شلل الأطفال
شلل الأطفال مرضٌ معدٍ ومهلك كما يشهد تاريخه وقد تم اسئصاله فعلياً من نصف الكرة الغربي في النصف الثاني من القرن العشرين. وبالرغم من أن شلل الأطفال قد تفشى في البشر من قديم الزمان إلا أن انتشاره الأقوى قد حدث في النصف الأول من التسعينيات قبل أن يصبح التطعيم ضده، والذي اكتشفه جوناس سالك، متاحاً بشكل واسع في العام 1955.
في عام 1952، أصيب في ذروة وباء شلل الأطفال حوالي 60.000 بينما توفي أكثر من 3.000 في الولايات المتحدة وحدها. وعلى أي حال فمع انتشار التطعيم، فإن شلل الأطفال البري، أو شلل الأطفال الذي يحدث بعدوى طبيعية قد اسئصل من الولايات المتحدة بحلول العام 1979 ومن نصف الكرة الغربي في العام 1991.
العلامات والأعراض
شلل الأطفال مرض فيروسي وهو لا يُظهر، في حوالي 95% من الحالات، أية أعراض على الإطلاق (ويدعى في هذه الحال شلل الأطفال اللاأعراضي). وفي حوالي 4% إلى 8% من الحالات التي تظهر فيها الأعراض(يدعى بشلل الأطفال الأعراضي)، ويظهر المرض في ثلاث أشكال:
• الأول:رخو يدعي شلل الأطفال الرخو ، (معظم المصابين بين قد لا يدركون حتى إصابتهم به، إذ تعزى أعراض هذه الحالة إلى أعراض شبيهة بأعراض نزلة البرد مثل: الإسهال، والحمي، وآلام الحلق وشعور عام بالمرض).
• الثاني: وهوأخطر من الأول فهو مصحوب بالتهاب سحاياحميد ويدعى بشلل الأطفال الشوكي (الغير تام) ( يظهر من 1% إلى 5% أعراض عصبية مثل الحساسية للضوء وتيبس الرقبة).
• الثالث: وهو النوع الحاد الموهن ويدعى شلل الأطفال البصلي (ويحدث ذلك في0.1% إلى 2% من الحالات).
عادة ما يستعيد المصابون بالنوع الرخو أو الشوكي عافيتهم التامة منه. ولكن النوع البصلي، كما يتضمن اسمه، يسبب شلل العضلات- كما يمكن أن يسبب الوفاة كذلك. وفي هذا النوع يخرج الفيروس من الأمعاء ليلج إلى مجرى الدم مهاجما الأعصاب ( في النوع الرخو أو الأعراضي لا يخرج الفيروس من الأمعاء عادة). وهنا قد يؤثر الفيروس على الأعصاب التي تتحكم في عضلات الأطراف وعضلات التنفس مسببا صعوبة في التنفس وشللاً رباعياً.
العدوى
ينتقل شلل الأطفال بشكل أساسي عن طريق الاحتكاك بالبراز الملوث بالفيروس. وعدم غسل اليدين بعد استخدام دورة المياه وشرب الماء الملوث في الأماكن التي يشتبه بانتقال المرض فيها.
الوقاية
يوصى في الولايات المتحدة حاليا بأن يتناول الأطفال أربع جرعات من لقاح شلل الأطفال المقتول بين الأعمار من شهرين إلى ست سنوات. وأصبح لقاح شلل الأطفال الفموي في عام 1964 والذي طوره ألبيرت سابين هو اللقاح الموصى به. فقد منح هذا اللقاح المناعة للكثيرين لسهولة استخدامه كما أنه يوفر المناعة "بالاحتكاك" مما يعني أن الشخص غير المحصن إذا احتك بطفل حديث التحصين قد يصبح محصنا كذلك. ولكن مشكلته أنه ، في حالات نادرة جداً، قد يظهر شلل الأطفال البصلي في الأطفال المحصنين به أو من يحتك بهم. ففي عام 1979 ( عندما اسئصل شلل الأطفال من الولايات المتحدة)، حوالي 10 حالات سنوية تقريباً من شلل الأطفال فيها كان سببها اللقاح الفموي. واللقاح المقتول هو لقاح يحفز جهاز المناعة في الجسم ( من خلال انتاج أجسام مضادة) لمقاومة الفيروس في حال دخول للجسم. ولا يمكن لهذا اللقاح أن يتسبب في شلل الأطفال.
وإذ ذاك فقد قررت مراكز مكافحة المرض والوقاية منه في إطار جهود استئصال الشلل كليا بما فيها تلك الحالات التي يسببها اللقاح جعل اللقاح المقتول هو اللقاح الوحيد المستخدم في الولايات المتحدة. وحاليا توصي تلك المراكز والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بثلاث جرعات متباعدة من اللقاح المقتول تعطى قبل سن 18 شهرا، ومعزز للقاح المقتول يعطى للأعمار بين 4 -6 سنوات عند دخول الأطفال للمدرسة.
فذا كنت تنوي السفر إلى خارج الولايات المتحدة، وبشكل خاص إلى أفريقيا وآسيا ( حيث لا يزال الشلل موجوداً)، فتأكد من تناول أنت وأطفالك الجرعة الكاملة من التطعيم ضد شلل الأطفال .
المدة
بالرغم من أن النوع الحاد من المرض يستمر لأقل من أسبوعين، فإن الضرر الذي يسببه للأعصاب قد يبقى مدى العمر. كان مرضى شلل الأطفال في الماضي لا يستعيدون أبداً حركة أطرافهم كاملة كما كان يبدو علىهم النحول والذبول. ,اؤلئك الذي يتعافون كليا قد يعانون من متلازمة ما بعد شلل الأطفال لـ 30 إلى 40 سنة من إصابتهم به. إن الضرر الذي تسببه متلازمة ما بعد الشلل للأعصاب خلال فترة المرض تزيد من تسارع مستوى الوهن العادي تدريجياً حتى تصل إلى الشيخوخة.
تضمن العلاج القياسي لشلل الأطفال في أعلى مستوياته وضع المريض المصاب بشلل في عضلات التنفس في جهاز "الرئة الاصطناعية" – وهو آلة كبيرة تدفع وتجذب عضلات الصدر لحثها على العمل. أما الأطراف المتضررة فتبقى في غير حراك حيث تمنع الرئة الاصطناعية ذلك. ولا تزال المنفِّسات وبعض أنواع الرئة الاصطناعية مستخدمة في بعض البلدان التي لا تزال تعاني من شلل الأطفال. ولم يكن العلاج المنزلي في الماضي لشلل الأطفال البصلي والرخو المصحوب بأعرض عصبية كافياً. وعموما فإن الحالات الضعيفة وغير المصحوبة بالأعراض من الشلل الرخو الذي تصاحبه أعراض عصبية كانت تعالح ، على أنها نزلة برد، بالإكثار من السوائل والراحة.
مستقبل شلل الأطفال
تعمل منظمة الصحة العالمية على اسئصاله على المستوى العالمي. وقد خطت خطوات هامة في هذا الشأن. فحالات شلل الأطفال الـ355.000 في 125 بلدا المعلنة في عام 1988 أصبحت في نهاية عام 2004 1.255 حالة فقط. وست بلدان فقط التي لا يزال فيها المرض وهي ( أفغانستان، ومصر، والهند، والنيجر، ونيجيريا، وباكستان)، وقد ينتقل الفيروس إلى بلدان أخرى. قد يتسبب وجود الفيروس في بلدان لم يتلق سكانها تحصينا كافيا في انتقاله من شخص لآخر. وذلك هو ما حدث في بعض الدول في أفريقيا وآسيا. وهكذا فحتى يتم اسئصاله على المستوى العالمي فإنه من المهم استمرار تطعيم الأطفال ضد شلل الأطفال.
تمنياتي للجميع بالصحة والعافية والفائدة..
:mh78: