لغة العشق

بقلم: حسين أحمد سليم

أبتكرُ محارفَ أبجديّة فلسفتي في طهارة الحبّ و قداسة العشقِ, مودّةً و رحمةً أزليّة, زرعها الله في صدري الضّيّقِ المُتّسعِ, و في شغافَ قلبي الصّغيرِ الكبيرِ, النّابضِ بموسقات الحمدلة و الإستغفار و الإسترجاع, و تتنامى إطمئنانًا بذكره الدّائمِ أناءَ الليلِ و أطراف النّهارِ...
تتوالد منظومة عناصر و مقاييسُ و أبعاد و رؤى فلسفتي, وأستحدثها من رحمِ الوعيِ الباطنيِّ الّذي أكتنز بهِ, و من ثراءِ العرفاني الذّاتيّ الّذي مدّني الله به, لغةً ترميزيّةً كشفيّة, مغايرةً عن محارف أبجديات حضارات الشّعوبِ الّتي سادت ماضيًا ثمّ بادتْ...
أستنبط ما حملني تفكّري في المدى إليهِ, إجتهادًا مُستدام التّنامي, مُتطوّرًا مع عصرنة الحضارة الرّقميّة, لا قياسًا على ما مضى من مفاهيمٍ, أكل الدّهرُ عليها و شرِب, إلتزامًا بمساراتِ الوعد و العهد و القسم, و حفاظًا على موروثاتٍ لا نفع منها في زمنِ ثورةِ العصرِ...
أزفّ عرائسَ فلسفتي في الحبّ و العِشقِ للورى, أترنّمُ بها في جنون فتاوى قداسة الحبّ و طهارة العشقِ, بتفكّرٍ ثوريٍّ رافضيٍّ, نتاج عقلٍ حكيمٍ مُقلبنٍ بالحبّ, و قلبٍ مُتشاغفٍ مُعقلنٍ بالعشقِ, خلْقًا و إبداعًا و إبتكارًا و تمايزًا في هذا الزّمنِ المادّيِّ الصّعبِ...
أُخالفُ كما التّاريخُ وسمني في ثورة الرّفض, أتجاوزُ كُلّ الأعرافِ و التّقاليد و الموروثات و الأساطير و الخرافات, كي أعيش حُرّيّة الإنسانيّة و السّلامِ الحقيقيّ في زمن العصرنة و الحضارة, و أُعرفُ تماهيًا بما أجودُ به للبشريّة, و أقطف نتاجات ما يُحقّقُ رؤاي و طموحاتي و توجّهاتي, الّتي أحملها في وِجداني من الأمس الرّاحلِ بلا رجعة, للحاضر الّذي يُرخي على كاهلي كلكله, فالغدِ المأمولِ بكلّ المرتجى المُستهدف...
أُقيمُ صرْحَ الحياةِ و الإستمرار, بالمودّة العُظمى, و الرّحمة المُطلقة, أستنبت من رحمِ أبجديّة حبٍّ مُشكّلةً بالرّحمة الإلهيّة, و لغة عِشقٍ مُنمنمةٍ بالمودّة الرّحمانيّة, وبمحارف أخرى من لدن الحقّ و الحقيقة, تتلظّى من تشاغفٍ, و تتّقدُ من توجّدٍ, و تتجمّر من أشواقٍ...
أبني صومعتي القدريّةِ, الّتي شِئتها, لتهجّداتي في الحبّ و خشوعيّاتي في العشقِ و مُناجاتي في في البعدِ و إستغاثاتي لله, و أقيمها عبلاءَ عند قمّة الجبلِ الأعبلِ, تُحيطُ بها كُلّ الورود العبليّة, ألجأُ إليها توّاقًا بعبلي, يحلو لي في هدأتِها سكني, أُصلّي و أتعبّدُ لله, و أناجي حبيبتي العبلةَ العبلاءَ الخلْقِ و الأخلاقَ...
أُمارسُ رِضا الله و تقواه في العِبادِ قاطبةً, فكُلُّ الخلْقِ نظائرُ لي في التّكوين و أخوةٌ لي في الله حتّى يثبُتُ العكسُ... و أمضي في علاقاتي مع الكُلِّ من خلف حجاب التّقيّة القدريّة, الموروثة فلسفة إجتهاديّة, على ذِمّة جهابذة الفقه, الّتي لا بُدّ منها في زمن القهر و الغدر و الكفر و الحسدِ و التّكايدِ و التّداهي و الذّبذبة في المواقف و الإلتفاف على لمحاورِ, و خوفًا من فتاوى القتلِ و الذّبحِ, المتوالدة من زمن مضى و بإسم الدّين زورًا و بهتانًا و على ذِمّةِ مُنتحلي الدّينِ لِغاياتٍ ما أنزل الله بها من سلطانٍ...
أناديكِ حبيبتي القدريّة, الّتي أودع الله سيّالاتَ أرواحنا, قبساتَ من المودّة و الرّحمةَ من لدنه أمانةً, و مدّ بيني و بينكِ الخيطَ الفِضِّيِّ الوضّاءِ, المُكوكبُ بقداسةِ الحُبِّ و طهارةَ العِشقِ... أُناديكِ بشفتيّ المكسورتين, همسًا مُرمّزًا, يا حبيبتي و معشوقتي و ملهمتي, بصراخ حُبّي الصّامت, رُغمًا عنه, و إستغاثة عِشقي, المغلوب على أمره, هائمًا في ضبابيات متاهات, لا متناهية الإمتدادات...
أُبسملُ بالله من شرور الشّيطان و أتّقي وساوسه, و أبدأ تراتيلي لآياتِ الله بالمحارفِ المفردة لإسمكِ المباركِ, و أتابع تجاويدي ما تيسّر لي على كُلِّ القِراءاتِ, و أترنّمُ بينَ الآيةِ و الآيةِ بذِكركِ, حيثُ تتجلّينَ عظمةً من عظمة بدائع صُنعِ الله في الخلْقِ, و أختم بالإستغفار و المنجاة لله, و أُطَيِّبُ لِساني بضوعِ موسقاتِ محارفَ إسمكِ المباركِ...
أكرزُ الهديَ بفسلسفتي بينَ جمهورِ الحُبِّ و العِشقِ, أُدندنُ ترانيم الحُبِّ و موسقاتَ العِشقِ بالفمِ الملآنِ, أتحدّى السّيْفَ القاطعَ للأخضرِ و اليابسِ, ترتسمُ على ثغري الفكاهةَ الحزينةَ, و الشّكوى الأليمة لا تخرج من شِغافِ قلبي المتوجّدِ, و لا من بين ضلوعي المُعذّبةِ... مُقلتايَ ترسُمانِ أحزانهما في طرفيهما و في محورهما, و المسافاتُ الإفتراضيّةُ تُفرِّقُ بيننا و تُباعدُ, ليزدادَ النّزفُ من شِغافِ القلبِ العاشقِ...
يوْمَ شاءَ الله اللقاء بيننا بلا حسابٍ في منظومة الزّمنِ, أشرقتْ شمْسُ الحياةِ و بدّدتْ سيّالاتها الظّلامَ الدّامسِ في الصّدرِ و القلبِ, و أورق دوح شبابي مُتجدّدًا رُغمَ غُربةَ كُهُولتي, و تنامى عمري رُغمَ ميله للأفولِ, و إستعادت أوتار ربابي ترانيمها و موسقاتها, بجرّاتِ وترها الأحاديِّ على الوتر الأوحد, و كان اللقاء القدريّ قداسة في الحُبِّ و طهارة في العِشقِ, و كان الوعدُ الصّادقُ, و العهدُ الواعدُ, و القسم العظيم بلله, ثباتًا على الوفاءِ و الإخلاصِ و البقاءِ, تحدّيًا لِكُلِّ العقباتِ و المعوقات...