاعهم لتقديم النقد الذاتي، بل من أجل ثنيهم عن الاستمرار في عملية البناء، وجعلهم عاجزين، بفعل الإحباط، عن القيام بأي عمل، كأفراد ينتمون إلى جهاز تنفيذي معين، في تنظيم جماهيري، أو حزبي معين، حتى يتعطل ذلك الجهاز عن الأداء، المطلوب منه الاستمرار في عملية البناء، أو كأجهزة تنفيذية مسؤولة، أمام أجهزة تقريرية لتنظيم جماهيري، أو حزبي معين، حتى لا تنجز أي شيء مما يتم تقريره، من أجل أن يصير التنظيم، بفعل الإحباط الذي يصيب الأجهزة التنفيذية، عاجزا عن الاستمرار في الوجود، أو على الأقل، عاجزا عن الفعل الإيجابي، في الواقع الذي يؤدي إلى التوسع، والتطور، حتى لا يصير متجذرا في الواقع، وخاصة في صفوف المعنيين بالتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، وحتى لا يحقق التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خدمة لمصالح المستفيدين من الأزمات المتراكمة في الواقع. والمستفيدون من تلك الأزمات، ليسوا إلا الواقفين وراء ممارسة النقد الهدام على الأفراد، وعلى الأجهزة المناضلة بالخصوص.

والغاية من اللجوء إلى ممارسة النقد الهدام، تختلف باختلاف مجالات ذلك النقد.

فالغاية من النقد الهدام الموجه للأفراد، تتمثل في تشويه صورهم في المجتمع، وفي القطاع الذي ينتمون إليه بصفة خاصة، وفي أوساط عائلاتهم، وأسرهم، وأمام الأجهزة التي ينتمون إليها، حتى تتلاشى قيمتهم التي يحسب لها حساب في واقعهم، ليصير كل ذلك مضرا بمكانتهم الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو السياسية، ومن أجل الوصول بهم إلى اليأس من القيام بإنتاج الممارسات التي كانوا يقومون بها، فيتوقفون عن إنتاجها كأفراد، في أجهزة تنفيذية، لمنظمات جماهيرية، أو حزبية، لتتحقق بذلك الغاية من ممارسة النقد الهدام، الموجه للأفراد، مما ينعكس سلبا على الإطارات الجماهيرية، والحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وعلى الجماهير المتمثلة في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم مستفيدين من الممارسة النضالية، التي يمارسها الأفراد في الإطارات المذكورة.

وبالنسبة للغاية من النقد الهدام، الموجه إلى الأجهزة التنفيذية، هو تشويه صورة تلك الأجهزة في المجتمع الذي تعمل فيه، وفي صفوف القطاعات التي تخصها وفي صفوف المنتمين إلى التنظيمات التي تقودها تلك الأجهزة، وأمام الأجهزة التقريرية، التي أفرزتها، حتى تصير تلك الأجهزة غير ذات قيمة أمام المجتمع، وأمام القطاعات التي تنتمي إليها، وأمام التنظيمات التي تقودها، وأمام الهيئات التقريرية لتلك التنظيمات، حتى يصير التنظيم، سواء كان جماهيريا، أو حزبيا، في خبر كان، بسبب تعرض الأجهزة التنفيذية للنقد الهدام، الذي يلحق الضرر الكبير بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ممن تناضل الأجهزة التنفيذية، لمختلف التنظيمات الجماهيرية، والحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية لصالحهم، ومن أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في واقعهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يطمح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى تغييره لصالحهم.

وعلى مستوى الغاية من النقد الهدام، الموجه إلى التنظيم برمته، فإنها تتمثل في العمل على تشويه التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، أمام الجماهير المعنية، التي تعمل على التخلص من التنظيم، وعدم التعامل معه، كما يسعى إلى ذلك ممارسو النقد الهدام، في حق التنظيم، خدمة لمصالح الجهات المتضررة، من وجود التنظيم الجماهيري، أو الحزبي: الديمقراطي، أو التقدمي، أو اليساري، أو العمالي، كما هو الشأن بالنسبة للطبقة الحاكمة، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المخزني، والمتخلف، وباقي الممارسين للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم من يقف وراء ترويج النقد الهدام، للتنظيمات الجماهيرية، والحزبية، حتى لا تنتزع مكاسب معينة للمعنيين بها.

وحتى تتم محاصرة النقد الهدام، يجب الحرص على دمقرطة التنظيمات، وعلى تقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ويساريتها، وعماليتها، إذا كانت حزبية، وأن تعمل على تشريح النقد الهدام، ونقض أطروحاته، وإبرازه على أنه مجرد ترهات، وأكاذيب، تهدف إلى النيل من الإطارات الجماهيرية، والحزبية المناضلة، وقيادة هجوم مضاد للنقد الهدام، وللجهات التي تقف وراءه، وتعبئة الجماهير الشعبية الكادحة، ضد تلك الجهات، وفي إطار ممارسة الصراع الطبقي الحقيقي، في مستوياته المختلفة، لانتزاع المزيد من المكاسب لصالح الكادحين، وبالكادحين.

منقول بتصرف
مع تحية خاصة لأخي أ. أحمد المدهون






-

ياسر طويش
06/02/2013, 09:13 AM
يبدو لي أن الناقد المدفوع بالحقد والإنتقام لن يرى في المخالف أو المعارض أو الطرف الآخر عموماً، إلا كلّ ما هو أسود، وستغشى عيناه ولسانه وقلمه عن كلّ حسنة أو خير أو منفعة تتحقق على أيدي مخالفيه. وفي أحسن الأحوال سيتجه إلى اتهام النوايا، ويقرر أنهم ما فعلوا ذلك الخير إلا لأهداف خبيثة.

ويحضرني في هذا المقام أبيات الإمام الشافعي المشهورة:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمـن لا يهابنـي
ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتـي
وإن تنأ عني تلقني عنـك نائيـاً
كلانا غني عـن أخيـه حياتـه
ونحـن إذا متنـا أشـد تغانيـاوكم أعجبتني قصة الأستاذ سعيد النويضي، بعنوان (نقد على النقد)، [ يمكن الإطلاع عليها بالضغط هنـــــا (www.wata.cc/forums/showthread.php?91020)]، وتعقيبات المتداخلين عليها.

هناك فرق بين النقد الهادف البنّاء، والنقد من أجل النقد الذي لا يعدو أن يكون تفريغاً لأحقاد دفينة، ودفعاً للفشل، وانتظاراً لسوء المآلات؛ فـ "فرق كبير بين عين النحلة وعين الذبابة" كما أشارت إلى ذلك الأستاذة سميرة رعبوب.

وقد شخّص الأستاذ نايف ذوابة نفسية هذا النوع من الناقدين من أجل النقد، وعزاه إلى (تضخّم الأنا)، فقال:

"تضخم الأنا يجعل من الإنسان قيما على الآخرين ولا يرى فيهم إلا عيوبهم ونقائصهم .. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا.
هناك نفوس تشعر بالقفر فترى في نفوس الناس كلها قفرا ولا تبصر من عظمة إنجازها شيئا .. لأن إدراك عظمة إنجازهم إزراء بهؤلاء الذين خمدت فيهم الموهبة وهمدت جذوة الكفاح والاجتهاد .."

وهذا تشخيص دقيق، لحالة مرضية متفشية لدى أولئك المتعالمين الذي يظنون أنهم يحسنون صنعاً، لكن تناقضاتهم وكلالة أعينهم عن رؤية محاسن مخالفيهم تفضحهم، وتسقطهم من أعين الباحثين عن الحقيقية المجرّدة.

بانتظار تعليقاتكم، ومشاركاتكم.

تحياتي.

أسعدنا التواجد هنا على متصفحكم البهي أخي وأستاذنا الجليل: أ. أحمد المدهون
وإنه لمن دواعي سرورنا أن نتابع موضوعكم القيم هذا على متصفحات واتا العطاء’ والنقاء, والتسامح, والمحبة

مع هذا الإهداء:

بون شاسع يامولانا بين القادة والأذناب ْ
بين الحب وبين البغض وبين السادة والأغراب
بين فؤاد ينزف ودا لما نتعاطى الأسباب
بين أديب بين أريب بين الواشي والمرتاب
بين يراع ينشر طيبا للأصحاب وللأحباب
بين سخي بين كريم بين الكساب الوهاب
بين المتلقي والكاتب بين خطاب بين كتاب
بين النقد وبين الحقد وبين سراب بين هباب
بين وئام بين هيام بين شبابك والشياب
كيف نعبر ياأستاذي لما نطرقها الأبواب
ولماذا ياأحمد قل لي لمتى نبقى دون جواب
لما نسأل عمن نهوى أينهم أين الغياب
ولنا عودة يااستاذي بعد معاناة وعذاب
كي نرسم للود طريقا تتسامى فيه الأعراب

تحية ترقى لتليق باستاذنا البهي المبدع الرائع
أ. أحمد المدهون


للأصالة عنوان

أحمد المدهون
12/02/2013, 11:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله

الأستاذ الفاضل احمد المدهون..حياكم الله..

تعليقي بكٌليمات أرجو النَظر فيها بعُمق وتروّي

تضخم الأنا"المُدرك"ملازم لكل إنسان..ومن يدعي الموضوعية"الدائمة" كمن يدعي وصلاً بليلى.. في ما تعتبره أزمات لابد من تضخم تلك الأنا وإلا لكان الشر عدم.

إذاً ما الذي يحدث؟

الذي يحدث هو أننا بنقدنا لمن لا يلزم الموضوعية بنقده نكون غير موضوعيين، وإلا لقُمنا بنقد أنفسنا ابتداء، كالذي يشكو من جهةٍ ما لعدم نقدها لحدثٍ ما أو لفريقٍ ما، هو يُزايد عليها ويريدها تفكر بنفس طريقته وتسلك نفس سلوكه.

أما عن الحقد فنحن بحاجة لتعريفه وفهمه قبل إسقاطه، وإلا لاعتبرنا أن منتخب البرازيل يحقد على منتخب مصر!..فقد يكون وراء السلوك خوفاً أو حِرصاً أو كفاحاً أو تضحية.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً بك يا أستاذ سامح راجياً أن يكون لك نصيب كبير من التسامح

تضخم الأنا، ليست في مستوى واحد لكلّ الأشخاص؛ وهي فيمن اغترّ بعلمه أوفر حظّاَ، لعلّة نفسية تسكنه توقعه في حالة ما أطلقنا عليه في كلام سابق في غير موضع (وهم الكمال). هذه النوعية من البشر ترى نفسها فوق النقد، وأن ما عندها هو الحق المطلق. هذه مشكلة نفسية تحتاج إلى علاج وتدريب على المناقشة والمحاورة والإستعداد النفسي لتقبّل الآخر وتعدد الرأي في القضية الواحدة.

تتعقّد المشكلة النفسية لهذه النوعية فتصبح من النوع المركب إذا تلبست بالكراهية للآخر، فعند ذلك، تكون الحواجز النفسية والعقلية والقلبية، الأمر الذي يسدّ سبل الحوار، ويصبح بذلك نوعاً من حوار الطرشان، أو حواراً من طرف واحد، أو استقطاباً حادّاً كما يحصل في مجتمعاتنا التي لا تحتمل تعدد وجهات النظر، وتقبل الآخر.

ولقد سبقت الإشارة إلى تعريف الحقد لغوياً كما أشار إليها الأستاذ سعيد نويضي في مداخلته، ونقل لنا ما جاء في لسان العرب: "الحِقْدُ: إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها." وسأجتهد في الإشارة إلى بعض المظاهر إلى توضح متى يكون النقد مدفوعاً بالحقد:

1- الحاقد لا يتمنّى للطرف الآخر الفوز والنجاح في مشروعه؛ بل يحاول جاهداً "طفسه" وطمس إيجابياته وإنجازاته.
2- يحرص الحاقد على التغلّب على الطرف الآخر بكلّ وسيلة ممكنة، ولو بليّ أعناق النصوص، وتحميل الكلام ما لا يحتمل، وقلب الحقائق، أو تأويلها تأويلاً فاسداً. بخلاف الأدب العالي الذي أرساه الإمام الشافعي - رضي الله عنه - بقوله: "ما جادلت أحداً إلا تمنّيت أن يظهِر الله الحق على لسانه دوني".
3- يتحيّن الحاقد أخطاء خصمه، وهفواته، وهناته، فيضخمّها ويلوك بها في المجالس والفضائيات، ويجعل منها سبباً للتخلف ومؤشراً على استفحاله.
4- الحاقد يستعلي على مناوئه ومخالفه في الرأي، فلا يجده مؤهلاً للعلم، والقيادة، والريادة، بل يتعدّى عليه بالسبّ والشتم والإستهزاء وتسفيه رأيه ومواقفه.
5- الحاقد يرمي الطرف الآخر بالشبهة، ولا يكلّف نفسه بالتحقيق في الشائعة الإعلامية ضد خصمه، لأنها ببساطة تتوافق مع ما في نفسه، وتعطيه نوعاً من الشعور بالإنتصار والشماتة به.
6- الحاقد، في مقابل ذلك، يغض الطرف عن عمالة أطراف أخرى، ومؤامرات خبيثة تحاك ضد بلده ووطنه، على طريقة "عدوّ عدوّي، صديقي"، أو على أقل تقدير "مش وقته"!! لأنه يتخيل أن معركته المصيرية مع خصمه ذاك، وليس غير.
7- الحاقد لا ينصف خصمه، حتى لو كان حقه أوضح من الشمس في رابعة النهار، بل يزيد الطين بلّه بتأويله تأويلاً فاسداً.
8- الحاقد لا يبحث عن نقاط الإلتقاء، بل يبحث عن نقاط الخلاف دوماً.

أرجو أن أكون قد أوضحت بعض المؤشرات التي تظهر حقد الناقد في نقده للطرف المخالف، وهي لا تخفى على المراقب المحايد، والمنصف، الذي لا ناقة له ولا جمل في عمليات الإصطفاف، والتحشّد وراء هذا الفصيل أو ذاك.

أشكرك لمداخلتك القيمة،
ولك فائق تقديري.

سامح عسكر
13/02/2013, 12:24 AM
الشكر لله أستاذ احمد..

الحقد لذاته لا يهمني تعريفه الآن قبل رصد ودراسة الدوافع من وراء النقد ..لأن ما ينطبق على الناقد-حينها- سينطبق على المنقود بل وعلى الراصد أيضاً، فالحياة صراع بين أطراف كلُ يعمل لما يراه أنه الحقيقة، لذلك قلت أننا بحاجة لتعريف الحقد وفهمه في آنٍ واحد، لأن التعريف بمفرده سيُدخلنا في حيز الاتهام ...وأي اتهامات ستحدث لن تخلُ من النسبية.

أما الفهم فهو الدليل للإسقاط..كمثال من يرى في كِفاح المعارضة ضد الحكومة أنه نوعُ من الحِقد، وأن الإنجاز الحكومي ينفع في جانب ويضر في آخر، هذا غير حقيقي..فإذا سلمنا بوجود هذا الحقد فهو في جانب منفعي كمن تضرر من شخص فقام بنقده من أجل الضرر وليس من أجل المعيار..وهؤلاء لهم وجود بالفعل ولكن لا ينبغي بأن نُعمم الحقد على الناقد بمجرد المؤشرات كما فعلت حضرتك


أرجو أن أكون قد أوضحت بعض المؤشرات التي تظهر حقد الناقد في نقده للطرف المخالف، وهي لا تخفى على المراقب المحايد، والمنصف، الذي لا ناقة له ولا جمل في عمليات الإصطفاف، والتحشّد وراء هذا الفصيل أو ذاك.

فهذه المؤشرات تتوافر لدى أغلب الناقدين، ولكن بعضهم يرى في نقده وسيلة للتقويم ولمقاومة التغول وأدواء الانتفاش والدونية وغيرها، فإذا قلنا بأن هؤلاء يحقدون لما كان لدينا ناقد حقيقي..حتى المنقود نفسه كان عُرضة لهذه المؤشرات في مكانٍ وزمانٍ ما.

بالنسبة لجزئية الإنصاف فهي ضرورية على الأقل للرؤية السليمة ..ولكن ميعاد طرح هذا الموضوع يشي بأن المقصود منه هو اتهام من ينقد الإخوان والنظام المصري بالحقد، فعالم الإنترنت والصحافة الآن ملئ بمثل هذه الأعمال، وأنا أرى أن النظام المصري بلغ مبلغاً من الخطر على المصريين لم يبلغوه في زمان مبارك وقد توقعت ما يحدث الآن في مصر في كثير من أعمالي النقدية منذ شهور ..بل وفي كتابي منذ أكثر من عام.

لعلك ترى ما يحدث الآن في مصر.. وكيفية سريان الأحداث والكُفر بجميع آليات ووسائل الديمقراطية واحترام الآخر والقانون، فلا نظن للحظة واحدة بأن ردود الأفعال ينبغي تحجيمها بهذه المؤشرات، لأن رد الفعل هو شكوى في ذاته من الظلم وشعور بألم نفسي وعقلي من أحكام وأحداث غير مطابقة للعقل ولا للدين.

هامش:أنا أتكلم من حيثية الأحكام العامة في موضوعك وليس من حيثية أي تفاصيل كي نتفق أو نختلف حولها، أنا عن نفسي أمارس الإنصاف قدر استطاعتي باعتبار أنه واجب وليس كرماً أو تفضلاً منا على أحد..ومع ذلك فينبغي لنا محاكاة الواقع كما هو لا لتلميع أي موضوعية سلبية قد تُفهم في سياق آخر غير التي سيقت من أجله.

أتمنى أن أكون قد وُفّقت في شرح المُراد
لك خالص تقديري