يأجوج و مأجوج و طول الأمل
يتفق المسلمون و أهل الكتاب على أن خروج يأجوج و يأجوج من علامات الساعة. مع فروق هامة في التفاصيل . و لا أحد على علم يقين بميعاد الساعة فهي من الأمور الغيبية.
لكن هل علامات الساعة هي من العلوم الغيبية؟. و إلى أي حد هي غيبية ؟
تعد العلامات تحذير و تذكير لمن يؤمن بها, و إن دققنا في العلامات نرى أحداث و تفاصيل و لكن هناك أمور كثيرة متروكة غير محددة.
البعض و بناءا على ما لديه من علم ينسب بعض الظواهر و العادات لأن تكون هي من علامات الساعة, و يعلنون أن الساعة أصبحت قريبة. فقد ظهرت العديد من العلامات.
قد تقوم الساعة اليوم أو في الغد القريب , و لكن العلامات لم تكتمل بعد , و من تلك العلامات خروج يأجوج و مأجوج بعد. لا أحد يعرف بالقطع من هم يأجوج و مأجوج و لا أحد يعرف زمن خروجهم, و هل خرجوا فعلا و إن خرجوا و ما يدرينا أنهم خرجوا....
لقد ورثت كل فئة علومها عن علماء أخلصوا و تعبوا للوصول لما هو بين أيديهم. البعض يعتقد أن في إعادة طرح الأسئلة إقلال من شأن هؤلاء العلماء, لذلك يكون رفض مبدأ إعادة البحث في ذلك الموضوع هو نوع من الحصانة على ذلك الإرث الموروث. و كأن من يريد البحث هو إنسان جاهل و خير وسيلة للتعامل معه هو الإعراض عنه.
لا يتخيل العديد أن الساعة يمكن أن تكون قريبة, ألسنا في آخر الزمان , أليس الإسلام هو الدين الخاتم , كم بقي هل يوم أو شهر أو سنة أو آلاف السنين....... بعض الناس تتخيل الخلود الأبدي لهذه الدنيا.
عندما تسأل أحدهم هل يأجوج و مأجوج من علامات الساعة يجيبك بالتأكيد و أن لا مجال للشك. و إذا سألت من هم و كيف هم , تكون الإجابة بما لديه من علم و لكن يوصلك المجيب لقناعة أن لا فائدة من التفكير في ذلك. فما سوف يحدث سيكون في آخر الزمان ( و كأننا مازلنا في أول الزمان) و يجب أن لا نشغل بالنا بأمور لن نعيشها و يجب أن نركز على ما يهمنا في حياتنا و أن نبحث و نفكر في شيء مفيد.
تخدرك الإجابة و تحس أن الساعة بعيدة عنا , لا تريد الناس أن تفكر في الآخرة , قد يثير ذكر يأجوج و مأجوج العديد من المخاوف عند عوام الناس لعلمهم بأنهم حقيقة و تزداد مخاوفهم بسبب الغموض الذي يلف طبيعة يأجوج و مأجوج . فمن هم و أين هم و هل خرجوا أم ليس بعد و متى سوف يخرجوا , و حتى لا يخاف الناس يتعمد العلماء التلطف بهم و أن يكون هناك أمل طويل بأن موعدهم لم يحن بعد.

و لا أعلم إلى متى سوف يظل ذلك الموضوع غير قابل للفتح و النقاش , لقد بادرت بعمل متواضع خلصت من خلاله إلى تحديد شخصية "ذو القرنين" و أنه هو "داريوس العظيم" كذلك و صلت لطبيعة " يأجوج و مأجوج " و بنيت كلامي على ما وقع بين يدي من متوارث و من معلومات و أخبار و لأني مسلم ركزت بالدرجة الأولى على ماورد في القرآن و السنة النبوية و على بعض المعلومات الجيولوجية و التاريخية و الأثرية .... و أطلعت على بعض ما هو عند أهل الكتاب بالخصوص, فوجدت أن هناك أمور تؤكد فرضيتي. و لقد وجدت في إظهار ما عند أهل الكتاب عن قصة يأجوج و مأجوج أهمية كبيرة.

و للتذكير أن أهل الكتاب كان لديهم علم معين بقصة ذو القرنين, فلقد سألوا رسولنا الحبيب سؤال لم يستطع أن يجيبة إلا بعد ما يقرب من الأسبوعين, و سبب تأخر نزول الوحي , كان عبرة لنا بأن لا نقول أننا سوف نفعل شيئا إلا أن يشاء الله.
ردت الآيات الواردة في سورة الكهف على سؤال أهل الكتاب بشكل قوي مختصر, و كانت إجابة كافية بينت لهم صدق بنوة سيدنا محمد صلى الله علية و سلم . و لقد شملت الإجابة ذكر يأجوج و مأجوج.
ماذا عن أهل الكتاب , و ماذا لديهم و ما هي النبؤات المتوارثة لديهم عن هذا الموضوع. و هل كانت الآيات فقط ردا على أهل الكتاب حين نزول الوحي , أم أن هذه الآيات مازالت تجيب عن تساؤلات موجودة في كتب أهل الكتاب . و علينا نحن كمسلمين إيصالها لهم بالكلام الطيب و بالموعزة الحسنة.
بالتأكيد كان في الإجابة شيء أوضح لأهل الكتاب صدق الآيات و إلا لما سكتوا و لكذبوا الآيات و لشككوا في مصداقية ما أنزل. و نعلم جميعا أن هذا لم يحدث .
و لكن قد وردت الإجابة من الله عالم الغيوب و لم تكن كإجابة البشر و لقد فصلت الآيات أمور هي عند أهل الكتاب غيبية و أشياء هم أنفسهم مختلفون في تفسيرها. لقد زاد يقيني بذلك عندما بحثت في كتب أهل الكتاب.
و زاد يقيني أكثر أنني مصيب في فرضيتي عندما أطلعت على ما ورد من ذكر يأجوج مأجوج في الإصحاح رقم 39 , 38 من كتاب النبي "حزقيال" .
لقد عاصر النبي " حزقيال " فترة حكم الملك "داريوس العظيم – ذو القرنين حسب ما وصلت إليه" و أنهم عاشوا في نفس الفترة و لذلك فليس مستغربا أن تأتي نبؤات يأجوج و مأجوج في كتاب هذا النبي. بمعنى أن هناك توافق زمني بين فترة ملك ذو القرنين و بين نبؤات حزقيال.
كذلك وجدت توافق مكاني , فلقد لاحظت وصف "حزقيال " لخمس أماكن لها علاقة بقصة يأجوج و مأجوج و رأيت توافق بين ذكر تلك الأماكن تحديدا تماما مع حدود مملكة داريوس. لم يذكر حزقبال أماكن متجاورة و واضح أن بينها مسافات كبيرة و هذا يرجح أنها حدود لمملكة ( غرب و شرق و شمال و جنوب و المركز).
لم أجد إجماع عند أهل الكتاب في تفسير و ترجمة تلك الأماكن و لكن وجدت بعض الكتابات و بشكل واضح ذكرت الخمس أماكن فكانت هي : ليبيا في الغرب , أثيوبيا في الجنوب , روسيا في الشمال , و أما الشرق فلم أتبين جيدا ما هو المقصود هل هي " جومر " أو " توجرمه " و لكن يبقى و بشكل واضح جلي قلب المملكة و هي بلاد فارس – إيران الحالية.
و لقد وجدت لهم تفسير لتك الأماكن , و أعتقد أن ذلك التفسير تأثر بعوامل الترجمة و خلافة , فإن رجعوا لأصل كتبهم المقدسة , إن شاء الله أنا على يقين أن تلك الأماكن هي حدود لمملكة . و أدعوهم و أدعوا علمائنا ذوي الاختصاص في علوم الأديان من التحقق من ذلك.
و يذكر حزقيال أن قدوم يأجوج و مأجوج من جهة الشمال و هذا يتوافق تماما مع توقعي لمكان سد يأجوج و مأجوج. و لقد وصفت نبؤات النبي حزقيال الأحداث الأخيرة , فنجد وصف لدمار يحدث بالنار و أن هناك بحيرة من الكبريت و هذا كله يتفق مع نظريتي.

طبعا وجدت كتابات غريبة و مفاهيم عجيبة متعلقة بقصة الخروج . و في المقابل وجدت العديد منا معرض على تلك العلامة الهامة من علامات الساعة , و هي علامة خروج يأجوج و مأجوج.
و نظرا لأهيمة تفاصيل الخروج عندنا جميعا . آمل من جميع العلماء دراسة إمكانية صحة نظريتي و لعلها تكون جسر للتواصل بيننا..... و يحتاج الأمر متخصصون في مجالات عدة منها : الأديان و العلوم و التاريخ و الآثار و اللغة.
و أعلم أن كثير من هؤلاء العلماء لا يدخلون على ساحات الحوار نظرا لمشاغلهم و لمسؤلياتهم و لكني لن أستطيع أن أصل لهم بشكل مباشر لذلك أرجوا لمن يستطيع أن يوصل هذه النظرية لهؤلاء العلماء أن لا يقصر.
و أريدها أن تصل خصيصا للقائمين على التواصل و الحوار الديني , لعلنا نساعد في إزالة بعض الغموض في قصة يأجوج و مأجوج , و هذا من وجهة نظري خيرا من أن يطول بنا الأمل بأن لا نحضر علامات قيام الساعة.
و الدال على الخير كفاعلة........ وضعت كتابتي المبدئية عن هذا الموضوع في الرابط التالي:
حقيقة يأجوج و مأجوج , رؤية جديدة امل أن أكون مصيب , إحتمال أن يكونا .....
http://www.islamonline.net/discussio...25080&tstart=0