الرسالة الأولى (ذات جنون)
(الرسالة الأولى)
صديقتي
في عالم الزهر والنبع والطير أستمد كتابتي منك، لتكوني مشعلاً يضيء الحب في كل سطر أزفه نبض احتراق ،لأجل كل معذب ولأجل صرخة منبعثة من الصميم الذي يعاني في منفاه ،وكل نبض يحيا في كنف الحب له الألق والمجد دائماً، فكوني الأمل لغدي الذي لم أتنبأ ذات يوم بقدومه ،لكني مع الكتابة فقط أحاول أن أبث من خلالك الوجع الانساني الرابض في المخيلة الحزينة،أكتب إليك وأنا أجر توابيت الصمت والأسى خلف ظهري أي في داخلي الذي يمتطي حسرة الوادي وكبرياء الجبل،بكل الأحرف التي تتراصف بقوة وذهول على أرصفة الوجع التاريخي الذي يسطر بصمت آهات التائبين من الحب والعائدين إليه بعد كسر عصا التوبة البالية,سأشكل من آهاتي إيقاعات متناسقة الأحزان كي تسمو جليِّة أمام جمال حزنك وروعة بكاءك في عالم الاحتراق ينسى العاشق ذاته والعالم الهائج فيهتاج بشدة كي يسترد صرخاته الشجاعة من ألمه العبقري فينتهك الوقت وأنظمته المشلولة ويتابع صمته الجذاب وهو يحلم ,وأنت يا صديقتي ميلاد لجرح جميل سيولد بألقه في داخلي ،كل ما تبدينه لي من إجلال هو في سبيل أن يتغير العالم بي،أنت في داخلي جمرة تتأجج سحراً وبرداً بي إن أخلص لبرد ونار توأمين فأنا أكابر صموداً في واقع خلق ليحارب فينا النقاء،أنت آخر أساطير الحب وأعذب ما قيل في السحر ،رغماً عن القساة تبقين عروسة الدموع، تؤرخين للعشق تاريخاً للنصر حيث أن حقيقة المشاعر تبقى ثابتة الرسوخ في صميم الحياة التي نعيشها بأمل المحب في الراحة الأبدية،كل الدروب والمسارات ،كل الاتجاهات تضللني عن الوصول لأمان دائم معك رغم ذلك فأنا أسعى بحرص لأموت بهدوء دون ضجيج أو ما يرافق الموت من بكاء أو انهيار وشوق، أسعى لموت هادئ جميل، موت يشعر الأحياء بالفرح لا الألم ،وهذا الفرح ليس إلا نتيجة لمحبة مذهلة وصفاء عميق، أريد أن أخلد في داخلك بينما تمتصين عصير الكلمات لحظة قراءتك لرسالتي هذه،أنا أنيس قلبك الذي اعتاد الانطواء والوحدة منذ زمن،أحلامي متصلة بروحك ،تتآلف معها كل وقت ،تعزف سيمفونيتها على وقع سجال الأحلام المنتهكة،خصلات شعرك التي تضم الرياح تعرف جيداً معنى الهبوب وتدرك التعايش مع النسيم الطلق الذي يعيش هو الآخر أسير كآبته المتنقلة فينا،أسعى أن أكون بلبلاً يستقي تغريده من صوتك ويهيم عشقاً بك وينثني بكآبة ورجاء نحوك ليزرع روحه في صوتك وليجن على إيقاع تنفسك،وليستقي أخيراً أشجان تغريده من صوتك،كانت الطيور تحدثني عنك وتزفُّ أخبارك لي ،ترفرف على أسطح المنازل والأشجار الباسقة والقراميد التي تلتف حول مداخن الأبنية ،تسمعني الطيور أنغامها الشجية تلتصق بي تحنو عليَّ من أجل أن أهبها روائحها في رسائلي،أحمل جنوني الذي أعتني به هدية روحية إليك في زمن لم يعد فيه للجنون نكهة أو طعم حتى أن العاشقين يعيشون لحظاتهم كالموظفين الذين لا يملون من الحديث عن الأجور وتأجيل معاملات الذين لا وساطة لديهم
حبيبتي بين كلماتي ظل عاشقٍ متعبٍ أحب أن يتابع مسيره إليك إلى ينبوع الخلاص والرحمة فيك،أحب أن أحترق فلا نجاة من الموت إلا بالاحتراق فالجهاز العصبي بحاجة لمزيد من الألم كي يرتشف الحياة بفنية مثيرة للإحساس
لغتي في قلبي وفي كلماتي هنا هو التزام بمزيد من الأسى كي أفهم معنى الحب العميق
الحب سيجعلك أكثر نقاءاً بل عطاء عن ذي قبل
فأنقياء الحب أنبياء الوجود الحقيقيون،يحملون الحب رسالة خالدة للبشرية الملونة،وفاتنات الحب يزدن الشعلة توهجاً ووميضاً في ظلام الكراهية البشرية،
البداية هنا...
تهيئي لغمار حبٍ عظيم من خلال هذه الرسالة
ومعذرة على انتهائها مؤقتاً
ريبر هبون*30-حزيران(ذات جنون)2006م
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوّار عطرجي
المفضلات