المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في المجموعة القصصية " شامة" للقاص عبد الحميد الغرباوي



عبد الحميد الغرباوي
04/05/2007, 12:20 AM
عمدت في منتدى القصة القصيرة، و منذ التحاقي بالجمعية، على أن أشارك زملائي و زميلاتي في القصة القصيرة، بنشر النصوص القصصية التي تضمنها الإصدار الثامن في مسيرتي الأدبية، بعنوان " شامة". و لإن حظيت أغلب قصصه بنقد و تعليق و قراءة العديد من الأعضاء و الضيوف، فالفضل كل الفضل يعود إلى جمعيتنا العتيدة، الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب، التي ينتمي إليها خيرة المفكرين و المترجمين و اللغويين و الأدباء من مختلف الأقطار العربية. بقي نصان من المجموعة، لم أنشرهما بعد، و هما: "الأقدام الذهبية" و "توأمان" سأعمل على نشرهما في القادم من الأيام.
و حتى أتمكن من ذلك، أعرض عليكم النص الكامل لمقدمة المجموعة " شامة" و التي تفضل الناقد و الباحث الدكتور إدريس نقوري بكتابتها.
التشبت بقيم الحق و العدالة
قراءة في المجموعة القصصية "شامة" للكاتب المغربي عبد الحميد الغرباوي
بقلم: د. إدريس نقـوري
http://perso.menara.ma/~arbaouiabdel/co7_pic.jpg
يتسع مفهوم القصة القصيرة و يضيـق. و في اتساعه و انكماشه، تتوالد آلاف التجارب السردية و الصور الفنية الواقعية و المتخيلة التي تعبر عن رؤى و أحلام و مشاعر و تصورات الكتاب و الأدباء من مختلف الأجيال و البيئات. و لا شك أن هذه المجموعة تنتمي بصورها و أفكارها و شخوصها إلى بيئة محددة هي الواقع المغربي في مرحلته الراهنة المعاصرة التي تكشف عنها عدة مؤشرات تشي بطابعها المأساوي و تطوراتها العنيفة و حروبها الكامنة.
لقد اختار الكاتب جانب التصوير و التجسيم ليكون أداة مفضلة في التعبير و الإبلاغ، و آثر أن تكون نصوصه مجرد لقطات ترصد ظاهرة من ظواهر الحياة أو عادة من عادات الأفراد في مجتمع الاستهلاك أو أملا يداعب النفس أو رغبة تستبد بالفرد.
تحمل هذه اللقطات صورا من الحياة و تنقل الأحاسيس و المشاعر و المواقف و تعبر عن أفكار و تفاعلات، و لكنها تريد، قبل كل شيء، أن تلفت الانتباه إلى الأشياء الصغيرة التي تفضي أحيانا إلى أشياء كبيرة و قضايا عالمية. و تلك هي مهمة القصة القصيرة. فهي و إن كانت تبدو صوت الفرد، الذاتي و المنعزل و الغريب، في أكثر الحالات، إلا أنها أيضا صوت الجماعة، و ما أكثر ما تكون تلك الجماعة مهمشة و مغمورة و منحطة، كما قيل بحق!
و بما أن الحياة مليئة بالمصادفات و المفارقات فإن الفن ينقل ما يعتور الحياة من آلام و أحلام و آمال، و يعتمد المفارقة لإبراز طبيعة الحياة و خصوصية الواقع.
إن علاقة المفارقة تفسر أحيانا كثيرا من النصوص الفنية، القصصية و غيرها.
و لذلك، بإمكان القارئ أن يربط بين مدينة الكرطون و بين أحداث 11 سبتمبر، و أن يتابع أحداث الشريط. و المفارقة الكبيرة ـ و هي أيضا حقيقة الحياة الأساسيةـ هي انسحاب العجوز " هوفمان" من الحياة، و هو يستعيد ذكرياته الجميلة ساعة فرح عمت سكان الحي. و منطق الحياة/ المفارقة هو الذي يجعل الأمل يمتزج بالألم في لحظة من لحظات لاعب كرة القدم، و جو المفارقة أو المفاجأة المؤلمة هو الذي يسود قصة تصفيق التي تهزأ من انتخابات و شخصيات مغشوشة و فاسدة. و السخرية أداة أخرى من أدوات التوصيل و التعبير، و تكون مبرَّرة عندما ينطوي الموقف القصصي على مفارقة تفضح المظهر الذي يخفي نقيض ما يظهر بفعل عنصر خارجي طارئ يكشف حقيقة الإدعاء و خواء الزعم، كما هو شأن قصة " القهوة العربية" التي تطرح التناقض الفاضح بين البدائي و التقني المتطور، و كأنها تنطق بحكمة: من الأفضل أحيانا/ دائما أن نستر عيوبنا و نغطي نواقصنا.
و السرد هو وسيلة القصة، و لكن الحوار يفرض نفسه كذلك لمعالجة موقف و حل إشكال أو لطرح سؤال: قصة "توأمان".
و السرد الممزوج بالسخرية قوام نص " كوكاسام". و ليس غريبا أن يكون الإهداء إلى الكاتب السوري المعاصر زكريا تامر المعروف بقصصة العجيبة التي تعتمد الفانطاستيك، و تنتقد بطريقة لاذعة الواقع العربي كما يفعل زميله ـ في السخرية و النقد ـ دريد لحام.
إن القصة ، في هذه المجموعة تتسلل إلى كل الميادين و لا تغادر صغيرة و لا كبيرة إلا كشفتها و فضحتها: تناقش الشؤون السياسية و تقول فيها كلمتها و تعالج قضايا المجتمع و تبرز العيوب و النواقص و تحلل من وجهة أدبية طبعا و فنية ، مسائل العلم و التقنية و التطور الفكري، و تدرس أمور الدين و الأخلاق و الفن. و تبقى الإيديولوجيا حقلا من حقولها المفضلة، و هذا شأن النص المذكور سابقا، و ما تبقى ، يعرفه الشعراء و يعيه كتاب القصة القصيرة. ما يتبقى هو الهم/ الجرح العربي الكبير: الأرض المسلوبة، المحتلة من جديد، و الشعب الممزق أشلاء، شعب الشهداء و الصامدين في الأرض المباركة. و قصة الشهيد تذكير بالمأساة و حث على العمل من أجل التحرير و على تمجيد البطولات و التضحيات. و هي قبل كل شيء تحضير الصغار لوعي المأساة و المشاركة في الخلاص.
لقد آثر الأستاذ عبد الحميد الغرباوي أن يكون في مجموعته هذه شاهد عصره، يشارك بوعيه و فنه في " تنبيه الغافلين" و في نقد واقع مجتمعه من أجل تطويره و حث القارئ و المواطن على تحمل مسؤوليته و استدراك ما فات. و تلك هي مهمة الفنان الذي يقوم بدور زرقاء اليمامة، و يؤدي وظيفة جليلة و عظيمة الشأن في واقع الحياة المعاصرة التي تزداد تعقيدا و ألما في ظل تطورات علمية و اجتماعية و فكرية تبشر بغد باسم و رفاه طاغ، و لكنها لا تخلو دوما من منغصات و من مشاهد البؤس و الظلم و الدمار.
و إذا كان الفن يصدر دائما عن ألم و يرصد مظاهر الحياة الشائهة و الكريهة، فإنه ينشد الأمل و يدعو إلى الفضيلة و يحرض على الإقدام و يشجع على التشبت بقيم الحق و العدالة و الحرية. و هذا ما تتوخاه هذه المجموعة، و ما تقدمه من خلال كلماتها و صورها و رموزها و استعاراتها الساخرة، و كلها أمور لم يبتدعها خيال الكاتب، لكنه استمدها من واقع غني بالتناقضات، حافل بالآلام، مفعم بالآمال و الأحلام الجميلة الواعدة.

إدريس نقـوري

صبيحة شبر
04/05/2007, 01:41 AM
(لقد آثر الأستاذ عبد الحميد الغرباوي أن يكون في مجموعته هذه شاهد عصره، يشارك بوعيه و فنه في " تنبيه الغافلين" و في نقد واقع مجتمعه من أجل تطويره و حث القارئ و المواطن على تحمل مسؤوليته و استدراك ما فات. و تلك هي مهمة الفنان الذي يقوم بدور زرقاء اليمامة، و يؤدي وظيفة جليلة و عظيمة الشأن في واقع الحياة المعاصرة التي تزداد تعقيدا و ألما في ظل تطورات علمية و اجتماعية و فكرية تبشر بغد باسم و رفاه طاغ، و لكنها لا تخلو دوما من منغصات و من مشاهد البؤس و الظلم و الدمار.
و إذا كان الفن يصدر دائما عن ألم و يرصد مظاهر الحياة الشائهة و الكريهة، فإنه ينشد الأمل و يدعو إلى الفضيلة و يحرض على الإقدام و يشجع على التشبت بقيم الحق و العدالة و الحرية. و هذا ما تتوخاه هذه المجموعة، و ما تقدمه من خلال كلماتها و صورها و رموزها و استعاراتها الساخرة، و كلها أمور لم يبتدعها خيال الكاتب، لكنه استمدها من واقع غني بالتناقضات، حافل بالآلام، مفعم بالآمال و الأحلام الجميلة الواعدة. )

إدريس نقـوري
دراسة قيمة لقصص مبدع قدير امتعنا كثيرا بقصصه الواقعية المعبرة عن هموم الانسان العربي وتطلعاته