المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللغة العربية والدولة الإسلامية، خدمات متبادلة



أيمن أحمد رؤوف القادري
30/04/2007, 06:00 PM
اللغة العربية والدولة الإسلامية
«خدمات متبادلة»
د.أيمن أحمد رؤوف القادري
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وحباه القدرة على التعبير عما يجول في خاطره، من أمور، أبرز ما يحركها التأمل الحسي. قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد/8و9]. فكأنه جعل دور اللسان والشفتين أن تترجم مشاهدات العين. وإذا كان في مقدور الإنسان أن يعبّر بأشكال شتّى، كالانفعال الذي يظهر في النبرة أو يطفح به الوجه، أو كالحركة الجسدية، أو كالرسم، وما إلى ذلك… فإن كل هذه الوسائل تبقى قاصرة أمام سحر الحروف التي تستوعب كل حاجات الإنسان في إظهار ما يختلج في قرارة ذاته.
وإذا كان من مهام أي دولة أن تعالج واقع الأمة، وتعبر عن مفاهيمها وأساليب عيشها تعبيراً عملياً عبر معالجتها - أي معالجات الدولة – الدستورية، وعبر مؤسساتها وأنواع سلطاتها… فإن بداية كل ذلك التبعير باللسان. إن أول عمل سياسي قام به موسى عليه السلام في وفادته إلى فرعون اعتمد على اللسان ﴿فَقُولا لَهُ قَولاً لَيِّنًا﴾ [طه/44]. ولما استشعر موسى أن لسانه لا يفي، قال: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه/27و28]. وقد كان الخلفاء الراشدون يبدأون مراسم تقلد السلطة الدستورية في الدولة بخطاب… ما يعنيني هو دور اللغة ولاسيما العربية في الدولة والقانون… وهذا موضوع بحثي الوجيز هذا.
وليست غايتي من هذا البحث الدخول في صياغة نظرية أو افتراض مثالي، وإنما هو استشراف لليوم الذي تقوم فيه الدولة الاسلامية الجامعة، فتتبنى اللغة العربية لغة حضارة، ولغة تشريع، ولغة تعبير.
وما سيلي من تصورات، قابل للإسقاط على أرض الواقع، وللتنفيذ الدقيق، إذا وجدت الإرادة الواعية، والسلطة التنفيذية الملتزمة بما تطرحه من شعارات. فالدولة كما نفهمها هي: الكيان التنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي ارتضتها مجموعة من الناس. وهذا التعريف أجدى من الآخر الذي يقتصر على ذكر الشعب والأرض والسلطة. هذه الأركان الثلاثة رغم أهميتها، إلا أنها لا تكفي إذا لم يجتمع سكان الدولة على مفاهيم ومقاييس وقناعات. من هنا أهمية القانون الذي ينظم اقتباس التشريعات من تلك المفاهيم والمقاييس والقناعات، كما يغرس القانون بالتالي تلك المفاهيم والمقاييس والقناعات في أذهان الأمة عبر تجسيدها في أحكام.
هذا عن الدولة والقانون. فأين دور اللغة؟
إن اللغة جزء أساس من حضارة الأمة، وعامل من عوامل وحدتها. وفي هذا يتكامل دور اللغة والدولة، فالدولة يجدر بها أن تمتن حضارة الأمة، وتشكل الإطار التطبيقي لشتى مظاهرها-أي مظاهر تلك الحضارة- كما يجدر بالدولة حماية الأمة من كل اعتداء خارجي أياً كان شكل هذا الاعتداء.
أمر آخر يتكامل فيه دورا اللغة والدولة… ذلك أن اللغة طريقة فهم، والدولة طريقة لتحويل الفهم إلى تفاهم بين الرعية. ثم بين الرعية والراعي.
أما دور اللغة في القانون فبالغ الأثر. لأن الذين يصوغون المواد القانونية يعتمدون لغة دقيقة صارمة، تلتزم الدلالة اللغوية الحقيقية، ولا تتوسع اعتباطاً في دلالات الألفاظ كما لا (تنفلش) في المجاز… أضف إلى ذلك أن الكتابات القانونية تجتهد في أن لا تحتمل نصوصها التأويلات قدر الإمكان. ولهذا كان لا بد لصائغ هذه المواد من مخزون لغوي وافر، وكذا قارئ هذه المواد بنية التطبيق.
وتتعقد المشكلة أكثر إذا كان على القانوني ترجمة القوانين.
ما ذكرناه آنفاً عام ينطبق على كل لغة، وكل قانون، وكل دولة… إنه إذاً ينطبق على اللغة العربية، والاجتهادات الفقهية الدائرة في فلك القرآن، والدولة الإسلامية.
فاللغة العربية وعاء الوحي، وعاء الوحي الأوحد، لا تجوز ترجمة القرآن مع إطلاق القول بأن الترجمة قرآن ووحي. وذلك لاعتبارين – وقد يكون لأكثر– أما الأول فهو أننا مأمورون بالتعبد بلفظه دون حيد. وأما الثاني فهو أن حجة الإعجاز يدخل في حيثياتها ثبات أصل القرآن دون تغيير لهذا الأصل، والترجمة تغيير… فما من ترجمة تتفق والأخرى، إذا أجريت كل واحدة بمنأى عن الأخرى.
والوحي قانون شامل لكمال المرسل، وهو الله المنزه عن النقص والخطأ، ولكمال الرسالة ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾[الأنعام/38] ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[المائدة/3] ولعموم النصوص عموماً مميزاً، بحيث تشمل تلك النصوص كل المتغيرات والمستجدات. ومع ذلك تعطي علاجاً تفصيلياً يدخل في دراسة التفاصيل والجزئيات. وقد ساعد على ذلك ولا ريب أن القرآن نزل ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾[الشعراء/195] بلغة قادرة على تكثيف الدلالات.
وعليه فإن وظيفة رجال القانون في المفهوم الإسلامي، تنحصر في فهم الوحي وإسقاط مفرداته على الوقائع المتجددة. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[الأحزاب/36]. وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [النساء/65]. وقال: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾[الشورى/21]. ولهذا التلازم بين القرآن والتشريع واللغة قال أحمد بن فارس في "الصاحبي" ص32 إن السلف حرصوا على أن "يجتنبوا اللحن فيما يكتبونه أو يقرأونه، اجتنابهم بعض الذنوب". وقال ابن تيمية: "… فتعلم اللغة العربية من الدين ومعرفته فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" وقال: "لم يكن سبيل إلى حفظ الدين ومعرفته إلا بضبط اللسان". (اقتضاء الصراط المستقيم، ص96 و163 ط القاهرة).
وكان بودي لو اتسع المقام لإيراد أمثلة وافية على امتناع الاجتهاد الفقهي في الإسلام لدى تعذر فهم اللغة في مفرداتها أو وظائف حروفها أو تراكيبها أو مجازها. ولكن لكل مقام مقال!
إذا كان للغة العربية هذه المنة على القانون الإسلامي أي على الدولة الحاملة للمفهوم الإسلامي-… فإن على قوانين الدولة أن تنصف اللغة العربية، وأن تحميها من العبث، وإن شئت فقل من المجون، مجون المشككين والمضليين. وبيان ذلك في ثلاثة محاور:
أما الأول في تعاطي الدولة بقوانينها مع اللغة العربية في مجال الحماية من هيمنة اللغات الأجنبية. ويكون هذا باعتماد العربية لغة رسمية في المعاملات الإدارية والقضائية والتجارية والمصرفية… الخ. ولو تعددت الشعوب واللغات في كيان هذه الدولة. قال الإمام الشافعي: "إن الله تعالى فرض على جميع الأمم تعلم اللسان العربي بالتبع لمخاطبتهم بالقرآن والتعبد به" (الرسالة).
ويكون أيضاً باعتماد العربية في الخطاب الدبلوماسي الخارجي. كما فعل الرسول صلى االله عليه وسلم في رسائله إلى ملوك العرب والعجم. وكما فعل هارون الرشيد في رسالته المشهورة إلى نقفور ملك الروم… الخ. هذا الإجراء يبرز هيبة الدولة وتمسكها بكل مقدساتها، وما يظهر تفردها وشخصيتها، وما ينصر لغة الوحي عندها!
ويكون أيضاً باعتماد العربية لغة للعلوم كل العلوم في المعاهد. ودعك من المقولات المغرضة حول قصور لغتنا عن استيعاب متطلبات العصر، وتطورات التكنولوجيا، وسيل الاكتشافات. فالعربية لم تضق بمصطلحات اليونان أو الرومان أو الهنود أو الفرس. بل تجرأت واجتاحت تلك اللغات وغيرها. ولم تضق في هذا العصر بمصطلحات أوروبا وأميركا. وإنما غياب الدولة التي ترعاها وتتبناها هو الذي أبعد العربية عن ميدان العلوم ومصطلحاتها.
واعتماد العربية لتدريس العلوم لا يخدم العربية فحسب، وإنما يخدم أيضاً العلوم ودارسيها وتنهض الدولة علمياً، لسهولة فهم كل المستجدات والمكتشفات المتتالية بلسان تفهمه… ويفهمها.
ويكون أيضاً باعتماد العربية في واجهات المحال وأسماء الشوارع والأبنية والسلع لئلا يستولي على الإنسان، في بلاد العرب مثلاً الشعور بالتغريب والهزيمة الفكرية والثقافية، وهو يسير في شوارع مدينته!!
ويكون أيضاً بتشجيع الدولة الدراسات اللغوية الحضارية التي تعنى بإبراز سعة العربية وغناها، ومطاوعتها لكل جديد… والتشجيع يعني مكافأة أصحاب هذه الدراسات، وإبرازها والنفقة على نشرها.
وأما المحور الثاني فيكمن في تعاطي الدولة بقوانينها مع العربية الفصحى في مجال الحماية من اللهجات المحكية.
وهذا يكون بمنع شديد وصارم للإعلانات التجارية المكتوبة بالعامية. لأنها ضربة مباشرة للانتماء إلى حضارة تمثلها اللغة العربية. قال عوض شعبان: "وقد لوحظ استفحال هذه الظاهرة المرضية بعد التكريس الرسمي لعروبة لبنان.". (مؤامرة أنصار العامية على الفصحى– مجلة الفكر العربي– العدد 75 سنة 1994– ص157).
ودعك من الذرائع القائلة بأن العامية أكثر شعبية، وألين، وأقرب إلى قلوب الناس، أو بطونهم، أو جيوبهم.
ويكون تعاطي الدولة مع العامية، بالحد من التسويق للبرامج التلفازية العامية. فلقد شاعت نادرة على ألسنة الناس تصف اللغة الفصيحة العربية باللغة المكسيكية. المسلسلات المكسيكية (مدبلجة) بالفصحى، ويُقبِل– واخجلي– عليها الناس ويفهمونها… كباراً… وصغاراً. فهل تحتكر المسلسلات المكسيكية الفصحى… تباح لها وتحرم على غيرها!
كما يكون تعاطي الدولة مع العامية بملاحقة الكتابات المشبوهة المروجة للعامية، وإن تسترت بحرية البحث. إنها كتابات تعمل على إحياء العظام البالية، واللهجات المندثرة أحياناً، أو إحلال العاميات الباقية محل اللغة العربية الأم. قال عوض شعبان: "الثابت حتى الآن أن كافة الدعوات لاعتماد اللهجات العامية كأداة للتعبير الرسمي قد انطلقت من مرجعيات فرنسية ذات أهدااف سياسية تتوارى خلف دثار فكري…". (مؤامرة أنصار العامية على الفصحى– مجلة الفكر العربي– العدد 75– سنة 1994– ص155).
هذا لا يعني العزلة اللغوية، وحرق كل الكتب المكتوبة بحروف لاتينية، وقطع الألسن التي تنطق بغير العربية، أو رمي أصحابها بالعمالة… فالبديهي أن من تعلم لغة قوم أمن مكرهم. إلا أنه – وهنا يأتي الكلام على المحور الثالث– لا بد من تشريعات إدارية للدولة تقنن علاقة العربية بغيرها، ولاسيما على الصعيد الثقافي التربوي. لا بد أولاً من استحداث مراكز رسمية أو أهلية، لها طابع ثقافي، تكون مؤهلة لإلغاء الحاجة إلى مراكز ثقافية أجنبية تبث غزواً فكرياً. فلتقم مراكزنا– نحن– بالتعليم، تعليم اللغات الأجنبية وتحت إشرافنا.
ذلك أن أكثر المراكز الثقافية الغربية القائمة في بلادنا ينهج منهجاً لا يكاد يختلف… إذ يبث الشعور رويداً رويداً بتفوق لغته وسبقها. كما يعتمد نصوصاً تصور أنماط الحياة الغربية ومعتقداتها، التي تتنافى والأديان عامة! فلا بد من أن يكون منهج مراكزنا البديلة مراعاة الواقع الاجتماعي والأفق الذهني السائدين في وجدان الأمة، وإدراج ترجمات لنصوص عربية. وتشجيع ترجمة الدراسات اللغوية، التي تبرز خصائص العربية، حتى توزع في البلاد الأجنبية، لتكون دعاية للغتنا وحضارتنا.
وكذا لا يصلح أن تكون دراسة اللغة الأجنبية في المدارس مواكبة لدراسة اللغة العربية لا في عدد الحصص، ولا في السن التي يبدأ منها بالدراسة. وإلا نقع في ما سماه أحد اللغويين بالزنا اللغوي.
هذه الإجراءات السالفة ورقة عمل إلى الدولة التي تستشعر المسؤولية الحقة… ولعل من المناسب قبل وضعها موضع التنفيذ، إيجاد مناخات ملائمة، كالتركيز الإعلامي على دور اللغة في الحضارة، والعمل الجدي على بناء الشخصيات المسؤولة والعقدية في الأمة… وغني عن القول أن وضع هذه الأمور موضع التنفيذ يحتاج إلى الدولة الإسلامية التي تعيد هذه اللغة سيرتها الأولى، لغة الأمة، ولغة الدولة، ولغة الفقه، والعلم، والحضارة.

محمد بن أحمد باسيدي
30/04/2007, 07:09 PM
أخي الفاضل د. أيمن أحمد القادري
أحييك بها تحية من عند الله مباركة طيبة.
أشكرك على هذا المقال المفيد الذي يستبشر خيرا بمستقبل اللغة العربية رغم المحنة المؤقتة التي تعيشها اللغة والأمة اليوم في عصر العولمة والتغريب. كما أنني وجدت فيه إضاءات مفيدة تبين مكانة لغتنا المنيفة شرعا وتاريخا وحضارة.
أسأل الله عز وجل أن يعزّ أمّتنا ولغتنا, وأن يوفقنا لخدمة تراثنا الحضاري وإحيائه, واستئناف مسيرة النهوض العلمي لأمتنا الغراء.
ـــ
تحية مستبشرة
محمد بن أحمد باسيدي

أيمن أحمد رؤوف القادري
02/05/2007, 12:15 AM
الأستاذ الفاضل محمد بن أحمد باسيدي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سرني أن تعلّق على مقالتي، بارك الله فيك. وإنني أغتنم الفرصة أيضاً لأشدّ على أياديكم، بسبب جهودكم العظيمة في منتدياتكم المتنوعة، التي أرجو أن تقدّم الخير الجزيل لأمتنا المتعطشة.

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
04/05/2007, 12:34 AM
الأخ الكريم د. أيمن أحمد رؤوف القادري

جزيل الشكر لكم على مقالكم المهم الذي يسعدنا طرحه للنقاش عندما يحين عليه الدور، كما نفعل كل أسبوع فى منتدى علم اللغة.

ولكني أردت فقط أن أوجه إليكم سؤالين يتعلقان بقولكم:

"لا تجوز ترجمة القرآن مع إطلاق القول بأن الترجمة قرآن ووحي. وذلك لاعتبارين – وقد يكون لأكثر– أما الأول فهو أننا مأمورون بالتعبد بلفظه دون حيد. وأما الثاني فهو أن حجة الإعجاز يدخل في حيثياتها ثبات أصل القرآن دون تغيير لهذا الأصل، والترجمة تغيير… فما من ترجمة تتفق والأخرى، إذا أجريت كل واحدة بمنأى عن الأخرى".

وهذان السؤالان هما:

ما قولكم في من أجاز ترجمة معاني القرآن الكريم من بعض كبار رجال الدين؟

وماذا يفعل نحو سبعمائة مليون مسلم ممن لا يعرفون العربية؟ وهل ننتظر إلى أن يتعلموها؟ ومن يضطلع بمهمة تعليمهم؟

ولكم خالص شكري وتقديري.

أيمن أحمد رؤوف القادري
05/05/2007, 11:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ العزيز أحمد شفيق الخطيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كلّ خير إذ التمست الحقّ في مسألة ترتبط بعبادة المسلمين، عبر أقطار العالم، وترتبط بفهم قرآنهم، وإذ أحببْتَ أن تصوِّب مسار بحثي.
وأحبّ في التعليق على سؤاليك أن أركّز على عبارتي التي كانت محور الالتباس، ففيها قلتُ حرفياً: "لا تجوز ترجمة القرآن، مع إطلاق القول بأن الترجمة قرآن ووحي.."، وهذا يعني أنني لا أنكر الجهود المبذولة في ترجمة القرآن، ولكن الترجمة حينئذ تكون ترجمة لمعانيه، وهي العبارة التي استعملتموها في تعقيبكم. ولهذا قلتُ أنا إن الترجمة التي نقع عليها لا يجوز بأي حال أن تعتبر قرآناً أي وحياً. وأمّا مسألة الأعاجم وقراءة القرآن فإني أظنها تحلّ بعد فكّ لغز المسألة الأولى. ولقد تناولت في رسالتي الجامعية "موقف عبد القاهر الجرجاني من بحوث سلفه في الإعجاز القرآني"، مسألة ترجمة القرآن، وأُدرِك أن فقهاء أقرّوا بقراءة القرآن بغير العربية في الصلاة، وإن كان بعض الباخثين قد تأوّل كلامهم، أو نظر إلى الشروط الضيقة في هذا الإقرار، فقال إنه إقرار كلا إقرار. على أي حال تلك مسألة أخرى. ما أردته أنا تحديداً أن القرآن تترجم معانيه، إلى نص جديد ليس قرآناً ولا وحياً. وبارك الله فيك أيها الأستاذ الفاضل.

ريمه الخاني
06/05/2007, 10:23 AM
موضوع احترمه وسعيدة بادراجه\ولكن السؤال لماذا بعد كل هذا الحب لم نستطع فرض لغتنا عبر البلدان العربية؟ ولو فرديا
تحيتي لك

أيمن أحمد رؤوف القادري
07/05/2007, 12:24 AM
إلى الأخت الفاضلة ريمه الخاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك هذه الملاحظة، والذي أراه أن حبّ اللغة العربية لا يعطي ثماره إلا إذا ارتبط هذا الحبّ بجعل اللغة قضية أساسية مصيرية، عبر ربطها بمصير القرآن كلّه، وواقع الاجتهاد في فهم الدين. فالمؤرخون لتطوّر العربية يرون أن حالة الخمول في هذه اللغة بدأت حين أُقفِل باب الاجتهاد في الشريعة، وسيطر التقليد على مفاصل الحياة الفقهية. إن الاجتهاد في النصوص الشرعية، وهي عربية بداهة، يجعل الأمة حريصة على وعاء الأحكام الشرعية، التي تنظّم دستورها، ونظام حكمها، واقتصادها، وحياتها السياسية. فإذا عاد إلى الأمة حسّ النهوض العارم، وفهمت دور الشريعة في حياتها، ارتقى شأن هذه اللغة. أما ما نراه حالياً فهو أنّ اللغة الإنجليزية تتعزّز في بلادنا، لا لأنها أصلح، بل لأنها لغة المستعمر المستبد المتحكّم بتفاصيل المفاهيم التي تسود المجتمع، عنوة. على الأمة أن تفقه سبيل الرشاد، ولا تكتفي بالبكاء على الأطلال، أو إظهار الحبّ في قصائد ترفعها إلى حضرة اللغة، بعد.... أن تكون بأعمالها الطائشة، قد حنّطتها!!!

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
07/05/2007, 02:29 PM
الأخ الكريم د. أيمن القادري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر لكم على توضيح موقفكم من ترجمة معاني القرآن الكريم، وهو الموقف الذي أتفق معكم تمام الاتفاق بشأنه.
وتقديرا من منتدى علم اللغة لمقالكم المتميز هذا فإنه يسعدنا أن ننشره في زاوية (مقالات لغوية) على بوابة الجمعية خلال الأيام القليلة المقبلة بإذن الله، راجين منكم المتابعة.
تحياتي.

أيمن أحمد رؤوف القادري
07/05/2007, 05:14 PM
الأخ العزيز أحمد شفيق الخطيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر بادرتكم، وهيأ الله لكم سبل الخير.