خواطر الصّباح
من وحي الّتي ألهمتني بها, موسقة حانية عبر موجات الأثير الصّباحيّة...

بقلم: حسين أحمد سليم (آل الحاج يونس).
كاتب وفنّان تشكيلي عربي ملتزم قضيّة الأمّة الأقدس (فلسطين العربيّة), يحمل هويّة الأرز من نواحي بلاد بعلبك في البقاع اللبناني.

تموسق الصّوت الحاني الحسن, بمحامد النّورالمحمود لمُحمّد الهدي, منارة الرّشاد للحقيقة المجلوّة كالعروس في الزّمن القدريّ...يتبرعم الصّوتالملائكيّ, لطافة ورقّة وعذوبة وشفافيّة وشاعريّة, ليكتب سيمفونيات أخرى من عذب الهديل, لحمامة من حمائم بدائع عظمة صنع الله في الخلق, وشجو يمامة من اليمائم الّتي تتجلّى في خلقها أيضا بدائع صنع الله في نسائج المخلوقات...
وراح الصّوت القدريّ, يتكوكب أثيريّا في أرجاء البعد المحجوب قدرا آخر, الهائم إنعتاقا من كلّ القيود الضّاغطة بثقلها على النّفوس والأرواح والقلوب والعقول, تحت قبّة التّقيّة, خشبة الخلاص من إستشراء الخبائث في الأجساد الموبوءة... تتماهى حرّيّة البوح جرأة,بأرحبة فضاءات دوحة رياض السّعد, المطمئنّة الهدأة, بين كثبان الرّمال الصّحراويّة التّاريخيّة, قاب قوسين أو أدنى من حرمالبيت التّراثيّ العتيق, المُكرّم بالحجر المبارك من الزّمن الغابر, عهد إبراهيم وإسماعيل, على ذمّة المرويات...
يتوامض الصّوت الأنثويّ السّاحر النّغمات, خفّاق عناصر المحارف في حزم نورانيّة, تتشظّى في سيّالات أفكار فلسفيّة ثائرة رافضة, يُترجمها الصّوت الحرّ البعيد تقيّة إستمرار, مداراة في الزّمن العاهر القاهر الفاجر الكافر, يخترق فيها الصّوت, الواقع المرير, المعاش قسرا في سجن التّقاليد, الّتي تُكبّل كلّ الأشياء جهالة موروثة, حيث تغرق كلّ الأشياء في متاهات المجاهل الإفتراضيّة, تتكوّى النّفوس الحرّة قهرا على قهر على جمار الأمر الواقع, بين كثبان الرّمال الحارقة في زمن العطش والتّوق لجلاء الحقائق...
تتجلّىالرّؤى البعيدة مشهديّة لوحةّ فنّيّة, تتشكّل مع أشعّة شمس الصّباح الدّافئة, الّتي بشّرت بها نجمة الفجر قدرا, بعد أن تكاملت إستنارة مع هلال السّحر, وليدة لقاء الغسق بعد سورياليّة لوحة الشّفق عند المغيب, لتتشكّل لوحة الحبّ والعشق ليلا, إيحاءً وإلهاما قدريّا من لقاء تجريديّ لسيّالات الرّوح بسيّالات الرّوح, ولتتراءى في مشهديّةشفقيّة الغسق تمخّضت بها الأقدار, بكلّ الألوان الطّيفيّة ومشتقّاتها, وكلّ ألوان قوس الله في كبد السّماء, تنبثق من قبسات النّور المحمّدي الحسن, لتتماهى جمالا أخّاذا, برعمة قدريّةمن دندنات شاعريّة حالمة, جرأة بوح الرّوح الشّفيفة للرّوح الأشفّ, عبر صدق اللسان الأنثويّ وطهارة القول والفكر وفلسفة الإجتهاد...
تناهى الصّوت طروبا من شفيف طبقات البعد القدريّ الممتدّ جغرافيّا, يختصر كلّ المسافات والأبعاد في نظم بوتقة المقاييس ومضعافاتها... يتناهى ذلك الصّوت الملائكيّوكأنّه قُدّ من الفراديس الإلهيّة الموشّاة باللينوفار المقدّس, الصّوت الّذي تجسّد تجويدا وترتيلا, وكما خاطرني ليلا وفجرا مع آذان صلاة الصّبح, ينبض به لسان الصّدق الإيماني, مع صياح ديكة الصّباح, الدّاعية لعبادة الحقّ...
تناهى الصّوت لجلاء وعيي وعرفانيوسمعي وفكري وروحي ومشاعري وأحاسيسي, كأنّه عفقات أنامل حانية الدّفء, تدغدغبلمساتها النّاعمة شفيف الأوتار, المشدودة بين عقيدة قداسة الحبّ وأسس طهارة العشق,لتتوالد منها ترانيم خلاصة قداسة في نسائج الحب, وتتبرعم منها دندنات خلاصة طهارة في وشائج العشق, عبر موجات الأثيرالرّقميّ, الوامض العابق طيبا بلطائف أنسام الصّباح...
إنّي أُتوّجكِ في الله حبيبتي, دون سابق معرفة, أو تكحيلا لطرفي بجمال بدائع صنع الله في تكوين جماليات وجهك الطّافح بالبشر...أيّتها الأميرة القدريّة في أرحبة نهائيات المدى اللامحدود, أُتوّجكِ إحتراما وتقديرا وإجلالا لكِ,وأمنحكِ شهادة ميزة أيضا لكِ, سمة وهويّة مغايرة للسّائد, وذلك تأكيد وعي باطنيّوعرفان ذاتيّ,وثقافة موسوعيّة شاملة, وعظمة أخلاق إيمانيّة, ورفعة مناقب إنسانيّة...
هذا وحركة فعل شكران لله تعالى, أوّلا وآخرا وما بينهما, الخالق جلّ وعلا, ذو الجلال والإكرام, الّذي شاء ماشاء, كما شاء المشيئة المباركة, رحمة ومودّةدائمة النّماء في رضاه وتقواه, لبناء صرح التّكامل روحا وفكرا ووعيا وعرفانا وثقافة وفلسفة إجتهاديّة في خفايا بواطن الأشياء, وإستمرار إستقامة في التّطوّر المستدام حضارة إنسانيّة, نحن قوام صروح بنيانها البشريّ...
فيا أميرة الإجتهاد في الفلسفة الإبتكاريّة الإبداعيّة, الإفتراضيّة الإستنباط, قوام نسائج برامج علم الإجتماع, المرتحل في معتركات هذا العصر الشّيطانيّ العجيب الغريب, كمن يصارع الموج العاتي وحيدا فريدا في أعماق البحر الصّاخب, وشراعه المحطّم, يُقادُ قهرا وفق أهواء العواصف المزاجيّة, وعلى ذمّة زمجرة المياه تنفيذا للفتوى التّدميريّة, وصمة العار في الزّمن الغابر...
الحبّ أيّتها الأميرة القدريّة النّور المحمّديّ الحسن...الحبّ طهارة في الفكر والقول والعمل, والعشق قداسة في الوعي والعرفان والعلم والثّقافة, والحبّ والعشق نبل على نبل في توصيف الأحاسيس السّامية والمشاعر الرّاقية... والعاشق صادق مع ربّه ونفسه ومعشوقه والنّاس, جريء البوح في مختصر القول, لا يخاف في الله لومة لائم... لا همّ عنده, أوقع على الموت أم وقع الموت عليه, ولا حساب يرهق تفكّره, أحمل على نعش غنيّ أو فقير, ليُشيّع لمثواه الأخير في مسيرة فقيرة أو حاشدة, أم رمي في حفرة القبر عشوائيّا, فالموت هو الموت والقبر هو القبر...
العاشق يا سيّدتي المعشوقة قدرا, يعيش ذاته من دون إستخدام مستحضرات تجميل عصريّة, ليبقى كما هو في حقيقته, واضحا صافيا ناصعا شفيفا مضيئا, خالصا البريق كما الذّهب التّبريّ, لا يمارس فعل التّمويه والتّشويه للحقائق, وتزيين القبائح بالزّينة الفانية, حتّى لا يُرمى بالغشّ, ويتعذّب ضميريّا بجريرة غشّه... لأنّ الغشّ وسوسة شيطانيّة, وليس من النّاس من مارس غشّ النّاس... فالغشّ يا سيّدتي غدر, والغدر جريمة إنسانيّة, ولا يُرحم من الله من مارس الغدر بالنّاس... فكيف بمن يغشّ في الحب ويغدر في العشق؟!...
العاشق يا ومض نور الحسن المحمود, حرّ منعتق من كلّ القيود, الّتي تُكبّل ثورته على كلّ الأشياء, الرّافضة لكلّ المظالم عبر التّاريخ... والعاشق يا سيّدتي الفيلسوفة, عظيم في أخلاقه ومناقبه وسجاياه وأفكاره, يجتهد فلسفة من أجل الإنسانيّة, ويحمل الحقيقة في ثنايا روحه ومطاوي تفكّره, ولا يكتب إلاّ للحقيقة, غارفا مداديراعه الحرّ من محبرة القداسة والطّهارة والإيمان بالله تعالى...
ويبقى العاشق يا سيّدتي المعشوقة قدرا, يبقى ويبقى وسيبقى ثائرا كموج البحر, أبدا لا يهدأ, مهما تعاظمت بوجهه العوائق, حتّى لا ينتهي إذا هدأ... لأنّ العاشق يا من تنبثق سيّالات الضّوء من نور وجهك المشرقبالحسن, الّذي تجلّى لي في الرّؤى... العاشق صادق الوعد إذا وعد, واعد العهد إن عاهد وعهد, ملتزم القسمإن إيمانا أقسم... يحمل العاشق أيّتها المحروسة, عقلا مُقلبنا بنبض الحياة, ويحمل العاشق أيضا قلبا مُعقلنا بحب العيش في إمتدادات الحياة...
الأديب الكاتب شعرا ونثرا, الكارز بالخواطر والفلسفة وقصار الكلمات الحكميّة المأثورة, والفنّان المبدع تشكيلا ورسما, المبتكر للفنون والأشكال والكلمات والتّعابير والمدارس... هو عاشق مُوحّد بإمتياز, تنتعش روحه من لدن الله بقداسة الحبّ, وتطمئنّ نفسه لذكر الله بطهارة العشق... يأبى إلاّ النّبل في بناء كلّ العلاقات, رحمة ومودّة من لدن الله, الّتي أودعها أمانة في الصّدور المؤمنة, العاملة لمرضاته وتقواه, بوعي باطنيّ, وعرفان ذاتيّ, وإيمان خالص, لا تشوبه شائبة, نماءً مستداما من أجل الوجود والحياة والإنسانيّة والإستمرار, لِيُعرف الله ويُوحّد بقداسة الحبّ وطهارة العشق بين العاشق والمعشوق, بومضات سيّالات أشعّة ذهبيّة دافئة, تنبثق من قبسات النّور المُحمّد الحُسن في مسارات التّكامل في أسرار الحياة...