إشارات في الحبّ و العِشق

بقلم: حسين أحمد سليم

محارفُ كلماتكِ حبيبتي القدريّة مفعمةٌ بشذا المودّةِ و الرّحمةِ الّتي أودعها الله في الصّدورِ المطمئنّةِ بالإيمانِ.
موسقاتُ كلماتكِ معشوقتي القدريّة ترانيم قداسةٍ و طهارةٍ تضوع بطيبِ الحبِّ الأنقى و العشقِ الأصفى.
تعارُفنا في تآلُفنا و تآلُفنا في إنسجامنا و إنسجامنا في وعينا و عرفاننا و وعينا و عرفاننا لا يتحقّقانِ إلاّ بالحبّ و العشقِ لبعضنا مودّةً و رحمة.
عيناكِ الدّامعتانِ تبتهلانِ لله صباح مساء و في جبينكِ و وجنتيكِ و شفتيكِ و اللمى و وجهكِ الطّافح بالإيمانِ أستقريء المناجاة و التّهجّداتَ و التّضرّعاتْ.
حِجابُكِ و وِشاحُكِ و أردانكِ السّوداءُ تفوحُ بطيبِ ضوعِ الورودِ و الأزهارِ و رياحين بلادي و اللينوفار المقدّسِ و عبقِ أشجارِ الأرزِ و اللزّابِ و الشّربينِ و العرعر.
ظِلُّ الله يتجلّى عظمةَ إبداعٍ في تشكيل مكوّناتِ وجهكِ المُشرقِ بالبهاءِ و الصّفاءِ و النّقاءِ و الإطمئنانِ بالإيمانِ.
أطيافُ هالاتٍ من نورِ الله تترجّحُ جذْلى على تقاسيمِ قِوامكِ المُشبّعِ بمسحاتٍ من الجمالِ و قبساتٍ من مشهدياتِ السّحرِ في بدائعِ صنعِ التّكوينْ الّتي تتجلّى فيها عظمة الله.
في البدءِ أحببتُكِ مودّةً و عشقتُكِ رحمةً و تآلفتُ بكِ معرفةً و تكاملتُ بكِ إنسجامًا و وعيتكِ في إنتعاشِ روحي و إرتعاشِ نفسي و تفكّرَ عقلي و تشاغفَ قلبي.
أنا و أنتِ و المودّةُ و الرّحمةُ قِوامُ وُجودِيّتنا لِقيامَةِ صرحَ الحبِّ الأقدسِ و العِشقِ الأطهرِ و الوعي الباطني و العرفان الذّاتي لنعرف الله و نوحّده و نعبده.
طُهرُ التّرابِ في أرضِ بلادي ذلكَ الثّرى المُفعمُ بعبقِ أشجارِ اللزّابِ و الأرزِ و السّروِ و العرعرِ و الإيجاصِ البرّيِّ و شذا نباتِ الرّيباسِ و موجاتِ لطائفِ الأنسامِ الّتي تنفخ هدأةَ سكينةٍ في جذوةِ النّارِ المُتّقِدةِ الزّرقاءَ بشعلةِ اللهبِ لِدِفءِ أرجاءَ صومعتنا في قِمَّةِ الجبلِ الأعبلِ موئلَ الحبِّ و العِشقِ بالمودّة و الرّحمةِ تُحيطُ بنا الورودُ العبلاء و كأنّنا في الفراديسِ الإلهيّة الموشّاةِ بالورودِ الشّذيّةِ.
تعالي حبيبتي القدريّةْ نتطهّرُ صعيدًا من ربقاتِ الأنفسِ و نتوضّاُ بالماءِ القُراحِ و نفترشُ أردانَ الأرضِ المخضوضرةِ بالسّندسِ, نُقيمُ صلواتنا بالحقِّ في الحبّ الأقدسِ و نبتهل لله في العِشقِ الأطهرِ و نتهجّدُ خشوعًا و مناجاةً لله الواحدِ الأوحدِ نور السّماواتِ و الأكوانِ و الأرضِ.
حياتُنا معًا مشيئةُ الله لنا, مودّةً و رحمةً فيما قدّرَ و شاءَ حِكمةً و عدالةً, سكْبَ حُبٍّ مُقدّسٍ و دفقَ عِشقٍ مُطهّرٍ بوعيٍ و عرفانٍ و إنسجامٍ و تكامل.
فرحُنا في تجلّياتِ الحبِّ و العِشقِ أن نُعطّرَ الأجواءَ بضوعِ الطّيبِ في إيماننا و شذا الأريجِ في إطمئناننا و غِبطتنا في غِمارِ المودّةِ و الرّحمةِ أن نُشجي الآذانَ بموسقاتِ تجاويدنا و تراتيلنا و تهجّداتنا و مناجاتنا لله.
سعادتنا في تكاملنا بالحبّ و العِشقِ أن نُشبِعَ الجياعَ بشيءٍ ممّا أنعم الله علينا و نشوتنا في إنسجامنا وعيًا و عرفانًا أن نروي العطْشى بقدرٍ ممّا جاد الحقُّ بهِ إلينا.
الحُبُّ سيّالُ شعاعٍ آتٍ من نور السّماواتِ و الأرضِ و العشقُ كوكبُ المجدِ البعيدِ السّابحِ في أفلاكِ الضّياءِ النّابضِ في قلبِ الأكوانِ النّافخِ أنسام روحٍ من روحهِ لتنتعشَ الحياةْ.
الحُبُّ هُوَ الشّعلةُ الزّرقاءُ المُتّقدةُ الخالدةُ الوضّاءةُ في طريقِ الظّلُماتِ هديًا لِمن شاءَ الإطمئنانِ و العِشقُ هُوَ الصّرخةُ المُدوّيّةُ إستغاثةً في ضميرِ الحياة.
الحُبُّ هو المركبُ الأمينُ المُبحِرُ في عُبابِ البحارِ, السّاخِرُ بأنواءِ السّوءِ, و العِشقُ هُوَ الشّراعِ المُطمئنُّ فوق إنسياباتِ الأمواجِ, المُحتمي بعينِ الله.
من أرادَ الحُبَّ و العِشقَ فلْيطْرَحْ خوفهُ في المودّةِ و الرّحمةِ الّتي أودعها الله أمانةً في الصّدورِ المُطمئِنّةِ بذكرِ الله.
الحُبُّ هُوَ القُوّةُ العُظْمى المُودعةُ في كنه أسرارِ الأشياءِ, و العِشقُ هُوَ الطّاقةُ الكُبرى الصّامدةُ في خفايا عِنادِ العناصِرِ.
الحُبُّ هُوَ ذلكَ الصّوتُ الصّادقُ الأصدقُ النّافخُ إنتعاشًا في بوقِ أمواجِ أنسامِ الحياةِ, و العِشقُ هُوَ ذلكَ الصّدى المُتوالِدُ الصّارخُ ترديدًا في دُروبِ الله.
الحُبُّ هُوَ ذلكَ البوحُ الجريءُ النّاهِرُ جحافلَ الشّرِّ و الأشرارِ, و العِشقُ هُوَ ذلكَ الهمسُ الكارزُ في آذانِ الورودِ أسرارَ الوجود.
الحُبُّ هُوَ تلكَ الأنسامُ المُنسابةُ المُتهاديةُ على زرقةِ أمواجِ و مياهِ البحارِ, و العِشقُ هُوَ تلكَ الأمواجُ الإنسيابيّةُ المحمولةُ بالزّبدِ النّاصِعِ آتيةً من النّقطةِ النّورانيّة.
الحُبُّ هُوَ تلكَ النّسائمُ الهابطةُ من أقاصي إمتداداتِ الأكوانِ اللامتناهيةِ, الآتية من أبعادٍ لم و لن و لا يطالُها الخيال, المُتوامضةُ في لامتناهياتِ الآفاق.
العِشقُ هُوَ تلكَ الأنسامُ اللطيفةُ المُزوّدةُ بأسرار الحكمةِ, المُكتنزةُ بآياتِ الحقِّ و بشاراتَ الآمالِ المُرتجاةِ المُحمّلةُ بالمودّةِ و الرّحمة.
تعالي حبيبتي القدريّةُ نُدمي شرايين تُربةَ النّفوسِ بالحبّ و العشقِ و ننثرُ بِذارَ المودّةِ و الرّحمةِ في حقولِ الوِجدانِ الشّاسِعةِ و فيافي الخيالِ الواسِعةِ لتنمو سنابلَ الأنوارِ مُضمّخةً بطيبِ عطرِ الآمالِ المُرتجاة مع كلّ فجرٍ عابقٍ بالحياة.
تعالي معْشوقتي القدريّةُ نُنادي معًا على هِضابِ الحياةِ كارزينَ بتعاليم الله في الحُبِّ و العِشقِ لِتَطْرُقَ أصواتنا كُلّ الآذانِ المُتجلّيةِ السّمعِ و يُسامرُ صدانا كلّ العُيونِ المُتجلّيةَ البصرِ.
تعالي يا سليلة حوّاءَ الّتي إخترتها من بينِ جمهرةِ النّساءِ نزفّ أفكارنا العذراءَ في الحبّ و العشقِ إلى النّفوسِ المُطمئنّةِ بذكرِ الله و القلوبِ النّقيّةِ المُموسقةِ بأشواقِ التّشاغفِ لِتسطعَ عِبرَ الدّجنّةِ الحالِكةِ و تتشذّى كبخّورِ المعابدِ و تتكوكبُ بالخشوعِ في هياكلِ محاريبِ مساجدِ الله.
تعالي يا قرينةَ المودّةِ و الرّحمةِ نتنامى بالحُبِّ و العِشقِ و نُطِلُّ على الحياةِ نُهِلُّ فيها ربيعًا زاهرًا مُخضوضِرًا نسكبُ مع سيّالاتِ الشّمسِ الصّباحيّةِ قُبلَ النُّورِ و الآمال.
في قِمَّةِ الجبلِ الأشمّ الأعبلِ الطّائِعِ تُزهِرُ صومعتنا الوديعةُ بينَ جنبيهِ, و معًا نغفو على فراشِ الحُبِّ الوثيرِ و نتدثّرُ بِوشاحِ العِشقِ الدّافيءِ نُلْقي برأسيْنا على وسادةِ المودّةِ و الرّحمة.
في الأفقِ الشّرقيّ لِبلادي على جبهةِ الأفقِ و في شُموخِ العُنفوانِ و الكِبرياءِ في وهجِ الفجرِ الصّادقِ الطَالعِ من قلبِ ليلِ السّمرِ وعلى مقربةٍ من شروقِ الشّمسِ أطلّت حبيبتي العروسُ مجلوّةَ الجمالِ ريّانةَ المُحيّا تتوامضُ بأضواء الحبِّ و العِشقِ.
من طُهرِ و قداسةِ ثرى أرضِ الطّيبِ في بلادي و من شُموخِ ذُرى العُنفوانِ و رِفعةِ الكبرياءِ وادي الكرمِ و العطاءِ و من عبقِ أشجارِ اللزّابِ و نباتِ الرّيباسِ تفتّقت ورودُ الجبلِ بالوردة الأعبلِ فإنبثقت حبيبتي مُتبرعمة المياسمِ ريّانةُ المُحيّا تفوحُ من ثوبها النّاصعِ كُلّ عُطورِ الأرضِ.
حبيبتي القدريّةُ تلكَ الّتي زفّتها الأرضُ المُقدّسةُ إلى أرضِ الطّيبِ المُطهّرةِ, حبيبتي صاحبةُ الوجهِ الوضّاءِ المُشرقِ بالوضوحِ و الوجناتِ المُضرّجةِ بحمرة التّفّاحِ, و صاحبةُ الشّفاهِ المُضمّخةُ بلونِ الكرزِ المُحلاّةِ اللمى بلون العنّابِ, و حاملةُ الأجفانِ المسبلةِ كسنابلِ الخيرِ ومالكةُ الثّغرِ الباسمِ و الجبهةِ الموسومةِ بالإطمئنان في عبادة الله... تلكم هي حبيبتي و رسالتي التّكليفيّة المُقدّسة.
عِندما نلتقي في رِضا الله و تقواه في ظِلِّ المودّة و الرّحمةِ على سُندسِ الحُبِّ و العِشقِ, تهدُلُ الحمائمُ و اليمائمُ في الدّوحِ بالصّوتِ الحنونِ تُسبّحُ بآياتِ الشّكرِ, و تهزجُ أمواج النّسائمِ الحُبلى بأناشيدِ المحبّةِ, فتطفرُ الأزهارُ و الورود الطّيّبةُ من أحشاءِ الأرضِ, و على صيحاتِ الثّرى تمتشقُ البُحورُ من أعماقِها حواريَ الجمالِ, فقد أقبلت النّسمةُ المُثقلةُ بعطرِ الفراديسِ تُلقي رِحالها على أكفِّ العاشقِ المُتيّمِ بحبيبته.
في لِقائنا القدريّ كحّلتُ عيناني بغبارياتٍ من مسحاتِ جمالكِ و سحر وجهكِ و بهاء طلعتكِ بالأسودِ, فأطلقت و حيًا و إلهامًا من ومضِ عينيكِ و من قلبِ نايي أناشيد مزّقتْ هدأة السّكينةِ, فثمُلتْ آذانكِ الظّامئةِ إلى أنغامِ و ترانيمِ وحي السّماء في الخلقِ و الإبتكارِ و الإبداع.
حملْتُ كينونتي إليكِ و حططتُّ رِحالي على سُندسِ الأعشاب بين تشكيلاتٍ من الورودِ و الأزهارِ, أُنشِدُ لجلاء سمْعكِ غِبطةَ الحُبِّ و فرحةَ قُدُّوسِ العِشقِ, فهرعتْ إليّ الومضاتُ الرّافلةُ في عينيكِ ترجمةَ موسقاتِ خفْقِ قلبكِ المُتشاغفِ لأنّها عرفتْ في دندنات همساتي سيمفونيّةَ حبّي و عِشقي لكِ.
قالت حبيبتي في مناجاتها الصّباحيّة: "نسمةُ هواءٍ باردةٍ دخلتْ من نافذةِ غرفتي أيقظتني للذّكرِ و الدّعاءِ, و شمسٌ تطلعُ بخجلٍ من وراءِ سحبِ تشرينَ لِتشلحَ النّورَ في السّماءِ و أنا أنظرُ من خلفِ ستارٍ, ترى ماذا يُخبّيءُ لي نهاري؟! و أردّدُ من يتّقِ الله... إليكَ يا ربُّ أسلمتُ كلّ أمورِ دُنيايْ فإفعلْ ما شئتْ..."