التعلم والتعليم الابتكاري/ الابتكار في تدريس الرياضيات

التعلم والتعليم الابتكاري/ الابتكار في تدريس الرياضيات
- الابتكار والتدريس:
يمكن تدريب وتعليم الطلبة التفكير الابتكاري؛ لذا نجد البرامج العالمية لتنمية هذا النمط من التفكير، والتي توفر المساعدات التي تنقل الطلاب من أنماط التفكير التقليدية إلى أنماط جديدة من التفكير.
إن بياجيه Piaget دعا إلى توجيه الطلبة نحو قدرات إنتاج الجديد والى تميز ابتكاري واستكشافي، وفي ضوء هذه الأفكار فإن توجيه التدريس في الصف قد يكون بأساليب منها:
1. استخلاص الخصائص للأفكار أو المواضيع أو الأشياء.
2. افتراض علاقة وجوبية وقسرية بين فكرتين أو موضوعين أو شيئين، حيث لا علاقة ترتيبية سببية واضحة بينهما.
3. إنتاج قوائم لاستخدامات أو لوسائل إنتاج أو لتغيرات على فكرة أو شيء ثم إعادة تجميعها بشكل جديد لإنتاج أفكار جديدة.
4. عصف ذهني لأفكار الطلبة حول موضوع صعب، بإبداء أي فكرة تخطر على أذهانهم دون تحديد أو تقييد.
5. مؤالفة الأشتات والمتضادات بإيجاد الاتساق والانسجام بين الأفكار والأشياء التي تبدو متعارضة.
الابتكار في الرياضيات:
يقول هاردي Hardy :" أنماط الرياضي مثلها مثل الفنان الرسام أو الموسيقي .. يجب أن تكون جميلة، الأفكار مثل الألوان أو الكلمات يجب أن تكون مناسبة Fit (متناسقة) مع بعضها بطريقة هارمونية. الاختبار الأول هو الجمال. لا وجود لمكان دائم في العالم لرياضيات قبيحة".
إن العمل الابتكاري موجود الى حد بعيد في الرياضيات: حيث نظريات جديدة يمكن وضعها، وبراهين جديدة يمكن وضعها، وبراهين جديدة متقدمة، وفروض حديثة تبنى أو معرفة قديمة تراجع وكل ذلك بيئة للعمل المبتكر
ويضيف فيلبس وهيجنسون أيضاً أن ديردن Dearden قدم أربعة مفاهيم للابتكار وعلاقته بالرياضيات هي:
1- الابتكار مرادف للتعبير الذاتي Self Expression :
حيث تكون العواطف حبيسة في النفس، والابتكار هو التحرر من التوتر الناشئ من تلك العواطف الحبيسة.
2- الابتكار يعني حفاظ مستوى من المنطقيةNot falling below a certain minimal rationality :
وهذا المعنى للابتكار مبني على أساس الابتكار اللغوي ولكن الرياضيات أيضاً يمكن النظر إليها على أنها لغة لها كلماتها وقواعدها التركيبية التي يمكن بمجرد تعلمها استنتاج قواعد وقوانين جديدة أكثر مما تعلمه مباشرة.
3- الأصالة Originality :
وهي تعني ظهور استراتيجيات جديدة غير نمطية عند قيام الطلاب بإجراء العمليات الرياضية الحسابية بصورة تحمل معنى الاسكتشاف.
4- الابتكار الجمالي Aesthetic Creativity :
وهي الشيء البديع (الجمالي) أي ما يعد جميلاً؛ بمعنى أن الرياضيات مثل الفنون الجميلة Fin Arts والابتكار ليس مقصوراً على الفنون الجميلة ولكنه له وجود وتطبيقات في الرياضيات والعلوم. والابتكار في الرياضيات – كما عرفه سباركر Sparker – بأنه القدرة على إنتاج طرق أو حلول أصيلة وغير عادية للمسائل الرياضية، وعرفه "لي كوك" بأنه القدرة على تحليل مسائل معينة بطرق متعددة ورؤية نقاط التشابه والاختلاف بطرق غير مألوفة بناء على الخبرات السابقة
أبرز ما يمثله هلبرت ويستخدمه بودين مصطلح ابتكار بالإشارة إلى الأعمال الابتكارية التي تمثل الحالة القائمة على الفضائية والفضاء وبعبارة أخرى، يتضمن التلقائية لجيل جديد من الاقترانات، بيد أن هذا النوع عندما تجمع كمية الكيانات التي لا تبقى منفصلة والكيانات المادية التقليدية تميل إلى ذلك، ولكن تدخل الاقترانات التشابك.
أشير إلى أن التطورات التي حدثت في الرياضيات أدت الى ظهور اتجاهات في تعليم الرياضيات تواكب تلك التطورات وكان من أهمها تعليم الرياضيات من أجل الابتكار.
يرى دي بونو أن معظم الإنجازات العلمية التي حققتها البشرية مبنية على التفكير المنطقي والرياضي، إلا ان هناك حاجة للتفكير الجوانبي والتفكير التوليدي، الذي يدعو الى عملية ضبط الشعور بنظام للتفكير الجيد وليس بمعزل عنه.
يرى وستكت (Westcott) أن الابتكار في الرياضيات عملية تتضمن اكتشافات جديدة وتكوين علاقات بين الأفكار الرياضية واكتشاف تطبيقات جديدة ونماذج رياضية مبتكرة.
اعتبر هايلوك Hylock)) أن الابتكار في الرياضيات يتمثل في القدرة على الخروج عن نمطية التفكير والتغلب على جمود التفكير في الرياضيات والقدرة على إنتاج عديد من الإجابات المتنوعة والأصلية في مواقف رياضية مفتوحة النهاية.
وتذكر عزة عبد السميع: أنه يمكن قياس الابتكار الرياضي من خلال:
1. القدرة على حل مشكلات رياضية غير روتينية.
2. القدرة على حل مشكلات رياضية بأكثر من طريقة.
3. القدرة على اكتشاف وتكوين علاقات رياضية جديدة ومتنوعة.
4. القدرة على حل الألغاز الرياضية.
5. القدرة على اكتشاف الأنماط الرياضية.
وهنا تبدو الحاجة ملحة وضرورية لتشجيع الابتكار ودعمه وتربيته في الرياضيات وفي جميع المستويات. وأن الرياضيين يوصون ببرامج إثراء سواء للطالب المتفوق أو للطالب بطيء التعلم تشمل وسائل وأنشطة مشوقة اكتشافية تجعل العملية التعليمية محببة وتشحذ همة المتعلم بإثارة دوافعه للتعلم واستمراريته في التعلم.
وتسمح الرياضيات بطبيعتها التركيبية باستنتاج أكثر من نتيجة منطقية من المعطاة، وبنيتها الاستدلالية تعطي المرونة في أسلوب تنظيم محتواها، والرياضيات كمادة دراسية غنية بمواقف المشكلة، التي يمكن أن يوجه إليها الطلاب ليجدوا لكل موقف حلولاً متعددة ومتنوعة وجديدة. بالإضافة إلى ذلك فإن الرياضيات تعلم الطلبة النقد الموضوعي للمواقف التعليمية. وهذه في مجموعها تكسب المتعلمين بعض القدرات الأساسية للعملية الابتكارية.
وذكر محمد المفتي أن مناهج الرياضيات تعتبر ميداناً خصباً للتدريب على أساليب تفكير متنوعة، فالرياضيات بناء استدلالي يتميز بالمنطقية والموضوعية، والرياضيات غنية بالمواقف والتدريبات الرياضية مما يجعل الدارسين يتدربون على التمييز بين عناصر هذه المواقف والتدريبات وإدراك العلاقة بين عناصر هذه المواقف، والتخطيط لحلها واكستاب البصيرة الرياضية والفهم العميق، الذي يقودهم إلى حل هذه المشكلات والتدريبات الرياضية ويشير (Thomas Martinson: 1997) الى أن أسئلة القبول للدراسات العليا (GRE) في الرياضيات تمثل حل المشكلات والمقارنة الكمية والرسم البياني، وأثناء حل هذه الاسئلة يستخدم الدارس التفكير الاستدلالي والتفكير المنطقي، وصولاً الى التفكير الابتكاري
ويرى رومي Romey أن الابتكار في الرياضيات يمثل القدرة على ربط الأفكار أو الأشياء بطرق جديدة، ويرى هايلوك في أن جوهر عملية الابتكار في الرياضيات يتمثل في القدرة على الخروج عن نمطية التفكير، والتغلب على الجمود في الرياضيات وأن القدرة الابتكارية في الرياضيات هي القدرة على إنتاج عديد من الإجابات الأصيلة والمختلفة في مواقف رياضية مفتوحة النهاية
الإنسان بفطرته فنان رياضي مبتكر من بداية تكوينه . وإن "الجنين في أحشاء أمه أول حاسة تبدأ في النمو هي السمع وأول ما يسمع نبض قلب أمه الذي يرمز الى الحب والحنان. النبض عبارة عن ريتم Rhythm (إيقاع) سمعي متعاقب لضربات القلب والريتم يعتبر حساب تطبيقي (ودورية للطبيعة) وإيقاع موسيقي. أي أن أول تعلم للطفل يكون مرتبطاً بالرياضيات والإحساس الفني (الموسيقي) والدفء العاطفي".
ويقول الرياضي (الفنان) النحات فيرجسون : " أننا نرى جمال الرياضيات في العقل ونريد أن نبينها للغير". ويقول الرياضي جاكوبي: "العواطف واحدة .. لا يوجد فرق بين الفنان والعالم والشاعر والرياضي ويذكر أحد الرياضيين لرياضيات اليوم، الرياضيات تمس وتضرب وتراً في مشاعري وقلبي".
ولذلك اعتبرت الرياضيات فناً عقلياً راقياً ونشعر ونتذوق جمالها في العقل والوجدان، أي هي ابتكار فني وهي أيضاً ابتكار للمعرفة الرياضية. ومن ثم فأنا لا أفرق بين الإبداع والابتكار في أي مجال معرفي أو فني ما دام الإنسان هو الذي اخترعها بعقله وإحساسه ولما كان كل منا مبتكر في الرياضيات والفن بمستوى معين بداية التكوين فيمكن تنمية هذا المستوى بالقراءة الهادفة لذلك.
وأعتقد: " أنا أبدع فأنا أعيش وأيضاً أنا أعيش فأنا مبدع .. هي البديل لمقولات سارتر أو ديكارت "أنا افكر فأنا أعيش، وأنا أعيش فأنا أفكر". ومن الناس من يبتكر ليعيش ومنهم من يعيش ليبتكر.
الواقع أن الكائنات الأخرى تبتكر وتجدد لتعيش. فمثلاً أحد أصناف الطيور تبني عششها بعمل نفق مائل إلى أعلى داخل جذع شجرة ويكون العش في أعلاه حتى لا تغرقه الأمطار إذا كان إلى أسفل . . والعصفور يهجر عشه لمكان آمن إذا لاحظ أن عدد البيض قد ينقص .. حتى الكائنات الأولية كالفيروسات تتغير وتبدل من نفسها لا تفنى بالمضادات الحيوية.
فالتغيير سمة لحياة تتطلب الابتكار في التعامل معها ولو حتى في إطار نمط معين. فدودة القز تعتبر مثالاً لنتاج عمل انشائي هندسي بديع مميز فطري فهي تأكل ورقاً أخضراً وتهضمه وتنتج منه الحرير وتصميم الشرنقة بصبر وعناية. كل دودة تقابلها مشكلات تختلف عن الأخرى تخص المكان الذي تعمل فيه مثلاً؛ فهي تحاول مرات ومرات في تجارب ابتدائية تحديد أنسب موقع آمن قوي وتغير من حركتها وإجراءاتها حتى تختفي داخل الشرنقة تبعاً للظروف بمستويات ابتكارية.
أي أن الابتكار أساسي للبقاء والحياة لكل الكائنات وبخاصة البشر فالبديل للمقولة "البقاء للأقوى (أو الأصلح)"، هو البقاء للأكثر ابتكاراً.

الأخوة الأفاضل
أوجه عنايتكم للاهتمام بمتابعة الابتكار في التعليم والتعلم عسى أن نستفيد من ملاحظاتكم ونتمكن من تقديم الأفضل لأبنائنا ومعلمينا الأفاضل

قرأت هنا جزاك الله خيرا ..

فالرياضيات منظومة متكاملة لا قطع فيها وهذا ما يجب أن يكون متوفرا عند الطالب ..

ألف شكر

الأسناذ الفاضل .. مجذوب
الإفادة مطلب ملح لكل المخلصين
سعدت بمروركم
وتقبل الله منا ومنكم الطاعات