خواطر في الحبّ و العشق

بقلم: حسين أحمد سليم

قادمٌ إليكِ مع بداياتِ بشائرِ و طوالعِ سُحبِ الغمامِ التّشرينيّ في بلادي, المنسابِ مع دغدغاتِ الأمواجِ النّسائميّة, مُتماوجًا هادئًا مع إطلالاتِ الآمال المرتجاةِ في غرّةِ الصّباحِ الأصبحِ و عند غروب الشّمس في المساء, فيضُ حُزمِ قبساتٍ من ومضِ سيّالاتِ تجلّياتِ التّخاطراتِ, إنتعاشِ الأرواحِ المّطهّرةِ بطيبِ عبقاتِ أنسامِ الحياةِ...
مُقبلٌ إليكِ من صفوات التّراث التّليد, الأفضل في التّقييمِ و التّصنيفِ, الموروثِ من بقايا حضاراتِ التّاريخِ الغابر, عِبرَ إمتدادات جغرافيّاتِ المكانِ في إمتدادات الأرضِ, مِمّا به تمخّضتْ أممَ الإنسانيّة الّتي سادت ردحًا من الزّمنِ ثمّ بادتْ, لِتخلفها لِزمنٍ محدودٍ بعض الأممِ المتوالدةِ, تُشكِّلُ آخر ما أوحى لمبدعيها من الخلقِ و الإبتكار...
أدلفُ إليكِ من عصورٍ سالفةٍ موغلةٍ في ماضي الأزمانِ, أكتنزُ وعيًا باطنيّا و عرفانًا ذاتيّا, بعقلٍ مُتفكّرٍ مُقلبنٍ و قلبٍ متشاغفٍ مُعقلنٍ, أُثري وِجداني و نفسي و صدري و قلبي بإطمئناناتِ الإيمانِ بذكر الله, و أخصبُ خيالي تخاطرًا بتجلّياتِ ومضاتِ المودّة و الرّحمة, المنبثقة من خلاصات الأصالات الإيمانيّة المُضمّخةِ بالإطمئنان...
آتٍ إليكِ على جناح العبق التّشرينيّ المُنعشِ النّفسِ, المُتشذّي بضوع الرّياحين في طيب أرض الطّهرِ في بلادي, أحملُ لكِ على راحتي كلّ الأغاني القرويّةِ و الرّيفيّةِ و الشّعبيّةِ و الفلكلوريّة الّتي لم و لن و لا تنتهي, أصدحها لكِ بصوتٍ تتفتّق به حنجرتي من إهتزازاتِ أوتارِ الحبّ الأقدسِ النّادرِ و العشقِ الأطهرِ الأصيلِ...
أنساب إليكِ قناعةَ كنزٍ لا يفنى, أتمثّلُ إنسياب لطائف النّسائم الأثيريّة الشّفيفة الرّقيقة, المتهاببةِ مع أوشحة الغسقِ بعد الغروبِ, و المتوالدةِ مع خيوطِ الصّباحاتِ الأولى, المتماوجة مع بياض الأضواء في ثنايا الصّباحاتِ, المُبشِّرةُ بها ديكة الإنشادِ و التّجاويد و التّراتيل في غرّة كلّ فجر صادق واعد العهد و القسم...
مُبحرٌ إليكِ في إمتدادات الفضاءات اللامتناهيات, أمتطي تجلّيات تخاطرٍ فكريّ و سمعيّ و بصيريّ, صهوة الهلال المتوامضِ في كبدِ السّماءِ في الليلِ الأليلِ, المُحتضنِ في قلبه النّابضِ بالحبّ و العشقِ, نجمة الصّبح, موطني الأصلي الّذي منه أتيتُ الأرض قدرًا, النّجمةُ المُتلألئة فوق القمم الشّمّ العبلاء في الأفقِ الشّرقيّ لبلادي...
هأنذا قاب قوسين أو أدنى من هالتكِ الشّكيريّة, المكوكبةُ بالخيوط الفضّيّةِ الشّعاعيّةِ الوضاءةِ, الّتي تتشاععُ بقبساتٍ من كلّ أطيافِ الألوانِ الأثيريّة, المنبثقةِ من قلبِ أطيافِ قوسِ الله في قبّةِ السّماءِ و في اليومِ الماطر بالرّذاذ تحت الضّوءِ المشمسِ, شكيرتكِ الطّيفيّة الّتي أطوف في فلكها النّورانيّ منذ أمدٍ...
أحمل إليكِ إنسانيّتي البشريّةِ التّكوينيّةِ, الّتي تتجلّى فيها عظمة بدائع صنع الله, و المُودعةُ أمانةً في ثنايا روحي الأثيريّة الشّفيفةِ, أكرز بالأمانة التّكليفيّة المؤتمن عليها بالحقّ, هامسًا حينًا و صارخًا أحيانًا في أذن الوجود, مناجيًا خاشعًا لله في تجاويدي و تراتيلي, متماهيًا متواضعًا بعظمة أخلاقي و رِفعة عنفواني و سموّ كبريائي...
قادمٌ إليكِ بكلّ طاقاتي و قدراتي و سماتي و هويّتي و فنوني و إبداعاتي و ألقابي و صفاتي و شهاداتي و مناقبي و أخلاقي, الّتي أكرمني بها الله حكمة و عدالة و رحمة و مودّة و حبّا و عشقًا, أمارسُ كلّ الحرّيّاتِ الإنسانيّة المتاحة الفضائل و الصّدقاتِ الجارية, و أنا في حضرتكِ أترنّمُ في كلماتِ حكاياتي على مسمعكِ و أتموسقُ في عبارتِ رواياتي متعةً لكِ, واضعًا كلّ رؤى آمالي و أحلامي أمانةً في كنه صدركِ الحاني...
أتيتكِ على حين ومضةٍ من رؤى الآمالِ المأمولةِ و المرتجاةِ, أحملُ شبّابتي و قيثارتي, أبثّ لكِ على كلّ منها تشاغفي و أشجاني و أشواقي و توجّداتي, أعزف لكِ سيمفونيّة حبّي و عشقي على وتر ربابي المنفردِ الأوحدِ, كلّ الموسقات و التّرانيم و الدّندناتِ, بتجاويد الحبّ الأقدس و تراتيل العشق الأطهر, الّذي يتنامى على قاعدة المودّة و الرّحمة, المُؤتمن عليها أمانة القدّوس العادل العليم الحليم الحكيم الكريم...
حللتُ في كنفِ ضيافتكِ الأصيلةِ الكرمِ, أحملُ لكِ باقاتَ حُبٍّ و عِشقٍ من أجملِ و أينعِ الورودِ و الأزهارِ و الأعبالِ الجرديّةِ في أرضِ وطني... أشهدُ أمامَ عرشكِ بالسّهرِ و الأرقِ و مناجاة النّجومِ و الكوكباتِ و البدورِ المعلّقةّ في كبدِ السّماءِ, أنتظرُ إشراقة الهلالِ و نجمةَ الصّبحِ الفجريّة, لتطمئنّ نفسي من قلقها الموروثِ, أهرقُ لكِ كلّ المداد و أنا أكتب لكِ ما لم و لن و لا كُتب ماضيًا و لا حاضرًا و لا مستقبلاً في لغة الحبّ و العشقِ الّتي أتّقنها مودّة و رحمة من لدن الله...
جئتكِ أقتبسُ لكِ كلّ فنون و إبداعاتِ الجنونِ في الحبّ و العشقِ, أختصرُ لكِ كلّ طرقِ و أساليبَ و مساراتِ جنونِ العشّاقِ في الكينونةِ, قديمًا و حديثًا و مستقبلاً, أصطفي من كلّ طريقةِ عاشقٍ خلاصتها في الأسلوبِ, أُقدِّمُ لكِ ذاتي المتواضعةِ قلبًا و قالبًا, أمير العشّاقِ المجانينِ, لأنّني أحببتكِ و عشقتكِ و أحبّكِ و أعشقكِ و أبقى و سأبقى مدى العمرِ أحبّكِ و أعشقكِ في الله و رضاه و تقواه...
يا إمرأةً عصريّةً سليلةَ السّادةِ الأشرافِ في عظمةِ المناقبِ و الأخلاقِ, يا من أتتْ بالتّسلسلِ من رحمِ أمّها الأولى, الموسومة منذ بدءِ البشريّة الإنسانيّة بحوّاء... يا إمرأةً فاتنة الإغواءِ و الإغراءِ و الجمال, أتت قدرًا تكوينيّا كما أتت بقيّة النّساءِ, و لكنّها في الوعي و العرفان و التّفكّر, و المودّة و الرّحمة, و الحبّ و العشقِ, لا شبيه لا بين النّساءِ...
يا صاحبةَ النّفسِ العنفوانيّة و ذات الكبرياء, إفتحي لي كلّ الأبوابِ الموصدةِ, و شرّعي لي كلّ منافذ الأسوارِ, و أجيزي كلّ رجالِ الأمنِ و الخدمِ و الحشمِ و كلّ الوصيفاتِ, و تفقّدي وجهكِ و قوامكِ في المرآةِ, و إسترجعي ذكرياتكِ من حقبِ الأمسِ في الحاضر لرؤى الغدِ القادمِ, و ليشرق وجهكِ طافحًا بالبشرِ و الأضواءِ, و عقلني قلبكِ و قلبني عقلكِ بالمودّة و الرّحمة من أجل الحبّ و العشقِ...
أنا قادمٌ على أجنحة الومضِ الطّيفيّ, أحمل هالة شكيرتي الأثيريّة الشّفيفةِ, أحملُ لكِ كاملَ كينونتي المجبولة بالحبّ و العشقِ مودّة و رحمةً... فإفتحي لي يا مليكة الحبّ الأقدسِ المُضمّخِ بالمودّة, و يا أميرةَ العشقِ الأطهرِ الممزوج بالرّحمة... لأقف في حضرتكِ مُتقمّصًا كلّ الأشياءِ ماضيًا و حاضرًا و مستقبلاً, بجنون الحبّ و العشقِ, مُتأسلبًا بوعيِ و عرفاني بالمودّة و الرّحمة, بكلّ الأكوارِ و الأدوار و الأطوار...