اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء حسن محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذ عبدالحميد
أبدعت في الكتابة والترجمة الأدبية حفظك الله فقد قرأت بعض أعمالك وأعجبني أسلوبك المميز وتصرفك وأنت من الأدباء الذين نجحوا في جذب القارئ الناقد.. لدي مجموعة من الأسئلة أتمنى أن تمن علي بالإجابة عليها.. 1 ـ ما هي نصائحك لمن يود أن يخوض في هذا المجال؟ 2 ـ وما هي الصعوبات التي واجهتها؟ 3 ـ وكيف تغلبت عليها؟ 4 وكيف يقيم الأديب أو المترجم الأدبي نفسه ؟
مع خالص تحياتي وتقديري
1 ـ ليس هناك نصائح جاهزة أختي الفاضلة أسماء،و الخوض في مجال الإبداع الأدبي، لا يأتي بقرار في لحظ معينة أو قت محدد. في الإبداع لا مجال للافتعال أو التصنع. إما أن تكون مبدعا أو لا تكون. من السهل أن يقول شخص مع ذاته:" سأكتب قصة"، أو" لم لا أكتب أنا بدوري نصا شعريا ما دمت أحسن التعبير الكتابي"..و ينتقل مباشرة إلى التنفيذ. الأمر في النهاية يبدو سهلا، خاصة مع الإمكانيات التي أصبحت متوفرة الآن و أعني بها المواقع الرقمية (النيتية)..المجال صار الآن متاحا، مفتوحا، أكتب ما شئت و انشره على أول موقع تسجل فيه و تتطابق منتدياته مع الشكل الذي تكتب فيه: قصة قصيرة، قصة قصيرة جدا، خاطرة، قصيدة، أو حتى فصل من فصول أو مقطع من رواية..
قديما كانت المنابر الورقية مع ملاحيقها الثقافية، تشدد على توفر شرط الإبداعية في المشاركة، مع حضور الاسم (طبعا) في الساحة الثقافية، و إن لم يكن له حضور، و يقدم على النشر لأول مرة، فلا بد له من وسيط له حضوره في الساحة يقدمه للقراء، و إن كان رئيس التحرير أو المسؤول على الصفحة الثقافية أو الملحق الثقافي من أولئك الذين يحبون اكتشاف المواهب الجديدة، فيكفي أن يفتح الرسالة و يقرأ و يتمعن فيما يقرأ لكي يقوم هو ذاته بتقديم " الصوت" أو "القلم الجديد" للقراء... أتذكر في هذا السياق أن الشاعر أدونيس هو الذي قدم الماغوط في بداية مشواره الإبداعي للجمهور على هامش أمسية شعرية أقيمت على شرف أدونيس، و من يومها انطلق الماغوط كناريا حزينا في فضاء الشعر و الإبداع، ليحصل ما حصل عليه من شهرة و مكانة في الأدب العربي، و تترجم كتاباته إلى أكثر من لغة.
و عودة إلى سؤالك، و كي لا أخرجمنه و تخرجين أنت بالخصوص منه خاوية الوفاض، أقول أن على المبتدئ أن يقرأ الكثير و الكثير من النصوص الإبداعية للمتمرسين من الأدباء، و أفضل أن تكون القراءة ورقية،و الأسماء في هذا المجال ما شاء الله كثيرة، اقرئي و انسي ما قرأت. في الحقيقة لا شيء يُنسى، هناك في منطقة رمادية من المخ تُخزن كل المقروءات، و لا تعلن عن نفسها إلا في الوقت الذي تُستفز فيه و تجد لها أكثر من سبب للإعلان عن نفسها...ثم لا بد من موضوع محدد، مدروس بعناية لو بنسبة خمسين في المئة، و الخمسين الباقية تأتي أثناء الكتابة الأولى..و حتى أثناء الشروع في الكابة، لا بد من وقفات تاكتيكية، للمراجعة و التصحيح و الشذب، و إعادة المونتاج باللعب على تقنية التقديم و التأخير، و وضع الفراغات و التقتير دون مبالغة في الشرح و الإيضاح..و العودة إلى قراءة المزيد من نصوص من هم على دراية بالجنس الأدبي المختار، و بالموازاة مع كل ما ذكرت و أراه من الأهمية بمكان، هو عدم التسرع..و عدم السقوط في فخ " إني كاتب كبير" و في وضعنا نحن الرقميين، الفخاخ كثيرة. حذاري و المجاملات...
2 و 3 و 4 ـ بعض تلك الصعوبات وردت في ردي الأول. لكن و بشيء من التوضيح و الإسهاب أقول: أول الصعوبات كانت:" كيف أصل إلى القارئ"، لأني كنت أحلم أن أصير كاتبا، أديبا، مبدعا في يوم من الأيام . و أحمد الله حمدا كثيرا أن في زماني أو في بداياتي الأولى، لم يكن النت قد ظهر...السهولة في النشر الرقمي و ما جره معه من استسهال الكتابة، و العملية الإبداعية عموما، لاأرى أنه يعمل لمصلحة الإبداع بل يضر به أيما ضرر، مادامت المواقع لا تمارس رقابة على ما ينشر عليها و يطلق عليه جناية اسم قصة قصيرة أو قصيرة جدا أو قصيدة.و أعني هنا بالرقابة : الرقابة الفنية، الإبداعية...و هذا الذي كان يعترضني أنا و غيري في المنابر الثقافية، و على أساسه كنت أفكر ألف مرة قبل أن أبعث بنصي القصصي إلى منبر من المنابر. فهل في النشر الرقمي نفكر ألف مرة قبل وضع عمل من الأعمال على صفحة من صفحات منتدى؟...لكن مع الإصرار و القراءة (المطالعة) المتواصلة و المواكبة لكل جديد، و حضور اللقاءات الثقافية، و المشاركة في المناقشات، و الوقوف طويلا أمام ما أقرأ مقارنا بين ما أكتب و يكتب الآخرون، منتقدا ذاتي، محللا و مجربا، وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، و " الوصول" هنا ما هو إلا محطة في مساري الإبداعي..و لن يكون هناك وصول على كل حال...
مودتي