ملة الاستبداد واحدة
والشعب بألوانه هو الذي يدفع الثمن
الدكتور عزت السيد أحمد


أوكرانيا دولةٌ أوروبيَّة كاملة المواصفات سوى أنَّ فيها نظام حكم ديكتاتوري عميل مثل سائر الأنظمة في العالم العالم الثالث والعربي ضمناً. ولذۤلك يعيد النظام الاستبدادي الأوكراني سيرة الاستبداد في دول الربيع العربي حذو الحافر بالحافر: مؤامرة خارجية، مندسين أجانب...
في بداية الثورة بمصر ألقي القبض على فلسطينيين وأجانب تجنياً ليقولوا إنَّ هؤلاء الأجانب هم الذي يفسدون الحياة ويثيرون الفتنة والخراب، عندما بدأت الثورة في ليبيا أهاد نظام القذافي الكرة ذاتها بالتفاصيل، وعندما بدأت الثورة في سوريا ألقي القبض على فلسطيني ومصري وقدم لوسائل الإعلام تحت التعذيب أنَّهُ عميل للموساد وأمريكا ومدسوس لإثارة الفتنة...
اليوم قوات النظام الأوكراني تقتل شخصاً أسمر بلحيةٍ وتقول إنَّهُ عربيٌّ إرهابيٌّ يؤجِّج الفتنة في أوكرانيا. وعندما تبين أنَّهُ مسيحيٌّ قالوا: إنَّ إرهابيي الناتو هم الذين قتلوه ليشعلوا الفتنة في أوكرانيا...
يا أخي كلهم يقرأون من كتاب واحد ويطبقونه بالحرف من دون أي تعديل. والحقيقة أنَّهم لا يعدلون أيَّ كلمةٍ من هٰذا الكتاب المشترك لأحد أربعة أسباب على الأقل، أو لبعضها أو كلها معاً:
أولاً: إما لأنَّهُم أغبياء إلى الحد الذي يعجزهم عن اختراع بديل، مثل الببغاء يكررون النص حرفاً حرفاً، ويقعون في الخطأ ذاته غير قادرين على الاستفادة من أخطاء السابقين الخطأ ذاته...
ثانياً: أو لأنَّ أيَّ ذريعةٍ في مواجهة حركة الشعب غير هذه الاتهامات ستدين النظام وتجعله يعترف بنفسه بتهافته ويقود نفسه إلى السقوط. وهٰذا يعني أنَّهُ لا حلَّ آخر أمامهم لمواجهة الحق السَّاطع الناصع إلا بهذا الفجور الاستفزازي الغبي...
ثالثاً: أو لأنَّ المستبدين يظنون أنفسهم أذكى الخلق وكلَّ الخلق أغبياء إلى الحدِّ الذي يجعلهم يصدقون صريح الكذب.
رابعاً: أو لأنَّ المستبدين على درجة من الطغيان والجبروت تجعلهم يفرضون ترهاتهم التي لا يصدقها أحد على الشعب شاء أم أبى إمعاناً في الإذلال والاستعباد...
لك الله أيها الشعب
ولكن أليس الشَّعب هو المسؤول عن طغيان هؤلاء الطغاة؟
ألم يقولوا: لا تسأل الطغاة لماذا طغوا بل اسأل الناس لماذا ركعوا؟
إنَّ الإعلام الذي يستغبي الناس بهذه الطريقة المستفزة التي تدعو إلى التقيؤ.. ليس إعلاماً غبيًّا، ولۤكنَّهُ واثقٌ من وجود جماهير تنقاد للاستغباء بكلِّ سرور وامتنان.
لا أريد أن أستحضر التاريخ والجغرافيا. ولٰكن لا بد من القول: عندما يكون الشعب أهلا للحرية فإنَّهُ لن يسمح للمستبد أن يوجد، وعندما لا يكون الشعب أهلا للحرية فإن الحاكم الملاك يصبح شيطاناً.
انظروا إلى الشعب الأوروبي الذي إذا رأى وزيراً أو رئيساً يركب سيارة الدولة بعد الدوام الرسمي قامت الدنيا ولم تقعد... وإذا ارتكبت السلطة خطيئة تمس كرامة المواطن كيف تقوم الدنيا ولا تقعد؟؟!!
هذه صورة الحكاية.