عندما تنحرف بوصلة الجهاد




كاظم فنجان الحمامي

تنحرف بوصلة الجهاد انحرافاً حاداً ومخزياً عندما يقاتل أدعياء الجهاد مع المرتزقة في خندق واحد من أجل تحقيق هدف مشترك, وتنحرف عندما ينتمي المجرمون والمنحرفون والأشقياء والبلطجية والشبيحة وشذاذ الآفاق ورجال العصابات إلى صفوفهم, وتنحرف أكثر فأكثر عندما تتوجه مسدساتهم الكاتمة وخناجرهم المسمومة نحو صدور الأطفال والشيوخ والنساء, وتنحرف انحرافاً مُذلاً ومهيناً عندما تنصاع بوصلتهم لإرادة الأشرار في البنتاغون, وتنحرف انحرافاً مُخجلاً عندما تكون أسلحتهم من أقوى أدوات التتريك والتفريس, أو تكون من أدوات إثارة الفتن, أو بث الفرقة ونشر البغضاء وغرس الأحقاد الطائفية, وتنحرف انحرافاً مؤسفاً عندما تتحول إلى معول من معاول تهديم المجتمعات المتآلفة, فتقطع صلات التواد بين القوميات المتجانسة, وتنحرف البوصلة انحرافا سوقياً مُشيناً نحو ممارسة الرذيلة بذريعة تطبيق ما يسمى (جهاد النكاح), وتنحرف انحرافً تآمرياً وقحاً عندما تتلقى الدعم والمدد من حكومة العهر في تل أبيب, وتنحرف نحو الحضيض عندما يختبأ أنصارها في الأوكار الصهيونية فيوجهون بنادق الغدر نحو العراق ومصر وليبيا وتونس وسوريا والسودان, وتنحرف بزاوية 180 درجة عندما تنضم خلاياهم المسلحة إلى سرايا حلف الناتو, أو عندما تسير خلف أفواج المارينز, فترتمي تحت أقدام القوات الغازية, ثم تعلن الانتصار علينا وهي محمولة على ظهور دبابات الأعداء, حتى لم نعد نميز بين الجهاد السلمي والجهاد الاستحواذي, وعجزنا عن التفريق بين توجهات الحركات الجهادية والحركات الإرهابية, فصار الإجرام هو الفعل الملموس لنتائج العمليات التفجيرية الصاخبة التي تذرعت بذريعة الجهاد, حتى جاء اليوم الذي ظهر فيه علينا من تفاخر بإزهاق أرواح الأطفال والتمثيل بأجسادهم باسم الشريعة والجهاد. . .

هل كان المجاهد عمر المختار يقتل الليبيين تحت راية الطليان ؟؟, وهل كان المجاهد عز الدين القسام يقتل أبناء سيناء تحت راية الكيان المسخ ؟؟, وهل كان المجاهد عبد القادر بن موسى كاظم الحسيني يتلقى توجيهاته من دهاليز الانتداب البريطاني ؟؟, وهل كان المجاهد عبد القادر الجزائري يفكر في يوم من الأيام بالارتماء في أحضان فرنسا والخضوع لإرادتها ؟؟, هؤلاء الكرام الشجعان وقفوا وقفتهم المشرفة بوجه الردى وتحدوا الموت, وهذا هو النهج الثوري الصحيح الذي سار عليه أحمد عرابي, وعبد الرحمن الكواكبي, وجمال الدين الأفغاني, ويوسف بورحيل المسماري, وعبد الحميد العبّار العقوري, وصالح الأطيوش المغربي, ومحمد سيف النصر السليماني, وسليمان رقرق العمروني, وسليمان البارودي, والفضيل بوعمر الأوجلي, وعصمان الشامي, وعلي بن مبارك اليمني, ورمضان السويحلي, ومحمد فرحات الزاوي, وحسين بن حسن النعيمي, وشعلان أبو الجون, وربما نحتاج إلى مجلدات ومجلدات لتدوين أسماء الذين ضحوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل إعلاء كلمة الحق, فحفروا أسمائهم فوق منصة الخلود والعز والشرف. .
لسنا مغالين إذا قلنا أن بوصلة المنافقين هي البوصلة الأكثر انحرفاً منذ القرن الهجري الأول وحتى يومنا هذا, فقد تكررت انحرافاتهم في متوالية مقيتة عبر تاريخنا الطويل في المسارات القتالية المعوجة, التي سلكتها فلول الخوارج والأزارقة والقرامطة والزنادقة والحشاشين وأتباع صاحب الزنج, وبات الانحراف واضحاً في أحكامهم المتشدد, وغلوهم وتطرفهم في قراراتهم الارتجالية, فخرجوا عن جادة الصواب, وعرفهم الناس بمزاجهم الحاد, وميولهم الشاذة نحو تكفير من يخالفهم, وانقساماتهم المتكررة على أنفسهم, وتفرقهم إلى طرائق قدداّ, ومن ثم انغماسهم في ممارسة الجرائم البشعة ضد كل من يقف في طريقهم. .
ختاما نقول: أن القرود والضباع والقطط أشرف وأنبل من العملاء والخونة الذين تظاهروا بالجهاد ثم باعوا أنفسهم للطغاة والغزاة والبغاة والحشرات, وأشرف وأنبل من الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين, وأشرف وأنبل من الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ليجروا خلف سراب الدبابات الإنجلو أمريكية, وأشرف وأنبل من الذين راحوا يتمسحون بأذيال الصهاينة, وأشرف وأنبل من الذين طبعوا أقذر قبلة على شفاه (بول بريمر), وأشرف وأنبل من الذين ركعوا تحت أقدام المجرم (أيهود أولمرت), وقدموا له الهدايا والقرابين, وأشرف وأنبل من الذين آمنوا بما قاله لهم الشيطان (برنارد هنري ليفي).

وهي اشرف وأنبل بكثير من الذين صفقوا لغارات الموساد العدوانية الاستباحية على مدننا العربية في العراق وسوريا وليبيا والسودان ولبنان وسيناء وغزة. . . .
والله يستر من الجايات