قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن علية، حدثني صخر بن جويرية، عن نافع.

قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال: أما بعد، فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله يقول: «إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان، وإن من أعظم الغدر إلا أن يكون الإشراك بالله، أن يبايع رجل رجلا على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته».

فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بيني وبينه.

وقد رواه مسلم والترمذي من حديث صخر بن جويرية، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقد رواه أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني: عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله.

ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب.

فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبا على الصلاة، متحريا للخير، يسأل عن الفقه، ملازما للسنة.

قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعا لك.

فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟

أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟

فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا.

قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه.

فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة.

فقال: { إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [الزخرف: 86] ، ولست من أمركم في شيء.

قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا.

قال: ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعا ولا متبوعا.

قالوا: فقد قاتلت مع أبيك.

قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه.

فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا.

قال: لو أمرتهما قاتلت.

قالوا: فقم معنا مقاما تحض الناس فيه على القتال.

قال: سبحان الله!! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذا ما نصحت لله في عباده.

قالوا: إذا نكرهك.

قال: إذا آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة.*


البداية والنهاية / الجزء الثامن