"جليلة دحلان وجمعية فتا" العمل الإنساني كما يجب أن يكون

من حيث المبدأ لا انفصال بين العمل الإنساني والوطني في الحالة الفلسطينية فهما مركب واحد لجذور وأسس مشكلة واحدة يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني بشكل عام واللاجئين بشكل خاص، ويزيد على ذلك التراكمات لجذور المشكلة ، والتخبط السياسي واستفراد ظواهر البيروقراطية لقيادة هذا الشعب التي افرزت سلوك اللامبالاة تجاه فئات عريضة من الشعب الفلسطيني التي تواجه الفقر بآلامه وحدته سواء في غزة او لبنان أو سوريا وما يخلفه هذا الفقر من آثار انهيارات صحية واجتماعية بالإضافة الظاهرة البطالة والالاف الخريجين من الشباب الذين قد يقعوا فريسة لبعض الأمراض الاجتماعية ودروب الفساد المعروفة.
من هنا لم تكن جليلة دحلان رئيسة مجلس إدارة جمعية فتا إلا تلك التي تتجمع فيها كل معاني الانسانية والاحساس العميق بواقع شعبها وما يواجهه من حالات افرزتها حالة التشرذم والضياع السياسي والوطني والانساني، فكان للعمل لها طريق نحو تخفيف المعاناة وهي قاعدة عريضة من هذا الشعب.
تعلم الدكتورة جليلة دحلان أن الشباب هم الصرح القوي لبناء المجتمعات بما يحملونه من همم وطاقات ومن خلال ترشيد وتوجيه السلوك الشبابي للبناء والعطاء والاصطفاف إلى جانب من نسيهم القطط السمان ومن اعتقدوا أنهم يعيشون في مناخات لا يرون فيها الا أنفسهم وامتيازاتهم ، ولكن سيبقى هؤلاء الفقراء والمعوزين وصمة عار في تاريخ من تحملوا المسؤوليات زورا باسم الشعب الفلسطيني،.
تحركت الدكتورة جليلة دحلان بالشباب الفلسطيني لتشق غمار الصعاب وتقتحم وجمعية فتا أسوار مغلقة بداخلها معدمين وكأنهم تفصلهم حدود عن مدن وقرى ومخيمات هذا الوطن او ما تبقى منه...... بيوت من صفيح، أيتام ، أرامل، شباب ضائع، مرض يفتك بالأطفال والمسنين وحالات معقدة لا يستطيع مصابيها تحمل نفقات وتبعات ظواهرها وامتداداتها المادية، من هنا نتعرف على مدى المسؤولية الانسانية والادبية والوطنية التي حملتها الدكتورة جليلة وجمعية فتا في انقاذ ما تستطيع انقاذه لظواهر متعددة وكبيرة وضخمة قد تعجز على علاجها دول ذات سيادة واستقرار ، ما بالكم في غزة كل شيء يدعوا للحزن والاسى من خلال تراكمات من نتائج العدوان من ايتام وشهداء وارامل وجرحى وبيوت مهدمة وبطالة وفقر يتجاوز نسبة 70% من سكان القطاع. أما إذا رحلنا بحروفنا إلى بعيد نحو شمال فلسطين ومشرقها من لاجئين من مخيمات سوريا ولاجئي لبنان الذين منعوا من ممارسة نشاطهم الوظيفي والحرفي 58 مهنة كونهم لاجئين فلسطينيين وحبسوا داخل مخيماتهم، تصوروا حالة المحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ومن هنا نحدد اهمية ما تقوم به الدكتورة جليلة دحلان تجاه ابناء شعبها في تلك المناطق.
بينما هم جالسون في منازلهم وتحت مكيفاتهم في البرد القارص كانت الدكتورة جليلة دحلان تمتشق الخطوات في الصباح الباكر وبين العواصف والثلوج لتستكشف من نسيهم هؤلاء الذين يدعون مسؤولياتهم عن الشعب في بلدة المغراقة في وسط قطاع غزة، تقودها احاسيسها وانسانيتها و وطنيتها لتخترق حاجز النسيان لهؤلاء المعدمين العراة الذين لا يملكون ما يستر اجسادهم من البرد القارص ومعها فريق من شباب فتا المعطاءين لتعطي الامل ولتحل من مشاكل ما تستطيع حله، هذه هي جليلة دحلان التي دبت خطواتها مخيمات لبنان وبيوت الايتام والارامل كما هي التي تلاحمت مع اسر الشهداء والجرحى في غزة.
جمعية فتا ليست ككل الجمعيات المنتشرة في قطاع غزة التي غالبيتها يشوبها سوء التصرف والاستغلال للحالات المعوزة والفقراء بل جمعية فتا وكما اسستها رئيسة مجلس ادارتها منهجيتها الصدق والأمانة والنزاهة والمنهجية العلمية في دراسة الظواهر ووضع معالجات لها، ففي اكبر عرس جماعي ومن خلال لجنة نزيهة ومن خلال شروط محددة تعلن جمعية فتا عن العرس الجماعي بتمويل من مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد للعمل الانساني ل400 شاب فلسطيني وقع الاختيار من خلال القرعة عليهم تتراوح اعمارهم من 25 الى 35 سنة وتحت شروط لا يستفيد الا من يستحقها من ابناء الشهداء والجرحى ومن هدمت بيوتهم ، هكذا العطاء كما تفهمه الدكتورة جليلة وسلوك جمعية فتا العمل بصمت واجتياز المحن والعراقيل والعطاء الانساني والوطني لأبناء شعبها ، نعم أنها الانسانة التي تحمل كل معاني الانسانية في كل مساماتها ولذلك فل يرتدع العجزة والمبررين والمتنعمين من الام شعبنا الفلسطيني وفقره فالعطاء له أصحابه هم هؤلاء الذين انبثقوا من المخيم وجراحه وآلامه وهم الأقدر على الاصطفاف إلى جانب فقراء الشعب ، ونقول للمجد عناوين، وللعطاء عناوين .
فتحية كل التحية والتقدير للدكتورة جليلة وشباب جمعية فتا على ما يقدموه لشعبهم في مناخات وظروف معقدة، فشعبنا يحتاج الكثير وانتم اهل للعطاء والانسانية التي لا تغيب شمسها عنكم
سميح خلف