المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الام الوحيدة فى عيدها(اطلال أم)



سعاد محمود
23/03/2013, 07:36 AM
اطلال أم

شقشقة عصافير الجنة، وهى تحضن صغارها فى أعشاشها فوق شجرة النيم المعمرة، التي تقف منتصبة، خلف نافذتها الزجاجية المعتمة كعدسة عينيها الغائرة، تذكرها إنها مازالت على
قيد الحياة، شق عليها الإعتراف للآخرين أنها تعيش عزلة مريرة. تركها الجميع لقدرها. والوحدة القاسية تنهش جسدها الهزيل المتكورعلى السرير. تغفوا ثم تصحو لتسأل خادمتها التي تحت إمرتها:
ــ كم الساعة الآن...
فوحدتها جعلت نظرتها للخادم نظرة اجتياح عاطفى، تهتم بها وتبادلها الحديث المبهم، فهى لاتفهم ماتعانيه من خواء. بما أن الساعة الجدارية تتوسط الحائط، وترسل إشارات ضبط الوقت عند كل ساعة، لكنها أرادت تبادل الحديث معها، فهى صامته منذ الصباح...
ــ العاشرة مساء ياسيدتى..
أطرقت برأسها حزينة:
ـ إنتهى يوم العيد.. ولم يأتى ابنى لزيارتى.
همست الخادمة وهى تقدم لها العشاء:
ــ لقد اتصل فى الصباح الباكرعلى عجل فى طريقه مع زوجته لقضاء العيد مع أهلها.
تأوهت مستسلمة:
ــ آهه.. كنت انتظرسماع صوته منذ صباح العيد.. .لماذا لم تخبرينى..؟
ــ طلبت منه ذلك فاغلق هاتفه. فلم أخبرك حتى لاتقضى يوم العيد حزينة. تأمرينى بشئ.
زفرت زفرة حارة وسالت دمعة حاولت اخفائها عن الخادمة ولكنها ما استطاعت:
ــ لا شئ إذهب للنوم بارك الله فيك.
انصرفت الخادمة وفى نفسها مرارة، فهى تحب مخدومتها الكريمة الأخلاق وتحزن لحزنها.فقد هدرت سنوات شبابها الغض، بعد أن توفى زوجها عنها وتركه صغيرا، وضعته فى حدقات عينيها، وعملت فى الحياكة حتى أصابها داء الربو اللعين، لتوفر له حياة كريمة بعيدة عن المذلة والعوز المادى.
همهمت الأم محدثة نفسها:
ــ ابنى الوحيد لا يكترث لوجودى.. لهذه الدرجة خرجت من حياته..سامحك الله.:eh_s(11):