المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يكون مرسي على قدْر رابعة؟



عبد الرحيم صادقي
11/07/2013, 05:41 PM
لست من أنصار نظرية تأجيل النقد إلى ما بعد النصر، فالنقد مطلوب قبل النصر وفي أثنائه وبعده، ومطلوب في حالتي الضعف والقوة. وما نراه من روح معنوية عالية عند الرافضين لانقلاب السيسي على رَغم الترهيب والتقتيل والاعتقال، يجعل الرئيس مرسي وجماعة الإخوان أمام مسؤولية جسيمة. تلك هي التناغم مع هذه الروح، والوفاء بمطالب الذين وصلوا الليلَ بالنهار دون كلل أو ملل. ولقد جسّد ميدان رابعة العدوية معنى الصمود بحق، ومعنى الوفاء. وكان الاعتصام مدرسة لمن أحسن العبّ من معينها. لكن الميدان حمل أيضا مطالب ثقيلة، ورفع شعارات قوية، ومنها المطالبة برأس السيسي أو تقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة والقتل. فهل يكون مرسي وجماعته في مستوى مطالب المعتصمين وهو زعيم جماعة تجنح إلى التوافق ولو كان التوافق مستحيلا، والمصالحة ولو على حساب شيء من المبادئ؟
إن الخشية كل الخشية أن يخرج مرسي من محنته إلى شعبه ثم إذا هو يرتمي مجددا في أحضان الأمريكان ونظام دولي ظالم، ويُدير المرحلة بعقلية إصلاحية مذبذبة لا ترضي أحدا. ودونكم التساؤلات الآتية:
هل سيسعى مرسي إلى صندوق النقد الدولي مجددا؟
هل سيعقد صفقات في الخفاء؟
هل سيستر فساد الشرطة والقضاء أم أنه سيُقدّم المفسدين لقضاء عادل ولو كانوا عشرات ومئات؟
هل سيُفكك جهاز أمن الدولة الذي ثبت أنه جهاز مبارك نفسه لم يمسسه سوء؟
هل سيقدّم السيسي وزعماء الانقلاب وقتلة الساجدين للمحاكمة؟
هل سيصلح الإعلام ويغلق أبواق الفتنة؟
هل سيواجه الفلول بعزمٍ حديد أم سيفاوض ويداهن؟
هل سيُقْدم على إصلاحات جذرية في الاقتصاد والصحة والتعليم والشغل؟
هل سيجعل الشريعة قانون البلد أم شعارا لاستمالة القلوب؟
هل سيرفع الحصار عن غزة ويطرد سفير الصهاينة أم أنه سيؤجل ذلك إلى ما بعد انقلاب آخر؟
هل سيناصر أهل الشام بكل ما أوتي من قوة أم أنه سيجعل القضية السورية قضية هامشية كما كانت قبل الانقلاب؟
هل سيعمل وأُفُقه أمّة أم يشتغل وسقْفُه دولة؟
هل سيحمل فكرَ قائد يسعى إلى نهضة بلده ومجده أم فكر جماعة وأولويات حزب؟
هل سيُقَدّم مصلحة البلاد ولو تعارضت مع مصلحة الجماعة أم أنه سيسعى إلى تقوية حزبه ولو على حساب البلد؟
ثم أخيرا، هل سيتحرر من فتنة الديموقراطية وبريق الصناديق ليبنيَ نموذجا في مقام حضارة عريقة وتاريخ مجيد أم أنه سيبارك ما فرضه سادة العالم ورضيَه المغفلون؟
ما العمل الآن؟ وما واجب الوقت؟ نؤكد أن المطلوب الآن مناصرة الثورة على الانقلابيين ليس دعما للنهج الإخواني، وإنما لثلاثة أسباب:
الأول: أن الإخوان جاؤوا إلى الحكم بآلية الديموقراطية التي يؤمن بها خصومهم، وعُزلوا بغير هذه الآلية.
الثاني: الانقلاب قامت به دولة الفساد العميقة متذرعة بمطالب مشروعة.
الثالث: الانقلاب إيذانٌ بعودة نظام مبارك. ولا تسأل حينها عن مصير المصريين، ولاسيما الشرفاء منهم!
تلك هواجس وعسى ألا يقع المحظور، وعسى أن يخرج مرسي من محنته أقوى من ذي قبل، فيكون على قدْر رابعة.